وسیله النجاه (مع حواشي الگلپايگاني) المجلد 2

اشارة

سرشناسه : اصفهانی، ابوالحسن، 1246 - 1325.

عنوان و نام پديدآور : وسیله النجاه/ تالیف ابو الحسن الاصفهانی.

مشخصات نشر : چاپخانه مهر [بی جا: بی نا]، [ 13] -

مشخصات ظاهری : 3ج.

يادداشت : عربی .

موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه

رده بندی کنگره : BP183/9/الف 6و5 1300ی

رده بندی دیویی : 297/3422

شماره کتابشناسی ملی : 1571924

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

[كتاب المكاسب و المتاجر]

اشارة

كتاب المكاسب و المتاجر و هي أنواع نذكرها و نذكر المسائل المتعلقة بها في طي كتب:

[ (مقدمة)]

اشارة

(مقدمة) تشتمل على مسائل:

[مسألة: 1 لا يجوز التكسب بالأعيان النجسة]

مسألة: 1 لا يجوز التكسب بالأعيان النجسة بجميع أنواعها بالبيع و الشراء، و جعلها ثمنا في البيع و أجرة في الإجارة و عوضا للعمل في الجعالة، بل مطلق المعاوضة عليها و لو بجعلها مهرا أو عوضا في الخلع و نحو ذلك، بل يقوى عدم جواز هبتها و الصلح عنها بلا عوض أيضا. و لا يدور حرمة بيعها و التكسب بها مدار عدم المنفعة، بل يحرم ذلك و لو كانت لها منفعة محللة مقصودة كالتسميد في العذرة.

و يستثنى من ذلك العصير المغلي قبل ذهاب ثلثيه بناء على نجاسته، و الكافر بجميع أقسامه حتى المرتد عن فطرة على الأقوى، و كلب الصيد. و ربما يلحق به كلب الماشية و الزرع و البستان و الدور أيضا، و فيه تأمل و اشكال. نعم لا إشكال في إجارتها و إعارتها.

[مسألة: 2 الأعيان النجسة عدي ما استثني و ان لم يعامل معها شرعا]

مسألة: 2 الأعيان النجسة (1) عدي ما استثني و ان لم يعامل معها شرعا معاملة


1- إذا لم يكن لها منفعة معتد بها عند العقلاء أو لم تكن منافعها المعتد بها محللة، و أما إذا كان لها منافع محللة غير مشروطة بالطهارة فعدم جواز بيعها مطلقا للنجاسة محل تأمل بل منع، نعم هو أحوط.

ص: 4

الأموال فلا يجوز الاكتساب بها و لا يصح جعلها عوضا أو معوضا في المعاوضات، بل و هبتها و الصلح عنها كما عرفت، لكن لمن كانت هي في يده و تحت استيلائه حق اختصاص (1) متعلق بها ناش اما من حيازتها أو من كون أصلها مالا له- كما إذا مات حيوان له فصار ميتة أو صار عنبه خمرا- و هذا الحق قابل للانتقال الى الغير بالإرث و غيره، فيصح أن يصالح عنه بلا عوض، بل بالعوض أيضا لو جعل مقابلا لذلك الحق لا عوضا لنفس العين، لكنه لا يخلو من اشكال، بل لا يبعد دخوله في الاكتساب المحظور. نعم لو بذل له مالا ليرفع يده و يعرض عنها فيحوزها الباذل سلم من الاشكال، نظير بذل المال لمن سبق الى مكان من الأمكنة المشتركة كالمسجد و المدرسة ليرفع يده عنه فيسكنه الباذل.

[مسألة: 3 لا إشكال في جواز بيع ما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة]

مسألة: 3 لا إشكال في جواز بيع ما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة مما كانت له منفعة محللة مقصودة كشعرها و صوفها، بل و لبنها أيضا إذا قلنا بطهارته كما مر في النجاسات. و في جواز بيع الميتة الطاهرة كالسمك الطافي إذا كانت له منفعة و لو من دهنه اشكال لا يبعد الجواز، بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 4 لا إشكال في جواز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة]

مسألة: 4 لا إشكال في جواز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة، و أما الطاهر من الأبوال فأما بول الإبل فيجوز بيعه بلا اشكال، و أما غيره ففيه اشكال لا يبعد الجواز فيما كان له منفعة محللة مقصودة.

[مسألة: 5 لا إشكال في جواز بيع المتنجس الذي يقبل التطهير]

مسألة: 5 لا إشكال في جواز بيع المتنجس الذي يقبل التطهير، و كذا ما لا يقبله و لكن يمكن الانتفاع به مع وصف نجاسته في حال الاختيار، بأن لا تكون منفعته المحللة المقصودة في حال الضرورة متوقفة على طهارته، كالدهن المتنجس الذي يمكن الانتفاع به بالإسراج و طلي السفن و الصبغ و الطين المتنجسين و الصابون الذي لا يمكن تطهيره. و أما ما لا يقبل التطهير و كان الانتفاع به متوقفا على طهارته


1- اعتبار الحق فيما ليس له منفعة عند العقلاء و الشارع محل تأمل، و كذا في اعتبار الحق في نظر الشارع فيما حرم جميع منافعه المقصودة منه- تأمل.

ص: 5

كالسكنجبين النجس و نحوه، فلا يجوز بيعه و المعاوضة عليه.

[مسألة: 6 لا بأس ببيع الترياق المشتمل على لحوم الأفاعي]

مسألة: 6 لا بأس ببيع الترياق المشتمل (1) على لحوم الأفاعي مع استهلاكها فيه كما هو الغالب بل المتعارف، فجاز استعماله و ينتفع به منفعة محللة معتدا بها، و أما المشتمل على الخمر فلا يجوز بيعه لعدم قابليته للتطهير مع عدم حلية الانتفاع به مع وصف نجاسته، و جواز التداوي به عند الاضطرار ليس عليه المدار (2)، بل المدار على حلية الانتفاع بالشي ء في حال الاختيار.

[مسألة: 7 يجوز بيع الهرة و يحل ثمنها بلا اشكال]

مسألة: 7 يجوز بيع الهرة و يحل ثمنها بلا اشكال، و أما غيرها من أنواع السباع فالظاهر جواز بيع ما كان منها ذا منفعة محللة مقصودة عند العقلاء، و كذا الحشرات بل المسوخ أيضا إذا كانت كذلك، فهذا هو المدار في جميع الأنواع، فلا إشكال في بيع العلق الذي يمص الدم الفاسد و دود القز و نحل العسل و ان كانت من الحشرات، و كذا الفيل الذي ينتفع بظهره و عظمه و ان كان من المسوخ.

[مسألة: 8 يحرم بيع كل ما كان آلة للحرام بحيث كانت منفعته المقصودة منحصرة فيه]

مسألة: 8 يحرم بيع كل ما كان آلة للحرام بحيث كانت منفعته المقصودة منحصرة فيه، مثل آلات اللهو كالعيدان و المزامير و البرابط و نحوها و آلات القمار كالنرد و الشطرنج و نحوهما، و كما يحرم بيعها و شراؤها و يحرم صنعتها و الأجرة عليها، بل يجب كسرها و تغيير هيئتها. نعم يجوز بيع (3) مادتها من الخشب و الصفر مثلا بعد الكسر بل قبله أيضا إذا اشترط على المشتري كسرها، و أما مع عدم الاشتراط ففيه اشكال. و أما أواني الذهب و الفضة فحرمة بيعها و عدمها مبنيان على حرمة اقتنائها و التزين بها باقية على صورتها و هيئتها و عدمها، فعلى الأول يحرم بيعها و شراؤها بل و صياغتها و أخذ الأجرة عليها، بخلافه على الثاني. و قد مر في أحكام الأواني إن أحوطهما


1- الأحوط الاقتصار في أكلها على حال الضرورة.
2- هذا بإطلاقه ممنوع، فما كان الاضطرار به كثيرا و لا يمكن لغالب الناس تهيئته في حال الاضطرار كالعقاقير التي لا منفعة لها إلا في حال الأمراض و الاضطرار يكفى ذلك في جواز بيعه، و الفرق بينها و بين المشتمل على الخمر غير معلوم إذا كان مثلها في كثرة الحاجة إليها في حال الاضطرار.
3- بل الأقوى عدم الجواز حتى مع الاشتراط إذا انحصرت منفعته المقصودة في الحرام كما هو المفروض.

ص: 6

الأول و أظهرهما الثاني (1).

[مسألة: 9 الدراهم الخارجة أو المغشوشة المعمولة لأجل غش الناس تحرم المعاملة بها]

مسألة: 9 الدراهم الخارجة أو المغشوشة المعمولة لأجل غش الناس تحرم المعاملة بها و جعلها عوضا أو معوضا في المعاملات مع جهل من تدفع اليه، بل مع علمه و اطلاعه أيضا على الأحوط لو لم يكن أقوى، بل لا يبعد وجوب إتلافها و لو بكسرها دفعا لمادة الفساد.

[مسألة: 10 يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمرا و الخشب]

مسألة: 10 يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمرا و الخشب مثلا ليعمل صنما أو آلة للهو أو القمار و نحو ذلك، و ذلك اما بذكر صرفه في المحرم و الالتزام به في العقد أو تواطئهما على ذلك، و لو بأن يقول المشتري لصاحب العنب مثلا بعني منا من العنب لا عمله خمرا فباعه إياه (2)، و كذا تحرم اجارة المساكن ليباع أو يحرز فيها الخمر أو ليعمل فيها بعض الأمور المحرمة و اجارة السفن أو الحمولة لحمل الخمر و شبهها بأحد الوجهين المتقدمين. و كما يحرم البيع و الإجارة فيما ذكر يفسدان أيضا فلا يحل له الثمن و الأجرة، و أما بيع العنب أو التمر مثلا لمن يعلم أنه يعمله خمرا من دون أن يبيعه له و اجارة المسكن لمن يعلم أنه يجعله محرزا له مثلا من دون ان تكون الإجارة له فالظاهر جوازه، و ان كان الأحوط تركه.

[مسألة: 11 يحرم بيع السلاح لأعداء الدين حال مقاتلتهم مع المسلمين]

مسألة: 11 يحرم بيع السلاح (3) لأعداء الدين حال مقاتلتهم مع المسلمين، بل حال مباينتهم معهم بحيث يخاف منهم عليهم و يكون ذلك تقوية لهم. نعم في حال الهدنة معهم أو في زمان وقوع الحرب بين أنفسهم و مقاتلة بعضهم مع بعض لا بأس ببيعه لهم (4)، خصوصا إذا كان في ذلك تقوية لمن لا يعادي المسلمين على من


1- خصوصا إذا كان بعنوان ادخار الذهب و الفضة و حفظهما دون اتخاذ الانية، و أما بيع مادتها فالظاهر انه لا اشكال فيه إذا لم يقصد منه الاستعمال المحرم.
2- بأن يكون ذلك بنحو الالتزام منه و يكون بيعه إياه مبنيا على ذلك الالتزام، و أما إذا كان بنحو الاخبار و كان بيعه إياه مبنيا على عدم مبالاته فهو كالبيع على من يعلم انه يجعله خمرا.
3- و يفسد على الأقوى.
4- إذا كانا مهدوري الدم، و أما بيعه عليهم في الفتنة بينهم إذا كانا محقوني الدم أو كان أحدهما محقونا و بيع بعدوهم فمشكل لا يترك الاحتياط بتركه.

ص: 7

يعاديهم. و يلحق بالكفار من يعادي الفرقة الحقة من سائر الفرق المسلمة و يخشى عليهم إذا بيع السلاح لهم، و لا يبعد التعدي إلى قطاع الطريق و أشباههم، بل لا يبعد التعدي من بيع السلاح لأعداء الدين الى بيع غيره لهم (1) مما يكون سببا لتقويتهم على أهل الحق كالزاد و الراحلة و الحمولة و نحوها.

[مسألة: 12 يحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان و الحيوان إذا كانت الصورة مجسمة كالمعمولة من الشمع]

مسألة: 12 يحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان و الحيوان إذا كانت الصورة مجسمة كالمعمولة من الشمع أو الخشب أو الفلزات أو غيرها، و كذا مع عدم التجسيم أيضا على الأحوط لو لم يكن الأقوى (2)، و اما تصوير غير ذوات الأرواح كالأشجار و الأوراد و نحوها فلا بأس به و لو مع التجسيم. و لا فرق بين أنحاء إيجاد الصورة من النقش و التخطيط و التطريز و الحك و غير ذلك، و الظاهر أنه ليس من التصوير العكس المتداول في زماننا، فلا بأس به إذا لم يترتب عليه مفسدة. و كما يحرم عمل التصوير من ذوات الأرواح (3) يحرم التكسب به و أخذ الأجرة عليه، فان اللّٰه تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه. هذا كله في عمل الصور، و أما بيعها و اقتناؤها و استعمالها و النظر إليها فالأقوى جواز ذلك كله خصوصا في غير المجسمة، و ليست هي كآلات اللهو و شبهها مما يحرم اقتناؤها و إبقاؤها و يجب كسرها و إتلافها. نعم يكره اقتناؤها و إمساكها في البيت، و لا سيما المجسمة منها، فإن الكراهة بيعا و اقتناء فيها أشد و آكد.

[مسألة: 13 الغناء حرام فعله و سماعه و التكسب به]

مسألة: 13 الغناء حرام فعله و سماعه و التكسب به، و ليس هو مجرد تحسين الصوت، بل هو مد الصوت و ترجيعه بكيفية خاصة مطربة تناسب مجالس اللهو و محافل الاستيناس و الطرب و يوالم مع آلات الملاهي و اللعب. و لا فرق بين استعماله في كلام حق من قراءة (4) أو دعاء أو مرثية و غيره من شعر أو نثر، بل يتضاعف عقابه


1- على الأحوط.
2- لم يعلم قوته مع عدم التجسيم، بل لا يلزم مراعاة الاحتياط فيه و ان كان حسنا.
3- مع التجسيم دون غيره كما مر، و عليه فلا يحرم التكسب به أيضا في غيره.
4- و المتيقن من المحرم منه هو التغني بالقرآن و الدعاء و المرثية و غيرها من شعر أو نثر بحيث يصدق انها اتخذت مزامير و يترنم بها.

ص: 8

لو استعمله فيما يطاع به اللّٰه تعالى كقراءة القرآن و نحوها. نعم قد يستثنى غناء المغنيات في الأعراس (1) و ليس ببعيد، و ان كان الأحوط تركه.

[مسألة: 14 معونة الظالمين في ظلمهم بل في كل محرم]

مسألة: 14 معونة الظالمين في ظلمهم بل في كل محرم (2) محرم بلا اشكال، بل ورد عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: من مشى الى ظالم ليعينه و هو يعلم انه ظالم فقد خرج عن الإسلام. و عنه صلى اللّٰه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الظلمة أين أعوان الظلمة أين أشباه الظلمة حتى من برأ لهم قلما أو لاق لهم دواة، فيجتمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم. و أما معونتهم في غير المحرمات فالظاهر جوازه ما لم يعد (3) من أعوانهم و حواشيهم و المنسوبين إليهم و لم يكن اسمه مقيدا في دفترهم و ديوانهم.

[مسألة: 15 يحرم حفظ كتب الظلال و نسخها و قراءتها و النظر فيها]

مسألة: 15 يحرم حفظ كتب الظلال و نسخها و قراءتها و النظر فيها و درسها و تدريسها إذا لم يكن غرض صحيح (4) في ذلك، كأن يكون قاصدا لنقضها و إبطالها و كان أهلا لذلك و كان مأمونا من الضلال، و أما مجرد الاطلاع على مطالبها فليس من الأغراض الصحيحة المجوزة لحفظها لغالب الناس من العوام الذين يخشى عليهم الضلال و الزلل، فاللازم على أمثالهم التجنب عن الكتب المشتملة على ما يخالف


1- مشكل و الأحوط تركه، كما أن الأحوط على فرض الارتكاب الاقتصار بالمغنية المملوكة دون الحرة و الرجل أو الغلام بشرط أن لا يستعمل معها آلات اللهو و لا يكون المستمع رجلا و لا يدخل عليهن الرجال و يكون النكاح شرعيا دائميا و كان في حال الزفاف و هو حال دخول المرأة في بيت زوجها.
2- بل الظاهر أن اعانة الإثم في إثمه حرام، و لا تختص الحرمة بإعانة الظالم في خصوص الظلم أو المحرمات، و لعل مقصود المتن أيضا ذلك.
3- بحيث يكون ذلك موجبا لازدياد شوكتهم و تعظيم مقامهم أو مؤثرا في إدارة رئاستهم.
4- الظاهر أن مناط الحرمة فيما ذكر كونه في معرض ضلالة نفسه أو غيره، فإذا كان الحفظ و القراءة و النظر فيها أو نسخها في معرض ذلك فهو حرام، سواء كان له غرض صحيح أم لا. و إذا كان مأمونا من ذلك فلا يحرم ما ذكر و لو بمجرد الاطلاع، و الظاهر أن مراد المتن أيضا ذلك لكن العبارة لا تخلو من إجمال.

ص: 9

عقائد المسلمين (1)، خصوصا ما اشتمل منها على شبهات و مغالطات عجزوا عن حلها و دفعها، و لا يجوز لهم شراؤها و إمساكها و حفظها، بل يجب عليهم إتلافها.

[مسألة: 16 عمل السحر و تعليمه و تعلمه و التكسب به حرام]

مسألة: 16 عمل السحر و تعليمه و تعلمه و التكسب به (2) حرام، حتى ورد في الخبر: ان الساحر كالكافر، و من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر و كان آخر عهده بربه الا ان يتوب. و المراد بالسحر ما يعمل من كتابة أو تكلم أو دخنة أو تصوير أو نفث أو عقد يؤثر في بدن المسحور (3) أو قلبه أو عقله فيؤثر في إحضاره أو انامته أو إغمائه أو تحبيبه أو تبغيضه و نحو ذلك. و يلحق به استخدام الملائكة و إحضار الجن و تسخيرهم و إحضار الأرواح و تسخيرها و أمثال ذلك، بل و يلحق به أو يكون منه الشعبذة، و هي إراءة غير الواقع واقعا بسبب الحركة السريعة، نظير ما يرى من ادارة النار بالحركة السريعة دائرة متصلة مع انها بحسب الواقع منفصلة. و كذلك الكهانة، و هي تعاطي الاخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان بزعم أنه يلقي اليه الاخبار عنها بعض الجان أو بزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات و أسباب يستدل بها على مواقعها. و القيافة، و هي الاستناد الى علامات خاصة في إلحاق بعض الناس ببعض و سلب بعض عن بعض على خلاف ما جعل في الشرع ميزانا للإلحاق و عدمه من الفراش و نحوه. و التنجيم، و هو الاخبار (4) على البت و الجزم عن حوادث الكون من الرخص


1- بل الكتب المشتملة على ما يخالف عقائد الشيعة الاثني عشرية أيضا إذا كانت في معرض الإضلال حكمه حكم الكتب المشتملة على خلاف عقائد المسلمين.
2- حتى لدفع السحر على الأحوط. نعم يجوز بل يجب في مورد يتوقف حفظ واجب أهم عليه كحفظ النفس المحترمة المسحورة أو دفع الشبهة لمن اشتبه عليه السحر بالمعجزة أو لدفع منكر لا يرضى الشارع بوقوعه و كان دفعه أهم من ترك السحر كحفظ عرض أو فرج ضائع بالسحر.
3- لا يبعد صدق السحر على مطلق إيجاد شي ء تترتب عليه آثار غريبة بحسب العادة تشبه الكرامات، سواء كان له أثر في بدن المسحور أم لا، بل سواء كان المسحور إنسانا أو حيوانا أو جمادا كتحريك الشجر أو اضطراب السقف و الجدران أو توقف الماء أو غير ذلك من دون استناد إلى الأمور المحسوسة و لا الى الشرعيات كالآيات و الدعوات المأثورات.
4- هذا ما اختاره جامع المقاصد في تعريفه، لكن الظاهر أن التنجيم عبارة عن استخراج ترتب ما ذكر من الآثار على ما ذكر من الحركات الفلكية و النظرات و الاتصالات الكوكبية بالنظر إليها و المحاسبة و سائر المقدمات من الزيجات و غيرها. نعم كما يحرم التنجيم يحرم الاخبار بما استخرج منه بتا على ما في المتن.

ص: 10

و الغلاء و الجدب و الخصب و كثرة الأمطار و قلتها و غير ذلك من الخير و الشر و النفع و الضر مستندا الى الحركات الفلكية و النظرات و الاتصالات الكوكبية معتقدا تأثيرها (1) في هذا العالم. و ليس منه الاخبار عن الخسوف و الكسوف و الأهلة و اقتران الكواكب و انفصالها، لأن أمثال ذلك بسبب الحساب بعد ضبط الحركات و مقاديرها و تعيين مدارات الكواكب و أوضاعها، و لها أصول و قواعد سديدة عندهم، و الخطأ الواقع أحيانا منهم في ذلك ناش من الخطأ في الحساب.

[مسألة: 17 يحرم الغش بما يخفى في البيع و الشراء]

مسألة: 17 يحرم الغش بما يخفى في البيع و الشراء، كشوب اللبن بالماء و خلط الطعام الجيد بالردي ء و مزج الدهن (2) بالشحم و نحو ذلك من دون إعلام، ففي النبوي صلى اللّٰه عليه و آله «ليس منا من غش مسلما أو ضره أو ماكره» و في النبوي الأخر «من غش مسلما في بيع أو شراء فليس منا و يحشر مع اليهود يوم القيامة لأنه من غش الناس فليس بمسلم» الى ان قال «من غشنا فليس منا» قالها ثلاثا «و من غش أخاه المسلم نزع اللّٰه بركة رزقه و سد عليه معيشته و وكله الى نفسه».

و قال مولانا الصادق عليه السلام لرجل يبيع الدقيق «إياك و الغش فان من غش غش في ماله فان لم يكن له مال غش في اهله». و لا يفسد أصل المعاملة بوقوع الغش و ان حرم فعله و أوجب الخيار للمغشوش بعد الاطلاع. نعم لو كان الغش بإظهار الشي ء على خلاف جنسه- كبيع المموه على أنه ذهب أو فضة و نحو ذلك- فسد أصل المعاملة.

[مسألة: 18 يحرم أخذ الأجرة على ما يجب عليه فعله و لو كفائيا]

مسألة: 18 يحرم أخذ الأجرة على ما يجب عليه فعله و لو كفائيا، كتغسيل الموتى و تكفينهم و دفنهم. نعم لو كان الواجب توصليا كالدفن و لم يبذل المال لأجل أصل العمل بل لأجل اختيار عمل خاص لا بأس به، فالمحرم أخذ الأجرة لأصل الدفن.


1- مستقلا أو شريكا مع الخالق تعالى عما يقول المشركون، و أما الاعتقاد بما أعطاه اللّٰه إياها من الآثار إذا حصل له عن دليل فلا اشكال فيه و ان كان خاطئا.
2- ان كان قليلا بحيث لا يخرج الدهن عن مسماه عرفا و الا فسد أصل المعاملة لمباينة الشحم و الدهن جنسا بنظر العرف.

ص: 11

و اما إذا اختار الولي مكانا خاصا و قبرا مخصوصا و اعطى المال للحفار لحفر ذلك المكان الخاص فالظاهر انه لا بأس به، كما انه لا بأس بأخذ الطبيب الأجرة للحضور عند المريض، و ان أشكل (1) أخذها لأجل أصل المعالجة. هذا لو كان الواجب توصليا لا يشترط فيه قصد القربة كالدفن، و اما لو كان تعبديا يشترط فيه التقرب كالتغسيل فلا يجوز أخذ الأجرة عليه على أي حال. نعم لا بأس بأخذها على بعض الأمور غير الواجبة كما تقدم في غسل الميت. و مما يجب على الإنسان تعليم مسائل الحلال و الحرام، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، و اما تعليم الأطفال للقرآن فضلا عن غيره من الكتابة و قراءة الخط و غير ذلك فلا بأس بأخذ الأجرة عليه. و المراد بأخذ الأجرة على الواجبات أخذها على ما وجب على نفس الأجير، و اما ما وجب على غيره و لا يعتبر فيه المباشرة فلا بأس بأخذ الأجرة عليه حتى في العبادات التي يشرع فيها النيابة، حيث ان الأجرة تكون في قبال النيابة عنه (2)، فلا بأس بالاستيجار للأموات في العبادات كالحج و الصوم و الصلاة.

[مسألة: 19 كما ان في الشرع معاملات و مكاسب محرمة يجب الاجتناب عنها]

مسألة: 19 كما ان في الشرع معاملات و مكاسب محرمة يجب الاجتناب عنها كذلك مكاسب مكروهة ينبغي التنزه عنها، و هي أمور:

منها: بيع الصرف، فإنه لا يسلم من الربا.

و منها: بيع الأكفان، فإنه لا يسلم من ان يسره الوباء و كثرة الموتى.

و منها: بيع الطعام، فإنه لا يسلم من الاحتكار و حب الغلاء و نزعت منه الرحمة.

و منها: بيع الرقيق، فان شر الناس من باع الناس. و انما تكره البيوع المزبورة فيما إذا جعلها حرفة على وجه يكون صيرفيا و بياع أكفان و حناطا و نخاسا، لا بمجرد صدورها منه أحيانا.


1- لا إشكال في أخذها له إذا لم يتوقف العلاج أو حفظ النفس على المعالجة مجانا، فان الواجب هو بذل العمل و أما المبذول فلا مانع من أخذ شي ء بإزائه كما في المحتكر.
2- لا مانع من أخذ الأجرة في قبال النيابي أيضا و لا ينافي كونه قريبا، و قد مر التفصيل في صلاة الاستيجار.

ص: 12

و منها: اتخاذ الذبح و النحر صنعة، فإن صاحبها يقسو قلبه و يسلب منه الرحمة.

و منها: صنعة الحياكة، فإن اللّٰه تعالى قد سلب عن الحوكة عقولهم، و روي ان عقل أربعين معلما عقل حائك، و عقل حائك عقل امرأة، و المرأة لا عقل لها. بل ورد أن ولد الحائك لا ينجب إلى سبعة أبطن.

و منها: صنعة الحجامة و كسبها، خصوصا إذا كان يشترط الأجرة على العمل.

و منها: التكسب بضراب الفحل، بأن يؤاجره لذلك مع ضبطه بالمرة أو المرات المعينة أو بالمدة أو بغير الإجارة. نعم الظاهر انه لا كراهة فيما يعطى له بعنوان الإهداء و الإكرام عوضا عن ذلك.

[مسألة: 20 لا ريب ان التكسب و تحصيل المعيشة بالكد و التعب محبوب عند الرب]

مسألة: 20 لا ريب ان التكسب و تحصيل المعيشة بالكد و التعب محبوب عند الرب، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: العبادة سبعون جزء أفضلها طلب الحلال.

و عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: ان اللّٰه عز و جل يحب المحترف الأمين.

و عن مولانا الباقر عليه السلام: من طلب الدنيا استعفافا عن الناس و سعيا على أهله و تعطفا على جاره لقي اللّٰه عز و جل يوم القيامة و وجهه مثل القمر ليلة البدر.

و أفضل المكاسب التجارة (1)، فعن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: اتجروا بارك اللّٰه لكم، فاني سمعت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله يقول: «الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التجارة و واحد في غيرها».

و في خبر آخر عنه صلى اللّٰه عليه و آله: تسعة أعشار الرزق في التجارة و الجزء الباقي في السابياء- يعني الغنم.

ثم الزرع و الغرس، و أفضله النخل، فعن مولانا الباقر عليه السلام قال: كان أبي يقول خير الاعمال الحرث تزرع فيأكل منه البر و الفاجر- الى ان قال- و يأكل منه البهائم و الطير.

و عن مولانا الصادق عليه السلام: ازرعوا و اغرسوا، فلا و اللّٰه ما عمل الناس


1- بل أربح المكاسب و أدرها للرزق التجارة و أفضلها الزرع و الغرس.

ص: 13

عملا أحل و أطيب منه.

و عنه عليه السلام: الزارعون كنوز الأنام يزرعون طيبا أخرجه اللّٰه عز و جل، و هم يوم القيامة أحسن الناس مقاما و أقربهم منزلة يدعون المباركين.

و عنه عليه السلام: الكيمياء الأكبر الزراعة.

ثم اقتناء الأغنام للاستفادة، فان فيها البركة، فعن مولانا الصادق عليه السلام:

إذا اتخذ أهل بيت شاة آتاهم اللّٰه برزقها و زاد في أرزاقهم و ارتحل عنهم الفقر مرحلة، فإن اتخذوا شاتين آتاهم اللّٰه بأرزاقهما و زاد في أرزاقهم و ارتحل عنهم الفقر مرحلتين، و ان اتخذوا ثلاثة آتاهم اللّٰه بأرزاقها و ارتحل عنهم الفقر رأسا.

و عنه عليه السلام: ما من أهل بيت تروح عليهم ثلاثون شاة إلا لم تزل الملائكة تحرسهم حتى يصبحوا.

ثم اقتناء البقر، فإنها تغدو بخير و تروح بخير.

و أما الإبل فقد نهى عن إكثارها، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: ان فيها الشقاء و الجفاء و العناء.

[مسألة: 21 يجب على كل من يباشر التجارة و سائر أنواع التكسب تعلم أحكامها]

مسألة: 21 يجب على كل من يباشر التجارة و سائر أنواع التكسب تعلم أحكامها و المسائل المتعلقة بها ليعرف صحيحها عن فاسدها و يسلم من الربا، فعن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام كان على المنبر و هو يقول: يا معشر التجار الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، و اللّٰه للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا، شوبوا أيمانكم بالصدق، التاجر فاجر و الفاجر في النار الا من أخذ الحق و اعطى الحق.

و عنه عليه السلام: من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم.

و عنه عليه السلام: لا يقعدن في السوق الا من يعقل الشراء و البيع.

و عن مولانا الصادق عليه السلام: من أراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه، و من لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في الشبهات.

ص: 14

و القدر اللازم أن يكون عالما و لو عن تقليد بحكم التجارة و المعاملة التي يوقعها حين إيقاعها، بل و لو بعد إيقاعها، بأن يوقع معاملة مشكوكة في صحتها و فسادها ثم يسأل عن حكمها فإذا تبين كونها صحيحة رتب عليها الأثر و الا فلا (1). نعم فيما اشتبه حكمه من جهة الحرمة و الحلية لا من جهة مجرد الفساد و الصحة كموارد الشك في كون المعاملة ربوية يجب على الجاهل الاجتناب حتى يسأل عن حكمه و يتعلمه.

[مسألة: 22 للتجارة و التكسب آداب مستحبة و مكروهة]

مسألة: 22 للتجارة و التكسب آداب مستحبة و مكروهة.

أما المستحبة فأهمها:

الإجمال في الطلب و الاقتصاد فيه، فعن مولانا الصادق عليه السلام: ليكن طلبك المعيشة فوق كسب المضيع و دون طلب الحريص.

و عن مولانا الباقر عليه السلام: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله و سلم في حجة الوداع: الا ان الروح الأمين نفث في روعي انه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا اللّٰه عز و جل و أجملوا في الطلب، و لا يحملنكم استبطاء شي ء من الرزق أن تطلبوه بشي ء من معصية اللّٰه جل و عز، فان اللّٰه تبارك و تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا و لم يقسمها حراما، فمن اتقى اللّٰه عز و جل و صبر آتاه اللّٰه برزقه من حله، و من هتك حجاب الستر و عجل فأخذه من غير حله قص به من رزقه الحلال و حوسب عليه يوم القيامة.

و منها: إقالة النادم في البيع و الشراء لو استقاله، فأيما عبد أقال مسلما في بيع أقاله اللّٰه عثرته يوم القيامة.

و منها: التسوية بين المبتاعين في السعر، فلا يفرق بين المماكس و غيره، بأن يقلل الثمن للأول و يزيده للثاني. نعم لو فرق بينهم بسبب الفضل و الدين و نحو ذلك فالظاهر انه لا بأس.


1- هذا بالنسبة الى ما بعد التفحص، و أما قبله فيجب عليه الاحتياط بترك التصرف في الثمن و المثمن للعلم الإجمالي بحرمة التصرف في أحدهما.

ص: 15

و منها: ان يقبض لنفسه ناقصا و يعطي راجحا.

و أما المكروهة فأمور:

منها: مدح البائع لما يبيعه.

و منها: ذم المشتري لما يشتريه.

و منها: اليمين صادقا على البيع و الشراء، ففي النبوي: أربع من كن فيه طاب مكسبه: إذا اشترى لم يعب، و إذا باع لم يمدح، و لا يدلس، و فيما بين ذلك لا يحلف.

و منها: البيع في موضع يستر فيه العيب.

و منها: الربح على المؤمن و على من وعده بالإحسان إلا مع الضرورة أو كون الشراء للتجارة.

و منها: السوم ما بين الطلوعين.

و منها: الدخول الى السوق أولا و الخروج منه أخيرا، بل ينبغي أن يكون آخر داخل و أول خارج عكس المسجد.

و منها: مبايعة الأدنين الذين لا يبالون بما قالوا و ما قيل لهم و لا يسرهم الإحسان و لا تسوؤهم الإساءة و الذين يحاسبون على الشي ء الدني ء.

و منها: مبايعة ذوي العاهات و الأكراد و المحارف و من لم ينشأ في الخير كمستحدثي النعمة.

و منها: التعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم يحسنه.

و منها: الاستحطاط من الثمن بعد العقد.

و منها: الدخول في سوم المؤمن على الأظهر، و قيل بالحرمة، و المراد به الزيادة في الثمن أو بذل مبيع غير ما بذله البائع الأول ليكون الشراء أو البيع له بعد تراضي الأولين و الاشراف على إيقاع العقد في البين، فلا يكون منه الزيادة فيما إذا كان المبيع في المزايدة.

ص: 16

و منها: أن يتوكل حاضر عارف بسعر البلد لباد غريب جاهل غافل، بأن يصير وكيلا عنه في البيع و الشراء، ففي النبوي لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق اللّٰه بعضهم من بعض. و في النبوي الأخر: دعوا الناس على غفلاتها.

و منها: تلقي الركبان و القوافل و استقبالهم للبيع عليهم أو الشراء منهم قبل وصولهم الى البلد، و قيل يحرم و ان صح البيع و الشراء لو تلقى و باع أو اشترى، و هو الأحوط و ان كان الأظهر الكراهة، و انما يكره أو يحرم بشروط:

«أحدها»- كون الخروج بقصد ذلك، فلو خرج لا لذلك فاتفق الركب لم يثبت الحكم.

«ثانيها»- تحقق مسمى الخروج من البلد، فلو تلقى الركب في أول وصوله الى البلد لم يثبت الحكم.

«ثالثها»- ان يكون دون الأربعة فراسخ، فلو تلقى في الأربعة فصاعدا لم يثبت الحكم بل يكون سفر تجارة. و في اعتبار كون الركب جاهلا بسعر البلد فيما يبيعه أو يشتريه وجه (1) و ان كان الأحوط التعميم، و هل يعم الحكم غير البيع و الشراء كالإجارة و نحوها؟

وجهان (2).

[مسألة: 23 الاحتكار- و هو حبس الطعام و جمعه يتربص به الغلاء]

مسألة: 23 الاحتكار- و هو حبس الطعام و جمعه يتربص به الغلاء- حرام مع ضرورة المسلمين و حاجتهم و عدم وجود من يبذل لهم قدر كفايتهم، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: طرق طائفة من بني إسرائيل ليلا عذاب و أصبحوا و قد فقدوا أربعة أصناف: الطبالين و المغنين و المحتكرين للطعام و الصيارفة، آكلة الربا منهم.

و عنه صلى اللّٰه عليه و آله: لا يحتكر الطعام إلا خاطئ. و عنه صلى اللّٰه عليه و آله عن جبرئيل عليه السلام: اطلعت في النار فرأيت واديا في جهنم يغلي. فقلت:

يا مالك لمن هذا؟ فقال: لثلاثة المحتكرين و المدمنين للخمر و القوادين. نعم مجرد


1- غير وجيه.
2- أقواهما عدم التعميم.

ص: 17

حبس الطعام انتظارا لعلو السعر مع عدم ضرورة الناس و وجود الباذل ليس بحرام و ان كان مكروها، و لو لم يحبسه للبيع في زمان الغلاء بل كان لصرفه في محاويجه لا حرمة و لا كراهة، و انما يتحقق الاحتكار بحبس الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الدهن و كذا الزيت و الملح على الأحوط لو لم يكن أقوى (1)، بل لا يبعد تحققه في كل ما يحتاج إليه عامة أهالي البلد من الأطعمة كالأرز و الذرة بالنسبة الى بعض البلاد.

و يجبر المحتكر على البيع، و لا يعين عليه السعر بل له أن يبيع ما شاء الا إذا أجحف فيجبر على النزول من دون تسعير عليه (2).

[مسألة: 24 لا يجوز مع الاختيار الدخول في الولايات و المناصب و الأشغال من قبل الجائر]

مسألة: 24 لا يجوز مع الاختيار الدخول في الولايات و المناصب و الأشغال من قبل الجائر، و ان كان أصل الشغل مشروعا مع قطع النظر عن كونه متوليا من قبل الجائر، كجباية الخراج و جمع الزكاة و تولى المناصب الجندية و الامنية و حكومة البلاد و نحو ذلك، فضلا عما كان غير مشروع في نفسه كأخذ العشور و القمرك و غير ذلك من أنواع الظلم المبتدعة. نعم يسوغ كل ذلك (3) مع الجبر و الإكراه بإلزام من يخشى من التخلف عن إلزامه على نفسه أو عرضه أو ماله إلا في الدماء المحترمة فإنه لا تقية فيها، كما أنه يسوغ خصوص القسم الأول، و هو الدخول في الولاية على أمر مشروع في نفسه القيام بمصالح المسلمين و إخوانه في الدين، فعن مولانا الصادق عليه السلام: كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان.

و عن زياد بن أبي سلمة قال: دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام فقال لي: يا زياد انك لتعمل عمل السلطان؟ قال: قلت أجل. قال لي: و لم؟ قلت: انا


1- في القوة منع. نعم هو أحوط فيه و في كل ما يحتاج إليه أهل البلد من الأطعمة.
2- و مع الامتناع يسعر الحاكم بما لا إجحاف فيه على المتبايعين.
3- جواز أذى الناس و الظلم عليهم و هتك اعراضهم و التصرف في أموالهم بدون رضاهم بمثل الإكراه و الاضطرار و الحرج محل تأمل، لأن تجويز ذلك كله خلاف الامتنان على النوع، فلا تشملها الأدلة الامتنانية فلا يسوغ شي ء من ذلك الا عند التزاحم بما هو أهم كحفظ النفس أو العرض في بعض مراتبهما، اللهم الا أن يكون في المسألة إجماع كما يرى منهم التسليم. نعم نفس الدخول في الولاية عنهم إذا لم يستلزم تلك المفاسد فيسوغ بما ذكره قدس سره.

ص: 18

رجل لي مروة و علي عيال و ليس وراء ظهري شي ء. فقال لي: يا زياد لأن أسقط من حالق فأتقطع قطعة قطعة أحب الي من أن أتولى لهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم الا لما ذا؟ قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: الا لتفريج كربة عن مؤمن أو فك أسره أو قضاء دينه- الى أن قال- يا زياد فان و ليت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك فواحدة بواحدة و اللّٰه من وراء ذلك- الخبر.

و عن الفصل بن عبد الرحمن الهاشمي قال: كتبت الى أبي الحسن عليه السلام استأذنه في أعمال السلطان. فقال: لا بأس به ما لم تغير حكما و لم تبطل حدا، و كفارته قضاء حوائج إخوانكم.

بل لو كان دخوله فيها بقصد الإحسان إلى المؤمنين و دفع الضرر عنهم كان راجحا، و قد ورد عن أئمتنا عليهم السلام الحث عليه و الترغيب فيه، فقد روى الصدوق عن مولانا الكاظم عليه السلام: ان للّٰه تبارك و تعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه. قال: و في خبر آخر أولئك عتقاء اللّٰه من النار.

و عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: ان للّٰه تعالى بأبواب الظالمين من نوّر اللّٰه به البرهان و مكن له في البلاد ليدفع بهم عن أوليائه و يصلح اللّٰه بهم أمور المسلمين، إليهم يلجأ المؤمن من الضر و إليهم يفزع ذو الحاجة من شيعتنا و بهم يؤمن اللّٰه روعة المؤمن في دار الظلم، أولئك هم المؤمنون حقا، أولئك أمناء اللّٰه في أرضه- الى أن قال- خلقوا و اللّٰه للجنة و خلقت لهم، فهنيئا لهم، ما على أحدكم ان لو شاء لنال هذا كله. قال: قلت بما ذا جعلني اللّٰه فداك؟ قال:

يكون معهم فيسرنا بإدخال السرور على المؤمنين من شيعتنا، فكن منهم يا محمد.

و الاخبار في هذا المعنى كثيرة، بل ربما بلغ الدخول في بعض المناصب و الاشتغال لبعض الأشخاص أحيانا إلى حد الوجوب، كما إذا تمكن شخص بسببه على دفع مفسدة دينية أو المنع عن بعض المنكرات الشرعية مثلا، و مع ذلك فيها خطرات كثيرة إلا لمن عصمه اللّٰه تعالى.

ص: 19

[مسألة: 25 ما تأخذه الحكومة من الضريبة على الأراضي جنسا أو نقدا و على النخيل و الأشجار]

مسألة: 25 ما تأخذه الحكومة من الضريبة على الأراضي جنسا أو نقدا و على النخيل و الأشجار يعامل معاملة ما يأخذه السلطان العادل، فتبرأ ذمة الدافع عما كان عليه من الخراج الذي هو أجرة الأرض الخراجية، و يجوز لكل أحد شراؤه و أخذه مجانا و بالعوض و التصرف فيه بأنواع التصرف، بل لو لم تأخذه الحكومة و حول شخصا على من عليه الخراج بمقدار فدفعه الى المحتال يحل له و تبرأ ذمة المحول عليه عما عليه، لكن الأحوط (1) خصوصا في مثل هذه الأزمنة رجوع من ينتفع بهذه الأراضي و يتصرف فيها في أمر خراجها و كذلك من يصل اليه من هذه الأموال شي ء إلى حاكم الشرع أيضا. و الظاهر أن حكم السلطان المؤالف كالمخالف (2)، و ان كان الاحتياط بالرجوع الى حاكم الشرع في الأول أشد.

[مسألة: 26 يجوز لكل أحد أن يتقبل الأراضي الخراجية و يضمنها من الحكومة بشي ء]

مسألة: 26 يجوز لكل أحد أن يتقبل الأراضي الخراجية و يضمنها من الحكومة (3) بشي ء و ينتفع بها بنفسه بزرع أو غرس و غيره أو يقبلها و يضمنها لغيره و لو بالزيادة، كما يصنعه بعض الشيوخ و الزعماء حيث يتقبلون بعض الأراضي من الحكومة بضريبة مقررة ثم يقبلونها قطعا قطعا لأشخاص بتلك الضريبة أو بأزيد منها.

[مسألة: 27 إذا دفع إنسان مالا الى أحد ليصرفه في طائفة و كان المدفوع اليه بصفتهم]

مسألة: 27 إذا دفع إنسان مالا الى أحد ليصرفه في طائفة و كان المدفوع اليه بصفتهم كما إذا دفع الى فقير مالا زكاة أو غيرها ليصرفه في الفقراء أو الى شخص هاشمي خمسا أو غيره ليصرفه في السادة و لم يعين شخصا معينا (4) جاز له أن يأخذ مثل أحدهم من غير زيادة، و كذا له أن يصرفه في عياله، خصوصا إذا أعطاه و قال ان هذا للفقراء أو السادة مثلا، و ان كان الأحوط عدم أخذه منه شيئا إلا بإذن صريح.


1- بل الأقوى في مثل هذه الأزمنة.
2- فيه منع، بل اللازم في المؤالف الاستئذان.
3- ان كان من المخالف، اما في المؤالف فيستأذن من الحاكم الشرعي.
4- و لو بالقرينة أو الانصراف.

ص: 20

[كتاب البيع]

اشارة

كتاب البيع

[مسائل في البيع]

[مسألة: 1 عقد البيع يحتاج إلى إيجاب و قبول]

مسألة: 1 عقد البيع يحتاج إلى إيجاب و قبول، و الأقوى عدم اعتبار العربية، بل يقع بكل لغة و لو مع إمكان العربي، كما انه لا يعتبر فيه الصراحة بل يقع بكل لفظ دال على المقصود عند أهل المحاورة «كبعت» و «ملكت» و نحوهما في الإيجاب، و «قبلت» و «اشتريت» و «ابتعت» و نحو ذلك في القبول، كما أن الظاهر عدم اعتبار الماضوية، فيجوز بالمضارع و ان كان المشهور اعتبارها، و لا ريب انه الأحوط (1) و هل يعتبر فيه عدم اللحن من حيث المادة و الهيئة و الاعراب لو أوقعه بالعربي؟ الظاهر العدم إذا كان دالا على المقصود عند أبناء المحاورة (2) و عد ملحونا من الكلام لا كلاما آخر ذكر في هذا المقام، كما إذا قال «بعت» بفتح الباء أو «بعت» بكسر العين و سكون التاء، و أولى بذلك اللغات المحرفة كالمتداولة بين أهل السواد و من ضاهاهم.

[مسألة: 2 الظاهر جواز تقديم القبول على الإيجاب]

مسألة: 2 الظاهر جواز تقديم القبول على الإيجاب إذا كان بمثل اشتريت و ابتعت لا بمثل قبلت و رضيت، و أما إذا كان بنحو الأمر و الاستيجاب كما إذا قال من يريد الشراء بعني الشي ء الفلاني بكذا فقال البائع بعتكه بكذا ففي صحته و تمامية العقد به اشكال لا يبعد الصحة (3)، و ان كان الأحوط إعادة المشتري القبول.


1- بل لا يترك.
2- بحيث يعدونه إنشاء للمعاملة.
3- بل يبعد و لا يكتفى به الا مع اعادة القبول.

ص: 21

[مسألة: 3 يعتبر الموالاة بين الإيجاب و القبول]

مسألة: 3 يعتبر الموالاة بين الإيجاب و القبول، بمعنى عدم الفصل الطويل بينهما بما يخرجهما عن عنوان العقد و المعاقدة، و لا يضر القليل بحيث يصدق معه أن هذا قبول لذلك الإيجاب.

[مسألة: 4 يعتبر في العقد التطابق بين الإيجاب و القبول]

مسألة: 4 يعتبر في العقد التطابق بين الإيجاب و القبول، فلو اختلفا- بأن أوجب البائع البيع على وجه خاص من حيث المشتري أو المبيع أو الثمن أو توابع العقد من الشروط و قبل المشتري على وجه آخر- لم ينعقد، فلو قال البائع «بعت هذا من موكلك بكذا» فقال الوكيل «اشتريته لنفسي» لم ينعقد. نعم لو قال «بعت هذا من موكلك» فقال الموكل الحاضر الغير المخاطب «قبلت» لم يبعد الصحة، و لو قال «بعتك هذا بكذا» فقال «اشتريت لموكلي»، فإن كان الموجب قاصدا وقوع البيع للمخاطب بما هو هو و بنفسه لم ينعقد، و أما إذا كان قاصدا له أعم من كونه أصيلا أو كونه نائبا و وكيلا صح و انعقد. و لو قال «بعتك هذا بألف» فقال «اشتريت نصفه بألف أو بخمسمائة» لم ينعقد، بل لو قال «اشتريت كل نصف منه بخمسمائة» لا يخلو من اشكال. و لو قال لشخصين «بعتكما هذا بألف» فقال أحدهما «اشتريت نصفه بخمسمائة» لم ينعقد، و أما لو قال كل منهما ذلك لا يبعد الصحة، لكنه لا يخلو من اشكال (1). و لو قال «بعتك هذا بهذا على أن يكون لي الخيار ثلاثة أيام» فقال «اشتريت»، فان فهم و لو من ظاهر الحال و المقام أنه قصد شراءه على الشرط الذي ذكره البائع صح و انعقد، و ان قصده مطلقا و بلا شرط لم ينعقد. و أما لو انعكس- بأن أوجب البائع بلا شرط و قبل المشتري معه- فلا ينعقد مشروطا قطعا، و هل ينعقد مطلقا و بلا شرط؟ فيه إشكال.

[مسألة: 5 يقوم مقام اللفظ مع التعذر لخرس و نحوه الإشارة المفهمة]

مسألة: 5 يقوم مقام اللفظ مع التعذر لخرس و نحوه الإشارة المفهمة و لو مع التمكن من التوكيل على الأقوى، كما أنه يقوم مقامه الكتابة مع العجز عنه و عن الإشارة، و أما مع القدرة عليها فالظاهر تقدمها على الكتابة.


1- بل لا اشكال فيه.

ص: 22

[مسألة: 6 الأقوى وقوع البيع بالمعاطاة]

مسألة: 6 الأقوى وقوع البيع بالمعاطاة، سواء كان في الحقير أو الخطير، و هي عبارة عن تسليم العين بقصد كونها ملكا للغير بالعوض و تسليم عين أخرى من آخر بعنوان العوضية. و الظاهر تحققها بمجرد تسليم المبيع بقصد التمليك بالعوض مع قصد المشتري في أخذه التملك بالعوض، فيجوز جعل الثمن كليا في ذمة المشتري، و في تحققها بتسليم العوض فقط من المشتري (1) إشكال.

[مسألة: 7 الأقوى أنه يعتبر في المعاطاة جميع ما اعتبر في البيع العقدي]

مسألة: 7 الأقوى أنه يعتبر في المعاطاة جميع ما اعتبر في البيع العقدي ما عدا الصيغة من الشروط الآتية، فلا تصح مع فقد واحد منها، سواء كان مما اعتبر في المتبايعين أو في العوضين، كما أن الأقوى ثبوت الخيارات الآتية فيها و لو بعد لزومها (2) بأحد الملزمات الآتية، إلا إذا كان وجود الملزم منافيا لثبوت الخيار و موجبا لسقوطه، كما إذا كان المأخوذ، بالمعاطاة معيبا و لم يكن قائما بعينه.

[مسألة: 8 البيع العقدي لازم من الطرفين الا مع وجود أحد الخيارات الآتية]

مسألة: 8 البيع العقدي لازم من الطرفين الا مع وجود أحد الخيارات الآتية.

نعم يجوز فسخه بالإقالة، و هي الفسخ من الطرفين. و أما المعاطاة فالأقوى أنها مفيدة للملك، لكنها جائزة من الطرفين و لا تلزم الا بتلف أحد العوضين أو التصرف المغير أو الناقل للعين، و لو مات أحدهما لم يكن لوارثه الرجوع، و لكن لو جن فالظاهر قيام وليه مقامه في الرجوع.

[مسألة: 9 البيع المعاطاتي ليس قابلا للشروط]

مسألة: 9 البيع المعاطاتي ليس قابلا للشروط (3)، فلو أريد ثبوت خيار بالشرط أو سقوطه به أو شرط آخر حتى جعل مدة و أجل لأحد العوضين يلزم إجراء صيغة البيع و إدراج ذلك الشرط في ضمنها.

[مسألة: 10 هل تجري المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات]

مسألة: 10 هل تجري المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات أو لا تجري فيها أو تجري في بعضها دون بعض، لعل الظاهر هو الأخير، و نحن فيما بعد نشير في كل باب الى جريانها فيه و عدمه إن شاء اللّٰه تعالى.


1- و ان لم يبعد تحققها به أيضا مع أخذ البائع الثمن بقصد التملك بالعوض.
2- على ما يأتي.
3- الظاهر انه لا مانع من إيقاعها مبنيا على الشرط، غاية الأمر قبل تلف أحد العوضين لا يلزم العمل على الشرط كنفس المعاطاة و بعده يلزم، من غير فرق بين الشروط الصحيحة.

ص: 23

[مسألة: 11 كما يقع البيع و الشراء بمباشرة المالك يقع بالتوكيل أو الولاية من طرف واحد]

مسألة: 11 كما يقع البيع و الشراء بمباشرة المالك يقع بالتوكيل أو الولاية من طرف واحد أو من الطرفين، و يجوز لشخص واحد تولي طرفي العقد أصالة من طرف و وكالة أو ولاية من آخر أو وكالة من الطرفين أو ولاية منهما أو وكالة من طرف و ولاية من آخر.

[مسألة: 12 لا يجوز تعليق البيع على شي ء غير حاصل حين العقد]

مسألة: 12 لا يجوز تعليق البيع على شي ء غير حاصل حين العقد، سواء علم حصوله فيما بعد أم لا، و لا على شي ء مجهول الحصول حينه، و أما تعليقه على معلوم الحصول حينه- كما إذا قال «بعتك ان كان اليوم يوم السبت» مع العلم به- ففيه اشكال لا يبعد الجواز.

[مسألة: 13 لو قبض المشتري ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملكه و كان مضمونا عليه]

مسألة: 13 لو قبض المشتري ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملكه و كان مضمونا عليه، بمعنى انه يجب عليه ان يرده الى مالكه. و لو تلف و لو بآفة سماوية يجب عليه رد عوضه من المثل أو القيمة. نعم لو كان كل من البائع و المشتري راضيا بتصرف الأخر فيما قبضه و لو على تقدير فساده يباح لكل منهما التصرف و الانتفاع بما قبضه و لو بإتلافه و لا ضمان عليه.

[القول في شروط البيع]

اشارة

القول في شروط البيع:

و هي اما في المتعاقدين و اما في العوضين:

[القول في شرائط المتعاقدين]
اشاره

القول في شرائط المتعاقدين:

و هي أمور:

[ «الأول»- البلوغ]
اشارة

«الأول»- البلوغ، فلا يصح بيع الصغير و لو كان مميزا و كان بإذن الولي إذا كان مستقلا في إيقاع المعاملة. نعم لو كان بمنزلة الإله بحيث يكون حقيقة المعاملة بين البالغين لا بأس به.

[مسألة: 1 ظاهر المشهور أنه كما لا تصح معاملة الصبي لنفسه كذلك لا تصح لغيره]

مسألة: 1 ظاهر المشهور أنه كما لا تصح معاملة الصبي لنفسه كذلك لا تصح لغيره أيضا إذا كان وكيلا عنه حتى فيما لو اذن له الولي في الوكالة، بل لا يصح منه مجرد إجراء الصيغة و لو كان أصل المعاملة بين البالغين فهو مسلوب العبارة و كان

ص: 24

عقده كعقد الهازل و الغافل، و هذا التعميم عندي محل نظر و إشكال.

[ «الثاني»- العقل]

«الثاني»- العقل، فلا يصح بيع المجنون.

[ «الثالث»- القصد]

«الثالث»- القصد، فلا يصح بيع غير القاصد كالهازل و الغالط و الساهي.

[ «الرابع»- الاختيار]
اشارة

«الرابع»- الاختيار، فلا يقع البيع من المكره، و المراد به الخائف على ترك البيع من جهة توعيد الغير عليه بإيقاع ضرر عليه، و لا يضر بصحة البيع الاضطرار الموجب للإلجاء و ان كان حاصلا من إلزام الغير بشي ء، كما إذا ألزمه ظالم على دفع مال فالتجأ إلى بيع ماله لدفع ذلك المال اليه. و لا فرق في الضرر المتوعد به بين أن يكون متعلقا بنفس المكره نفسا أو عرضا أو مالا أو بمن يكون متعلقا به كولده و عياله ممن يكون إيقاع محذور عليه بمنزلة إيقاعه عليه، و لو رضي المكره بالبيع بعد زوال الإكراه صح و لزم.

[مسألة: 2 الظاهر أنه لا يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي بالتورية]

مسألة: 2 الظاهر أنه لا يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي بالتورية، فلو ألزم بالبيع و أوعد على تركه بإيقاع ضرر عليه فباع قاصدا للمعنى مع إمكان أن لا يقصد أصلا أو يقصد معنى آخر غير البيع يكون مكرها (1). نعم لو كان متمكنا من التفصي بغيرها- بأن يخلص نفسه من المكره و من الضرر المتوعد به مع إيقاع البيع بما لم يكن ضررا عليه مثل أن يستعين بمن ليس ضرر و حرج في استعانته و مع ذلك لم يفعل و أوقع البيع لم يكن مكرها عليه.

[مسألة: 3 لو أكرهه على أحد أمرين اما بيع داره أو عمل آخر فباع داره]

مسألة: 3 لو أكرهه على أحد أمرين اما بيع داره أو عمل آخر فباع داره فان كان في العمل الأخر محذور ديني أو دنيوي يتحرز منه وقع البيع مكرها عليه و الا وقع مختارا.

[مسألة: 4 لو أكرهه على بيع أحد الشيئين على التخيير فكل ما وقع منه يقع مكرها عليه]

مسألة: 4 لو أكرهه على بيع أحد الشيئين على التخيير فكل ما وقع منه يقع مكرها عليه، و اما لو أوقعهما معا فان كان تدريجا فالظاهر وقوع الأول مكرها عليه دون الثاني، و اما لو أوقعهما دفعة ففي صحة البيع بالنسبة إلى كليهما أو فساده كذلك


1- إلا إذا كان ملتفتا بإمكان التخلص فعلا بإيقاع البيع تورية و متمكنا بعد ذلك من دفع الضرر من دون التزام بالبيع و مع ذلك باع قاصدا للمعنى فلا يكون مكرها.

ص: 25

أو صحة أحدهما و التعيين بالقرعة وجوه لا يخلو أولها من رجحان، و أما لو أكرهه على بيع معين فضم اليه غيره و باعهما دفعة فالظاهر البطلان فيما أكره عليه و الصحة في غيره.

[ «الخامس»- كونهما مالكين للتصرف]
اشارة

«الخامس»- كونهما مالكين للتصرف، فلا تقع المعاملة من غير المالك إذا لم يكن وكيلا عنه أو وليا عليه كالأب و الجد للأب و الوصي عنهما و الحاكم، و لا من المحجور عليه لسفه أو فلس أو غير ذلك من أسباب الحجر.

[مسألة: 5 معنى عدم الوقوع من غير المالك من المسمى بالفضولي]

مسألة: 5 معنى عدم الوقوع من غير المالك من المسمى بالفضولي- و هو المحجور عليه- عدم اللزوم و النفوذ لا كونه لغوا، فلو أجاز المالك العقد الواقع من غير المالك أو الولي العقد الواقع من السفيه أو الغرماء العقد الواقع من المفلس صح و لزم.

[مسألة: 6 لا فرق في صحة البيع الصادر من غير المالك مع اجازة المالك بين ما إذا قصد وقوعه للمالك]

مسألة: 6 لا فرق في صحة البيع الصادر من غير المالك مع اجازة المالك بين ما إذا قصد وقوعه للمالك و ما إذا قصد وقوعه لنفسه كما في بيع الغاصب و من اعتقد انه مالك و ليس بمالك، كما أنه لا فرق على الأول بين ما إذا سبقه منع المالك عن البيع و ما لم يسبقه المنع على اشكال في الأول (1). نعم يعتبر في تأثير الإجازة عدم مسبوقيتها برد المالك بعد العقد، فلو باع فضولا و بعد ما عرض على المالك قد رده ثم أجازه لغت الإجازة، كما انه لو رد بعد الإجازة لغا الرد.

[مسألة: 7 الإجازة من المالك كما تقع باللفظ الدال على الرضا بالبيع بحسب متفاهم العرف]

مسألة: 7 الإجازة من المالك كما تقع باللفظ الدال على الرضا بالبيع بحسب متفاهم العرف و لو بالكناية كقوله «أمضيت و أجزت و أنفذت و رضيت» و شبه ذلك، و كقوله للمشتري «بارك اللّٰه لك فيه» و شبه ذلك من الكنايات كذلك تقع بالفعل الكاشف عرفا عن الرضا بالعقد، كما إذا تصرف في الثمن. و من ذلك ما إذا أجاز البيع الواقع عليه لانه مستلزم لإجازة البيع الواقع على المثمن، و كما إذا مكنت الزوجة من نفسها إذا زوجت فضولا.


1- بل لا إشكال إذا لم يرد بعد العقد.

ص: 26

[مسألة: 8 هل الإجازة كاشفة عن صحة العقد الصادر من الفضولي من حين وقوعه]

مسألة: 8 هل الإجازة كاشفة عن صحة العقد الصادر من الفضولي من حين وقوعه، فتكشف عن أن المبيع كان ملكا للمشتري و الثمن ملكا للبائع من زمان وقوع العقد، أو ناقلة بمعنى كونها شرطا لتأثير العقد من حين وقوعها؟ الظاهر هو الثاني (1) و تظهر الثمرة في النماء المتخلل بين العقد و الإجازة، فعلى الأول نماء المبيع للمشتري و نماء الثمن للبائع و على الثاني بالعكس.

[مسألة: 9 إذا كان المالك راضيا بالبيع باطنا لكن لم يصدر منه اذن و توكيل للغير في البيع أو الشراء]

مسألة: 9 إذا كان المالك راضيا بالبيع باطنا لكن لم يصدر منه اذن و توكيل للغير في البيع أو الشراء فالظاهر أنه لا يكفي في الخروج عن الفضولية، فيحتاج في نفوذه إلى الإجازة، سيما إذا لم يلتفت حين العقد الى وقوعه لكن كان بحيث لو كان ملتفتا كان راضيا.

[مسألة: 10 لا يشترط في الفضولي قصد الفضولية]

مسألة: 10 لا يشترط في الفضولي قصد الفضولية، فلو تخيل كونه وليا أو وكيلا فتبين خلافه يكون من الفضولي و يصح بالإجازة، و اما العكس- بأن تخيل كونه غير جائز التصرف فتبين كونه وكيلا أو وليا- فالظاهر صحته و عدم احتياجه (2) إلى الإجازة على اشكال في الثاني، و مثله ما إذا تخيل كونه غير مالك فتبين كونه مالكا، لكن عدم الصحة و الاحتياج إلى الإجازة فيه لا يخلو من قوة.

[مسألة: 11 لو باع شيئا فضولا ثم ملكه اما باختياره كالشراء أو بغير اختياره كالإرث صح]

مسألة: 11 لو باع شيئا فضولا ثم ملكه اما باختياره كالشراء أو بغير اختياره كالإرث صح بإجازته (3) بعد ما ملكه على الأقوى، و ليس باطلا بحيث لا تجدي الإجازة أصلا و لا صحيحا بحيث لا حاجة إليها كما قال بكل منهما قائل.

[مسألة: 12 لا يعتبر في المجيز أن يكون مالكا حين العقد]

مسألة: 12 لا يعتبر في المجيز أن يكون مالكا حين العقد، فيجوز أن يكون المالك حين العقد غير المالك حين الإجازة، كما إذا مات المالك حين العقد قبل


1- أى النقل حقيقة، و لكن المستفاد من الأدلة هو الكشف حكما، بمعنى وجوب ترتيب ما يمكن من آثار النقل من حين العقد تعبدا و ان كان النقل يحصل من حين وقوع الإجازة.
2- أما في الوكيل فلانه باع مأذونا عن الموكل و لا يضره عدم علم الوكيل به، و أما في الولي و المالك فالأقوى الاحتياج إلى الإجازة.
3- مشكل جدا، بل البطلان بحيث لا تجديه الإجازة لا يخلو من وجه.

ص: 27

الإجازة، فيصح بإجازة الوارث (1). و أولى بذلك ما إذا كان المالك حين العقد غير جائز التصرف لمانع من صغر أو سفه أو جنون أو غير ذلك، ثم ارتفع المانع فإنه يصح بإجازته.

[مسألة: 13 لو وقعت بيوع متعددة على مال الغير، فاما ان تقع على نفس مال الغير أو على عوضه]

مسألة: 13 لو وقعت بيوع متعددة على مال الغير، فاما ان تقع على نفس مال الغير أو على عوضه، و على الأول فاما أن تقع تلك البيوع من فضولي واحد- كما إذا باع دار زيد مكررا على أشخاص متعددة- و اما أن تقع من أشخاص متعددة- كما إذا باعها من شخص بفرس ثم باعها المشتري من شخص آخر بحمار ثم باعها المشتري الثاني من شخص آخر بكتاب و هكذا- و على الثاني فاما أن تكون من شخص واحد على الاعواض و الأثمان بالترامي- كما إذا باع دار زيد بثوب ثم باع الثوب ببقر ثم باع البقر بفراش و هكذا- و اما أن تقع على ثمن شخصي مرارا- كما إذا باع الثوب في المثال المزبور مرارا على أشخاص متعددة- فهذه صور أربع. ثم انه للمالك في جميع هذه الصور أن يتتبع البيوع و يجيز أي واحد شاء منها و يصح بإجازته ذلك العقد المجاز، و أما غيره من البيوع فيحتاج الى شرح و تفصيل لا يناسب هذا المختصر.

[مسألة: 14 الرد الذي يكون مانعا عن تأثير الإجازة]

مسألة: 14 الرد الذي يكون مانعا عن تأثير الإجازة كما عرفته سابقا قد يكون مانعا عن لحوقها مطلقا و لو من غير المالك حين العقد، و هو اما بالقول كقوله «فسخت و رددت» و شبه ذلك مما هو ظاهر فيه، و اما بالفعل كما إذا تصرف فيه بما يوجب فوات محل الإجازة عقلا كالإتلاف أو شرعا كالعتق، و قد يكون مانعا عن لحوقها بالنسبة إلى خصوص المالك حين العقد لا مطلقا كالتصرف الناقل للعين كالبيع و الهبة و نحوهما، حيث ان بذلك لا يفوت محل الإجازة إلا بالنسبة إلى المنتقل عنه و أما المنتقل اليه فله أن يجيز بناء على عدم اعتبار (2) كون المجيز مالكا حين العقد كما مر. و أما الإجارة


1- هذا أيضا مشكل جدا، و البطلان و لو مع الإجازة لا يخلو من وجه.
2- قد مر الاشكال فيه، و التحقيق ان البيع من المالك مفوت للمحل مطلقا فيوجب الانفساخ و كذلك موت المالك حين العقد.

ص: 28

فالظاهر أنه لا تكون (1) مانعا عن الإجازة مطلقا حتى بالنسبة إلى المالك المؤجر لعدم التنافي بين الإجارة و الإجازة، غاية الأمر أنه تنتقل العين بعد الإجارة إلى المشتري مسلوبة المنفعة.

[مسألة: 15 حيثما لم تتحقق الإجازة من المالك سواء تحقق منه الرد أم لا]

مسألة: 15 حيثما لم تتحقق الإجازة من المالك سواء تحقق منه الرد أم لا كالمتردد له انتزاع عين ماله مع بقائه ممن وجده في يده، بل و له الرجوع بمنافعه المستوفاة (2) في هذه المدة، و له مطالبة البائع الفضولي برد العين و منافعها إذا كانت في يده و قد سلمها إلى المشتري، بل لو كانت مئونة لردها كانت عليه. هذا مع بقاء العين و أما مع تلفها يرجع ببدلها الى من تلفت عنده. و لو تعاقبت أيدي متعددة عليها- بأن كانت مثلا بيد البائع الفضولي و سلمها إلى المشتري و هو الى آخر و تلفت عنده- يتخير المالك في الرجوع بالبدل الى أي واحد منهم، و ليس له الرجوع الى الكل موزعا عليهم بالتساوي أو بالتفاوت، فان رجع الى واحد سقط عن الباقين و ليس له الرجوع إليهم بعد ذلك. هذا حكم المالك مع البائع الفضولي و المشتري و كل من صار عين ماله بيده، و أما حكم المشتري مع البائع الفضولي فمع علمه بكونه غير مالك ليس له الرجوع إليه بشي ء مما يرجع المالك اليه، و ما وردت من الخسارات عليه حتى انه إذا دفع الثمن إلى البائع و تلف عنده ليس له ان يرجع اليه (3). نعم له أن يسترده لو كان باقيا، و أما مع جهله فله أن يرجع اليه بكل ما اغترم للمالك لو رجع اليه حتى فيما إذا اغترم له بدل المنافع و النماءات التي استوفاها، فإذا اشترى دارا مع جهله بكون البائع غير مالك و أنها مستحقة للغير و سكنها مدة ثم جاء المالك و أخذ داره و أخذ منه اجرة مثل الدار في تلك المدة له أن يرجع بها الى البائع، و كذا يرجع اليه بكل خسارة وردت عليه مثل اتفاق الدابة و ما صرفه في العمارة و ما تلف منه و ضاع من الغرس أو الزرع أو الحفر و غيرها، فإن البائع الغير المالك ضامن لدرك جميع ذلك و للمشتري الجاهل ان يرجع بها اليه.


1- فيه تأمل.
2- بل و غير المستوفاة أيضا.
3- بل له أن يرجع اليه.

ص: 29

[مسألة: 16 لو أحدث المشتري لمال الغير فيما اشتراه بناء أو غرسا أو زرعا]

مسألة: 16 لو أحدث المشتري لمال الغير فيما اشتراه بناء أو غرسا أو زرعا فللمالك إلزامه بإزالة ما أحدثه و تسوية الأرض و مطالبته بأرش النقص لو كان من دون أن يضمن المالك ما يرد عليه من الخسران، كما ان للمشتري إزالة ذلك مع ضمانه أرش النقص الوارد على الأرض و ليس للمالك إلزام المشتري بالإبقاء و لو مجانا، كما أنه ليس للمشتري حق الإبقاء و لو بالأجرة. و لو حفر بئرا أو كرى نهرا مثلا في أرض اشتراها وجب عليه طمها و ردها إلى الحالة الاولى لو اراده المالك و أمكن و ضمن أرش النقص لو كان، و ليس له مطالبة المالك أجرة عمله أو ما صرفه فيه من ماله و ان زاد به القيمة، كما انه ليس له رده الى الحالة الأولى بالطم و نحوه لو لم يرض به المالك.

نعم يرجع بأجرة عمله و كل ما صرف من ماله و كل خسارة وردت عليه إلى البائع الغاصب مع جهله الا مع علمه كما مر. و كذلك الحال فيما إذا أحدث المشتري فيما اشتراه صفة من دون أن يكون له عين في العين المشتراة، كما إذا طحن الحنطة أو غزل و نسج القطن أو صاغ الفضة. و هنا فروع كثيرة نتعرض لها في كتاب الغصب ان شاء اللّٰه تعالى فان المقام أحد مصاديقه أو ملحق به.

[مسألة: 17 لو جمع البائع بين ملكه و ملك غيره أو باع ما كان مشتركا بينه و بين غيره]

مسألة: 17 لو جمع البائع بين ملكه و ملك غيره أو باع ما كان مشتركا بينه و بين غيره نفذ البيع في ملكه بما قابله من الثمن، و نفوذه و صحته في ملك الغير موقوف على إجازته، فان اجازه و الا فللمشتري (1) خيار فسخ البيع من أصله من جهة التبعض ان كان جاهلا.

[مسألة: 18 طريق معرفة حصة كل منهما من الثمن أن يقوّم كل منهما بقيمته الواقعية]

مسألة: 18 طريق معرفة حصة كل منهما من الثمن أن يقوّم كل منهما بقيمته الواقعية (2) ثم يلاحظ نسبة قيمة أحدهما مع قيمة الأخر فيجعل نصيب كل منهما من الثمن


1- و عن بعض تقييد صحة البيع فيما يملك من الرد بما إذا لم يتولد من عدم الإجازة مانع شرعي، كلزوم الربا أو بيع آبق من دون ضميمة، حكاه الشيخ في المكاسب. و صحة البيع في أمثال هذه الموارد و لو مع الإجازة لا تخلو من اشكال.
2- بل يعتبر قيمتها في حال الانضمام إلى الأخر، و ما في المتن يصح في خصوص ما لا يؤثر الانضمام أو يؤثر فيهما بنحو التساوي و لا يصح فيما يؤثر فيهما بالاختلاف.

ص: 30

بتلك النسبة، فإذا باعهما معا بستة و كان قيمة أحدهما ستة و قيمة الأخر ثلاثة يكون حصة ما كان قيمته ثلاثة من ستة الثمن نصف حصة الأخر منها، فلأحدهما اثنان و للآخر أربعة.

[مسألة: 19 يجوز للأب و الجد للأب و ان علا ان يتصرفا في مال الصغير بالبيع و الشراء]

مسألة: 19 يجوز للأب و الجد للأب و ان علا ان يتصرفا في مال الصغير بالبيع و الشراء و الإجارة و غيرها، و كل منهما مستقل في الولاية وجد الأخر معه أم لا، و الأقوى عدم اعتبار العدالة فيهما. و لا يشترط في نفوذ تصرفهما المصلحة، بل يكفي عدم المفسدة و كما لهما الولاية في ماله بأنواع التصرفات لهما الولاية في نفسه بالإجارة و التزويج و غيرهما الا الطلاق فلا يملكانه بل ينتظر بلوغه. و هل يلحق به فسخ عقد النكاح عند موجبه و هبة المدة في المتعة؟ وجهان بل قولان أقواهما العدم (1). و ليس بين الأقارب من له الولاية على الصغير غير الأب و الجد للأب، بل هم كلهم كالأجانب حتى الام و الأخ و الجد للأم.

[مسألة: 20 و كما للأب و الجد الولاية على الصغير في زمان حياتهما كذلك لهما نصب القيم عليه بعد وفاتهما]

مسألة: 20 و كما للأب و الجد الولاية على الصغير في زمان حياتهما كذلك لهما نصب القيم عليه بعد وفاتهما، فينفذ منه ما كان ينفذ منهما، على اشكال في التزويج (2) الا ان الظاهر فيه اعتبار المصلحة، و لا يكفي مجرد عدم المفسدة، كما أن الأحوط فيه لو لا الأقوى اعتبار العدالة، و سيأتي تفصيل ذلك في كتاب الوصية.

[مسألة: 21 إذا فقد الأب و الجد و الوصي عنهما يكون للحاكم الشرعي]

مسألة: 21 إذا فقد الأب و الجد و الوصي عنهما يكون للحاكم الشرعي- و هو المجتهد العادل- ولاية التصرف في أموال الصغار مشروطا بالغبطة و الصلاح، بل الأحوط له الاقتصار على ما إذا كان في تركه الضرر و الفساد. و حيث ان هذا تكليف راجع اليه فيتبع رأيه و نظره، و مع فقد الحاكم يرجع الأمر إلى عدول المؤمنين، فلهم ولاية التصرف في مال الصغير بما يكون في تركه مفسدة و في فعله صلاح و غبطة.


1- أي لا يلحق بالطلاق فيثبت لهما الولاية فيهما.
2- الأحوط لغير الأب و الجد من الأولياء عدم التزويج الا مع الضرورة اللازمة مراعاتها.

ص: 31

[القول في شروط العوضين]
اشارة

القول في شروط العوضين:

و هي أمور:

[ «الأول»- يشترط في المبيع أن يكون عينا متمولا]

«الأول»- يشترط في المبيع أن يكون عينا متمولا، سواء كان موجودا في الخارج أو كليا في ذمة البائع أو في ذمة غيره، كأن يبيع ما كان له في ذمة غيره بشي ء فلا يجوز أن يكون منفعة كمنفعة الدار أو الدابة أو عملا كخياطة الثوب أو حقا، و أما الثمن فيجوز أن يكون منفعة أو عملا متمولا، بل يجوز أن يكون حقا قابلا للنقل و الانتقال كحقي التحجير و الاختصاص، و في جواز كونه حقا قابلا للإسقاط غير قابل للنقل و الانتقال كحقي الخيار و الشفعة إشكال (1).

[ «الثاني» تعيين مقدار ما كان مقدارا]
اشارة

«الثاني» تعيين مقدار ما كان مقدارا بالكيل أو الوزن أو العد بأحدها في العوضين فلا يكفي المشاهدة، و لا تقديره (2) بغير ما يكون به تقديره، فلا يكفي تقدير الموزون بالكيل أو العد و المعدود بالوزن أو الكيل. نعم لا بأس بأن يكال جملة مما يعد أو مما يوزن ثم يعد أو يوزن ما في أحد المكاييل ثم يحسب الباقي بحسابه، و هذا ليس من تقدير المعدود أو الموزون بالكيل كما لا يخفى.

[مسألة: 1 يجوز الاعتماد على اخبار البائع بمقدار المبيع]

مسألة: 1 يجوز الاعتماد على اخبار البائع بمقدار المبيع، فيشتريه مبنيا على ما أخبر به. و لو تبين النقص فله الخيار، فان فسخ يرد تمام الثمن و ان أمضاه ينقص من الثمن بحسابه.

[مسألة: 2 الظاهر انه يكفي المشاهدة في بيع الحطب قبل أن يحل حمله]

مسألة: 2 الظاهر انه يكفي المشاهدة (3) في بيع الحطب قبل أن يحل حمله و صار كونه منه و التبن قبل أن يفرغ من وعاء حمله و صار صبرة منه، و مثلهما كثير من المائعات المحرزة في الشيشات، فهي ليست من الموزون قبل أن يفرغ منها،


1- و ان كان عدم الجواز أقوى.
2- لا يبعد جواز تقدير المكيل و المعدود بالوزن دون العكس.
3- فيما تعارف فيه ذلك، و يختلف ذلك بالنسبة إلى الأزمنة و الأمكنة و مع ذلك يشترط فيه أن لا يكون التفاوت في الافراد كثيرا بحيث يعد بيعه كذلك بيعا غرريا.

ص: 32

و يكفي في بيعها المشاهدة و بعد ذلك تكون منه، بل الظاهر أن مثل ذلك المذبوح من الغنم، فإنه قبل أن يسلخ جلده يكفي فيه المشاهدة و بعده يحتاج الى الوزن.

و بالجملة قد يختلف حال شي ء باختلاف الأحوال و المحال يكون من الموزون في محل دون محل و في حال دون حال.

[مسألة: 3 الظاهر عدم كفاية المشاهدة في بيع الأراضي التي يقدر ماليتها بحسب الخيط و الذراع]

مسألة: 3 الظاهر عدم كفاية المشاهدة في بيع الأراضي التي يقدر ماليتها بحسب الخيط و الذراع، بل لا بد من الاطلاع على مساحتها، و كذلك كثير من الأثواب قبل أن يخاط أو يفصل. نعم إذا تعارف عدد خاص في أذرع الطاقات من بعض الأثواب جاز بيعها و شراؤها اعتمادا على ذلك التعارف و مبنيا عليه، نظير الاعتماد على اخبار البائع و البناء عليه.

[مسألة: 4 إذا اختلفت البلدان في شي ء- بأن كان موزونا في بلد مثلا و معدودا في آخر]

مسألة: 4 إذا اختلفت البلدان في شي ء- بأن كان موزونا في بلد مثلا و معدودا في آخر- فالظاهر أن المدار على بلد المعاملة.

[ «الثالث»- معرفة جنس العوضين]

«الثالث»- معرفة جنس العوضين و أوصافهما التي تتفاوت بها القيمة و تختلف لها الرغبات، و ذلك اما بالمشاهدة أو بالتوصيف الرافع للجهالة، و يجوز الاكتفاء بالرؤية السابقة إذا لم يعلم تغير العين (1).

[ «الرابع»- كون العوضين ملكا طلقا]
اشارة

«الرابع»- كون العوضين ملكا طلقا، فلا يجوز بيع الماء و العشب و الكلاء قبل حيازتها و السموك و الوحوش قبل اصطيادها و الموات من الأراضي قبل إحيائها.

نعم إذا استنبط بئرا في أرض مباحة ملك ماءها (2)، و كذا لو حفر نهرا و أجرى فيه الماء من ماء مباح كالشط و نحوه ملك ماءه فله حينئذ بيعه كسائر أملاكه. و كذا لا يجوز بيع الرهن إلا بإذن المرتهن أو إجازته، و إذا باع الراهن العين المرهونة ثم افتكت من الرهن فالظاهر الصحة من غير حاجة الى الإجازة، و كذا لا يجوز بيع الوقف و لا بيع أم الولد إلا في بعض المواضع فيهما.


1- و لم تجر العادة على تغيرها.
2- بالتملك دون مجرد الاستنباط، فلو أراد بيع الماء لزم ان يتملكه أولا ثم يبيعه. نعم لو حفر البئر بقصد تملكه يملك الماء بمجرد خروجه، و كذا في حفر النهر.

ص: 33

[مسألة: 5 يجوز بيع الوقف في مواضع]

مسألة: 5 يجوز بيع الوقف (1) في مواضع:

منها: إذا خرب الوقف بحيث لم يمكن الانتفاع بعينه مع بقائه كالجذع البالي و الحصير الخلق و الدار الخربة التي لا يمكن الانتفاع حتى بعرصتها، و يلحق بذلك ما إذا خرج عن الانتفاع أصلا من جهة أخرى غير الخراب، و كذا ما إذا خرج عن الانتفاع المعتد به بسبب الخراب أو غيره بحيث يقال في العرف لا منفعة له، كما إذا انهدمت الدار و صارت عرصة يمكن إجارتها بمقدار جزئي و كانت بحيث لو بيعت و بدلت بمال آخر يكون نفعه مثل الأول أو قريبا منه، و أما إذا قلت منفعته لكن لا الى حد يلحق بالمعدوم فالظاهر عدم جواز بيعه، و لو أمكن ان يشترى بثمنه ما له نفع كثير.

و منها: إذا كان يؤدي بقاؤه إلى خرابه، سواء كان لخلف بين أربابه أو لغير ذلك، و سواء كان أداؤه الى ذلك معلوما أو مظنونا (2)، و سواء كان الخراب المعلوم أو المظنون على حد سقوط الانتفاع بالمرة أو الانتفاع المعتد به. نعم لو فرض إمكان الانتفاع به بعد الخراب كانتفاعه السابق بوجه آخر لم يجز بيعه.

و منها: إذا شرط الواقف بيعه عند حدوث أمر من قلة المنفعة أو كثرة الخراج أو وقوع خلاف بين الموقوف عليهم أو حصول ضرورة و حاجة شديدة لهم فإنه لا مانع حينئذ من بيعه و تبديله على اشكال (3).

[مسألة: 6 انما لا يجوز بيع أم الولد إذا لم يمت ولدها في حياة سيدها]

مسألة: 6 انما لا يجوز بيع أم الولد إذا لم يمت ولدها في حياة سيدها و الا فهي كسائر المماليك يجوز بيعها، و قد استثنى عن عدم جواز بيعها مع حياة ولدها مواضع جلها أو كلها محل المناقشة (4) و النظر الا موضع واحد، و هو بيعها في ثمن


1- فيما يكون الوقف ملكا للموقوف عليهم، و أما فيما لا يكون ملكا لأحد بل يكون فك ملك نظير التحرير كما في المدارس و المساجد و الرباطات- بناء على عدم دخولها في ملك المسلمين كما هو الأقوى- فلا يجوز بيعها في حال.
2- بحيث يعد عدم تبديله تقصيرا في حفظه عرفا.
3- فلا يترك فيه الاحتياط.
4- و التفصيل موكول الى محله.

ص: 34

رقبتها مع إعسار مولاها، و المتيقن من هذا أيضا صورة موت المالك، بأن مات مديونا بثمنها و لم يترك سواها، و أما مع حياة مولاها فلا يخلو من اشكال.

[مسألة: 7 لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة]

مسألة: 7 لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة، و هي المأخوذة من يد الكفار قهرا المعمورة وقت الفتح فإنها ملك للمسلمين كافة، فهي باقية على حالها بيد من يعمرها و يؤخذ خراجها و يصرف في مصالح المسلمين. و أما ما كانت مواتا حال الفتح ثم عرضت لها الاحياء فهي ملك لمحييها، و بذلك يسهل الخطب في الدور و العقار و بعض الإقطاع من تلك الأراضي التي يعامل معها معاملة الأملاك، حيث انه من المحتمل أن المتصرف فيها ملكها بوجه صحيح فيحكم بملكية ما في يده ما لم يعلم خلافها.

و المتيقن من المفتوح عنوة أرض العراق و بعض الأقطار ببلاد العجم.

[ «الخامس»- القدرة على التسليم]

«الخامس»- القدرة على التسليم، فلا يجوز بيع الطير المملوك إذا طار في الهواء، و لا السمك المملوك إذا أرسل في الماء، و لا الدابة الشاردة و لا العبد الآبق الا مع الضميمة (1)، و إذا لم يقدر البائع على التسليم و كان المشتري قادرا على تسلمه فالظاهر الصحة.

[القول في الخيارات]

اشارة

القول في الخيارات:

[و هي أقسام]
اشارة

و هي أقسام:

[ «الأول»- خيار المجلس]

«الأول»- خيار المجلس، فإذا وقع البيع فللمتبايعين الخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا و لو بخطوة (2) سقط الخيار من الطرفين و لزم البيع من الجانبين، و لو فارقا من مجلس البيع مصطحبين بقي الخيار.

[ «الثاني»- خيار الحيوان]
اشارة

«الثاني»- خيار الحيوان، فمن اشترى حيوانا إنسانا أو غيره ثبت له الخيار


1- فيما يرجى رجوعه دون ما يقطع بعدم رجوعه.
2- إذا صدق الافتراق عرفا.

ص: 35

إلى ثلاثة أيام من حين العقد، و في ثبوته للبائع أيضا إذا كان الثمن حيوانا وجه لا يخلو من قوة.

[مسألة: 1 لو تصرف المشتري في الحيوان تصرفا يدل على الرضا]

مسألة: 1 لو تصرف المشتري في الحيوان تصرفا يدل على الرضا بالبيع سقط خياره.

[مسألة: 2 لو تلف الحيوان في مدة الخيار كان من مال البائع]

مسألة: 2 لو تلف الحيوان في مدة الخيار كان من مال البائع، فيبطل البيع و يرجع إليه المشتري بالثمن إذا دفعه إليه.

[مسألة: 3 العيب الحادث في الثلاثة من غير تفريط من المشتري لا يمنع عن الفسخ و الرد]

مسألة: 3 العيب الحادث في الثلاثة من غير تفريط من المشتري لا يمنع عن الفسخ و الرد.

[ «الثالث»- خيار الشرط]
اشارة

«الثالث»- خيار الشرط، أي الثابت بالاشتراط في ضمن العقد، و يجوز جعله لهما أو لأحدهما أو لثالث، و لا يتقدر بمدة معينة بل هو بحسب ما اشترطاه قلت أو كثرت. و لا بد من كونها مضبوطة من حيث المقدار و من حيث الاتصال و الانفصال.

نعم إذا ذكرت مدة معينة كشهر مثلا و أطلقت فالظاهر اتصالها بالعقد.

[مسألة: 4 يجوز أن يشترط لأحدهما أو لهما الخيار بعد الاستيمار و الاستشارة]

مسألة: 4 يجوز أن يشترط لأحدهما أو لهما الخيار بعد الاستيمار و الاستشارة، بأن يشاور مع ثالث في أمر العقد، فكل ما رأى من الصلاح إبقاء للعقد أو فسخا يكون متبعا. و يعتبر في هذا الشرط أيضا تعيين المدة، و ليس للمشروط له الفسخ قبل أمر ذاك الثالث، و لا يجب عليه لو أمره بل جاز له، فإذا اشترط البائع على المشتري مثلا بأن له المهلة إلى ثلاثة أيام حتى يستشير من صديقه أو الدلال الفلاني، فان رأى الصلاح في هذا البيع يلتزم به و الا فلا، يكون مرجعه الى جعل الخيار له على تقدير أن لا يرى صديقه أو الدلال الصلاح في البيع لا مطلقا، فليس له الخيار الا على ذلك التقدير.

[مسألة: 5 لا إشكال في عدم اختصاص خيار الشرط بالبيع و جريانه في كل عقد لازم]

مسألة: 5 لا إشكال في عدم اختصاص خيار الشرط بالبيع و جريانه في كل عقد لازم (1) سوى عقد النكاح، كما أنه لا إشكال في عدم جريانه في الإيقاعات كالطلاق


1- هذه الكلية محل منع و مجال الكلام فيها واسع.

ص: 36

و العتق و الإبراء و غيرها.

[مسألة: 6 يجوز اشتراط الخيار للبائع إذا رد الثمن بعينه أو ما يعم مثله إلى مدة معينة]

مسألة: 6 يجوز اشتراط الخيار للبائع إذا رد الثمن بعينه أو ما يعم مثله إلى مدة معينة، فإن مضت و لم يأت بالثمن كاملا لزم البيع. و مثل هذا البيع يسمى في العرف الحاضر بيع الخيار، و الظاهر صحة اشتراط أن يكون للبائع فسخ الكل برد بعض الثمن أو فسخ البعض برد البعض، و يكفي في رد الثمن فعل البائع ما له دخل في القبض من طرفه و ان ابى المشتري من قبضه، فلو أحضر الثمن و عرضه عليه و مكنه من قبضه فأبى هو و امتنع ان يقبضه تحقق الرد الذي هو شرط لملك الفسخ فله أن يفسخ.

[مسألة: 7 نماء المبيع و منافعه في هذه المدة للمشتري كما أن تلفه عليه]

مسألة: 7 نماء المبيع و منافعه في هذه المدة للمشتري كما أن تلفه عليه، و الخيار باق مع التلف ان كان المشروط الخيار و السلطنة على فسخ البيع، و حينئذ يرجع بعد الفسخ الى المثل أو القيمة، و ساقط ان كان المشروط ارتجاع العين بالفسخ.

و على أي حال ليس للمشتري قبل انقضاء المدة التصرف (1) الناقل و إتلاف العين.

[مسألة: 8 الثمن المشروط رده إذا كان كليا في ذمة البائع]

مسألة: 8 الثمن المشروط رده إذا كان كليا في ذمة البائع- كما إذا كان في ذمته ألف درهم لزيد فباع داره منه بما في ذمته و جعل له الخيار مشروطا برد الثمن- يكون رده بأداء ما في ذمته و دفع ما كان عليه و ان برأت ذمته عما كان عليه بجعله ثمنا.

[مسألة: 9 إذا لم يقبض البائع الثمن أصلا سواء كان كليا في ذمة المشتري أو عينا موجودا عنده]

مسألة: 9 إذا لم يقبض البائع الثمن أصلا سواء كان كليا في ذمة المشتري أو عينا موجودا عنده، فهل له هذا الخيار و له الفسخ قبل انقضاء المدة المضروبة أم لا؟ وجهان لا يخلو أولهما من رجحان (2)، و اما إذا قبضه فان كان كليا فالظاهر انه لا يتعين (3) رد عين ذلك الفرد المقبوض إلى المشتري بل يكفي دفع فرد آخر اليه


1- و ذلك لان الخيار و ان كان هو السلطنة على فسخ العقد من دون تعلق حق على العين، الا ان المتبادر من هذا الشرط عرفا اشتراط إبقاء المبيع عند المشتري حتى يرد البائع الثمن و يفسخ العقد، لكن هذا الشرط لا يترتب عليه الا الحكم بعدم جواز النقل، و أما عدم النقل فلا يترتب عليه، فلو تخلف و نقل صح و يرجع البائع بعد الفسخ الى المثل و القيمة كما في صورة التلف.
2- بل لا وجه للثاني الا أن يكون لعنوان الرد دخلا في شرط الخيار في نظر الجاعل.
3- بل يتعين إلا إذا صرحا في شرطهما برد ما يعم أو انحصر الانتفاع به بصرفه كما لو كان الثمن شخصيا، و ذلك للانصراف في الكلي أيضا الى رد المأخوذ لا رد الكلي.

ص: 37

مما ينطبق الكلي عليه الا إذا صرح باشتراط كون المردود عين ذلك الفرد المقبوض، و ان كان الثمن عينا شخصيا لم يتحقق الرد الا برد عينه، فلو لم يمكن رده بتلف و نحوه، لم يكن للبائع الخيار إلا إذا صرحا في شرطهما برد ما يعم بدله مع عدم التمكن من العين. نعم إذا كان الثمن مما انحصر انتفاعه المتعارف بصرفه لا ببقائه كالنقود يمكن أن يقال ان المنساق من الإطلاق في مثله ما يعم بدله ما لم يصرح بأن يكون المردود نفس العين.

[مسألة: 10 كما انه يتحقق رد الثمن برده الى نفس المشتري يتحقق أيضا بإيصاله إلى وكيله في خصوص ذلك]

مسألة: 10 كما انه يتحقق رد الثمن برده الى نفس المشتري يتحقق أيضا بإيصاله إلى وكيله في خصوص ذلك أو وكيله المطلق أو وليه كالحاكم فيما إذا صار مجنونا أو غائبا بل و عدول المؤمنين أيضا في مورد ولايتهم. هذا إذا جعل الخيار للبائع مشروطا برد الثمن أورده إلى المشتري و أطلق، و اما لو اشترط الرد إلى المشتري بنفسه و إيصاله بيده لا يتعدى منه الى غيره.

[مسألة: 11 لو اشترى الولي شيئا للمولى عليه ببيع الخيار فارتفع حجره قبل انقضاء المدة و رد الثمن]

مسألة: 11 لو اشترى الولي شيئا للمولى عليه ببيع الخيار فارتفع حجره قبل انقضاء المدة و رد الثمن فالظاهر تحققه بإيصاله إلى المولى عليه فيملك البائع الفسخ بذلك، بل في كفاية الرد إلى الولي حينئذ نظر و اشكال (1). و لو اشترى أحد الوليين كالأب فهل يصح للبائع الفسخ مع رد الثمن إلى الولي الآخر كالجد؟ لا يبعد ذلك، خصوصا فيما إذا لم يتمكن من الرد إلى الأخر، و كذلك الحال في الحاكمين إذا اشترى أحدهما ورد الثمن إلى الأخر، لكنه لا يخلو من اشكال من جهة الاشكال (2)


1- ان كان الشرط هو الرد المنصرف إطلاقه إلى الرد على من هو أهل لأن يرد عليه، فلا يكفي الرد إلى الولي بلا اشكال، و ان كان الشرط هو الرد الى نفسه و ان لم يكن وليا حين الفسخ فلا إشكال في كفاية الرد اليه و عدم كفاية الرد الى المولى عليه، كما لا إشكال في كفاية الرد الى كل منهما لو كان الشرط هو الرد إلى الأعم. و منه يعلم الحكم في شراء أحد الوليين أو أحد الحاكمين.
2- هذا إذا كان الشرط الرد المنصرف إطلاقه إلى الرد الى من هو أهل لأن يرد عليه، و لكن إذا جعل الشرط الرد الى مطلق الحاكم فيكفي الرد الى حاكم آخر و ان لم يكن وليا في هذه المعاملة، و هذا لا ربط له بالولاية في المعاملة.

ص: 38

في ولاية حاكم آخر في هذه المعاملة التي تصداها الحاكم الأول. نعم لو لم يمكن الرد الى الحاكم الأول يجوز رده الى حاكم آخر بلا اشكال. و هذا أيضا كما مر في المسألة السابقة فيما إذا لم يصرح يكون المردود إليه المشتري بخصوصه و بنفسه، و الا فلا يتعدى منه الى غيره.

[مسألة: 12 إذا مات البائع ينتقل هذا الخيار كسائر الخيارات الى ورثته]

مسألة: 12 إذا مات البائع ينتقل هذا الخيار كسائر الخيارات الى ورثته، فيردون الثمن و يفسخون البيع فيرجع إليهم المبيع على حسب قواعد الإرث، كما ان الثمن المردود أيضا يوزع عليهم بالحصص. و إذا مات المشتري فالظاهر جواز فسخ البائع برد الثمن الى ورثته. نعم لو جعل الشرط رد الثمن إلى المشتري بخصوصه و بنفسه و بمباشرته فالظاهر عدم قيام ورثته مقامه، فيسقط هذا الخيار بموته.

[مسألة: 13 كما يجوز للبائع اشتراط الخيار له برد الثمن كذا يجوز للمشترى اشتراط الفسخ له عند رد المثمن]

مسألة: 13 كما يجوز للبائع اشتراط الخيار له برد الثمن كذا يجوز للمشترى اشتراط الفسخ له عند رد المثمن، و الظاهر المنصرف إليه الإطلاق فيه رد العين، فلا يتحقق برد بدله و لو مع التلف الا أن يصرح برد ما يعم البدل عند تعذر المبدل، و يجوز أيضا اشتراط الخيار لكل منهما برد ما انتقل اليه.

[ «الرابع»- خيار الغبن]
اشارة

«الرابع»- خيار الغبن، و هو فيما إذا باع بدون ثمن المثل أو اشترى بأكثر منه مع الجهل بالقيمة فللمغبون خيار الفسخ، و يعتبر الزيادة أو النقيصة مع ملاحظة ما انضم اليه من الشرط، فلو باع ما يسوى مائة دينار بأقل منه بكثير مع اشتراط الخيار للبائع فلا غبن (1) لان المبيع ببيع الخيار ينقص ثمنه عن المبيع بالبيع اللازم، و هكذا غيره من الشروط. و يشترط فيه أن يكون التفاوت بما لا يتسامح الناس فيه (2) في مثل هذه المعاملة، فلو باع ما يسوى مائة بخمسة و تسعين لم يكن مغبونا، لانه لا ينظر في مقام التكسب و المعاملة الى هذا المقدار من التفاوت، إذ الخمسة يسيرة بالنسبة إلى


1- إلا إذا كان مغبونا حتى في هذا القسم من البيع.
2- هو يختلف بحسب اختلاف المعاملات اليسيرة و الخطيرة، فربما يتسامح في اليسيرة بالعشر و لا يتسامح في الخطيرة بنصف العشر أو أقل، فالميزان تشخيص العرف و تصديقهم بالغبن.

ص: 39

المائة و ان كانت كثيرة في نفسها. و بعبارة أخرى التفاوت بنصف العشر لا ينظر اليه و يتسامح فيه، بل لا يبعد دعوى التسامح في العشر أيضا.

[مسألة: 14 ليس للمغبون مطالبة الغابن بتفاوت القيمة]

مسألة: 14 ليس للمغبون مطالبة الغابن بتفاوت القيمة، بل له الخيار بين أن يفسخ المبيع من أصله أو يلتزم و يرضى به بالثمن المسمى، كما أنه لا يسقط خياره ببذل الطرف المقابل التفاوت. نعم مع تراضى الطرفين لا بأس به (1).

[مسألة: 15 الخيار ثابت للمغبون من حين العقد لا أنه يحدث من حين اطلاعه على الغبن]

مسألة: 15 الخيار ثابت للمغبون من حين العقد لا أنه يحدث من حين اطلاعه على الغبن، فلو فسخ قبل ذلك و صادف الغبن واقعا أثر الفسخ أثره من جهة انه وقع في موقعه.

[مسألة: 16 إذا اطلع على الغبن و لم يبادر بالفسخ]

مسألة: 16 إذا اطلع على الغبن و لم يبادر بالفسخ، فان كان لأجل جهله بحكم الخيار فلا إشكال في بقاء خياره، و ان كان عالما به فان كان بانيا على الفسخ غير راض بهذا البيع بهذا الثمن الا انه أخر إنشاء الفسخ لغرض من الأغراض فالظاهر بقاء خياره (2). نعم ليس له التواني فيه بحيث يؤدي الى ضرر و تعطيل أمر على الغابن، و ان لم يكن بانيا على الفسخ و لم يكن بصدد فسخه الا انه بدا له بعد ذلك ان يفسخه فالظاهر سقوط خياره.

[مسألة: 17 المدار في الغبن على القيمة حال العقد]

مسألة: 17 المدار في الغبن على القيمة حال العقد، فلو زادت بعده و لو قبل اطلاع المغبون على النقصان حين العقد لم ينفع في سقوط الخيار، كما أنه لو نقص بعده أو زاد لم يؤثر في ثبوته.

[مسألة: 18 يسقط هذا الخيار بأمور]

مسألة: 18 يسقط هذا الخيار بأمور:

أحدها: اشتراط سقوطه و عدمه في ضمن العقد، و يقتصر في السقوط على مرتبة من الغبن كانت مقصودة عند الاشتراط و شملته العبارة، فلو كان المشروط سقوط


1- لا بأس بإسقاط الخيار بإزاء ما أخذ.
2- بل الظاهر سقوطه ان كان التأخير مع العلم بالغبن و الحكم.

ص: 40

مرتبة خاصة من الغبن كالعشر فتبين كونه الخمس لم يسقط الخيار، بل لو اشترط سقوطه و ان كان فاحشا أو أفحش لا يسقط الا ما كان كذلك بالنسبة الى ما يحتمل في مثل هذه المعاملة لا أزيد، فلو فرض ان ما اشترى بمائة لا يحتمل فيه ان لا يسوى عشرة أو عشرين و ان المحتمل فيها من الفاحش الى خمسين و الافحش الى ثلاثين و شرطا سقوط الغبن فاحشا كان أو أفحش لم يسقط الخيار إذا كان يسوى عشرا أو عشرين.

الثاني: إسقاطه بعد العقد و لو قبل ظهور الغبن إذا أسقطه على تقدير ثبوته، و هذا أيضا كسابقه يقتصر على مرتبة من الغبن كانت مقصودة عند الاسقاط، فلو أسقط مرتبة خاصة منه كالعشر فتبين كونه أزيد لم يسقط الخيار. و كما يجوز إسقاطه بعد العقد مجانا يجوز المصالحة عنه بالعوض، فمع العلم بمرتبة الغبن لا اشكال و مع الجهل بها فالظاهر جواز المصالحة عنه مع التصريح بعموم المراتب، بأن يصالح عن خيار الغبن الموجود في هذه المعاملة بأي مرتبة كان، و لو عين مرتبة و صالح عن خياره فتبين كونه أزيد فالظاهر بطلان المصالحة.

الثالث: تصرف المغبون بعد العلم بالغبن فيما انتقل اليه بما يكشف عن رضاه بالبيع، بأن تصرف البائع المغبون في الثمن أو المشتري المغبون في المثمن فإنه يسقط بذلك خياره، خصوصا الثاني و خصوصا إذا كان تصرفه بالإتلاف أو بما يمنع الرد كالاستيلاد أو بإخراجه عن ملكه كالعتق أو بنقل لازم كالبيع، و أما تصرفه قبل ظهور الغبن فلا يسقط الخيار كتصرف الغابن فيما انتقل اليه مطلقا.

[مسألة: 19 إذا اطلع البائع المغبون على الغبن و فسخ البيع]

مسألة: 19 إذا اطلع البائع المغبون على الغبن و فسخ البيع، فان كان المبيع موجودا عند المشتري باقيا على حاله استرده منه، و إذا رآه تالفا أو متلفا رجع اليه بالمثل أو القيمة، و ان حدث به عيب عنده سواء كان بفعله أو بآفة سماوية أخذه مع الأرش، و إذا أخرجه عن ملكه بالعتق أو الوقف أو نقله الى الغير بعقد لازم كالبيع فالظاهر أنه بحكم التلف فيرجع اليه بالمثل أو القيمة، و ان كان بنقل غير لازم كالبيع بخيار و الهبة فالظاهر أن له إلزام المشتري بالفسخ و الرجوع و تسليم العين إذا أمكن،

ص: 41

بل في النقل اللازم أيضا لو رجعت العين إلى المشتري بإقالة أو عقد جديد قبل رجوع البائع إليه بالبدل لا يبعد (1) ان يكون له إلزامه برد العين. و إذا نقل منفعتها الى الغير بعقد لازم كالإجارة لم يمنع ذلك عن الفسخ، كما أنه بعد الفسخ تبقى الإجارة على حالها و ترجع العين الى الفاسخ مسلوب المنفعة و له سائر المنافع غير ما ملكه المستأجر لو كانت. و في جواز رجوعه إلى المشتري بأجرة المثل بالنسبة إلى بقية المدة وجه قوى، كما يحتمل وجه آخر، و هو أن يرجع اليه بالنقص الطارئ على العين من جهة كونها مسلوبة المنفعة في تلك المدة، فتقوّم بوصف كونها ذات منفعة في تلك المدة مرة و مسلوبة المنفعة فيها أخرى فيأخذ مع العين التفاوت بين القيمتين، و الظاهر انه لا تفاوت غالبا بين الوجهين.

[مسألة: 20 بعد ما فسخ البائع المغبون لو كان المبيع موجودا عند المشتري]

مسألة: 20 بعد ما فسخ البائع المغبون لو كان المبيع موجودا عند المشتري لكن تصرف فيه تصرفا مغيرا له فأما بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج: اما لو كان بالنقيصة أخذه و رجع إليه بالأرش كما مر، و أما لو كان بالزيادة فاما ان تكون صفة محضة كطحن الحنطة و قصارة الثوب و صياغة الفضة أو صفة مشوبة بالعين كالصبغ أو عينا محضا كالغرس و الزرع و البناء، اما الأول فان لم يكن للزيادة مدخل في زيادة القيمة يرجع الى العين و لا شي ء عليه، كما انه لا شي ء على المشتري، و اما لو كان لها مدخل في زيادة القيمة يرجع الى العين، و في كون زيادة القيمة للمشتري لأجل الصفة فيأخذ البائع العين و يدفع زيادة القيمة أو كونه شريكا معه في القيمة فيباع و يقسم الثمن بينهما بالنسبة أو شريكا معه في العين بنسبة تلك الزيادة أو كون العين للبائع و للمشتري أجرة عمله (2) أو ليس له شي ء أصلا، وجوه أقواها أولها ثم ثانيها. و أما الثاني فالظاهر


1- بل يمكن أن يقال في العقد اللازم أيضا له إلزامه بالإقالة أو الشراء منه بعقد جديد لو تمكن بلا ضرر و لا حرج، لأن إلزام المشتري برد المثل أو القيمة ليس الا لكون العين مضمونا عليه، فإذا فسخ العقد يفرض العين ملكا للبائع تالفا عند المشتري مضمونا عليه، و مقتضى العهدة رد العين مع التمكن ورد المثل أو القيمة مع عدم التمكن.
2- هذا الوجه أقرب بنظر العرف و أوفق بالقواعد.

ص: 42

أنه كالأول فتجي ء فيها الوجوه الأربعة. و اما الثالث فيرجع البائع إلى المبيع و يكون الغرس و الزرع و البناء للمشترى و ليس للبائع إلزامه بالقلع و الهدم و لو بالأرش و لا إلزامه بالإبقاء و لو مجانا، كما انه ليس للمشترى حق الإبقاء مجانا و بلا أجرة، فعلى المشتري اما إبقاؤها بالأجرة و اما قلعها مع طم الحفر و تدارك النقص الوارد على الأرض، و للبائع إلزامه بأحد الأمرين لا خصوص أحدهما، و كل ما اختار المشتري من الأمرين ليس للبائع الفاسخ منعه. نعم لو أمكن غرس المقلوع بحيث لم يحدث فيه شي ء إلا تبدل المكان للبائع ان يلزمه به، و الظاهر أنه لا فرق في ذلك بين الزرع و غيره. و اما ان كان بالامتزاج فان كان بغير جنسه بحيث لا يتميز فكالمعدوم و يرجع بالمثل أو القيمة، و يحتمل (1) الفرق بين ما كان مستهلكا و عد تالفا كما إذا اختلط ماء الورد بالزيت فيرجع الى البدل، و بين ما لم يكن كذلك كمزج الخل بالانجبين فيثبت الشركة في القيمة أو في العين (2) بنسبة القيمة. و المسألة محل اشكال فلا يترك الاحتياط بالتصالح و التراضي. و ان كان الامتزاج بالجنس فالظاهر ثبوت الشركة بحسب الكمية و ان كان بالأردإ أو الأجود مع أخذ الأرش في الأول و إعطاء زيادة القيمة في الثاني، لكن الأحوط التصالح خصوصا في الثاني.

[مسألة: 21 إذا باع أو اشترى شيئين صفقة واحدة و كان مغبونا في أحدهما دون الأخر]

مسألة: 21 إذا باع أو اشترى شيئين صفقة واحدة و كان مغبونا في أحدهما دون الأخر ليس له التبعيض في الفسخ، بل عليه اما فسخ البيع بالنسبة إلى الجميع أو الرضا به كذلك.

[ «الخامس»- خيار التأخير]
اشارة

«الخامس»- خيار التأخير، و هو فيما إذا باع شيئا و لم يقبض تمام الثمن (3)، فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام، فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة و الا فللبائع


1- و هو الأقوى.
2- هذا هو المتعين فيما بعد الخليطان موجودين عرفا، و أما إذا عد المخلوط شيئا ثالثا لا يصدق عليه شي ء منهما فالظاهر أنه أيضا بحكم التالف ان لم يكن له قيمة، و الا فهو مشترك بينهما.
3- و لم يسلمه إلى المشتري و لم يشترط تأخير أحد العوضين.

ص: 43

فسخ المعاملة، و لو تلفت السلعة كانت من مال البائع و قبض بعض الثمن كلا قبض.

[مسألة: 22 لا إشكال في ثبوت هذا الخيار إذا كان المبيع عينا شخصيا]

مسألة: 22 لا إشكال في ثبوت هذا الخيار إذا كان المبيع عينا شخصيا، و في ثبوته إذا كان كليا قولان لا يخلو أولهما من رجحان (1)، و الأحوط أن لا يكون الفسخ الا برضى الطرفين.

[مسألة: 23 الظاهر أن هذا الخيار ليس على الفور، فلو أخر الفسخ عن الثلاثة لم يسقط الخيار]

مسألة: 23 الظاهر أن هذا الخيار ليس على الفور، فلو أخر الفسخ عن الثلاثة لم يسقط الخيار إلا بأحد المسقطات.

[مسألة: 24 يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد و بإسقاطه بعد الثلاثة]

مسألة: 24 يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد و بإسقاطه بعد الثلاثة، و في سقوطه بإسقاطه قبلها إشكال أقواه العدم، كما ان الأقوى عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعدها قبل فسخ البائع، و يسقط أيضا بأخذ الثمن بعد الثلاثة من المشتري بعنوان الاستيفاء لا بعنوان آخر كالعارية و غيرها، و في سقوطه بمطالبة الثمن وجهان الظاهر العدم.

[مسألة: 25 المراد بثلاثة أيام هو بياض اليوم و لا يشمل الليالي عدا الليلتين المتوسطتين]

مسألة: 25 المراد بثلاثة أيام هو بياض اليوم و لا يشمل الليالي عدا الليلتين المتوسطتين، فلو أوقع البيع في أول النهار يكون آخر الثلاثة غروب النهار الثالث.

نعم لو وقع البيع في الليل تدخل الليلة الأولى أو بعضها أيضا في المدة، و الظاهر كفاية التلفيق، فلو وقع البيع في أول الزوال يكون مبدأ الخيار بعد زوال اليوم الرابع و هكذا.

[مسألة: 26 لا يجري هذا الخيار في غير البيع من سائر المعاملات]

مسألة: 26 لا يجري هذا الخيار في غير البيع من سائر المعاملات.

[مسألة: 27 لو تلف المبيع كان من مال البائع في الثلاثة و بعدها على الأقوى]

مسألة: 27 لو تلف المبيع كان من مال البائع في الثلاثة و بعدها على الأقوى.

[مسألة: 28 إذا باع ما يتسارع اليه الفساد بحيث يفسد لو صار بائتا كالبقول]

مسألة: 28 إذا باع ما يتسارع اليه الفساد بحيث يفسد لو صار بائتا كالبقول و بعض الفواكه و اللحم في بعض الأوقات و نحوها و بقي عنده و تأخر المشتري من أن يأتي بالثمن و يأخذ المبيع، للبائع الخيار قبل ان يطرأ عليه الفساد فينفسخ البيع و يتصرف في المبيع كيف شاء.


1- بل ثانيهما.

ص: 44

[ «السادس»- خيار الرؤية]
اشارة

«السادس»- خيار الرؤية، و هو فيما إذا اشترى شيئا موصوفا غير مشاهد ثم وجده على خلاف (1) ذلك الوصف كان للمشتري خيار الفسخ، و كذا إذا وجده على خلاف ما رآه سابقا (2).

[مسألة: 29 الخيار هنا بين الرد و الإمساك مجانا]

مسألة: 29 الخيار هنا بين الرد و الإمساك مجانا و ليس لذي الخيار الإمساك بالأرش، كما انه لا يسقط خياره ببذله و لا بإبدال العين بعين أخرى. نعم لو كان للوصف المفقود دخل في الصحة توجه أخذ الأرش، لكن لأجل العيب لا لأجل تخلف الوصف.

[مسألة: 30 مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة حين المبايعة]

مسألة: 30 مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة حين المبايعة، و يشترط في صحته اما الرؤية السابقة مع عدم اليقين بزوال تلك الصفات و اما توصيفه بما يرفع به الجهالة الموجبة للغرر بذكر جنسها و نوعها و صفاتها التي تختلف باختلافها الأثمان و تتفاوت لأجلها رغبات الناس.

[مسألة: 31 هذا الخيار فوري عند الرؤية على المشهور، و فيه إشكال]

مسألة: 31 هذا الخيار فوري عند الرؤية على المشهور، و فيه إشكال (3).

[مسألة: 32 يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد]

مسألة: 32 يسقط هذا الخيار (4) باشتراط سقوطه في ضمن العقد، و بإسقاطه بعد الرؤية، و بالتصرف في العين بعدها تصرفا كاشفا عن الرضا بالبيع، و بعدم المبادرة على الفسخ بناء على فوريته.

[ «السابع»- خيار العيب]
اشارة

«السابع»- خيار العيب، و هو فيما إذا وجد المشتري في المبيع عيبا تخير بين الفسخ و الإمساك بالأرش ما لم يتصرف فيه تصرفا (5) مغيرا للعين أو يحدث فيه


1- أى أنقص مما وصف، و كذا لو باعه بالرؤية السابقة فوجده أحسن و أزيد مما وصف أو رآه سابقا فللبائع خيار الفسخ.
2- أى أنقص منه.
3- لا يعبأ به.
4- مشكل إلا إذا كان الوصف موثوقا به من جهة الرؤية السابقة أو بإخبار البائع مثلا حتى لا يكون البيع غرريا.
5- بل ما دام المبيع قائما بعينه، فإذا تغير يسقط الرد و ان لم يتصرف فيه، و كذا يسقط بالقول أو الفعل الدال على إسقاطه بحسب متفاهم العرف و بوطي الجارية غير الحبلى.

ص: 45

عيب (1) عنده، و الا فليس له الرد بل ثبت له الأرش خاصة، و كما يثبت هذا الخيار للمشتري إذا وجد العيب في المبيع كذلك يثبت للبائع إذا وجده في الثمن المعين.

و المراد بالعيب كلما زاد أو نقص عن المجرى الطبيعي و الخلقة الأصلية كالعمى أو العرج و غير ذلك، بل الحبل عيب لكن في الإماء دون سائر الحيوانات.

[مسألة: 33 يثبت الخيار بمجرد وجود العيب واقعا حين العقد و ان لم يظهر بعد]

مسألة: 33 يثبت الخيار بمجرد وجود العيب واقعا حين العقد و ان لم يظهر بعد، فظهوره كاشف عن ثبوته من أول الأمر لا انه سبب لحدوثه عنده، فلو أسقط الخيار قبل ظهوره لا إشكال في سقوطه، كما أنه يسقط بإسقاطه بعد ظهوره، و كذلك باشتراط سقوطه في ضمن العقد، و بالتبري من العيوب عنده، بأن يقول مثلا بعته بكل عيب.

و كما يسقط بالتبري من العيوب الخيار يسقط أيضا استحقاق مطالبة الأرش.

[مسألة: 34 كما يثبت الخيار بوجود العيب عند العقد كذلك يثبت بحدوثه بعده قبل القبض]

مسألة: 34 كما يثبت الخيار بوجود العيب عند العقد كذلك يثبت بحدوثه بعده قبل القبض، و العيب الحادث بعد العقد يمنع عن الرد لو حدث بعد القبض، و أما لو حدث قبله فهو سبب للخيار (2)، فلا يمنع عن الرد و الفسخ بسبب العيب السابق بطريق أولى.

[مسألة: 35 لو كان معيوبا عند العقد و زال العيب قبل ظهوره الظاهر سقوط الخيار]

مسألة: 35 لو كان معيوبا عند العقد و زال العيب قبل ظهوره الظاهر سقوط الخيار، و أما سقوط الأرش ففيه اشكال لا يبعد ثبوته (3)، و ان كان الأحوط التصالح.

[مسألة: 36 كيفية أخذ الأرش بأن يقوّم الشي ء صحيحا ثم يقوم معيبا و يلاحظ النسبة بينهما]

مسألة: 36 كيفية أخذ الأرش بأن يقوّم الشي ء صحيحا ثم يقوم معيبا و يلاحظ النسبة بينهما ثم ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة، فإذا قوّم صحيحا بتسعة و معيبا بستة و كان الثمن ستة ينتقص من الستة اثنان و هكذا. و المرجع في تعيين ذلك أهل الخبرة، و يعتبر فيه ما يعتبر في الشهادة من التعدد و العدالة، و في الاكتفاء بقول


1- بعد مضى زمان خياره كخيار الحيوان مثلا، و أما الحادث فيه فلا يمنع من الرد كما مر منه قدس سره، و كذا سائر الخيارات إذا اختص بالمشتري.
2- و كذلك العيب الحادث في زمان خيار المشتري سبب للخيار، فلا يمنع الرد بعيب سابق كما مر.
3- بل بعيد.

ص: 46

العدل الواحد وجه.

[مسألة: 37 لو تعارض المقومون في تقويم الصحيح أو المعيب أو كليهما فقوم الصحيح مثلا عدلان]

مسألة: 37 لو تعارض المقومون في تقويم الصحيح أو المعيب أو كليهما فقوم الصحيح مثلا عدلان بمقدار و معيبه بمقدار و خالفهما عدلان آخران يؤخذ التفاوت بين الصحيح و المعيب من كل منهما و يجمع بينهما ثم يؤخذ نصف المجموع، فإذا قوم أحدهما صحيحة بعشرة و معيبة بخمسة و الأخر صحيحه بتسعة و معيبه بستة و كان الثمن اثنى عشر يرد من الثمن خمسة و يعطى البائع سبعة، لأن التفاوت بين الصحيح و المعيب على الأول بالنصف فيكون الأرش ستة، و على الثاني بالثلث فيكون أربعة، و المجموع عشرة و نصفها خمسة. و إذا فرض انه قومه عدلان آخران أيضا صحيحة ثمانية و معيبه ستة فيكون التفاوت بالربع و هو ثلاثة من اثنى عشر فيضم إلى العشرة و المجموع ثلاثة عشر فيؤخذ ثلثها و هو أربعة و ثلث و هو الأرش الذي ينقص من الثمن- أعني اثني عشر- و يبقى للبائع سبعة و ثلثان و هكذا.

[مسألة: 38 لو باع شيئين صفقة واحدة فظهر العيب في أحدهما كان للمشتري أخذ الأرش]

مسألة: 38 لو باع شيئين صفقة واحدة فظهر العيب في أحدهما كان للمشتري أخذ الأرش أو رد الجميع و ليس له التبعيض ورد المعيب وحده، و كذا لو اشترك اثنان في شراء شي ء فوجداه معيبا ليس لأحدهما رد حصته خاصة إذا لم يوافقه شريكه، على اشكال فيهما خصوصا في ثانيهما. نعم لو رضي البائع يجوز و يصح التبعيض في المسألتين بلا اشكال فيهما.

[مسألة: 39 قد عرفت أن العيب الموجب للخيار ما كان موجودا حال العقد أو حدث بعده قبل القبض]

مسألة: 39 قد عرفت أن العيب الموجب للخيار ما كان موجودا حال العقد أو حدث بعده قبل القبض، فلا يؤثر في ثبوت الخيار و لا في استحقاق الأرش ما حدث بعد العقد و القبض عدا الجنون و البرص و الجذام و القرن، فان هذه العيوب الأربعة لو حدثت إلى سنة من يوم العقد يثبت لأجلها الخيار، و لأجل ذلك سميت هذه العيوب بأحداث السنة.

ص: 47

[خاتمة في أحكام الخيار]
اشارة

خاتمة في أحكام الخيار:

و ليعلم ان للخيار أحكاما مشتركة بين الجميع و أحكاما تختص ببعضها لا يناسب هذا المختصر تفصيلها.

و من الأحكام المشتركة ان كل خيار يسقط إذا اشترط في متن العقد عدمه، و كذلك يسقط بإسقاطه (1) بعد العقد.

و منها: انه إذا مات من له الخيار انتقل خياره الى وارثه، من غير فرق بين أنواعه و ما هو المانع عن إرث الأموال النقصان في الوارث كالرقية، و القتل و الكفر مانع عن هذا الإرث أيضا، كما ان ما يحجب به حجب حرمان- و هو وجود الأقرب الى الميت- يحجب به هنا أيضا. و لو كان الخيار متعلقا بمال خاص يحرم عنه بعض الورثة كالعقار بالنسبة إلى الزوجة و الحياة بالنسبة الى غير الولد الأكبر، فهل يحرم ذلك الوارث عن الخيار المتعلق بذلك المال مطلقا أو لا يحرم مطلقا أو يفصل بين ما إذا كان ما يحرم عنه الوارث منتقلا الى الميت و ما كان منتقلا عنه فيحرم في الثاني دون الأول، ففيما إذا انتقل العقار الى الميت و كان له الخيار ترثه الزوجة، بخلاف ما إذا باع العقار و كان له الخيار فلا ترثه، وجوه و أقوال أقواها أوسطها.

[مسألة: 1 لا اشكال فيما إذا كان الوارث واحدا]

مسألة: 1 لا اشكال فيما إذا كان الوارث واحدا، و أما إذا تعدد ففي كون الخيار لكل منهم بالاستقلال بالنسبة إلى الجميع أو بالنسبة إلى حصته أو للمجموع بحيث لا اثر لفسخ بعضهم بدون ضمن الباقين لا في تمام المبيع و لا في حصته أقوال، أقواها الأخير ثم أوسطها.

[مسألة: 2 إذا اجتمع الورثة على الفسخ فيما باعه مورثهم]

مسألة: 2 إذا اجتمع الورثة على الفسخ فيما باعه مورثهم، فان كان عين الثمن موجودا دفعوه إلى المشتري، و ان لم يكن موجودا أخرج من مال الميت، و لو لم يكن له مال ففي كونه على الميت و اشتغال ذمته به فيجب تفريغها بالمبيع المردود


1- و في خيار التأخير لا يسقط بإسقاطه في الثلاثة، بل لا بد من إسقاطه بعد الثلاثة. و مر الإشكال في إسقاط خيار الرؤية في بعض الموارد.

ص: 48

إليه فإن بقي شي ء يكون للورثة و ان لم يف بتفريغ ما عليه يبقى الباقي في ذمته أو كونه على الورثة كل بقدر حصته، وجهان أوجههما أولهما.

[القول فيما يدخل في المبيع عند الإطلاق]

اشارة

القول فيما يدخل في المبيع عند الإطلاق:

[مسألة: 1 من باع بستانا دخل فيه الأرض و الشجر و النخل]

مسألة: 1 من باع بستانا دخل فيه الأرض و الشجر و النخل، و كذا الابنية من سورها و ما يعد من توابعها و مرافقها كالبئر (1) و الناعور و الحظيرة و نحوها، بخلاف ما إذا باع أرضا فإنه لا يدخل فيها النخل و الشجر الموجودتان فيها الا مع الشرط، و كذا لا يدخل الحمل (2) في ابتياع الام ما لم يشترط و الثمر في بيع الشجر. نعم لو باع نخلا فان كان مؤبرا فالثمرة للبائع و يجب على المشتري إبقاؤها على الأصول بما جرت العادة على إبقاء تلك الثمرة، و لو لم يؤبر كانت للمشتري. و الظاهر اختصاص ذلك بالبيع، و اما في غيرها فالثمرة للناقل بدون الشرط، سواء كانت مؤبرة أو لم تكن، كما ان هذا الحكم مختص بالنخل فلا يجري في غيرها، بل تكون الثمرة للبائع على كل حال.

[مسألة: 2 إذا باع الأصول و بقيت الثمرة للبائع و احتاجت الثمرة إلى السقي يجوز لصاحبها ان يسقيها]

مسألة: 2 إذا باع الأصول و بقيت الثمرة للبائع و احتاجت الثمرة إلى السقي يجوز لصاحبها ان يسقيها و ليس لصاحب الأصول منعه، و كذلك العكس. و لو تضرر أحدهما بالسقي و الأخر بتركه ففي تقديم حق البائع المالك للثمرة أو المشتري المالك للأصول وجهان لا يخلو ثانيهما عن رجحان (3)، و الأحوط التصالح و التراضي على تقديم أحدهما، و لو بأن يتحمل ضرر الأخر.

[مسألة: 3 إذا باع بستانا و استثنى نخلة مثلا فله الممر إليها و المخرج]

مسألة: 3 إذا باع بستانا و استثنى نخلة مثلا فله الممر إليها و المخرج و مدى


1- مما يتعارف دخوله فيه دون ما لا يتعارف كالآبار العميقة المستحدثة فإنها مستقلة بالمالية. نعم لو باع القرية بتمامها تدخل فيها القنوات و الآبار العميقة و غيرها.
2- إلا إذا كان المتعارف دخوله بحيث يحتاج خروجه الى الذكر.
3- الظاهر ترجيح ما هو المتعارف. نعم لو كان المتعارف مختلفا لا يبعد ترجيح جانب المشتري لإقدام البائع.

ص: 49

جرائدها و عروقها من الأرض و ليس للمشتري منع شي ء من ذلك، و إذا باع دارا دخل فيها الأرض و الأبنية الأعلى و الأسفل الا أن يكون الأعلى مستقلا من حيث المدخل و المخرج و المرافق و غير ذلك مما يكون امارة على خروجه و استقلاله بحسب العادة، و كذا تدخل السراديب و البئر و الأبواب و الأخشاب المتداخلة في البناء و الأوتاد المثبتة فيه بل السلم المثبت على حذو الدرج، و لا تدخل الرحى المنصوبة إلا مع الشرط، و كذا لو كان (1) فيها نخل أو شجر الا مع الشرط و لو بأن قال «و ما دار عليها حائطها»، و في دخول المفاتيح اشكال لا يبعد دخولها.

[مسألة: 4 الأحجار المخلوقة في الأرض و المعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها]

مسألة: 4 الأحجار المخلوقة في الأرض و المعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها، بخلاف الأحجار المدفونة فيها كالكنوز المودعة فيها و نحوها.

[القول في القبض و التسليم]

اشارة

القول في القبض و التسليم:

[مسألة: 1 يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد لو لم يشترط التأخير]

مسألة: 1 يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد لو لم يشترط التأخير، فلا يجوز لكل منهما التأخير مع الإمكان إلا برضى صاحبه، فان امتنعا أجبرا، و لو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع. و لو اشترط كل منهما (2) تأخير التسليم الى مدة معينة جاز، و ليس لغير مشترط التأخير الامتناع عن التسليم لعدم تسليم صاحبه الذي اشترط التأخير، و كذا يجوز أن يشترط البائع له سكنى الدار أو ركوب الدابة أو زرع الأرض و نحو ذلك مدة معينة. و القبض و التسليم فيما لا ينقل كالدار و العقار هو التخلية برفع يده عنه و رفع المنافيات و الاذن منه لصاحبه في التصرف بحيث صار تحت استيلائه، و أما في المنقول كالطعام و الثياب و نحوه ففي كونه التخلية أيضا أو الأخذ باليد مطلقا أو التفصيل بين أنواعه أقوال، لا يبعد كفاية التخلية (3) في مقام وجوب تسليم العوضين على المتبايعين بحيث يخرج عن ضمانه


1- لو لم تكن قرينة و لم يتعارف دخولهما في البيع.
2- في الأعيان الخارجية، و أما في الكلي فاشتراط تأخير كل منهما يوجب أن يكون بيع الكالي بالكالي و هو باطل.
3- بحيث يصير المبيع تحت استيلاء المشتري.

ص: 50

و عدم كون تلفه عليه، و ان لم يكتف بذلك في سائر المقامات التي يعتبر فيها القبض مما لا يسع المقام تفصيلها.

[مسألة: 2 إذا تلف المبيع قبل تسليمه الى المشتري كان من مال البائع]

مسألة: 2 إذا تلف المبيع قبل تسليمه الى المشتري كان من مال البائع فانفسخ البيع و عاد الثمن إلى المشتري، و إذا حصل للمبيع نماء قبل القبض كالنتاج و الثمرة كان ذلك للمشتري، فإن تلف الأصل قبل قبضه عاد الثمن اليه و له النماء (1)، و لو تعيب قبل القبض كان المشتري بالخيار بين الفسخ و الإمضاء بكل الثمن، و في استحقاقه لأخذ الأرش تردد أقواه العدم (2).

[مسألة: 3 لو باع جملة فتلف بعضها انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف و عاد إلى المشتري ما يخصه من الثمن]

مسألة: 3 لو باع جملة فتلف بعضها انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف و عاد إلى المشتري ما يخصه من الثمن، و له فسخ العقد و الرضا بالموجود بحصته من الثمن.

[مسألة: 4 يجب على البائع مضافا الى تسليم المبيع تفريغه عما كان فيه من أمتعة و غيرها]

مسألة: 4 يجب على البائع مضافا الى تسليم المبيع تفريغه عما كان فيه من أمتعة و غيرها حتى لو كان مشغولا بزرع آن وقت حصاده وجب إزالته، و لو كان له عروق تضر بالانتفاع كالقطن و الذرة أو كان في الأرض حجارة مدفونة وجب عليه إزالتها و تسوية الأرض، و لو كان فيها شي ء لا يخرج الا بتغيير شي ء من الابنية وجب إخراجه و إصلاح ما يتهدم، و لو كان فيه زرع لم يأن وقت حصاده له إبقاؤه إلى أوانه من غير أجرة على الظاهر و ان لم يخل من اشكال، و الأحوط التصالح.

[مسألة: 5 من اشترى شيئا و لم يقبضه فان كان مما لا يكال أو يوزن جاز بيعه قبل قبضه]

مسألة: 5 من اشترى شيئا و لم يقبضه فان كان مما لا يكال أو يوزن جاز بيعه قبل قبضه، و كذا إذا كان منهما و باع تولية، و أما لو باع بالمرابحة ففيه إشكال أقواه الجواز (3) مع الكراهة. هذا إذا باع الغير المقبوض على غير البائع، و أما إذا باعه عليه فالظاهر أنه لا إشكال في جوازه مطلقا، كما انه لا اشكال فيما إذا ملك شيئا بغير الشراء كالميراث و الصداق و الخلع و غيرها، فيجوز بيعه قبل قبضه بلا اشكال، بل


1- أي للمشترى، و لو كان المقصود غيره فلا وجه له.
2- بل أقواه الاستحقاق.
3- في كونه أقوى تأمل و الأحوط المنع.

ص: 51

الظاهر اختصاص المنع حرمة أو كراهة بالبيع، فلا منع في جعله صداقا أو اجرة و غير ذلك.

[القول في النقد و النسيئة]

اشارة

القول في النقد و النسيئة:

[مسألة: 1 من باع شيئا و لم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقدا و حالا]

مسألة: 1 من باع شيئا و لم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقدا و حالا، فللبائع بعد تسليم المبيع مطالبته في أي زمان، و ليس له الامتناع من أخذه متى أراد المشتري دفعه اليه. و إذا اشترط تأجيله يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل و ان طولب، كما انه لا يجب على البائع أخذه إذا دفعه المشتري قبله. و لا بد ان يكون مدة الأجل معينة مضبوطة لا يتطرق إليها احتمال الزيادة و النقصان، فلو اشترط التأجيل و لم يعين أجلا مجهولا كقدوم الحاج كان البيع باطلا. و هل يكفي تعينه في نفسه و ان لم يعرفه المتعاقدان، كما إذا جعل التأجيل إلى النيروز أو الى انتقال الشمس الى برج ميزان؟ وجهان، أحوطهما العدم بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 2 لو باع شيئا بثمن حالا و بأزيد منه الى أجل- بأن قال مثلا بعتك نقدا بعشرة و نسيئة إلى سنة بخمسة عشر]

مسألة: 2 لو باع شيئا بثمن حالا و بأزيد منه الى أجل- بأن قال مثلا بعتك نقدا بعشرة و نسيئة إلى سنة بخمسة عشر و قال المشتري قبلت هكذا- يكون البيع باطلا، و كذا لو باعه بثمن إلى أجل و بأزيد منه الى آخر.

[مسألة: 3 لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه]

مسألة: 3 لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه، بأن يزيد في ثمنه الذي استحقه البائع مقدارا ليؤجله إلى أجل كذا، و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل، سواء وقع ذلك على جهة البيع أو الصلح أو الجعالة أو غيرها، و يجوز عكس ذلك و هو تعجيل المؤجل بنقصان منه على جهة الصلح أو الإبراء.

[مسألة: 4 إذا باع شيئا نسيئة يجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل و بعده بجنس الثمن أو بغيره]

مسألة: 4 إذا باع شيئا نسيئة يجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل و بعده بجنس الثمن أو بغيره، سواء كان مساويا للثمن الأول أو أزيد منه أو انقص، و سواء كان البيع الثاني حالا أو مؤجلا. و ربما يحتال بذلك عن التخلص من الربا، بأن يبيع من

ص: 52

عنده الدراهم شيئا على من يحتاج إليها بثمن إلى أجل ثم يشتري منه ذلك الشي ء حالا بأقل من ذلك الثمن فيعطيه الثمن الأقل و يبقى على ذمته الثمن الأول. و انما يجوز ذلك إذا لم يشترط في البيع الأول، فلو اشترط البائع في بيعه على المشتري ان يبيعه بعد شرائه أو شرط المشتري على البائع ان يشتريه منه لم يصح على قول مشهور.

[القول في الربا]

اشارة

القول في الربا:

الذي حرمته ثابتة بالكتاب و السنة و إجماع من المسلمين، بل لا يبعد كونها من ضروريات الدين، و هو من الكبائر العظام، حتى ورد فيه انه أشد عند اللّٰه من عشرين زنية بل ثلاثين زنية كلها بذات محرم مثل عمة و خالة، بل في خبر صحيح عن مولانا الصادق عليه السلام: درهم ربا أعظم عند اللّٰه من سبعين زنية كلها بذات محرم في بيت اللّٰه الحرام. و في النبوي: من أكل الربا ملأ اللّٰه بطنه من نار جهنم بقدر ما أكل، و ان اكتسب منه مالا لم يقبل اللّٰه منه شيئا من عمله، و لم يزل في لعنة اللّٰه و الملائكة ما كان عنده منه قيراط واحد.

و من كلماته صلى اللّٰه عليه و آله الموجزة: شر المكاسب كسب الربا.

بل عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: آكل الربا و موكله و كاتبه و شاهداه في الوزر سواء.

و قال عليه السلام: لعن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله الربا و آكله و بائعه و مشتريه و كاتبه و شاهديه.

و بالجملة ليس في شريعة (1) الإسلام أعظم منه حرمة و أشد منه عقوبة، و هو قسمان معاملي و قرضي:

أما الأول هو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية كبيع منّ من الحنطة بمنين أو منّ من حنطة بمن منها مع درهم، أو حكمية كمن من حنطة نقدا بمن من حنطة


1- الاولى ان يقال ليس في المعاملات المحرمة في شرع الإسلام أعظم حرمة و أشد عقوبة منه.

ص: 53

نسيئة. و هل يختص بالبيع أو لا بل يثبت في سائر المعاوضات أيضا كالصلح و نحوه؟

قولان، الأشهر و الأحوط هو الثاني و ان كان الأول لا يخلو من قوة (1).

و كيف كان شرطه أمران:

أحدهما: اتحاد الجنس، و ضابطه الاتحاد في الحقيقة النوعية الكاشف عنه دخولهما تحت لفظ خاص، فكل ما صدق عليه الحنطة أو الأرز أو التمر أو العنب جنس واحد، فلا يجوز بيع بعضها ببعض بالتفاضل و ان تخالفا في الصفات و الخواص، فلا يتفاضل بين الحنطة الرديئة الحمراء و الجيدة البيضاء، و لا بين العنبر الجيد من الأرز و الردي ء من الشنبة، و ردي ء الزاهدي من التمر و جيد الخستاوى منه، و غير ذلك.

بخلاف ما إذا دخل كل منهما تحت لفظ كالحنطة مع التمن أو العدس، فلو باع منا من حنطة بمنين من التمن أو بمنين من عدس لا رباء.

الثاني: كون العوضين من المكيل أو الموزون، فلا رباء فيما يباع بالعد أو المشاهدة.

[مسألة: 1 الشعير و الحنطة في باب الربا بحكم جنس واحد]

مسألة: 1 الشعير و الحنطة في باب الربا بحكم جنس واحد، فلا يجوز المعاوضة بينهما بالتفاضل و ان لم يكونا كذلك في باب الزكاة، فلا يكمل نصاب أحدهما بالآخر. و هل العلس من جنس الحنطة و السلت من جنس الشعير أو كل منهما خارج من الجنسين؟ فيه إشكال، الأحوط ان لا يباع أحدهما بالآخر و كل منهما بالحنطة و الشعير الا مثلا بمثل.

[مسألة: 2 كل شي ء مع أصله بحكم جنس واحد و ان اختلفا في الاسم]

مسألة: 2 كل شي ء مع أصله بحكم جنس واحد و ان اختلفا في الاسم كالسمسم و الشيرج و اللبن مع الجبن و المخيض و اللباء و غيرها و التمر و العنب مع خلهما و دبسهما، و كذا الفرعان من أصل واحد كالجبن مع الأقط و الزبد و غيرهما.

[مسألة: 3 اللحوم و الألبان و الادهان تختلف باختلاف الحيوان]

مسألة: 3 اللحوم و الألبان و الادهان تختلف باختلاف الحيوان، فيجوز التفاضل بين لحم الغنم و لحم البقر، و كذا بين لبنهما أو دهنهما.


1- بل الثاني لا يخلو من قوة.

ص: 54

[مسألة: 4 لا تجري تبعية الفرع للأصل في المكيلية و الموزونية]

مسألة: 4 لا تجري تبعية الفرع للأصل في المكيلية و الموزونية، فما كان أصله مما يكال أو يوزن فخرج منه شي ء لا يكال و لا يوزن لا بأس بالتفاضل بين أصله و ما خرج منه، و كذا بين ما خرج منه بعضه مع بعض، و ذلك كالقطن و الكتان، فأصلهما و غزلهما يوزن و منسوجهما لا يوزن، فلا بأس بالتفاضل بين أصلهما أو غزلهما و منسوجهما. و كذا بين منسوجهما بأن يباع ثوبان بثوب واحد، بل ربما يكون شي ء مكيلا أو موزونا في حال دون حال، فالثمرة غير موزون حال كونها على الشجر و إذا اجتنيت صارت من الموزون، و كذلك الحيوان قبل أن يذبح و يصير لحما ليس من الموزون و صار منه بعد ما ذبح و سلخ جلده، و لذا يجوز بيع شاة بشاتين بلا اشكال.

نعم الظاهر أنه لا يجوز بيع (1) لحم حيوان بحيوان حي من جنسه كلحم الغنم بالشاة، و حرمة ذلك لو قلنا بها ليست من جهة الربا بل لا يبعد تعميم الحكم بالحرمة إلى بيع اللحم بحيوان من غير جنسه كلحم الغنم بالبقر.

[مسألة: 5 إذا كان لشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف كالتمر يكون رطبا]

مسألة: 5 إذا كان لشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف كالتمر يكون رطبا ثم يصير تمرا أو العنب يكون عنبا ثم يصير زبيبا و كذا الخبز بل و اللحم أيضا يكون نيا ثم يصير قديدا، لا إشكال في بيع جافة بجافه و رطبه برطبه مثلا بمثل، كما انه لا يجوز بالتفاضل. و أما جافة برطبه كبيع التمر بالرطب ففي جوازه إشكال أقواه العدم (2)، سواء كان بالتفاضل أو مثلا بمثل.

[مسألة: 6 التفاوت بالجودة و الرداءة لا يوجب جواز التفاضل في المقدار]

مسألة: 6 التفاوت بالجودة و الرداءة لا يوجب جواز التفاضل في المقدار، فلا يجوز بيع مثقال من الذهب الجيد بمثقالين من الردي ء و ان تساويا في القيمة.

[سألة: 7 يتخلص من الربا بضم غير الجنس بالطرفين]

مسألة: 7 يتخلص من الربا بضم غير الجنس بالطرفين، كأن يبيع منا من حنطة مع درهم بمنين من حنطة و درهمين، أو بضم غير الجنس في الطرف الناقص كأن يبيع منا من حنطة مع درهم بمنين منها.


1- على الأحوط سواء كان من جنسه أو غير جنسه.
2- مع التفاضل، و أما مثلا بمثل فالأحوط الترك و ان كانت الكراهة فيه لا تخلو من وجه.

ص: 55

[مسألة: 8 لو كان شي ء يباع جزافا في بلد و موزونا في آخر فلكل بلد حكم نفسه]

مسألة: 8 لو كان شي ء يباع جزافا في بلد و موزونا في آخر فلكل بلد حكم نفسه.

[مسألة: 9 لا ربا بين الوالد و ولده و لا بين السيد و عبده و لا بين الرجل و زوجته]

مسألة: 9 لا ربا بين الوالد و ولده و لا بين السيد و عبده و لا بين الرجل و زوجته و لا بين المسلم و الحربي، بمعنى أنه يجوز أخذ الفضل للمسلم و يثبت بين المسلم و الذمي (1).

هذا بعض الكلام في الربا المعاملي، و أما الربا القرضي فيأتي.

[القول في بيع الصرف]

اشارة

القول في بيع الصرف:

و هو بيع الذهب بالذهب أو بالفضة أو الفضة بالفضة أو بالذهب، و لا فرق بين المسكوك منهما و غيره، حتى في الكلبتون المصنوع من الإبريسم و أحد النقدين إذا بيع (2) بأحدهما يكون صرفا بالنسبة الى ما فيه من النقدين على اشكال. و يشترط في صحته التقابض في المجلس، فلو تفرقا و لم يتقابضا بطل البيع، و لو قبض البعض صح فيه خاصة و بطل بالنسبة الى ما لم يقبض، و كذا إذا بيع أحد النقدين مع غيرهما صفقة واحدة بأحدهما و لم يقبض الجملة حتى تفرقا بطل البيع بالنسبة إلى النقد و صح بالنسبة إلى غيره.

[مسألة: 1 لو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل البيع]

مسألة: 1 لو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل البيع، فإذا تقابضا قبل ان يفترقا صح.

[مسألة: 2 انما يشترط التقابض في معاوضة النقدين إذا كانت بالبيع دون ما إذا كانت بغيره]

مسألة: 2 انما يشترط التقابض في معاوضة النقدين إذا كانت بالبيع دون ما إذا كانت بغيره كالصلح و الهبة المعوضة و غيرهما.

[مسألة: 3 إذا وقعت المعاملة على النوت و المنات و الاسكناس المتعارفة]

مسألة: 3 إذا وقعت المعاملة على النوت و المنات و الاسكناس المتعارفة في


1- إذا عملوا بشرائط الذمة، و أما إذا خلعوا شرائط الذمة فيثبت عليهم حكم الحربي و يجوز أخذ الربا منهم.
2- يعني إذا بيع الكلبتون بأحد النقدين فيكون مقدار منه في مقابل خليطه من أحد النقدين، فيكون بالنسبة الى هذا المقدار من الخليط صرفا بشرط أن يكون له مالية و لا يكون قليلا لا يعبأ به عند العرف.

ص: 56

زماننا من طرف واحد أو من الطرفين، ففي جريان أحكام بيع الصرف و عدمه و ثبوت الربا مع الزيادة و عدمه اشكال، لا يبعد أن يقال انه إذا أوقعا البيع على الكاغذ ثمنا أو مثمنا- بأن باع الكاغذ المخصوص الذي يسمى نوت عشر روبيات مثلا بخمس عشرة روبية عين أو بنوت عشر روبيات مع نوت خمس روبيات- فلا يكون من بيع الصرف حتى يحتاج الى التقابض في المجلس و لم يثبت فيه الربا. و أما إذا كانت المعاملة واقعة في الحقيقة بين النقدين- بأن باع في المثال المتقدم عشر روبيات بخمسة عشر روبية و ان كان في مقام التسليم و القبض و الإقباض سلم الكاغذ- فلا ريب في كونه من الصرف و ثبوت الربا. نعم على هذا التقدير يمكن أن يقال بأنه يكفي في حصول القبض المعتبر في بيع الصرف قبض هذا الكاغذ ثمنا أو مثمنا أو كليهما مثلا إذا أوقعا المعاملة بين عشر روبيات و ليرة واحدة، فإذا سلم نوت عشر روبيات و أخذ عين ليرة قبل التفرق تحقق القبض المعتبر في بيع الصرف، لكن المسألة لا تخلو من اشكال (1).

[مسألة: 4 الظاهر أنه يكفي في القبض كونه في الذمة و لا يحتاج الى قبض آخر]

مسألة: 4 الظاهر أنه يكفي في القبض كونه في الذمة و لا يحتاج الى قبض آخر، فلو كان في ذمة زيد دراهم لعمرو فباعها بالدنانير و قبضها قبل التفرق صح، بل لو و كل زيدا بأن يقبض عنه الدنانير التي صارت ثمن الدراهم صح أيضا (2).

[مسألة: 5 إذا اشترى منه دراهم ببيع الصرف ثم اشترى بها منه دنانير قبل قبض الدراهم لم يصح الثاني]

مسألة: 5 إذا اشترى منه دراهم ببيع الصرف ثم اشترى بها منه دنانير قبل قبض الدراهم لم يصح الثاني، فإذا قبض (3) الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح الأول، و ان لم يقبضها حتى افترقا بطل الأول أيضا.

[مسألة: 6 إذا كان له عليه دراهم فقال للذي عليه الدراهم]

مسألة: 6 إذا كان له عليه دراهم فقال للذي عليه الدراهم «حولها دنانير» فرضي بذلك و تقبل دنانير في ذمته بدل الدراهم صح ذلك و يتحول ما في ذمته من


1- بل الأقوى عدم كفاية قبض هذا الكاغذ عن قبض أحد النقدين في الفرض.
2- إذا قبضه في حضور الموكل قبل تفرق المتبايعين.
3- أى حصل التقابض في البيع الأول.

ص: 57

الدراهم الى الدنانير و ان لم يتقابضا، و كذلك لو كان له عليه دنانير فقال له «حولها دراهم»، و لا يبعد أن يكون هذا عنوانا آخر غير البيع (1).

[مسألة: 7 الدراهم و الدنانير المغشوشة ان كانت رائجة بين عامة الناس مع علمهم]

مسألة: 7 الدراهم و الدنانير المغشوشة ان كانت رائجة بين عامة الناس مع علمهم (2) بأنها مغشوشة يجوز إخراجها و إنفاقها و المعاملة بها، و الا فلا يجوز إنفاقها إلا بعد إظهار حالها، بل أصل المعاملة بها لا يخلو من اشكال، بل لو كانت معمولة لأجل غش الناس لا يبعد عدم جواز إبقائها و وجوب كسرها.

[مسألة: 8 حيث أن الذهب و الفضة من الربوي فإذا بيع كل منهما بجنسه يلزم على المتعاملين]

مسألة: 8 حيث أن الذهب و الفضة من الربوي فإذا بيع كل منهما بجنسه يلزم على المتعاملين إيقاع المعاملة على نحو لا يقعان في الربا، بأن لا يكون تفاضل أصلا أو ضم ضميمة من غير جنسهما في الطرفين أو في طرف الناقص ليتخلص منه كما مر في بابه. و هذا مما ينبغي ان يهتم به المتعاملون خصوصا الصيارفة، فقد روي عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام و هو يقول على المنبر: يا معشر التجار الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، و اللّٰه للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا. و عنه عليه السلام: من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم.

و قد ورد النهي عن الصرف، معللا بأن الصيرفي لا يسلم من الربا.

[مسألة: 9 يكفي في الضميمة وجود الغش في الذهب أو الفضة إذا كان له مالية لو تخلص منهما]

مسألة: 9 يكفي في الضميمة وجود الغش في الذهب أو الفضة إذا كان له مالية لو تخلص منهما، فإذا بيعت فضة مغشوشة بمثلها جاز بالمثل و بالتفاضل، و إذا بيعت المغشوشة بالخالصة لا بد أن تكون الخالصة زائدة على فضة المغشوشة حتى تقع تلك الزيادة في مقابل الغش، فإذا لم يعلم مقدار الغش و الفضة في المغشوشة تباع


1- مثل أن يكون تعهده بالدنانير في الذمة وفاء لما في ذمته من الدراهم، و المستند النص الصحيح المعمول به في الجملة.
2- لا يخفى ما في العبارة من الإشكال أو الإجمال و الخلط، لان الرائج ان كان هو الفضة الخليطة بغيرها فهذا ليس بمغشوش، سواء علم المتبايعان بذلك أم لا، كما إذا كان الرائج رصاصا، و ان كان الرائج الفضة الخالصة فهذه مغشوشة و لا يجوز المعاملة عليها الا بعد اعلام الحال، بل الأحوط كسره أو بيعه لمن يكسره لحوائج أخرى غير النقدين إذا خفي على الغالب، من غير فرق بين ما يعمل لأجل الغش و غيره.

ص: 58

بغير جنس الفضة أو بمقدار منها يعلم إجمالا زيادته عن الفضة المغشوشة، و كذلك الأشياء المحلاة بالذهب أو الفضة. فأما تباع بغير جنس الحلية و إذا بيعت بجنسها لا بد أن يكون العوض زائدا على الحلية حتى تقع تلك الزيادة في مقابل غيرها، و كذلك في مثل الكلبتون المصنوع من الإبريسم و أحد النقدين.

[مسألة: 10 إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب مثلا فوجدها من غير جنس الفضة]

مسألة: 10 إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب مثلا فوجدها من غير جنس الفضة كالنحاس و الرصاص بطل البيع و ليس له مطالبة البدل، كما انه ليس للبائع (1) إلزامه به، و لو وجد بعضها كذلك بطل فيه و صح في الباقي و له رد الكل لتبعض الصفقة. و إذا اشترى فضة كليا في الذمة بذهب أو فضة و بعد ما قبضها وجد المدفوع كلا أو بعضا من غير جنسها، فان كان قبل ان يفترقا فللبائع الابدال بالجنس و للمشتري مطالبة البدل، و ان كان بعد التفرق بطل البيع في الكل أو البعض على حذو ما سبق.

هذا إذا كان من غير الجنس، و اما إذا كان من الجنس و لكن ظهر بها عيب كخشونة الجوهر و الغش الزائد على المتعارف و اضطراب السكة و نحوها، ففي الأول- و هو ما إذا كان المبيع فضة معينة في الخارج- كان له الخيار (2) برد الجميع أو إمساكه، و ليس له رد المعيب وحده لو كان المعيب هو البعض على اشكال تقدم في خيار العيب، و ليس له مطالبة الأرش لو كان العوضان متجانسين كالفضة بالفضة على الأحوط لو لم يكن الأقوى للزوم الربا. و لو تخالفا كالفضة بالذهب فله ذلك قبل التفرق قطعا، و أما بعده ففيه اشكال، خصوصا إذا كان الأرش من النقدين، و لكن الأقوى أن له ذلك خصوصا إذا كان من غيرهما.

و أما في الثاني- و هو ما إذا كان المبيع كليا في الذمة و ظهر عيب في المدفوع-


1- بل لو تراضيا عليه يحتاج إلى معاملة جديدة.
2- إذا لم تكن الزيادة كثيرة بحيث يعد بعض المبيع من غير الجنس ليبطل البيع بالنسبة اليه.

ص: 59

كان له الخيار (1) بين فسخ البيع و رد المدفوع و بين إمضائه و إمساك المعيب بالثمن، كما أن له مطالبة البدل أيضا قبل التفرق، و أما بعده ففيه اشكال. و هل له أخذ الأرش؟

فيه تأمل حتى في المتخالفين كالفضة بالذهب و حتى قبل التفرق.

[مسألة: 11 لا يجوز أن يشتري من الصائغ خاتما أو قرطا مثلا من فضة أو ذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرته]

مسألة: 11 لا يجوز أن يشتري من الصائغ خاتما أو قرطا مثلا من فضة أو ذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرته، بل اما يشتريه بغير جنسه أو يشتري منه مقدارا من الفضة أو الذهب بجنسه مثلا بمثل و يعين له أجرة معينة لصياغته. نعم لو كان فص الخاتم مثلا من مال الصائغ و كان من غير جنس حلقته جاز شراؤه من الصائغ بجنسه مع الزيادة، لأن الفص من الضميمة و بها يتخلص من الربا كما مر في بابه.

[مسألة: 12 لو كان له على زيد دنانير كالليرات و أخذ منه بعوضها دراهم كالروبيات شيئا فشيئا و تدريجا بمقدار حاجته]

مسألة: 12 لو كان له على زيد دنانير كالليرات و أخذ منه بعوضها دراهم كالروبيات شيئا فشيئا و تدريجا بمقدار حاجته، فان كان ذلك بعنوان الوفاء و الاستيفاء ينتقص من الدنانير في كل زمان بمقدار ما أخذه من الدراهم بسعر ذلك الوقت، فإذا كان له عليه خمس ليرات و أخذ منه في ثلاثة شهور في كل شهر عشر روبيات و كان سعر الليرة في الشهر الأول خمسة عشر روبية و في الشهر الثاني اثني عشر روبية و في الثالث عشر روبيات ينتقص من الليرات في الشهر الأول ثلثا ليرة و في الشهر الثاني خمسة أسداس ليرة و في الثالث ليرة فقد استوفى في هذه المدة ليرتين و ثلث ليرة و نصف ثلث ليرة و هكذا. و ان كان أخذها بعنوان الاقتراض اشتغلت ذمة الأخذ بتلك الدراهم التي أخذها تدريجا و بقيت ذمة زيد مشغولة بتلك الدنانير، فلكل منهما مطالبة صاحبه عما عليه، و في احتساب كل منهما ماله على الأخر وفاء عما عليه للآخر و لو مع التراضي إشكال، كما أن بيع الدنانير التي على زيد في المثال بالدراهم التي على صاحبه أيضا فيه اشكال، فلا محيص الا من إبراء كل منهما ماله على الأخر أو مصالحة الدنانير


1- ثبوت خيار العيب في بيع الكلي بعيب الفرد المدفوع محل تأمل بل منع، فليس له الا مطالبة البدل الصحيح قبل التفرق أو إمساك المعيب بالثمن بلا أرش، و أما ان علم بالعيب بعد التفرق فإن رضي بالعيب بلا أرش فهو و الا يبطل البيع، لان المقبوض غير مرضى و المرضى غير مقبوض قبل التفرق.

ص: 60

التي على زيد بالدراهم التي على صاحبه. نعم لو كانت الدراهم المأخوذة تدريجا قد أخذت بعنوان الامانة حتى إذا اجتمعت عنده بمقدار الدنانير تحاسبا لا إشكال في جواز جعلها عند الحساب وفاء، كما انه يجوز أن يوقعا البيع بين الدنانير التي في الذمة و الدراهم الموجودة. و على أي حال يلاحظ سعر الدنانير و الدراهم عند الحساب و لا ينظر الى اختلاف الأسعار السابقة.

[مسألة: 13 إذا أقرض زيدا نقدا معينا أو باعه شيئا بنقد معين كالليرة إلى أجل معلوم]

مسألة: 13 إذا أقرض زيدا نقدا معينا أو باعه شيئا بنقد معين كالليرة إلى أجل معلوم و زاد سعر ذلك النقد أو نقص عند حلول الأجل عن سعره يوم الإقراض أو البيع لا يستحق الا عين ذلك النقد و لا ينظر إلى زيادة سعره و نقصانه.

[مسألة: 14 يجوز أن يبيع مثقالا من فضة خالصة من الصائغ مثلا بمثقال من فضة]

مسألة: 14 يجوز أن يبيع مثقالا من فضة خالصة من الصائغ مثلا بمثقال من فضة فيها غش متمول و اشترط عليه أن يصوغ له خاتما مثلا، و كذا يجوز أن يقول للصائغ صغ لي خاتما و أنا أبيعك عشرين مثقالا من فضة جيدة بعشرين مثقالا من فضة رديئة مثلا، و لم يلزم ربا في الصورتين.

[مسألة: 15 لو باع عشر روبيات مثلا بليرة واحدة إلا روبية واحدة صح لكن بشرط أن يعلما نسبة روبية]

مسألة: 15 لو باع عشر روبيات مثلا بليرة واحدة إلا روبية واحدة صح لكن بشرط أن يعلما نسبة روبية بحسب سعر الوقت إلى ليرة حتى يعلما أي مقدار من ليرة قد استثنى.

[القول في السلف]

اشارة

القول في السلف:

و يقال السلم أيضا، و هو ابتياع كلي مؤجل بثمن حالّ عكس النسيئة، و يقال للمشتري «المسلم» بكسر اللام و للثمن «المسلم» بفتحها و للبائع «المسلم اليه» و للمبيع «المسلم فيه»، و هو يحتاج إلى إيجاب و قبول. و من خواصه ان كل واحد من البائع و المشتري صالح لان يصدر منه الإيجاب و القبول من الأخر، فالإيجاب من البائع بلفظ البيع و أشباهه، بأن يقول مثلا «بعتك تغارا من حنطة بصفة كذا إلى أجل كذا بثمن كذا» و يقول المشتري «قبلت» أو «اشتريت». و أما الإيجاب من المشتري

ص: 61

فهو بلفظي «أسلمت» و «أسلفت» بأن يقول «أسلمت إليك أو أسلفتك مائة درهم مثلا في تغار من حنطة بصفة كذا إلى أجل كذا» فيقول المسلم اليه و هو البائع «قبلت».

و يجوز اسلاف غير النقدين في غيرهما، بأن يكون كل من الثمن و المثمن من غيرهما مع اختلاف الجنس أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل و الموزون، و كذا إسلاف أحد النقدين في غيرهما و بالعكس. و لا يجوز إسلاف أحد النقدين في أحدهما مطلقا، و لا يصح ان يباع بالسلف ما لا يمكن ضبط أوصافه التي تختلف القيمة و الرغبات باختلافها كالجواهر و اللئالي و العقار و الأرضين و أشباهها مما لا ترتفع الجهالة و الغرر فيها إلا بالمشاهدة، بخلاف ما يمكن ضبط أوصافه المذكورة بالتوصيف الغير المؤدي الى عزة الوجود كالخضر و الفواكه و الحبوبات كالحنطة و الشعير و الأرز و نحو ذلك بل البيض و الجوز و اللوز و نحوها، و كذا الحيوان كلها حتى الأناسي منها و الملابس و الأشربة و الأدوية بسيطها و مركبها.

و يشترط فيه أمور:

«الأول»- ذكر الجنس و الوصف الرافع للجهالة كما عرفت.

«الثاني»- قبض الثمن قبل التفرق من مجلس العقد، و لو قبل البعض صح فيه و بطل في الباقي، و لو كان الثمن دينا في ذمة البائع فإن كان مؤجلا لا يجوز جعله ثمنا للمسلم فيه، و ان كان حالا فالظاهر جوازه و ان لم يخل عن إشكال فالأحوط تركه.

و لو جعل الثمن كليا في ذمة المشتري ثم حاسبه به بماله في ذمة البائع المسلم اليه سلم عن الاشكال (1).

«الثالث»- تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقدرة.

«الرابع»- تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين و نحو ذلك، و لو جعل الأجل إلى أوان الحصاد أو الدياس و نحو ذلك كان باطلا. و لا فرق


1- هذا أيضا لا يخلو عن إشكال، لأنه بناء على كون القبض شرطا للملك فكيف يحاسب ما لم يملك بما له في ذمة البائع، و الأحوط تركه أيضا.

ص: 62

في الأجل بعد كونه مضبوطا بين أن يكون قليلا كيوم بل نصف يوم أو كثيرا كعشرين أو ثلاثين سنة.

«الخامس»- إمكان وجوده (1) وقت الحلول و في البلد الذي شرط ان يسلم فيه المسلم فيه لو اشترط ذلك.

[مسألة: 1 هل يجب تعيين بلد التسليم؟ الأحوط ذلك]

مسألة: 1 هل يجب تعيين بلد التسليم؟ الأحوط ذلك إلا إذا كان انصراف الى بلد العقد أو بلد آخر.

[مسألة: 2 إذا جعل الأجل شهرا أو شهرين، فان كان وقوع المعاملة في أول الشهر عد شهرا هلاليا أو شهرين هلاليين]

مسألة: 2 إذا جعل الأجل شهرا أو شهرين، فان كان وقوع المعاملة في أول الشهر عد شهرا هلاليا أو شهرين هلاليين، و لا ينظر الى نقصان الشهر و التمام، و ان أوقعاها في أثناء الشهر عد كل شهر ثلاثين يوما. و يحتمل قريبا التلفيق، بأن يعد من الشهر الثاني أو الثالث ما فات و انقضى من الشهر الأول، فإذا وقع العقد في العاشر من الشهر و كان الأجل شهرا حل الأجل في العاشر من الشهر الثاني و هكذا، فربما لا يكون ثلاثين يوما ان كان الشهر الأول ناقصا، و الأحوط فيه التصالح (2).

[مسألة: 3 إذا جعلا الأجل إلى جمادى أو الربيع حمل على أقربهما]

مسألة: 3 إذا جعلا الأجل إلى جمادى أو الربيع حمل على أقربهما، و كذا لو جعل الى الخميس أو الجمعة حمل على الأقرب منهما، و حل بأول جزء من ليلة الهلال في الأول و بأول جزء من نهار اليوم في الثاني.

[مسألة: 4 إذا اشترى شيئا سلفا لم يجز بيعه قبل حلول الأجل لا على البائع و لا على غيره]

مسألة: 4 إذا اشترى شيئا سلفا لم يجز بيعه قبل حلول الأجل لا على البائع و لا على غيره، سواء باعه بجنس الثمن الأول أو بغيره، و سواء كان مساويا له أو أكثر أو أقل. و يجوز بعد حلوله، سواء قبضه أو لم يقبضه على البائع و على غيره بجنس الثمن و مخالفه بالمساوي له أو بالأقل أو الأكثر ما لم يستلزم الربا. نعم لو كان المسلم فيه مما يكال أو يوزن يكره بيعه قبل قبضه (3).


1- عادة بحيث لا يخاف من العجز عن التسليم في وقته.
2- بل الأحوط التعيين في العقد، و مع عدمه فالأحوط على البائع عدم تأخير التسليم عن الملفق و عدم مطالبة المشتري قبل الثلاثين.
3- كما يكره بيع ما يكال أو يوزن قبل قبضه و لو في غير السلف، و قد مر الاحتياط بترك بيعه بالمرابحة بغير البائع.

ص: 63

[مسألة: 5 إذا دفع المسلم إليه إلى المشتري بعد الحلول الجنس الذي أسلم فيه و كان دونه من حيث الصفة]

مسألة: 5 إذا دفع المسلم إليه إلى المشتري بعد الحلول الجنس الذي أسلم فيه و كان دونه من حيث الصفة أو المقدار لم يجب قبوله، و إذا كان مثله فيهما يجب القبول كغيره من الديون، و كذا إذا كان فوقه من حيث الصفة (1). و أما إذا كان أكثر منه بحسب المقدار لم يجب عليه قبول الزيادة.

[مسألة: 6 إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع على أداء المسلم فيه لعارض من آفة]

مسألة: 6 إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع على أداء المسلم فيه لعارض من آفة أو عجز له من تحصيله أو إعوازه في البلد مع عدم إمكان جلبه من مكان آخر الى غير ذلك من الاعذار حتى انقضى الأجل كان المسلم- و هو المشتري- بالخيار بين أن يفسخ المعاملة و يرجع بثمنه و رأس ماله و ان يصبر الى ان يوجد و يتمكن البائع من الأداء. و هل له إلزامه بقيمته وقت حلول الأجل؟ قيل نعم، و قيل لا، و الأحوط أن لا يطالبه إذا كانت أزيد من الثمن المسمى (2). نعم بالتراضي لا مانع منه، سواء زادت عن الثمن أو ساوت أو نقصت عنه.

[القول في المرابحة و المواضعة و التولية]

اشارة

القول في المرابحة و المواضعة و التولية:

اعلم أن ما يقع من المتعاملين في مقام البيع و الشراء على نحوين: فتارة لا يقع منهما إلا المقاولة و تعين الثمن و المثمن من دون ملاحظة رأس المال و ان هذه المعاملة فيها نفع للبائع أو خسران و أي مقدار نفعه أو خسارته، فيوقعان البيع على شي ء معلوم بثمن معلوم، و هذا النحو من البيع يسمى بالمساومة، و هو أفضل أنواعه. و اخرى يكون الملحوظ عندهما كيفية هذه المعاملة الواقعة و انها رابحة للبائع أو خاسرة أو لا رابحة و لا خاسرة، و من هذه الجهة ينقسم البيع إلى أقسام ثلاثة: المرابحة،


1- في إطلاقه تأمل بل منع، لانه قد تتعلق الأغراض بما ليس فيه ذلك التفوق كما إذا اشترى الخصى فأعطاه غير الخصى. نعم لا يجوز له رد الأكمل من مصاديق ما اشتراه و هو ليس فوق ما اشتراه بل هو عين ما اشتراه.
2- بل الأحوط أن لا يطالبه غير عين الثمن ان كان موجودا و بدله ان كان تالفا.

ص: 64

و المواضعة، و التولية. فالأول هو البيع على رأس المال مع الزيادة، و الثاني هو البيع عليه مع النقيصة، و الثالث هو البيع عليه من دون زيادة و لا نقيصة.

و لا بد في تحقق هذه العناوين الثلاثة من إيقاع عقد البيع على نحو يكون مضمونه وافيا بإفادة أحد هذه المطالب الثلاثة، و يعتبر في المرابحة تعيين مقدار الربح و في المواضعة تعيين مقدار النقصان، فعبارة عقد المرابحة بعد تعيين رأس المال اما بإخبار البائع أو تعينه عندهما من الخارج أن يقول البائع «بعتك هذا المتاع مثلا بما اشتريت مع ربح كذا» و يقول المشتري «قبلت أو اشتريت هكذا». و عبارة المواضعة أن يقول «بعتك بما اشتريت مع نقصان ذاك المقدار». و عبارة التولية ان يقول «بعتك بما اشتريت».

[مسألة: 1 إذا قال البائع في المرابحة بعتك هذا بمائة و ربح درهم في كل عشرة مثلا]

مسألة: 1 إذا قال البائع في المرابحة بعتك هذا بمائة و ربح درهم في كل عشرة مثلا، و في المواضعة بعتك بمائة و وضيعة درهم في كل عشرة، فان لم يتبين للمشتري مقدار الثمن و مبلغه بعد ضم الربح أو تنقيص الوضيعة فالظاهر بطلان البيع و ان كان بعد الحساب يتبين له ذلك، و ان تبين عنده مبلغ الثمن و مقداره صح البيع في الأقوى على كراهية.

[مسألة: 2 إذا تعددت النقود و اختلف سعرها و صرفها لا بد من ذكر النقد و الصرف]

مسألة: 2 إذا تعددت النقود و اختلف سعرها و صرفها لا بد من ذكر النقد و الصرف و انه اشتراه بأي نقد و انه كان صرفه أي مقدار، و كذا لا بد من ذكر الشروط و الأجل و نحو ذلك مما يتفاوت لأجلها الثمن.

[مسألة: 3 إذا اشترى متاعا بثمن معين و لم يحدث فيه ما يوجب زيادة قيمته فرأس ماله ذلك الثمن]

مسألة: 3 إذا اشترى متاعا بثمن معين و لم يحدث فيه ما يوجب زيادة قيمته فرأس ماله ذلك الثمن، فيجوز عند اخباره عنه أن يقول اشتريته بكذا أو رأس ماله كذا أو تقوم علي بكذا أو هو علي بكذا، و ان أحدث فيه ما يوجب زيادة قيمته فان كان بعمل نفسه لم يجز أن يضم أجرة عمله بالثمن المسمى و يخبر بأن رأس ماله كذا أو اشتريته بكذا، بل عبارته الصحيحة الصادقة أن يذكر كلا من رأس ماله و عمله مستقلا، بأن يقول مثلا «اشتريته بكذا و عملت فيه كذا»، و ان كان باستئجار غيره جاز أن يضم الأجرة بالثمن و يخبر بأنه يقوم علي أو هو علي بكذا، و ان لم يجز ان يقول اشتريته

ص: 65

بكذا أو رأس ماله كذا. و لو اشترى معيبا و رجع بالأرش إلى البائع له ان يخبر بالواقع و له إسقاط مقدار الأرش من الثمن و يجعل رأس المال ما بقي فيقول رأس مالي كذا، و ليس له أن يجعل رأس المال الثمن المسمى من دون إسقاط قدر الأرش، بخلاف ما إذا حط البائع بعض الثمن فإنه يجوز للمشتري ان يخبر بالأصل من دون إسقاط الحطيطة، لأنها تفضل من البائع عليه و لا دخل لها بالثمن.

[مسألة: 4 يجوز أن يبيع متاعا ثم يشتريه بزيادة أو نقيصة إذا لم يشترط على المشتري بيعه منه]

مسألة: 4 يجوز أن يبيع متاعا ثم يشتريه بزيادة أو نقيصة إذا لم يشترط على المشتري بيعه منه و ان كان من قصدهما ذلك، و بذلك ربما يحتال من أراد أن يجعل رأس ماله أزيد مما اشترى به المتاع، بأن يشتري متاعا بثمن ثم يبيعه من ابنه أو زوجته مثلا بثمن أزيد ثم يشتريه بالثمن الزائدة فيخبر بالزائد. مثلا يشتري متاعا من السوق بدرهمين ثم يبيعه من ابنه بأربعة ثم يشتريه منه بأربعة ثم في مقام المرابحة يقول ان رأس ماله أربعة. و هذا و ان لم يكذب (1) في رأس المال و صح بيعه بلا إشكال إذ هو ليس بأعظم من الكذب الصريح في الاخبار عن رأس المال، لكن الظاهر أن هذا غش و خيانة، فلا يجوز له ذلك. نعم لو لم يكن ذلك عن مواطاة و بقصد الاحتيال جاز له ذلك و لا محذور عليه.

[مسألة: 5 لو ظهر كذب البائع في اخباره برأس المال]

مسألة: 5 لو ظهر كذب البائع في اخباره برأس المال- كما إذا أخبر بأن رأس المال مائة و باعه بربح عشرة فظهر أنه كان تسعين- صح البيع و تخير المشتري بين فسخ البيع و إمضائه بتمام الثمن و هو مائة و عشرة في المثال. و لا فرق بين تعمد الكذب و صدوره غلطا أو اشتباها، و هل يسقط هذا الخيار بالتلف؟ فيه اشكال لا يبعد عدم السقوط (2).

[مسألة: 6 لو سلم التاجر متاعا الى الدلال ليبيعه له فقومه عليه بثمن معين و جعل ما زاد على ذلك له]

مسألة: 6 لو سلم التاجر متاعا الى الدلال ليبيعه له فقومه عليه بثمن معين و جعل ما زاد على ذلك له بأن قال له بعه عشرة رأس ماله فما زدت عليه فهو لك لم يجز


1- إذا كان في بيعه و شرائه قاصدا للبيع حقيقة.
2- إذا كان ظهور الكذب بعد التلف، و أما إذا كان التلف بعد الظهور فلا خيار لأنه فوري. نعم إذا كان تأخير الفسخ من جهة جهله بالمسألة فلا يبعد عدم السقوط.

ص: 66

له أن يبيعه مرابحة، بأن يجعل رأس المال ما قوم عليه التاجر و يزيد عليه مقدارا بعنوان الربح، بل اللازم اما أن يبيعه مساومة أو يبين ما هو الواقع من أن ما قوم على التاجر كذا و انا أريد النفع كذا، فان باعه بزيادة كانت الزيادة له. و ان باعه بما قوم عليه التاجر صح البيع و يكون الثمن له و لم يستحق الدلال شيئا، و ان كان الأحوط إرضاؤه بشي ء. و ان باعه بالأقل يكون فضوليا يتوقف صحته على اجازة التاجر.

[مسألة: 7 إذا اشترى شخص متاعا أو دارا أو عقارا أو غيرها جاز أن يشرك فيه غيره بما اشتراه]

مسألة: 7 إذا اشترى شخص متاعا أو دارا أو عقارا أو غيرها جاز أن يشرك فيه غيره بما اشتراه، بأن يشركه فيه بالمناصفة بنصف الثمن و بالمثالثة بثلث الثمن و هكذا، و يجوز إيقاعه بلفظ التشريك، بأن يقول «شركتك في هذا المتاع نصفه بنصف الثمن أو ثلثه بثلث الثمن» مثلا فقال «قبلت». و لو أطلق لا يبعد انصرافه إلى المناصفة، و هل هو بيع أو عنوان على حده؟ كل محتمل، و على الأول فهو من بيع التولية.

[القول في بيع الثمار]

اشارة

القول في بيع الثمار:

في النخيل و الأشجار المسمى في العرف الحاضر بالضمان، و يلحق بها الزرع و الخضراوات.

[مسألة: 1 لا يجوز بيع الثمار في النخيل و الأشجار قبل بروزها و ظهورها عاما واحدا بلا ضميمة]

مسألة: 1 لا يجوز بيع الثمار في النخيل و الأشجار قبل بروزها و ظهورها عاما واحدا بلا ضميمة (1). و يجوز بيعها عامين (2) فما زاد أو مع الضميمة، و أما بعد ظهورها فان بدا صلاحها أو كان في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا اشكال، و مع انتفاء الثلاثة فيه قولان أقواهما الجواز مع الكراهة (3).

[مسألة: 2 بدو الصلاح في التمر احمراره أو اصفراره]

مسألة: 2 بدو الصلاح في التمر احمراره أو اصفراره، و في غيره انعقاد


1- و لا مع الضميمة إلا إذا كانت الضميمة مقصودة و الثمار تابعة.
2- مشكل فلا يترك الاحتياط بضم الضميمة فيه أيضا.
3- و ان كان الأحوط تركه.

ص: 67

حبه بعد تناثر ورده (1).

[مسألة: 3 يعتبر في الضميمة في مورد الاحتياج إليها كونها مما يجوز بيعها منفردة و كونها مملوكة للمالك]

مسألة: 3 يعتبر في الضميمة في مورد الاحتياج إليها كونها مما يجوز بيعها منفردة و كونها مملوكة للمالك، و منها الأصول لو بيعت مع الثمرة، و هل يعتبر عدم كونها تابعة أولا؟ وجهان أقواهما العدم (2).

[مسألة: 4 إذا ظهرت بعض ثمرة البستان جاز له بيع ثمرته أجمع الموجودة و المتجددة في تلك السنة]

مسألة: 4 إذا ظهرت بعض ثمرة البستان جاز له بيع ثمرته أجمع الموجودة و المتجددة في تلك السنة، سواء اتحدت الشجرة أو تكثرت، و سواء اتحد الجنس أو اختلف. و كذلك لو أدركت ثمرة بستان جاز بيعها مع ثمرة بستان آخر لم تدرك ثمرته (3).

[مسألة: 5 إذا كانت الشجرة تثمر في سنة واحدة مرتين الظاهر أنه يكون المرتان بمنزلة عامين]

مسألة: 5 إذا كانت الشجرة تثمر في سنة واحدة مرتين الظاهر أنه يكون المرتان بمنزلة عامين (4)، فيجوز بيع ثمرها في المرتين قبل الظهور.

[مسألة: 6 إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أزيد ثم باع الأصول من شخص آخر]

مسألة: 6 إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أزيد ثم باع الأصول من شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة فتنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة، و لو كان جاهلا كان له الخيار في فسخ بيع الأصول كالعين المستأجرة، و كذا لا يبطل بيع الثمار بموت بائعها و لا بموت مشتريها، بل تنتقل الثمرة في الثاني إلى ورثة المشتري و الأصول في الأول إلى ورثة البائع مسلوبة المنفعة.

[مسألة: 7 إذا باع الثمرة بعد ظهورها أو بدو صلاحها فأصيبت بآفة سماوية]

مسألة: 7 إذا باع الثمرة بعد ظهورها أو بدو صلاحها فأصيبت بآفة سماوية أو أرضية قبل قبضها الذي هو التخلية (5) كان من مال بائعها، و الظاهر إلحاق النهب و السرقة و نحوهما بالافة. نعم لو كان المتلف شخصا معينا كان المشتري بالخيار بين فسخ البيع و بين إمضائه و مطالبة المتلف بالبدل، و لو كان التلف بعد القبض كان من


1- و استبانته بحيث لا تخاف معه الافة.
2- مشكل فالأحوط أن لا تكون الضميمة تابعة للثمرة في هذا البيع، و هذا غير اشتراط كون الثمرة تابعا كما قلنا في بيعها قبل الظهور، فإن الأقوى في المسألة عدم اشتراطه.
3- لكن لا ينبغي ترك الاحتياط.
4- و قد مر الاشكال و الاحتياط بترك بيعها قبل الظهور بلا ضميمة.
5- بحيث يكون المشتري مستوليا على المبيع كما مر في القبض.

ص: 68

مال المشتري و لم يرجع على البائع بشي ء.

[مسألة: 8 يجوز أن يستثني البائع لنفسه حصة مشاعة من الثمرة كالثلث و الربع]

مسألة: 8 يجوز أن يستثني البائع لنفسه حصة مشاعة من الثمرة كالثلث و الربع أو مقدارا معينا كمن أو منين، كما أن له ان يستثني ثمرة نخل أو شجر معين، فان خاست الثمرة سقط من الثنيا بحسابه في الأولين (1).

[مسألة: 9 يجوز بيع الثمرة على النخل و الشجر بكل شي ء يصح أن يجعل ثمنا في أنواع البيوع]

مسألة: 9 يجوز بيع الثمرة على النخل و الشجر بكل شي ء يصح أن يجعل ثمنا في أنواع البيوع من النقود و الأمتعة و الطعام و الحيوان و غيرها، بل المنافع و الاعمال و نحوهما. نعم لا يجوز بيع التمر على النخل بالتمر، سواء كان مقدارا من تمرها أو تمرا آخر على النخيل أو موضوعا على الأرض، و هذا يسمى بالمزابنة المنهي عنها، و الأحوط إلحاق ثمرة ما عدا النخيل من الفواكه بها فلا تباع بجنسها (3).

[مسألة: 10 يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمرة بزيادة عما ابتاعه به أو نقصان قبل قبضه و بعده]

مسألة: 10 يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمرة بزيادة عما ابتاعه به أو نقصان قبل قبضه و بعده.

[مسألة: 11 لا يجوز بيع الزرع بذرا قبل ظهوره]

مسألة: 11 لا يجوز بيع الزرع بذرا قبل ظهوره، و في جواز الصلح عنه وجه، كبيعه تبعا للأرض لو باعها و أدخله في المبيع بالشرط. و أما بعد ظهوره و طلوع خضرته يجوز بيعه قصيلا، بأن يبيعه بعنوان أن يكون قصيلا و يقطعه المشتري قبل أن يسنبل، سواء بلغ أوان قصله أو لم يبلغ و عين مدة لإبقائه، و ان أطلق فله إبقاؤه إلى أوان قصله، و يجب على المشتري قطعه إذا بلغ أوانه إلا إذا رضي البائع بإبقائه، و لو لم يرض به و لم يقطعه المشتري فللبائع قطعه. و الأحوط أن يكون بعد الاستيذان من الحاكم مع الإمكان، و له تركه و المطالبة بأجرة أرضه مدة بقائه. و لو أبقاه الى ان طلعت سنبلته فهل تكون ملكا للمشتري أو للبائع أو هما شريكان؟ فيه وجوه الأحوط التصالح.

و كما يجوز بيع الزرع قصيلا يجوز بيعه من أصله لا بعنوان كونه قصيلا و بشرط ان


1- بلا إشكال في الأول منهما، و أما الثاني فهو كذلك إذا كان استثناء المن و المنين بنحو الإشاعة، و اما إذا كان بنحو الكلي في المعين كما هو الظاهر منه فلازمه عدم حساب الخسارة على البائع، لكن حيث ادعى الإجماع على حسابها عليه فلا يترك الاحتياط فيه بالمصالحة.

ص: 69

يقطعه بل بعنوان كونه ملكا للمشتري ان شاء قصله و ان شاء تركه الى ان يسنبل.

[مسألة: 12 لا يجوز بيع السنبل قبل ظهوره و انعقاد حبه]

مسألة: 12 لا يجوز بيع السنبل قبل ظهوره و انعقاد حبه، و يجوز بعد انعقاد حبه، سواء كان حبه بارزا كالشعير أو مستترا كالحنطة منفردا و مع أصوله قائما و حصيدا، و لا يجوز بيعه بحب من جنسه، بأن تباع سنابل الحنطة بالحنطة و سنابل الشعير بالشعير، و هذا يسمى بالمحاقلة المنهي عنها. و لا يبعد شمولها لبيع سنبل الحنطة بالشعير و بيع سنبل الشعير بالحنطة أيضا، و اما غير الحنطة و الشعير كالأرز و الذرة و الدخن و غيرها ففي جريان هذا الحكم فيها- و هو عدم جواز بيع سنابلها بحب من جنسها- إشكال، الأحوط لو لم يكن الأقوى جريانه فيها (1).

[مسألة: 13 لا يجوز بيع الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ و نحوها قبل ظهورها]

مسألة: 13 لا يجوز بيع الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ و نحوها قبل ظهورها، و يجوز بعد انعقادها و تناثر وردها لقطة واحدة أو لقطات معلومة. و المرجع في اللقطة إلى عرف الزراع و شغلهم و عادتهم، و الظاهر أن ما يلتقط منها من الباكورة لا تعد لقطة.

[مسألة: 14 إنما يجوز بيع الخضر كالخيار و البطيخ مع مشاهدة ما يمكن مشاهدته في خلال الأوراق]

مسألة: 14 إنما يجوز بيع الخضر كالخيار و البطيخ مع مشاهدة ما يمكن مشاهدته في خلال الأوراق، و لا يضر عدم مشاهدة بعضها المستورة، كما لا يضر عدم تناهي عظمها كلا أو بعضا و تناثر وردها، و كذا لا يضر انعدام ما عدا الاولى من اللقطات بعد ضمها إليها.

[مسألة: 15 إذا كان الخضر مما كان المقصود منه مستورا في الأرض كالجزر و الشلجم و الثوم]

مسألة: 15 إذا كان الخضر مما كان المقصود منه مستورا في الأرض كالجزر و الشلجم و الثوم يشكل جواز بيعها قبل قلعها. نعم في مثل البصل مما كان الظاهر منه أيضا مقصودا فالوجه جواز بيعه منفردا و مع أصوله.

[مسألة: 16 يجوز بعد الظهور بيع ما يجز ثم ينمو كالرطبة و الكراث و النعناع جزة و جزات معينة]

مسألة: 16 يجوز بعد الظهور بيع ما يجز ثم ينمو كالرطبة و الكراث و النعناع جزة و جزات معينة، و كذا ما يخرط كورق التوت و الحناء خرطة و خرطات، و المرجع في الجزة و الخرطة هو العرف و العادة كما مر في اللقطة. و لا يضر انعدام بعض


1- مشكل و ان كان أحوط. نعم لا يجوز بيع السنبل بشي ء من حبه.

ص: 70

الأوراق بعد وجود مقدار يكفي للخرط، و ان لم يبلغ أوان خرطه فيضم الموجود الى المعدوم كانضمام الثمرة المتجددة في السنة أو في سنة أخرى مع الموجودة.

[مسألة: 17 إذا كان نخل أو شجر أو زرع بين اثنين مثلا بالمناصفة]

مسألة: 17 إذا كان نخل أو شجر أو زرع بين اثنين مثلا بالمناصفة يجوز أن يتقبل أحد الشريكين حصة صاحبه بخرص معلوم، بأن يخرص المجموع بمقدار فيتقبل أن يكون المجموع له و يدفع لصاحبه من الثمرة نصف المجموع بحسب خرصه زاد أو نقص و يرضى به صاحبه. و الظاهر ان هذه معاملة خاصة برأسها، كما أن الظاهر انه ليس لها صيغة خاصة، فيكفي كل لفظ يكون ظاهرا في المقصود بحسب متفاهم العرف.

[مسألة: 18 من مر بثمرة نخل أو شجر أو زرع مارا مجتازا لا قاصدا إليها لأجل الأكل]

مسألة: 18 من مر بثمرة نخل أو شجر أو زرع مارا مجتازا لا قاصدا إليها لأجل الأكل جاز له ان يأكل منها بمقدار شبعه و حاجته من دون أن يحمل منها شيئا و من دون إفساد للأغصان أو إتلاف للثمار، و الظاهر عدم الفرق بين ما كان على الشجر أو متساقطا عنه، و الأحوط الاقتصار على ما إذا لم يعلم كراهة المالك.

[القول في بيع الحيوان ناطقة و صامته]

اشارة

القول في بيع الحيوان ناطقة و صامته:

[مسألة: 1 يجوز استرقاق الحربي- أعني الكافر الأصلي- إذا لم يكن معتصما بعهد أو ذمام]

مسألة: 1 يجوز استرقاق الحربي- أعني الكافر الأصلي- إذا لم يكن معتصما بعهد أو ذمام، سواء كان في دار الحرب أو في دار الإسلام، و سواء كان بالسرقة أو الغيلة أو القهر و الاغتنام، بل لو قهر الحربي حربيا فباعه صح البيع و ان كان أخاه أو زوجته، بل و ان كان ممن ينعتق عليه كبنته و ابنه و أبويه على اشكال في صحة البيع و لحوق أحكامه فيه. نعم لا إشكال في تملك المشتري المسلم لمن اشتراه بهذا الشراء و ان لم يكن شراء حقيقيا بل كان استنقاذا.

[مسألة: 2 يملك الرجل كل أحد عدا أحد عشر الأب و الام و الأجداد و الجدات]

مسألة: 2 يملك الرجل كل أحد عدا أحد عشر الأب و الام و الأجداد و الجدات و ان علوا و الأولاد و أولادهم ذكورا و إناثا و ان سفلوا و الأخوات و العمات (1) و الخالات


1- أى أخوات الإباء و ان علوا، لا عمة العمة و ان لم تكن أخت الأب، و كذا المقصود من الخالات أخت الأمهات و ان علت دون خالة الخالة و ان لم تكن أختا للأمهات.

ص: 71

و بنات الأخ و بنات الأخت و ان سفلن نسبا و رضاعا، و يملك من عدا هؤلاء من الأقارب حتى الأخ و ان كان مكروها، و تملك المرأة (1) كل أحد عدا الإباء و ان علوا و الأولاد و ان نزلوا نسبا و رضاعا، و معنى عدم ملك هؤلاء عدم استقراره، فلو ملك الرجل أو المرأة أحد هؤلاء بناقل اختياري كالشراء أو قهري كالموت انعتق عليهما في الحال، و يملك كل من الزوجين صاحبه لكن يبطل النكاح.

[مسألة: 3 الكافر لا يملك المسلم ابتداء]

مسألة: 3 الكافر لا يملك المسلم ابتداء، و لو كان له مملوك كافر فأسلم المملوك اجبر على بيعه من مسلم و لمولاه ثمنه.

[مسألة: 4 كل من أقر على نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع شرائط الإقرار]

مسألة: 4 كل من أقر على نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع شرائط الإقرار من البلوغ و العقل و الاختيار و عدم كونه مشهورا بالحرية، و لا يلتفت الى رجوعه عن إقراره (2).

[مسألة: 5 لو اشترى عبدا فادعى الحرية لم يقبل قوله الا بالبينة]

مسألة: 5 لو اشترى عبدا فادعى الحرية لم يقبل قوله الا بالبينة.

[مسألة: 6 إذا أراد مالك الجارية ان يبيعها و قد وطأها]

مسألة: 6 إذا أراد مالك الجارية ان يبيعها و قد وطأها يجب عليه ان يستبرئها قبل بيعها بحيضة ان كانت تحيض و بخمسة و أربعين يوما ان كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض، بأن كان بيعها بعد انقضاء هذه المدة من زمن وطيها، و إذا لم يستبرئها البائع و باعها صح البيع لكن يجب على المشتري الاستبراء المزبور، بأن لا يطؤها إلا بعد حيضة أو انقضاء تلك المدة، بل لو لم يعلم ان البائع قد وطأها أو استبرأها بعد وطيها يجب عليه استبراؤها. نعم لو علم أو أخبره ثقة انه قد استبرأها البائع أو انه لم يطأها لم يجب عليه الاستبراء، كما انه لا يجب لا على البائع و لا على المشتري لو كان البائع امرأة أو كانت الجارية صغيرة (3) أو يائسة.


1- يحتاج الى تتبع من جهة تملكها للأمهات.
2- إلا فيما ذكر له تأويلا محتملا، كأن يقول حسبت أن رقية أحد الوالدين يكفي في رقية الولد، فان عدم سماع دعواه فيه محل اشكال.
3- لكن الأحوط عدم جواز وطي المملوكة قبل البلوغ مطلقا، و كذا لا يجب الاستبراء في بيع جارية حائض إذا لم يطأها مولاها في حيضها، فيحوز للمشترى وطيها في الطهر بعد ذلك الحيض.

ص: 72

[مسألة: 7 لا يختص وجوب الاستبراء بالبيع و الشراء]

مسألة: 7 لا يختص وجوب الاستبراء بالبيع و الشراء، بل كل من ملك امة بوجه من وجوه التملك وجب عليه قبل وطيها الاستبراء حتى لو ملكها بالإرث أو الاسترقاق إذا لم تستبرأ قبل ذلك، و كذا لا يختص بالبائع بل يعم كل ناقل لها بمثل الصلح و الهبة و غيرهما، فيجب عليهم الاستبراء المزبور بالشروط المتقدمة قبل إيجاد السبب المملك.

[مسألة: 8 إذا باع جارية حبلى لم يجب على البائع استبراؤها]

مسألة: 8 إذا باع جارية حبلى لم يجب على البائع استبراؤها. نعم يجب على المشتري بل كل من ملكها بوجه من وجوه التملك ترك وطيها قبل أن ينقضي لحملها أربعة أشهر و عشرة أيام و يكره بعد ذلك.

[مسألة: 9 الأقوى أن العبد يملك، و ان كان محجورا عليه لا ينفذ تصرفاته فيما ملكه بدون اذن مولاه]

مسألة: 9 الأقوى أن العبد يملك، و ان كان محجورا عليه لا ينفذ تصرفاته فيما ملكه بدون اذن مولاه و للمولى السلطنة التامة على ما ملكه حتى ان له ان ينتزعه منه، فلو ملكه مولاه شيئا ملكه و كذا ما حاز لنفسه من المباحات بإذن مولاه أو اشترى في الذمة بإذنه ملكه و ان لم يكن ملكا تاما.

[مسألة: 10 كل حيوان مملوك كما يجوز بيع جميعه يجوز بيع بعضه المشاع كالنصف و الربع]

مسألة: 10 كل حيوان مملوك كما يجوز بيع جميعه يجوز بيع بعضه المشاع كالنصف و الربع، و أما جزؤه المعين كرأسه و جلده أو يده و رجله أو نصفه الذي فيه رأسه مثلا، فان كان مما لا يؤكل لحمه أو لم يكن المقصود منه اللحم بل الركوب و الحمل و ادارة الرحى و نحو ذلك لم يجز بيعه قطعا (1)، و أما إذا كان المقصود منه الذبح مثل ما يشتريه القصابون و يباع منهم فالظاهر أنه يصح بيعه، فان ذبحه يكون للمشتري ما اشتراه، و ان باعه و لم يذبحه يكون المشتري شريكا في الثمن بنسبة ماله، بأن ينسب قيمة الرأس و الجلد مثلا على تقدير الذبح إلى قيمة البقية فله من الثمن بتلك النسبة، و كذا الحال فيما لو باع حيوانا قصد به اللحم و استثنى الرأس و الجلد


1- نعم فيما يزكى مما لا يؤكل يجوز بيع جلدة إذا كان مما ينتفع به، و كذا فيما يؤكل و لا يقصد اللحم إذا لم يقصد منه الا الانتفاع باهابه، لكن المتيقن من جواز بيع تلك الاجزاء كذلك هو عند ارادة الذبح حتى يكون الحيوان مشرفا للذبح بحيث كان العرف يعاملون معه معاملة المذبوح.

ص: 73

أو اشترك اثنان أو جماعة و شرط أحدهم لنفسه الرأس و الجلد أو الرأس و القوائم مثلا أو اشترى شخص حيوانا ثم شرك غيره معه في الرأس و الجلد مثلا كما إذا اشترى شاة بعشرة دراهم ثم شرك فيها رجلا بدرهمين بالرأس و الجلد فيصح في الجميع فيما يراد ذبحه، فإذا ذبح يستحق العين و الا كان شريكا بالنسبة كما عرفت.

[مسألة: 11 لو قال شخص لآخر اشتر حيوانا مثلا بشركتي كان ذلك منه توكيلا له في الشراء]

مسألة: 11 لو قال شخص لآخر اشتر حيوانا مثلا بشركتي كان ذلك منه توكيلا له في الشراء، فلو اشتراه حسب استدعاء الأمر كان المبيع بينهما نصفين و على كل منهما دفع نصف الثمن إلا إذا صرح بكون الشركة على نحو آخر، و لو دفع المأمور عن الأمر ما عليه من الثمن ليس له الرجوع اليه ما لم يكن قرينة تقتضي أن المقصود الشراء له و الدفع عنه ما عليه من الثمن كالشراء من مكان بعيد لا يدفع المبيع حتى يدفع الثمن فحينئذ يرجع الى الأمر بما دفع عنه.

[القول في الإقالة]

اشارة

القول في الإقالة:

و حقيقتها فسخ العقد من الطرفين، و هي جارية في تمام العقود سوى النكاح، و في قيام وارث المتعاقدين مقامهما اشكال (1)، و تقع بكل لفظ أفاد المعنى المقصود عند أهل المحاورة، كأن يقول المتعاقدان «تقايلنا» أو «تفاسخنا» أو يقول أحدهما للآخر «أقلتك» فقبل الأخر، بل الظاهر كفاية التماس (2) أحدهما مع إقالة الأخر، و لا يعتبر فيها العربية بل تقع بكل لغة، و الظاهر وقوعها بالمعاطاة (3)، بأن يرد كل منهما ما انتقل إليه الى صاحبه بعنوان الفسخ.

[مسألة: 1 لا يجوز الإقالة بزيادة عن الثمن و لا نقصان]

مسألة: 1 لا يجوز الإقالة بزيادة عن الثمن و لا نقصان، فلو أقال المشتري


1- بل لا إشكال في قيام الوارث مقامهما في الإقالة كما يقوم مقامهما في الفسخ إذا ورث الخيار.
2- إذا التمس فيه الإقالة من الطرفين فيقول تفاسخنا أو تقايلنا، و أما إذا أقال بعد التماسه من طرف نفسه و قال أقلتك فالظاهر عدم الكفاية حتى يقبل الملتمس بقوله قبلت أو مثله.
3- مشكل فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بالمعاطاة فيها.

ص: 74

بزيادة عن الثمن الذي اشترى به أو البائع بوضيعة بطلت الإقالة و بقي العوضان على ملك صاحبهما.

[مسألة: 2 لا يجري في الإقالة الفسخ و الإقالة]

مسألة: 2 لا يجري في الإقالة الفسخ و الإقالة.

[مسألة: 3 تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه و يتقسط الثمن حينئذ على النسبة]

مسألة: 3 تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه و يتقسط الثمن حينئذ على النسبة، بل إذا تعدد البائع أو المشتري تصح إقالة أحدهما مع الطرف الأخر بالنسبة إلى حصته و ان لم يوافقه صاحبه.

[مسألة: 3 التلف غير مانع عن صحة الإقالة كالفسخ]

مسألة: 3 التلف غير مانع عن صحة الإقالة كالفسخ، فلو تقايلا رجع كل عوض الى مالكه، فان كان موجودا أخذه و ان كان تالفا يرجع الى المثل ان كان مثليا و القيمة ان كان قيميا.

ص: 75

[كتاب الشفعة]

اشارة

كتاب الشفعة

[مسألة: 1 إذا باع أحد الشريكين حصته من شخص أجنبي فللشريك الأخر مع اجتماع الشروط الآتية حق]

مسألة: 1 إذا باع أحد الشريكين حصة من شخص أجنبي فللشريك الأخر مع اجتماع الشروط الآتية حق ان يتملكها و ينتزعها من المشتري بما بذله من الثمن، و يسمى هذا الحق بالشفعة و صاحبه بالشفيع.

[مسألة: 2 لا إشكال في ثبوت الشفعة في كل ما لا ينقل إذا كان قابلا للقسمة]

مسألة: 2 لا إشكال في ثبوت الشفعة في كل ما لا ينقل إذا كان قابلا للقسمة كالأراضي و البساتين و الدور و نحوها، و في ثبوتها فيما ينقل كالثياب و المتاع و السفينة و الحيوان و فيما لا ينقل و كان غير قابل للقسمة كالضيقة من الأنهار و الطرق و الآبار و غالب الأرحية و الحمامات و كذا في الشجر و النخيل و الابنية و الثمار على النخيل و الأشجار إشكال لا يبعد ثبوتها في الجميع بل لا يخلو من قوة (1)، لكن الأحوط للشريك عدم الأخذ فيها بالشفعة إلا برضى المشتري، كما أن الأحوط له إجابة الشريك ان أخذ بها، بل لا يترك هذا الاحتياط في أشياء خمسة النهر و الطريق و الرحى و الحمام و السفينة.

[مسألة: 3 انما تثبت الشفعة في بيع حصة مشاعة من العين المشتركة]

مسألة: 3 انما تثبت الشفعة في بيع حصة مشاعة من العين المشتركة، فلا شفعة بالجوار، فلو باع أحد داره أو عقاره ليس لجاره الأخذ بالشفعة، و كذا لا شفعة في العين المقسومة إذا باع أحد الشريكين حصته المفروزة إلا إذا كانت دار قد قسمت بعد اشتراكها أو كانت من أول الأمر مفروزة و لها طريق مشترك فباع بعض


1- القوة ممنوعة بل المتيقن ثبوتها فيما لا ينقل إذا كان قابلا للقسمة دون غيره، لكن لا يترك ما ذكر من الاحتياط. نعم تثبت في الشجر و النخيل و الأبنية إذا بيعت تبعا للأرض.

ص: 76

الشركاء (1) حصته المفروزة من الدار، فإنه تثبت الشفعة لغير البائع لكن إذا بيعت مع طريقها، بخلاف ما إذا أفرزت الحصة بالبيع و بقي الطريق على ما كان من الاشتراك بين الملاك فإنه لا شفعة حينئذ في بيع الحصة. نعم لو بيعت حصته (2) من الطريق المشترك ثبت فيه الشفعة على اشكال فيما إذا كان ضيقا غير قابل للقسمة كما مر (3).

و في إلحاق الاشتراك في الشرب كالبئر و النهر و الساقية بالاشتراك في الطريق اشكال فلا يترك الاحتياط. نعم لا يبعد إلحاق البستان و الأراضي مع اشتراك الطريق بالدار، لكنه أيضا لا يخلو من اشكال فلا ينبغي ترك الاحتياط.

[مسألة: 4 لو باع عرضا و شقصا من دار أو باع حصة مفروزة من دار مثلا مع حصة مشاعة من دار أخرى صفقة واحدة]

مسألة: 4 لو باع عرضا و شقصا من دار أو باع حصة مفروزة من دار مثلا مع حصة مشاعة من دار أخرى صفقة واحدة كان للشريك الشفعة في تلك الحصة المشاعة بحصتها من الثمن، على اشكال (4) من جهة احتمال أن يكون له الشفعة في المجموع بمجموع الثمن و لم يكن له التبعيض (5) بأخذ المشاع فقط، فالأحوط للشفيع إرضاء المشتري، سواء أراد التبعيض أو أخذ الشفعة في المجموع، كما أن الأحوط للمشتري إجابته في كل ما أراده.

[مسألة: 5 يشترط في ثبوت الشفعة انتقال الحصة إلى الأجنبي بالبيع]

مسألة: 5 يشترط في ثبوت الشفعة انتقال الحصة إلى الأجنبي بالبيع، فلو انتقلت اليه بجعله صداقا أو فدية للخلع أو بالصلح أو بالهبة فلا شفعة.

[مسألة: 6 انما تثبت الشفعة إذا كانت العين بين شريكين]

مسألة: 6 انما تثبت الشفعة إذا كانت العين بين شريكين، فلا شفعة فيما إذا


1- إثبات الشفعة لغير البائع في أكثر من شريكين و ان كان موافقا للنص الوارد في مسألة الاشتراك في الطريق، لكن حيث لم أعثر على من عمل به في خصوص المسألة ليكون مخصصا للمطلقات الدالة على اختصاص الشفعة بالشريكين فلا بد من حمله على التقية أو بعض محامل أخر، فإثبات الحكم به على خلاف تلك المطلقات مشكل، و المتيقن ثبوت الشفعة في تلك المسألة أيضا مع الشريكين في الطريق لا أكثر.
2- و بقيت الدار على ملكه.
3- قد مر الكلام فيه.
4- ضعيف.
5- بل له التبعيض على الأقوى و ان كان الاحتياط المذكور حسنا.

ص: 77

كانت بين ثلاثة و ما فوقها، من غير فرق على الظاهر بين أن يكون البائع اثنين من ثلاثة مثلا فكان الشفيع واحدا أو بالعكس. نعم لو باع أحد الشريكين حصته من اثنين مثلا أو تدريجا فصارت العين بين ثلاثة بعد البيع لا مانع من الشفعة للشريك الأخر، و حينئذ فهل له التبعيض- بأن يأخذ بالشفعة بالنسبة الى أحد المشتريين و يترك الأخر- أو لا؟ وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من قوة.

[مسألة: 7 لو كانت الدار مشتركة بين الطلق و الوقف و بيع الطلق لم يكن للموقوف عليه]

مسألة: 7 لو كانت الدار مشتركة بين الطلق و الوقف و بيع الطلق لم يكن للموقوف عليه و لو كان واحدا و لا لولي الوقف شفعة. نعم لو بيع الوقف في صورة صحة بيعه الظاهر ثبوتها لذي الطلق، إلا إذا كان الوقف على أشخاص بأعيانهم و كانوا متعددين فان فيه إشكالا (1).

[مسألة: 8 يعتبر في ثبوت الشفعة كون الشفيع قادرا على أداء الثمن]

مسألة: 8 يعتبر في ثبوت الشفعة كون الشفيع قادرا على أداء الثمن، فلو كان عاجزا عن أدائه لا شفعة له و ان بذل الضامن أو الرهن الا ان يرضى المشتري بالصبر، بل يعتبر فيه إحضار الثمن عند الأخذ بها، و لو اعتذر بأنه في مكان آخر فذهب ليحضر الثمن فان كان في البلد ينتظر ثلاثة أيام و ان كان في بلد آخر ينتظر بمقدار يمكن بحسب العادة نقل المال من ذلك البلد بزيادة (2) ثلاثة أيام، فان لم يحضر الثمن في تلك المدة فلا شفعة له.

[مسألة: 9 يشترط في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلما]

مسألة: 9 يشترط في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلما، فلا شفعة للكافر على المسلم و ان اشتراه من كافر، و تثبت للكافر على مثله و للمسلم على الكافر.

[مسألة: 10 تثبت الشفعة للغائب، فله الأخذ بها بعد اطلاعه على البيع]

مسألة: 10 تثبت الشفعة للغائب، فله الأخذ بها بعد اطلاعه على البيع و لو بعد زمان طويل، بل لو كان له وكيل مطلق (3) و اطلع هو على البيع دون موكله له أن يأخذ بالشفعة له.


1- و الأقوى عدم ثبوتها فيه.
2- ما لم يتضرر المشتري.
3- أو في خصوص الأخذ بالشفعة.

ص: 78

[مسألة: 11 تثبت الشفعة للسفيه و ان لم ينفذ أخذه بها إلا بإذن الولي أو إجازته]

مسألة: 11 تثبت الشفعة للسفيه و ان لم ينفذ أخذه بها إلا بإذن الولي أو إجازته، و كذا تثبت للصبي و المجنون و ان كان المتولي للأخذ بها عنهما وليهما. نعم لو كان الولي هو الوصي ليس له ذلك الا مع الغبطة و المصلحة، بخلاف الأب و الجد فإنه يكفي فيهما عدم المفسدة كما هو الحال في سائر التصرفات، و لو ترك الولي المطالبة بالشفعة عنهما الى ان كملا لهما ان يأخذا بها.

[مسألة: 12 إذا كان الولي شريكا مع المولى عليه فباع حصته من أجنبي]

مسألة: 12 إذا كان الولي شريكا مع المولى عليه فباع حصته من أجنبي جاز له أن يأخذ بالشفعة فيما باعه، و كذا الوكيل في البيع لو كان شريكا مع موكله فباع حصة موكله من أجنبي فإن له أن ينتزع الحصة التي باعها من المشتري لنفسه لأجل الشفعة.

[مسألة: 13 الأخذ بالشفعة اما بالقول كأن يقول «أخذت بالشفعة» أو «تملكت الحصة»]

مسألة: 13 الأخذ بالشفعة اما بالقول كأن يقول «أخذت بالشفعة» أو «تملكت الحصة» و نحو ذلك مما يفيد إنشاء تملكه و انتزاع الحصة المبيعة من المشتري لأجل ذلك الحق، و اما بالفعل بأن يدفع الثمن و يأخذ الحصة المبيعة، بأن يرفع المشتري يده عنها و يخلى بين الشفيع و بينها، و مع ذلك يعتبر دفع الثمن عند الأخذ بالشفعة قولا أو فعلا إلا إذا رضي المشتري بالصبر. نعم لو كان الثمن مؤجلا فالظاهر أنه يجوز له (1) ان يأخذ بها و يتملك الحصة عاجلا و يكون الثمن عليه الى وقته.

[مسألة: 14 ليس للشفيع تبعيض حقه، بل اما أن يأخذ الجميع أو يدع]

مسألة: 14 ليس للشفيع تبعيض حقه، بل اما أن يأخذ الجميع أو يدع.

[مسألة: 15 الذي يلزم على الشفيع عند أخذه بالشفعة دفع مثل الثمن الذي وقع عليه العقد]

مسألة: 15 الذي يلزم على الشفيع عند أخذه بالشفعة دفع مثل الثمن الذي وقع عليه العقد، سواء كانت قيمة الشقص أقل أو أكثر، و لا يلزم عليه دفع ما غرمه المشتري من المؤن كأجرة الدلال و نحوها، و لا دفع ما زاد المشتري على الثمن و تبرع به للبائع بعد العقد، كما انه لو حط البائع بعد العقد شيئا من الثمن ليس له تنقيص ذاك المقدار.

[مسألة: 16 لو كان الثمن مثليا كالذهب و الفضة و نحوهما يلزم على الشفيع]

مسألة: 16 لو كان الثمن مثليا كالذهب و الفضة و نحوهما يلزم على الشفيع


1- و هو المتيقن من الأخذ بالشفعة، و هو مختار الشيخ في النهاية، و أما ما في المبسوط من التخيير بين الأخذ بالثمن عاجلا و بين التأخير و الأخذ بالثمن في محله فلا يخلو من أحد محذورين اما الأخذ بأكثر من الثمن و اما التأخير بلا عذر.

ص: 79

دفع مثله، و أما لو كان قيميا كالحيوان و الجواهر و الثياب و نحوها ففي ثبوت الشفعة و لزوم أداء قيمته حين البيع أو عدم ثبوتها أصلا وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان (1).

[مسألة: 17 إذا اطلع الشفيع على البيع فله المطالبة في الحال]

مسألة: 17 إذا اطلع الشفيع على البيع فله المطالبة في الحال، و تبطل شفعته بالمماطلة و التأخير بلا داع عقلائي و عذر عقلي أو شرعي أو عادي، بخلاف ما إذا كان عدم الأخذ بها لعذر، و من الاعذار عدم اطلاعه على البيع و ان أخبروه به إذا لم يكن المخبر ممن يوثق به، و كذا جهله باستحقاق الشفعة أو عدم جواز تأخير المطالبة بالمماطلة، بل من ذلك لو ترك الأخذ بها لتوهمه كثرة الثمن فبان قليلا أو كونه نقدا يصعب عليه تحصيله كالذهب فبان خلافه و غير ذلك.

[مسألة: 18 لما كانت الشفعة من الحقوق تسقط بإسقاط الشفيع لها]

مسألة: 18 لما كانت الشفعة من الحقوق تسقط بإسقاط الشفيع لها (2)، بل لو رضي بالبيع من الأجنبي من أول الأمر أو عرض عليه شراء الحصة فأبى لم يكن له شفعة من أصلها (3)، و في سقوطها بإقالة المتبايعين أو رد المشتري الى البائع بعيب أو غيره وجه وجيه (4).

[مسألة: 19 لو تصرف المشتري فيما اشتراه، فان كان بالبيع كان للشفيع الأخذ من المشتري الأول بما بذله من الثمن]

مسألة: 19 لو تصرف المشتري فيما اشتراه، فان كان بالبيع كان للشفيع الأخذ من المشتري الأول بما بذله من الثمن فيبطل الشراء الثاني، و له الأخذ من الثاني بما بذله من الثمن فيصح الأول. و كذا لو زادت البيوع على اثنين، فان له الأخذ من المشتري الأول بما بذله من الثمن فتبطل البيوع اللاحقة، و له الأخذ من الأخير بما بذله من الثمن


1- فيه تأمل فالأحوط للشريك ترك الأخذ بغير رضى المشتري و للمشترى ترك الامتناع مع أخذ الشفيع أو التصالح.
2- بعد البيع و اما قبله فلا لأنه إسقاط لما لم يجب.
3- فيه منع، لان الرضا بالبيع ان كان إسقاطا فقد مر انه قبل البيع إسقاط لما لم يجب و انما المسقط رضاه بعده ليبقى الملك عند المشتري، و ان كان من جهة عدم شمول الأدلة ففيه ان ظاهر بعض الأدلة ورودها فيه، و لا أقل من الإطلاق و لا وجه للانصراف. و قد اختار في مسألة بيع الوكيل و الولي مال الموكل و المولى عليه على الأجنبي جواز أخذهما بالشفعة.
4- بل هو المتعين.

ص: 80

فصح جميع البيوع المتقدمة، و له الأخذ من الوسط فصح كل ما تقدم و بطل كل ما تأخر.

و ان كان بغير البيع كالوقف و غير ذلك فله الأخذ بالشفعة و إبطال ما وقع من المشتري و إزالته، بل الظاهر أن صحتها مراعاة بعدم الأخذ بالشفعة و الا فهي باطلة من أصلها.

[مسألة: 20 لو تلفت الحصة المشتراة بالمرة بحيث لم يبق منها شي ء أصلا سقطت الشفعة]

مسألة: 20 لو تلفت الحصة المشتراة بالمرة بحيث لم يبق منها شي ء أصلا سقطت الشفعة. نعم إذا كان ذلك بعد الأخذ بالشفعة و كان التلف بفعل المشتري (1) ضمنه. و أما ان بقي منها شي ء كالدار إذا انهدمت و بقيت عرصتها و أنقاضها أو عابت لم تسقط الشفعة، فللشفيع الأخذ بها و انتزاع ما بقي منها من العرصة و الانقاض مثلا بتمام الثمن أو الترك من دون ضمان على المشتري. نعم لو كان ذلك بعد الأخذ بالشفعة و كان (2) بفعل المشتري ضمن قيمة التالف أو أرش العيب.

[مسألة: 21 يشترط في الأخذ بالشفعة علم الشفيع بالثمن حين الأخذ على الأحوط]

مسألة: 21 يشترط في الأخذ بالشفعة علم الشفيع (3) بالثمن حين الأخذ على الأحوط لو لم يكن أقوى، فلو قال بعد اطلاعه على البيع أخذت بالشفعة بالثمن بالغا ما بلغ لم يصح و ان علم بعد ذلك.

[مسألة: 22 الشفعة موروث على اشكال]

مسألة: 22 الشفعة موروث على اشكال، و كيفية إرثها أنه عند أخذ الورثة بها يقسم المشفوع بينهم على ما فرض اللّٰه في المواريث، فلو خلف زوجة و ابنا يكون الثمن لها و الباقي له، و لو خلف ابنا و بنتا فللذكر مثل حظ الأنثيين، و ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون. نعم لو عفى بعضهم و أسقط حقه كانت الشفعة لمن لم يعف و يكون العافي كأن لم يكن رأسا.

[مسألة: 23 إذا باع الشفيع نصيبه قبل أن يأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها]

مسألة: 23 إذا باع الشفيع نصيبه قبل أن يأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها، خصوصا إذا كان بعد علمه بالشفعة.


1- و كذا لو تلف في يده المضمونة و ان لم يكن التلف بفعله.
2- أو تلف في يده المضمونة.
3- و كذا بالمثمن على الأحوط.

ص: 81

[مسألة: 24 يصح أن يصالح الشفيع مع المشتري عن شفعته بعوض و بدونه]

مسألة: 24 يصح أن يصالح الشفيع مع المشتري عن شفعته بعوض و بدونه، و يكون أثره سقوطها فلا يحتاج بعد إلى إنشاء مسقط. و لو صالح معه على إسقاطه أو على ترك الأخذ بها صح أيضا و لزم الوفاء به، لكن لو لم يوجد المسقط و أخذ بها هل يترتب عليه أثره و ان أثم بعدم الوفاء بما التزم أو لا اثر له؟ وجهان أوجههما أولهما (1) في الأول و ثانيهما في الثاني.

[مسألة: 25 لو كانت دارا مثلا بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد آخر فباعها بدعوى الوكالة عنه]

مسألة: 25 لو كانت دارا مثلا بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد آخر فباعها بدعوى الوكالة عنه، لا إشكال في جواز الشراء منه و تصرف المشتري فيما اشتراه أنواع التصرفات ما لم يعلم كذبه في دعواه، و انما الإشكال في انه هل يجوز للشريك الأخر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه على البيع و انتزاعها من المشتري أم لا؟ فيه تردد (2).


1- بل أولهما في الثاني أيضا ان كان الالتزام بترك الأخذ بالحق الثابت.
2- الظاهر عدم الفرق بين الشراء من الوكيل و الأخذ بالشفعة بعد الشراء منه.

ص: 82

[كتاب الصلح]

اشارة

كتاب الصلح و هو التراضي و التسالم على أمر من تمليك عين أو منفعة أو إسقاط دين أو حق و غير ذلك، و لا يشترط كونه مسبوقا بالنزاع، و ان كان تشريعه في شرع الإسلام لقطع التجاذب و رفع التنازع بين الأنام، و يجوز إيقاعه على كل أمر و في كل مقام إلا إذا كان محرما لحلال أو محللا لحرام.

[مسألة: 1 الحق أن الصلح عقد مستقل بنفسه و عنوان برأسه]

مسألة: 1 الحق أن الصلح عقد مستقل بنفسه و عنوان برأسه، و ليس كما قيل راجعا إلى سائر العقود، و ان أفاد فائدتها فيفيد فائدة البيع إذا كان عن عين بعوض و فائدة الهبة إذا كان عن عين بلا عوض و فائدة الإجارة إذا كان عن منفعة بعوض و هكذا، فلم يلحقه أحكام سائر العقود و لم يجر فيه شروطها و ان أفاد فائدتها، فما أفاد فائدة البيع لا يلحقه أحكامه و شروطه فلا يجري فيه الخيارات المختصة بالبيع كخياري المجلس و الحيوان و لا الشفعة. و لا يشترط فيه قبض العوضين إذا تعلق بمعاوضة النقدين، و ما أفاد فائدة الهبة من تمليك عين بلا عوض لا يعتبر فيه قبض العين كما اعتبر في الهبة و هكذا.

[مسألة: 2 لما كان الصلح عقدا من العقود يحتاج إلى الإيجاب و القبول مطلقا]

مسألة: 2 لما كان الصلح عقدا من العقود يحتاج إلى الإيجاب و القبول مطلقا حتى فيما أفاد فائدة الإبراء و إسقاط الحق على الأقوى، فابراء المديون من الدين و إسقاط الحق عمن عليه الحق و ان لم يتوقفا على قبول من عليه الدين أو الحق لكن إذا وقعا بعنوان الصلح توقفا على القبول.

ص: 83

[مسألة: 3 لا يعتبر في الصلح صيغة خاصة]

مسألة: 3 لا يعتبر في الصلح صيغة خاصة، بل يقع بكل لفظ أفاد في متفاهم العرف التسالم و التراضي على أمر من نقل عين أو منفعة أو قرار مشروع بين المتصالحين.

نعم اللفظ الدائر في الألسن الذي هو كالصريح في إفادة هذا المعنى من طرف الإيجاب «صالحت»، و هو يتعدى الى المفعول الأول بنفسه و الى المفعول الثاني بعن أو على، فيقول مثلا «صالحتك عن الدار أو منفعتها بكذا» فيقول المتصالح «قبلت المصالحة أو اصطلحتها بكذا».

[مسألة: 4 عقد الصلح لازم من الطرفين لا يفسخ إلا بإقالة المتصالحين أو بوجود خيار في البين]

مسألة: 4 عقد الصلح لازم من الطرفين لا يفسخ إلا بإقالة المتصالحين أو بوجود خيار في البين حتى فيما أفاد فائدة الهبة الجائزة، و الظاهر جريان جميع الخيارات فيه الا خيارات (1) ثلاثة خيار المجلس و الحيوان و التأخير، فإنها مختصة بالبيع. و في ثبوت الأرش لو ظهر عيب في العين المصالح عنها أو عوضها إشكال (2).

[مسألة: 5 متعلق الصلح اما عين أو منفعة أو دين أو حق]

مسألة: 5 متعلق الصلح اما عين أو منفعة أو دين أو حق، و على التقادير اما أن يكون مع العوض أو بدونه، و على الأول اما ان يكون العوض عينا أو منفعة أو دينا أو حقا، فهذه عشرون صورة كلها صحيحة، فيصح الصلح عن عين بعين و منفعة و دين و حق و بلا عوض و عن منفعة بمنفعة و عين و دين و حق و بلا عوض و هكذا.

[مسألة: 6 الصلح إذا تعلق بعين أو منفعة أفاد انتقالهما الى المتصالح]

مسألة: 6 الصلح إذا تعلق بعين أو منفعة أفاد انتقالهما الى المتصالح، سواء كان مع العوض أو بدونه، و كذا إذا تعلق بدين على غير المصالح له أو حق قابل للانتقال كحقي التحجير و الاختصاص، و إذا تعلق بدين على المتصالح أفاد سقوطه، و كذا إذا تعلق بحق قابل للإسقاط غير قابل للنقل و الانتقال كحقي الشفعة و الخيار (3).

[مسألة: 7 يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين أو فضاء]

مسألة: 7 يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين أو فضاء، كأن يصالحه على ان يسكن داره أو يلبس ثوبا له مدة أو على أن تكون جذوع سقفه على حائطه


1- و الرد من أحداث السنة.
2- الأقوى عدم ثبوت الأرش في غير البيع.
3- عدم قابليتهما للنقل غير مسلم، بل صحة نقلهما على من هما عليهما لا يخلو من وجه، نظير بيع الدين على من هو عليه، فتكون نتيجته الاسقاط و الإبراء.

ص: 84

أو يجري ماءه على سطح داره أو يكون ميزابه على عرصة داره أو يكون له الممر و المخرج من داره أو بستانه أو على ان يخرج جناحا في فضاء ملكه أو على ان يكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه و غير ذلك، فان هذه كلها صحيحة سواء كانت بعوض أو بغير عوض.

[مسألة: 8 انما يصح الصلح عن الحقوق التي تسقط بالإسقاط كحقي الشفعة و الخيار و نحوهما]

مسألة: 8 انما يصح الصلح عن الحقوق التي تسقط بالإسقاط كحقي الشفعة و الخيار و نحوهما و ما تكون قابلة للنقل و الانتقال كحقي التحجير و الاختصاص، و من ذلك حق الأولوية لمن بيده الأراضي الخراجية المسمى في العرف الحاضر بحق اللزمة. و اما ما لا يسقط بالإسقاط و لا يقبل النقل و الانتقال فلا يصح الصلح عنه، و ذلك مثل حق العزل (1) الثابت للموكل في الوكالة، و حق مطالبة الدين الثابت للدائن في الدين الحال، و حق الرجوع الثابت للزوج في الطلاق الرجعي، و حق الرجوع في البذل الثابت للزوجة في الخلع و غير ذلك.

[مسألة: 9 يشترط في المتصالحين ما يشترط في المتبايعين]

مسألة: 9 يشترط في المتصالحين ما يشترط في المتبايعين من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار.

[مسألة: 10 الظاهر انه تجري الفضولية في الصلح كما تجري في البيع حتى فيما إذا تعلق بإسقاط دين أو حق]

مسألة: 10 الظاهر انه تجري الفضولية في الصلح كما تجري في البيع حتى فيما إذا تعلق بإسقاط دين أو حق و أفاد فائدة الإبراء و الاسقاط اللذين لا تجري فيهما الفضولية.

[مسألة: 11 يجوز الصلح عن الثمار و الخضر و غيرها قبل وجودها]

مسألة: 11 يجوز الصلح عن الثمار و الخضر و غيرها قبل وجودها و لو في عام واحد و بلا ضميمة و ان لم يجز بيعها كما مر في بيع الثمار.

[مسألة: 12 لا إشكال في انه يغتفر الجهالة في الصلح فيما إذا تعذر للمتصالحين معرفة المصالح عنه]

مسألة: 12 لا إشكال في انه يغتفر الجهالة في الصلح فيما إذا تعذر للمتصالحين معرفة المصالح عنه مطلقا، كما إذا اختلط مال أحدهما بالآخر و لم يعلما مقدار كل منهما فاصطلحا على ان يشتركا فيه بالتساوي أو الاختلاف، أو صالح أحدهما ماله مع الأخر بمال معين، و كذا إذا تعذر عليهما معرفته في الحال لتعذر الميزان و المكيال


1- في كون تلك المذكورات حقوقا اشكال بل الظاهر أنها أحكام شرعية.

ص: 85

على الأظهر، و أما مع إمكان معرفتهما بمقداره في الحال ففيه إشكال (1).

[مسألة: 13 إذا كان لغيره عليه دين أو كان منه عنده عين هو يعلم مقدارهما و لكن الغير لا يعلم المقدار]

مسألة: 13 إذا كان لغيره عليه دين أو كان منه عنده عين هو يعلم مقدارهما و لكن الغير لا يعلم المقدار فأوقعا الصلح بينهما بأقل من حق المستحق (2) لم يحل له الزائد الا ان يعلمه و رضي به. نعم لو رضى بالصلح عن حقه الواقعي على كل حال بحيث لو تبين له الحال لصالح عنه بذلك المقدار بطيب نفسه حل له الزائد.

[مسألة: 14 إذا صولح عن الربوي بجنسه بالتفاضل ففي جريان حكم الربا فيه تأمل]

مسألة: 14 إذا صولح عن الربوي بجنسه بالتفاضل ففي جريان حكم الربا فيه تأمل و اشكال (3) فلا يترك الاحتياط. نعم لا اشكال مع الجهل بالمقدار و ان احتمل التفاضل (4)، كما إذا كان لكل من شخصين طعام عند صاحبه لا يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه فأوقعا الصلح على أن يكون لكل منهما ما عنده مع احتمال تفاضلهما.

[مسألة: 15 يصح الصلح عن دين بدين حالين أو مؤجلين]

مسألة: 15 يصح الصلح عن دين بدين حالين أو مؤجلين أو بالاختلاف متجانسين أو مختلفين، سواء كان الدينان على شخصين أو على شخص واحد، كما إذا كان له على ذمة زيد وزنة حنطة و لعمرو عليه وزنة شعير فصالح مع عمرو على ماله في ذمة زيد بما لعمرو في ذمته، و الظاهر صحة الجميع إلا في المتجانسين مما يكال أو يوزن مع التفاضل ففيه اشكال (5) من جهة الربا. نعم لو صالح عن الدين ببعضه- كما إذا كان له عليه دراهم إلى أجل فصالح عنها بنصفها حالا- فلا بأس به إذا كان المقصود إسقاط الزيادة و الإبراء عنها و الاكتفاء بالناقص، كما هو المقصود المتعارف في نحو هذه المصالحة لا المعاوضة بين الزائد و الناقص.

[مسألة: 6 يجوز أن يصطلح الشريكان على أن يكون لأحدهما رأس المال]

مسألة: 6 يجوز أن (6) يصطلح الشريكان على أن يكون لأحدهما رأس المال


1- لكن الأقوى فيه أيضا الاغتفار و الصحة ما لم يعد سفهيا.
2- العلم بذلك و لو إجمالا كاف في حلية الزائد و ان لم يعلم مقدارهما.
3- و قد مر أن الجريان فيه لا يخلو من قوة.
4- لكن الأحوط فيه أيضا الترك.
5- قد مر أن الجريان فيه لا يخلو من قوة.
6- عند ارادة فسخ الشركة أو بعد فسخها، و أما في ابتداء الشركة أو في الأثناء مع بقاء الشركة ففيه اشكال لا يترك الاحتياط بتركه.

ص: 86

و الربح للآخر و الخسران عليه.

[مسألة: 17 يجوز للمتداعيين في دين أو عين أو منفعة أن يتصالحا بشي ء من المدعى به]

مسألة: 17 يجوز للمتداعيين في دين أو عين أو منفعة أن يتصالحا بشي ء من المدعى به أو بشي ء آخر حتى مع إنكار المدعى عليه، و يسقط بهذا الصلح حق الدعوى، و كذا حق اليمين الذي كان للمدعى على المنكر، و ليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة، لكن هذا فصل ظاهري ينقطع به الدعوى في ظاهر الشرع و لا يحل به ما أخذه من كان غير محق منهما، فإذا ادعى شخص على شخص بدين فأنكره ثم تصالحا على النصف فهذا الصلح و ان اثر في سقوط الدعوى لكن ان كان المدعي محقا بحسب الواقع فقد وصل اليه نصف حقه و بقي الباقي على ذمة المنكر يطالب به في الآخرة إذا لم يكن إنكاره بحق بحسب (1) اعتقاده إلا إذا فرض رضاء المدعي باطنا بالصلح عن جميع ما له في الواقع، و ان كان مبطلا واقعا يحرم عليه ما أخذه من المنكر الا مع فرض طيب نفسه واقعا، بأن يكون للمدعي ما صالح به لا انه رضي به تخلصا من دعواه الكاذبة.

[مسألة: 18 إذا قال المدعى عليه للمدعي صالحني لم يكن هذا إقرارا بالحق]

مسألة: 18 إذا قال المدعى عليه للمدعي صالحني لم يكن هذا إقرارا بالحق، لما عرفت أن الصلح يصح مع الإنكار كما يصح مع الإقرار، و أما لو قال بعني أو ملكني كان إقرارا.

[مسألة: 19 إذا كان لواحد ثوب بعشرين درهما مثلا و لآخر ثوب بثلاثين و اشتبها]

مسألة: 19 إذا كان لواحد ثوب بعشرين درهما مثلا و لآخر ثوب بثلاثين و اشتبها و لم يميز كل منهما ماله عن مال صاحبه، فان خير أحدهما صاحبه فقد أنصفه، فكل ما اختاره يحل له و يحل الأخر لصاحبه، و ان تضايقا فان كان المنظور و المقصود لكل منهما المالية- كما إذا اشترياهما للمساومة و المعاملة- بيعا و قسم الثمن بينهما بنسبة مالهما، فيعطى صاحب العشرين في المثال سهمين من خمسة و الأخر ثلاثة أسهم منها، و ان كان المقصود و المنظور نفس المالين- كما إذا اشترى كل منهما عباء ليلبسه و ليس لهما نظر الى القيمة و المالية- فلا بد من القرعة.

[مسألة: 20 لو كان لأحد مقدار من الدراهم و لآخر مقدار منها عند ودعي]

مسألة: 20 لو كان لأحد مقدار من الدراهم و لآخر مقدار منها عند ودعي أو


1- بل يبقى الباقي في ذمته و ان كان محقا في اعتقاده.

ص: 87

غيره فتلف مقدار لا يدرى انه من أي منهما، فان تساوى مقدار الدراهم منهما- بأن كان لكل منهما درهمان أو ثلاثة مثلا- يحسب التالف عليهما و يقسم الباقي بينهما نصفين، و ان تفاوتا فاما ان يكون التالف بمقدار ما لأحدهما و أقل مما للآخر أو يكون أقل من كل منهما، فعلى الأول يعطى للآخر ما زاد على التالف و يقسم الباقي بينهما نصفين، كما إذا كان لأحدهما درهمان و للآخر درهم و كان التالف درهما يعطى صاحب الدرهمين درهما و يقسم الدرهم الباقي بينهما نصفين، أو كان لأحدهما خمسة دراهم و للآخر درهمان و كان التالف درهمين يعطى لصاحب الخمسة ثلاثة و يقسم الباقي- و هو الدرهمان- بينهما نصفين. و على الثاني يعطى لكل منهما ما زاد على التالف و يقسم الباقي بينهما نصفين، فإذا كان لأحدهما خمسة و للآخر أربعة و كان التالف ثلاثة يعطى لصاحب الخمسة اثنان و لصاحب الأربعة واحدا و يقسم الباقي- و هو الثلاثة- بينهما نصفين، فلصاحب الخمسة ثلاثة و نصف و لصاحب الأربعة اثنان و نصف. هذا كله إذا كان المالان مثليين (1) كالدراهم و الدنانير، و أما إذا كانا قيميين كالثياب و الحيوان فلا بد من المصالحة أو تعيين التالف بالقرعة.

[مسألة: 21 يجوز احداث الروشن المسمى في العرف الحاضر بالشناشيل على الطرق النافذة]

مسألة: 21 يجوز احداث الروشن المسمى في العرف الحاضر بالشناشيل على الطرق النافذة و الشوارع العامة إذا كانت عالية بحيث لم تضر بالمارة، و ليس لأحد منعه حتى صاحب الدار المقابل و ان استوعب عرض الطريق بحيث كان مانعا عن احداث روشن في مقابله ما لم يضع منه شيئا على جداره. نعم إذا استلزم الاشراف على دار الجار ففي جوازه تردد و اشكال و ان جوزنا مثل ذلك في تعلية البناء في ملكه، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 22 لو بنى روشنا على الجادة ثم انهدم أو هدم]

مسألة: 22 لو بنى روشنا على الجادة ثم انهدم أو هدم، فان لم يكن من قصده تجديد بنائه لا مانع لأن يبنى الطرف المقابل ما يشغل ذلك الفضاء و لم يحتج الى


1- و لم يمتزجا بحيث أوجب امتزاجهما الشركة الحقيقية كامتزاج المائعين المتجانسين، أو الحكمية كامتزاج بعض الحبوبات المتجانسين، و أما فيهما فالتلف عليهما بنسبة المالين.

ص: 88

الاستيذان من الباني الأول، و الا ففيه اشكال، بل عدم الجواز لا يخلو من قوة (1) فيما إذا هدمه ليبنيه جديدا.

[مسألة: 23 لو أحدث شخص روشنا على الجادة فهل للطرف المقابل احداث روشن آخر فوقه]

مسألة: 23 لو أحدث شخص روشنا على الجادة فهل للطرف المقابل احداث روشن آخر فوقه أو تحته بدون اذنه، فيه اشكال خصوصا في الأول، بل عدم الجواز فيه لا يخلو من قوة. نعم لو كان الثاني أعلى بكثير بحيث لم يشغل الفضاء الذي يحتاج اليه صاحب الروشن الأول بحسب العادة من جهة التشميس و نحو ذلك لا بأس به.

[مسألة: 24 كما يجوز احداث الرواشن على الجادة يجوز فتح الأبواب المستجدة فيها]

مسألة: 24 كما يجوز احداث الرواشن على الجادة يجوز فتح الأبواب المستجدة فيها، سواء كان له باب آخر أم لا. و كذا فتح الشباك و الروازن عليها و نصب الميزاب فيها، و كذا بناء ساباط عليها إذا لم يكن معتمدا على حائط غيره مع عدم اذنه و لم يكن مضرا بالمارة و لو من جهة الظلمة. و لو فرض أنه كما يضرهم من جهة ينفعهم من جهات أخرى كالوقاية عن الحر و البرد و التحفظ عن الطين و غير ذلك لا يبعد الموازنة بين الجهتين فيراعى ما هو الأصلح، و الأولى المراجعة في ذلك الى حاكم الشرع فيتبع نظره (2). و كذا يجوز إحداث البالوعة للأمطار فيها مع التحفظ عن كونها مضرة بالمارة، و كذا يجوز نقب سرداب تحت الجادة مع إحكام أساسه و بنيانه و سقفه بحيث يؤمن من الثقب و الخسف و الانهدام.

[مسألة: 25 لا يجوز لأحد إحداث شي ء من روشن أو جناح أو بناء ساباط أو نصب ميزاب]

مسألة: 25 لا يجوز لأحد إحداث شي ء من روشن أو جناح أو بناء ساباط أو نصب ميزاب أو فتح باب أو نقب سرداب و غير ذلك على الطرق الغير النافذة المسماة بالمرفوعة و الرافعة و في العرف الحاضر بالدريبة إلا بإذن أربابها، سواء كان مضرا أو لم يكن. و كما لا يجوز إحداث شي ء من ذلك لغير أربابها إلا بإذنهم كذلك لا يجوز لبعضهم إلا بإذن شركائه فيها، و لو صالح غيرهم معهم أو بعضهم مع الباقين على إحداث شي ء من ذلك صح و لزم، سواء كان مع العوض أو بلا عوض، و يأتي في كتاب أحياء


1- بل جواز السبق من دون الاستيذان لا يخلو من قوة.
2- الأحوط عدم التصرف المضر مطلقا و ان كان نافعا من جهة، و لا أثر لنظر الحاكم في المقام.

ص: 89

الموات بعض المسائل المتعلقة بالطريق ان شاء اللّٰه تعالى.

[مسألة: 26 لا يجوز لأحد أن يبني بناء أو يضع جذوع سقفه على حائط جاره إلا باذنه و رضاه]

مسألة: 26 لا يجوز لأحد أن يبني بناء أو يضع جذوع سقفه على حائط جاره إلا باذنه و رضاه، و إذا التمس ذلك من الجار لم يجب عليه إجابته، و ان استحب له استحبابا مؤكدا من جهة ما ورد من التأكيد و الحث الأكيد في قضاء حوائج الاخوان و لا سيما الجيران. و لو بنى أو وضع الجذوع باذنه و رضاه فان كان ذلك بعنوان ملزم كالشرط في ضمن عقد لازم أو بالإجارة أو بالصلح عليه لم يجز له الرجوع، و أما إذا كان مجرد الاذن و الرخصة جاز له الرجوع قبل البناء و الوضع قطعا، و أما بعد ذلك فهل يجوز له الرجوع مع الأرش و عدمه أم لا مع استحقاق الأجرة و عدمه؟

وجوه و أقوال، و المسألة في غاية الإشكال، فلا يترك الاحتياط بالتصالح و التراضي بينهما و لو بالإبقاء مع الأجرة أو الهدم مع الأرش.

[مسألة: 27 لا يجوز للشريك في الحائط التصرف فيه ببناء و لا تسقيف و لا إدخال خشبة]

مسألة: 27 لا يجوز للشريك في الحائط التصرف فيه ببناء و لا تسقيف و لا إدخال خشبة أو وتد أو غير ذلك إلا بإذن شريكه أو إحراز رضاه بشاهد الحال كما هو الحال في التصرفات اليسيرة، كالاستناد اليه أو وضع يده أو طرح ثوب عليه أو غير ذلك، بل الظاهر أن مثل هذه الأمور اليسيرة لا يحتاج إلى إحراز الاذن و الرضاء كما جرت به السيرة. نعم إذا صرح بالمنع و أظهر الكراهة لم يجز (1).

[مسألة: 28 لو انهدم الجدار المشترك و أراد أحد الشريكين تعميره لم يجبر شريكه على المشاركة في عمارته]

مسألة: 28 لو انهدم الجدار المشترك و أراد أحد الشريكين تعميره لم يجبر شريكه على المشاركة في عمارته، و هل له التعمير من ماله مجانا بدون اذن شريكه؟

لا إشكال في ان له ذلك إذا كان الأساس مختصا به و بناه بآلات مختصة به، كما انه لا إشكال في عدم الجواز إذا كان الأساس مختصا بشريكه، و أما إذا كان الأساس مشتركا فان كان قابلا للقسمة ليس له التعمير بدون اذنه. نعم له المطالبة بالقسمة فيبني على حصته المفروزة، و ان لم يكن قابلا للقسمة و لم يوافقه الشريك في شي ء يرفع أمره الى الحاكم ليخيره بين عدة أمور من بيع أو إجارة أو المشاركة معه في العمارة أو


1- إلا فيما لا يعد تصرفا عند العرف كالاستظلال بظله.

ص: 90

الرخصة في تعميره و بنائه من ماله مجانا، و كذا الحال لو كانت الشركة في بئر أو نهر أو قناة أو ناعور و نحو ذلك، فلا يجبر الشريك على المشاركة في التعمير و التنقية. و لو أراد الشريك تعميرها و تنقيتها من ماله تبرعا و مجانا له ذلك على الظاهر (1) و ليس للشريك منعه خصوصا إذا لم يمكن القسمة، كما أنه لو أنفق في تعميرها فنبع الماء أو زاد ليس له أن يمنع شريكه الغير المنفق من نصيبه من الماء لانه من فوائد ملكهما المشترك.

[مسألة: 29 لو كانت جذوع دار أحد موضوعة على حائط جاره و لم يعلم على أي وجه وضعت حكم في الظاهر بكونه عن حق]

مسألة: 29 لو كانت جذوع دار أحد موضوعة على حائط جاره و لم يعلم على أي وجه وضعت حكم في الظاهر بكونه عن حق و استحقاق حتى يثبت خلافه، فليس للجار أن يطالبه برفعها عنه، بل و لا منعه من التجديد لو انهدم السقف، و كذا الحال لو وجد بناء أو مجرى ماء أو نصب ميزاب من أحد في ملك غيره و لم يعلم سببه، فإنه يحكم في أمثال ذلك بكونه عن حق و استحقاق الا ان يثبت كونها عن عدوان أو بعنوان العارية التي يجوز فيها الرجوع.

[مسألة: 30 إذا خرجت أغصان شجرة إلى فضاء ملك الجار من غير استحقاق]

مسألة: 30 إذا خرجت أغصان شجرة إلى فضاء ملك الجار من غير استحقاق له أن يطالب مالك الشجر بعطف الأغصان أو قطعها من حد ملكه، و ان امتنع صاحبها يجوز للجار عطفها أو قطعها، و مع إمكان الأول لا يجوز الثاني.


1- بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليخيره بين أمور مرت في الجدار.

ص: 91

[كتاب الإجارة]

اشارة

كتاب الإجارة و هي (1) اما متعلقة بأعيان مملوكة من حيوان ناطق أو صامت أو غير حيوان من متاع أو ثياب أو دار أو عقار و غيرها، فتفيد تمليك منفعتها للمستأجر بالعوض. و اما متعلقة بالنفس كإجارة الحر نفسه لعمل معلوم، فتفيد غالبا تمليك عمله للغير بأجرة مقررة، و قد تفيد تمليك منفعته دون عمله، كإجارة المرضعة نفسها للرضاع لا للإرضاع.

[مسألة: 1 عقد الإجارة هو اللفظ المشتمل على الإيجاب الدال بالظهور العرفي على تمليك المنفعة]

مسألة: 1 عقد الإجارة هو اللفظ المشتمل على الإيجاب الدال بالظهور العرفي على تمليك المنفعة (2) أو العمل بعوض، و القبول الدال على الرضا به و تملكهما بالعوض. و العبارة الصريحة في الإيجاب «آجرتك» أو «أكريتك هذه الدار أو هذه الدابة بكذا» مثلا و ما أفاد معناهما. و لا يعتبر فيه العربية، بل يكفي كل لفظ أفاد المعنى المقصود بأي لغة كان، و يقوم مقام اللفظ الإشارة المفهمة من الأخرس و نحوه كعقد البيع. و الظاهر جريان المعاطاة في القسم الأول منها، و هو ما تعلقت بأعيان مملوكة، و تتحقق بتسليط الغير على العين ذات المنفعة و قصد التسليط (3) على منفعتها و تمليكها بالعوض و تسلم الغير لها بهذا العنوان. و أما القسم الثاني منها- و هو ما


1- و الظاهر أن حقيقتها اعتبار اضافة بين العين أو النفس و المستأجر مستتبعة لملك المنفعة أو العمل و التسلط على العين أو النفس لاستيفاء منافعها، و لذا تستعمل أبدا متعلقة بالعين أو النفس و يقال آجرت الدار و آجرت نفسي لكذا.
2- بل كل لفظ دال على الاعتبار المذكور في الحاشية السابقة، و الصريح منها «آجرتك» أو «أكريتك الدار» مثلا، فيقول المستأجر «قبلت» أو «استأجرت» أو «استكريت».
3- بل يقصد الإجارة بما ذكر لها من المعنى.

ص: 92

تعلقت بنفس الحر- ففي جريانها فيه تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 2 يشترط في صحة الإجارة أمور بعضها في المتعاقدين- أعني المؤجر و المستأجر]

مسألة: 2 يشترط في صحة الإجارة أمور بعضها في المتعاقدين- أعني المؤجر و المستأجر- و بعضها في العين المستأجرة، و بعضها في المنفعة، و بعضها في الأجرة:

أما المتعاقدان فيعتبر فيهما ما اعتبر في المتبايعين من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه أو رقية.

و أما العين المستأجرة فيعتبر فيها أمور:

منها: التعيين، فلو آجر احدى الدارين أو إحدى الدابتين لم يصح.

و منها: المعلومية، فإن كان عينا معينا فإما بالمشاهدة و اما بذكر الأوصاف التي تختلف بها الرغبات في إجارتها لو كانت غائبة و كذا لو كانت كليا.

و منها: كونها مقدورا على تسليمها، فلا تصح اجارة العبد الآبق و لا الدابة الشاردة و نحوهما.

و منها: كونها (2) مما يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصح اجارة ما لا يمكن الانتفاع بها، كما إذا آجر أرضا للزراعة مع انه لم يمكن إيصال الماء إليها و لا ينفعها و لا يكفيها ماء المطر، و كذا ما لا يمكن الانتفاع بها إلا بإذهاب عينها كالخبز للأكل و الشمع أو الحطب للإشعال.

و أما المنفعة فيعتبر فيها أمور:

منها: كونها مباحة، فلا تصح اجارة الدكان لإحراز المسكرات أو بيعها و لا الدابة و السفينة لحملها و الجارية المغناة (3) و نحو ذلك.

و منها: كونها متمولا يبذل بإزائها المال عند العقلاء.


1- و الظاهر جريانها فيه أيضا، و يتحقق بتسليم المؤجر نفسه للعمل بقصد الإجارة و تسليم المستأجر الأجرة بذلك القصد.
2- و منها كونها مملوكة للمؤجر فلا تصح اجارة ملك الغير إلا بإذنه.
3- للتغني و كذا الحائض لكنس المسجد.

ص: 93

و منها: تعيين نوعها إذا كانت للعين منافع متعددة، فإذا استؤجرت الدابة يعين انها للحمل أو الركوب أو لإدارة الرحى و غيرها. نعم تصح إجارتها لجميع منافعها فيملك المستأجر جميعها.

و منها: معلوميتها، اما بتقديرها بالزمان المعلوم كسكنى الدار شهرا أو الخياطة أو التعمير و البناء يوما، و اما بتقدير العمل كخياطة الثوب المعين خياطة كذائية فارسية أو رومية من غير تعرض (1) للزمان (2). و اما الأجرة فيعتبر معلوميتها و تعيين مقدارها بالكيل أو الوزن أو العد في المكيل و الموزون و المعدود و بالمشاهدة أو الواصف في غيرها، و يجوز أن تكون عينا خارجية أو كليا في الذمة أو عملا أو منفعة أو حقا قابلا للنقل و الانتقال كحقي التحجير و الاختصاص كالثمن في البيع.

[مسألة: 3 إذا استأجر دابة للحمل لا بد من تعيين جنس ما يحمل عليها لاختلاف الأغراض باختلافه]

مسألة: 3 إذا استأجر دابة للحمل لا بد (3) من تعيين جنس ما يحمل عليها لاختلاف الأغراض باختلافه، و كذا مقداره و لو بالمشاهدة و التخمين. و إذا استأجرها للسفر لا بد من تعيين الطريق و زمان السير من ليل أو نهار و نحو ذلك، بل لا بد من مشاهدة الراكب أو توصيفه بما يرفع الغرر و الجهالة.

[مسألة: 4 ما كانت معلومية المنفعة بحسب الزمان لا بد من تعيينها يوما أو شهرا أو سنة و نحو ذلك]

مسألة: 4 ما كانت معلومية المنفعة بحسب الزمان لا بد من تعيينها يوما أو شهرا أو سنة و نحو ذلك، فلا يصح تقديرها بمجي ء الحاج مثلا.

[مسألة: 5 لو قال كلما سكنت هذه الدار فكل شهر بدينار مثلا بطل]

مسألة: 5 لو قال كلما سكنت هذه الدار فكل شهر بدينار مثلا بطل ان كان المقصود الإجارة للجهالة و صح لو كان المقصود الإباحة بالعوض أو الجعالة (4)،


1- إذا لم تختلف أغراض العقلاء باختلاف الأزمنة الواقع فيها العمل، و اما إذا اختلفت الأغراض و الرغبات باختلاف الأزمنة فلا بد من تعيين الزمان الواقع فيه أيضا.
2- و كونها مملوكة، فلا تصح اجارة مال الغير إلا بإجازته و كذا الكلام في الأجرة.
3- فيما إذا اختلفت باختلافه الأغراض.
4- بأن جعل أحد على نفسه لمن أسكنه داره كل شهر كذا، و أما جعل المالك لنفسه على من سكن داره كل شهر كذا فهو خلاف المعهود من الجعالة، و ان كان في خبر السكوني ما يشعر بذلك على احتمال، حيث قال عليه السلام «فإنه إنما أخذ الجعل على الحمام و لم يأخذ على الثياب».

ص: 94

و الفرق ان المستأجر مالك للمنفعة في الإجارة بخلافهما، فان المباح له و المجعول له ليسا مالكين للمنفعة أصلا و انما يملك المالك عليهما الجعل المقرر على تقدير الاستيفاء، و كذا الحال فيما إذا قال ان خطت هذا الثوب مثلا فارسيا فلك درهم و ان خطته روميا فلك درهمان بطل ان كان بعنوان الإجارة و صح ان كان بعنوان الجعالة كما هو ظاهر العبارة.

[مسألة: 6 إذا استأجر دابة لتحمله أو تحمل متاعه الى مكان في وقت معين]

مسألة: 6 إذا استأجر دابة لتحمله أو تحمل متاعه الى مكان في وقت معين- كأن استأجر دابة لإيصاله إلى كربلاء يوم عرفة و لم يوصله- فان كان ذلك لعدم سعة الوقت أو عدم إمكان الإيصال من جهة أخرى فالإجارة باطلة (1)، و ان كان واسعا و لكن قصر (2) فلم يوصله لم يستحق المؤجر من الأجرة شيئا. نعم لو استأجرها على أن يوصله الى مكان معين لكن شرط عليه ان يوصله في وقت كذا فتعذر أو تخلف، فالإجارة صحيحة بالأجرة المعينة لكن للمستأجر خيار الفسخ من جهة تخلف الشرط، فإذا فسخ يرجع أجرة المسمى إلى المستأجر و يستحق المؤجر أجرة المثل.

[مسألة: 7 إذا كان وقت زيارة عرفة و استأجر دابة للزيارة فلم يصل و فاتت منه الزيارة]

مسألة: 7 إذا كان وقت زيارة عرفة و استأجر دابة للزيارة فلم يصل و فاتت منه الزيارة صحت الإجارة و يستحق صاحب الدابة تمام الأجرة بعد ما لم يشترط عليه (3) في عقد الإجارة أيضا له يوم عرفة.

[مسألة: 8 لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد، فلو آجر داره في شهر مستقبل صح]

مسألة: 8 لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد، فلو آجر داره في شهر مستقبل (4) صح، سواء كانت مستأجرة في سابقه أم لا. نعم مع الإطلاق تنصرف الى الاتصال، فلو قال «آجرتك داري شهرا» اقتضى الإطلاق اتصاله بزمان العقد، و لو آجرها شهرا و فهم الإطلاق- أعني الكلي الصادق على المتصل و المنفصل- ففي


1- ان كان ذلك على وجه العنوانية و التقييد، و أما ان كان على وجه الشرطية فالإجارة صحيحة و الشرط لغو.
2- بل و ان لم يقصر و كان معذورا في عدم الوصول.
3- و لو بالانصراف و ما لم تكن زيارة عرفة على وجه العنوانية.
4- معين.

ص: 95

صحتها تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 9 عقد الإجارة لازم من الطرفين لا ينفسخ الا بالتقايل أو بالفسخ مع وجود خيار في البين]

مسألة: 9 عقد الإجارة لازم من الطرفين لا ينفسخ الا بالتقايل أو بالفسخ مع وجود خيار في البين، و الظاهر انه يجري فيها جميع الخيارات الا خيار المجلس و خيار الحيوان و خيار التأخير فإنها مختصة بالبيع، فيجري فيها خيار الشرط و خيار تخلف الشرط و خيار العيب و خيار الغبن و خيار الرؤية و غيرها. هذا في الإجارة العقدية، و أما المعاطاتية فهي كالبيع المعاطاتي، فلم تلزم الا بتصرفهما (2) أو تصرف أحدهما فيما انتقل إليه.

[مسألة: 10 لا تبطل الإجارة بالبيع و لا يكون فسخا لها]

مسألة: 10 لا تبطل الإجارة بالبيع و لا يكون فسخا لها فتنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة في تلك المدة. نعم للمشتري مع جهله بالإجارة خيار فسخ البيع، بل له الخيار لو علم بها و تخيل أن مدتها قصيرة فتبين انها طويلة، و لو فسخ المستأجر الإجارة أو انفسخت رجعت المنفعة في بقية المدة إلى المؤجر لا المشتري.

و كما لا تبطل الإجارة ببيع العين المستأجرة على غير المستأجر كذلك لا تبطل (3) لو بيعت عليه، فلو استأجر دارا ثم اشتراها بقيت الإجارة على حالها و يكون ملكه للمنفعة في بقية المدة بسبب الإجارة لا من جهة تبعية العين، فلو انفسخت الإجارة رجعت المنفعة في بقية المدة إلى البائع، و لو فسخ البيع بأحد أسبابه بقي ملك المشتري المستأجر للمنفعة على حاله.

[مسألة: 11 الظاهر أنه لا تبطل إجارة الأعيان بموت الموجر و لا بموت المستأجر]

مسألة: 11 الظاهر أنه لا تبطل إجارة الأعيان بموت الموجر و لا بموت المستأجر إلا إذا كانت ملكية الموجر للمنفعة محدودة بزمان حياته فتبطل الإجارة


1- لا إشكال في بطلانه.
2- الملزم هو التلف أو تغيير العين بحيث لا يبقى موضوع للتراد من غير فرق في ذلك بين أن يكون بالتصرف أو بغيره.
3- مشكل جدا، لان اعتبار الإضافة المعتبرة بين العين و المستأجر فيما بينهما و بين المالك في غاية الاشكال، و كذا اعتبار ملك المنفعة استقلالا لمالك العين كما نبه عليه غير واحد من أساطين الفن، فالأحوط التصالح في مال الإجارة من زمان الشراء الى انتهاء مدة الإجارة، و أما المنفعة فملك للمشترى على أى تقدير.

ص: 96

بموته، كما إذا كانت منفعة دار موصى بها لشخص مدة حياته فآجرها سنتين و مات بعد سنة فتبطل الإجارة بالنسبة الى ما بقي من المدة. نعم لما كانت المنفعة في بقية المدة لورثة الموصى فلهم ان يجيزوها بالنسبة إلى تلك المدة فتقع لهم الإجارة و يكون لهم الأجرة، و من ذلك ما إذا آجر العين الموقوفة البطن السابق (1) و مات قبل انقضاء مدة الإجارة فتبطل الا أن يجيز البطن اللاحق. نعم لو آجرها المتولي للوقف لمصلحة الوقف و البطون اللاحقة مدة تزيد على مدة بقاء بعض البطون تكون نافذة على البطون اللاحقة، و لا تبطل بموت الموجر (2) و لا بموت البطن الموجود حال الإجارة. هذا كله في إجارة الأعيان، و أما إجارة النفس لبعض الاعمال فتبطل بموت الأجير بلا اشكال. نعم لو تقبل عملا و جعله في ذمته (3) لم تبطل الإجارة بموته بل يكون العمل دينا عليه يستوفي من تركته.

[مسألة: 12 لو آجر الولي الصبي المولى عليه أو ملكه مدة مع مراعاة المصلحة و الغبطة]

مسألة: 12 لو آجر الولي الصبي المولى عليه أو ملكه مدة مع مراعاة المصلحة و الغبطة فبلغ الرشد قبل انقضاء المدة، الظاهر أنه ليس له نقضها (4) و فسخها بالنسبة الى ما بقي من المدة، خصوصا في إجارة أملاكه. و كذا إذا آجر عبده أو أمته مدة لعمل من خدمته أو غيرها ثم أعتقه فإنه لا تبطل الإجارة بعتقه.

[مسألة: 13 إذا وجد المستأجر بالعين المستأجرة عيبا سابقا كان له فسخ الإجارة]

مسألة: 13 إذا وجد المستأجر بالعين المستأجرة عيبا سابقا (5) كان له فسخ الإجارة إذا كان ذلك العيب موجبا لنقص المنفعة كالعرج في الدابة أو الأجرة كما إذا كانت مقطوعة الاذن أو الذنب. هذا إذا كان متعلق الإجارة عينا شخصية، و أما إذا كان كليا و كان الفرد المقبوض معيبا فليس له فسخ العقد، بل له مطالبة البدل إلا إذا تعذر


1- بل الأقوى عدم التأثير الإجازة البطن اللاحق في الموقوفة.
2- فيه تأمل.
3- من دون قيد المباشرة بنحو القيدية و العنوانية، و أما معه فتبطل الإجارة، و لو كانت المباشرة دخيلا بنحو الشرطية ثبت للمستأجر خيار الفسخ.
4- و ذلك لان البلوغ غاية للولاية لا لما فيه الولاية.
5- على العقد أو القبض.

ص: 97

فكان له الخيار في أصل العقد. هذا كله في العين المستأجرة، و أما الأجرة فإن كانت عينا شخصية و وجد الموجر بها عيبا كان ان له الفسخ كما له مطالبة الأرش (1)، و إذا كانت كلية فله مطالبة البدل و ليس له فسخ الإجارة إلا إذا تعذر البدل.

[مسألة: 14 إذا ظهر الغبن للموجر أو المستأجر فله خيار الغبن إلا إذا شرطا سقوطه]

مسألة: 14 إذا ظهر الغبن للموجر أو المستأجر فله خيار الغبن إلا إذا شرطا سقوطه.

[مسألة: 15 يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان و العمل في إجارة النفس على الاعمال]

مسألة: 15 يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان و العمل في إجارة النفس على الاعمال، و كذا الموجر و الأجير الأجرة بمجرد العقد، لكن ليس لكل منهما مطالبة ما ملكه الا بتسليم ما ملكه، فليس للمستأجر مطالبة المنفعة و العمل الا بعد تسليم الأجرة، كما أنه ليس للموجر و لا الأجير مطالبة الأجرة إلا بعد تسليم المنفعة، فعلى كل من الطرفين و ان وجب التسليم لكن لكل منهما الامتناع عنه إذا رأى من الأخر الامتناع عنه.

[مسألة: 16 إذا تعلقت الإجارة بالعين فتسليم منفعتها بتسليم تلك العين]

مسألة: 16 إذا تعلقت الإجارة بالعين فتسليم منفعتها بتسليم تلك العين، و أما تسليم العمل فيما إذا تعلقت بالنفس فباتمامه إذا كان مثل الصلاة و الصوم و الحج و حفر بئر في دار المستأجر و أمثال ذلك مما لم يكن متعلقا بمال من المستأجر بيد الموجر، فقبل إتمام العمل لا يستحق الأجير مطالبة الأجرة، و بعده لا يجوز للمستأجر المماطلة.

نعم لو كان شرط منهما على تأدية الأجرة كلا أو بعضا قبل العمل صريحا أو ضمنيا- كما إذا كانت عادة تقتضي التزام المستأجر بذلك- كان هو المتبع. و أما إذا كان متعلقا بمال من المستأجر في يد الموجر كالثوب يخيطه و الخاتم يصوغه و الكتاب يكتبه و أمثال ذلك، ففي كون تسليمه بإتمام العمل كالأول أو بتسليم مورد العمل كالثوب و الخاتم و الكتاب، وجهان بل قولان أقواهما الأول. فعلى هذا لو تلف الثوب مثلا بعد تمام العمل على نحو لا ضمان عليه لا شي ء عليه و يستحق مطالبة الأجرة،


1- مشكل.

ص: 98

و إذا تلف مضمونا عليه ضمنه (1) بوصف المخيطية لا بقيمته قبلها و له المطالبة بالأجرة المسماة.

[مسألة: 17 إذا بذل المستأجر الأجرة أو كان له حق أن يؤخرها بموجب شرطهما]

مسألة: 17 إذا بذل المستأجر الأجرة أو كان له حق أن يؤخرها بموجب شرطهما و امتنع الموجر من تسليم العين المستأجرة يجبر عليه، و ان لم يمكن إجباره فللمستأجر فسخ الإجارة و الرجوع الى الأجرة، و له إبقاء الإجارة و مطالبة المؤجر بعوض المنفعة الفائتة، و كذا ان أخذها منه بعد التسليم بلا فصل أو في أثناء المدة، لكن في الثاني لو فسخها تنفسخ (2) بالنسبة الى ما بقي من المدة فيرجع الى ما يقابله من الأجرة.

[مسألة: 18 لو آجر دابة من زيد فشردت بطلت الإجارة]

مسألة: 18 لو آجر دابة من زيد فشردت بطلت الإجارة، سواء كان قبل التسليم أو بعده في أثناء المدة (3).

[مسألة: 19 إذا تسلم المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف المنفعة حتى انقضت مدة الإجارة]

مسألة: 19 إذا تسلم المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف المنفعة حتى انقضت مدة الإجارة- كما إذا استأجر دارا مدة و تسلمها و لم يسكنها أو دابة للركوب و لم يركبها حتى مضت المدة- فإن كان ذلك باختيار منه استقرت عليه الأجرة، و في حكمه ما لو بذل الموجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر عن تسلمها و استيفاء المنفعة منها حتى انقضت المدة، و هكذا الحال في الإجارة على الأعمال، فإنه إذا سلم الأجير نفسه و بذلها للعمل و امتنع المستأجر من تسلمه- كما إذا استأجر أحدا يخيط له ثوبا معينا في وقت معين و امتنع من دفع الثوب اليه حتى مضى ذلك الوقت- فقد استحق عليه الأجرة، سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت مع امتناع المستأجر بشغل آخر لنفسه أو لغيره أو بقي فارغا. و ان كان ذلك لعذر بطلت الإجارة و لم يستحق


1- و أما على الثاني فتنفسخ الإجارة لتلف الوصف قيل قبضه فلا يستحق الأجرة و ضمن قيمتها قبل الخياطة، لأن الوصف كان للمستأجر بالإجارة و قد انفسخت. و لو قيل بضمان قيمة الوصف يستحق الأجرة لأن قبض قيمة الوصف قبض للوصف.
2- بل الأقوى ثبوت الخيار له في فسخ الكل أو البعض.
3- من غير تقصير من المستأجر.

ص: 99

الموجر شيئا من الأجرة ان كان ذلك عذرا عاما معه لم تكن العين قابلة لان تستوفى منها المنفعة، كما إذا استأجر دابة للركوب الى مكان فنزل ثلج مانع عن الاستطراق أو انسد الطريق بسبب آخر، أو دارا للسكنى فصارت غير مسكونة لصيرورتها معركة أو مسبعة و نحو ذلك. و لو عرض مثل هذه العوارض في أثناء المدة بعد استيفاء المستأجر مقدارا من المنفعة بطلت الإجارة بالنسبة، و ان كان عذرا يختص به المستأجر- كما إذا مرض و لم يتمكن من ركوب الدابة المستأجرة- ففي كونه موجبا للبطلان و عدمه وجهان لا يخلو أولهما من رجحان (1). هذا إذا اشترطت المباشرة بحيث لم يمكن له استيفاء المنفعة و لو بالإجارة، و الا لم تبطل قطعا.

[مسألة: 20 إذا غصب العين المستأجرة غاصب و منع المستأجر عن استيفاء المنفعة]

مسألة: 20 إذا غصب العين المستأجرة غاصب و منع المستأجر عن استيفاء المنفعة، فإن كان قبل القبض تخير بين الفسخ و الرجوع بأجرة المسمى على الموجر لو أداها و بين الرجوع الى الغاصب بأجرة المثل، و ان كان بعد القبض تعين الثاني.

[مسألة: 21 إذا تلفت العين المستأجرة قبل قبض المستأجر بطلت الإجارة]

مسألة: 21 إذا تلفت العين المستأجرة (2) قبل قبض المستأجر بطلت الإجارة، و كذا بعده بلا فصل معتد به. و أما إذا تلفت في أثناء المدة (3) و بعد استيفاء المنفعة مدة بطلت (4) بالنسبة إلى بقية المدة و يرجع من الأجرة بما قابلها ان نصفا فنصف و ان ثلثا فثلث و هكذا. هذا إذا تساوت أجرة العين بحسب الزمان، و أما إذا تفاوتت تلاحظ النسبة، مثلا إذا كانت أجرة الدار في الشتاء ضعف أجرتها في باقي الفصول و بقي من المدة ثلاثة أشهر من الشتاء يرجع بثلثي الأجرة المسماة و يقع في مقابل ما مضى من المدة ثلثها، و هكذا الحال في كل مورد حصل الفسخ أو الانفساخ في أثناء المدة بسبب من الأسباب. هذا إذا تلفت العين المستأجرة بتمامها، و أما إذا تلف بعضها


1- بل الثاني هو الأقوى.
2- المسألة مفروضة فيما تلفت قبل زمان الإجارة، و أما بعد مضى مقدار من زمان الإجارة أو عدم القبض فله حكم آخر.
3- لا فرق بين استيفاء المنفعة و عدمه في تلك المسألة.
4- و لا يبعد ثبوت الخيار للمستأجر بالنسبة الى ما مضى للتبعض، فيرجع الى أجرة المسمى و يضمن أجرة المثل، و هكذا في كل مورد حصل الفسخ أو الانفساخ في أثناء المدة.

ص: 100

تبطل (1) بنسبته من أول الأمر أو في أثناء المدة.

[مسألة: 22 إذا آجر دارا فانهدمت بطلت الإجارة ان خرجت عن الانتفاع بالمرة]

مسألة: 22 إذا آجر دارا فانهدمت بطلت الإجارة ان خرجت عن الانتفاع بالمرة (2)، فإن كان قبل القبض أو بعده بلا فصل قبل أن يسكن فيها رجعت الأجرة بتمامها و الا فبالنسبة (3) كما مر. و ان أمكن الانتفاع بها في الجملة (4) كان للمستأجر الخيار بين الإبقاء و الفسخ، و إذا فسخ كان حكم الأجرة على حذو ما سبق. و ان انهدم بعض بيوتها فان بادر الموجر الى تعميرها بحيث لم يفت الانتفاع أصلا ليس فسخ و لا انفساخ على الأقوى، و الا بطلت الإجارة بالنسبة الى ما انهدمت و بقيت بالنسبة إلى البقية بما يقابلها من الأجرة و كان للمستأجر خيار تبعض الصفقة.

[مسألة: 23 كل موضع كانت الإجارة فاسدة ثبت للموجر أجرة المثل بمقدار ما استوفاه]

مسألة: 23 كل موضع كانت الإجارة فاسدة ثبت للموجر أجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر (5) من المنفعة، و كذلك في إجارة النفس للعمل، فان العامل يستحق أجرة مثل عمله (6). نعم يشكل استحقاق الأجرة إذا كان المؤجر أو الأجير عالمين ببطلان الإجارة خصوصا في الإجارة على العمل، فالاحتياط بالتصالح و التراضي لا ينبغي تركه.

[مسألة: 24 يجوز اجارة المشاع، سواء كان للموجر جزء مشاع من عين فآجره]

مسألة: 24 يجوز اجارة المشاع، سواء كان للموجر جزء مشاع من عين فآجره أو كان مالكا للكل و آجر جزءا مشاعا منه كنصفه أو ثلثه، لكن في الصورة الاولى لا يجوز (7) للموجر تسليم العين للمستأجر إلا بإذن شريكه، و كذا يجوز أن


1- و للمستأجر خيار التبعض كما مر.
2- يكفي في البطلان خروجها عما هو مورد للإجارة و ان كان لها منافع أخرى.
3- مع خيار التبعض للمشتري.
4- أي بقي بعض ما وقع عليه العقد من المنافع.
5- أو تلف في يده مضمونة عليه.
6- إذا استوفاه المستأجر أو كان بأمره ما لم يكن مغرورا، من غير فرق بين كونهما عالمين بالفساد أو جاهلين أو مختلفين.
7- لكن لو عصى و سلم اليه تترتب عليه آثار القبض الصحيح.

ص: 101

يستأجر اثنان مثلا دارا على نحو الاشتراك و يسكناها معا بالتراضي أو يقتسماها بحسب المساكن بالتعديل و القرعة كتقسيم الشريكين الدار المشتركة أو يقتسما منفعتها بالمهاياة بأن يسكنها أحدهما ستة أشهر ثم الأخر كما إذا استأجرا معا دابة للركوب (1) فان تقسيم منفعتها الركوبية لا يكون إلا بالمهاياة، بأن يركبها أحدهما يوما و الأخر يوما مثلا، أو بالتناوب بحسب المسافة بأن يركبها أحدهما فرسخا ثم الأخر مثلا.

[مسألة: 25 إذا استأجر عينا و لم يشترط عليه استيفاء منفعتها بالمباشرة]

مسألة: 25 إذا استأجر عينا و لم يشترط عليه استيفاء منفعتها بالمباشرة يجوز أن يوجرها بأقل مما استأجر و بالمساوي و بالأكثر. هذا في غير البيت و الدار و الدكان و أما هي فلا يجوز إجارتها بأكثر مما استأجر إلا إذا أحدث فيها حدثا من تعمير أو تبييض أو تنظيف و نحو ذلك، و الأحوط (2) إلحاق الخان و الرحى و السفينة بها أيضا.

و إذا استأجر دارا مثلا بعشرة دراهم فسكن بنصفها و آجر الباقي بعشرة من دون احداث حدث جاز و لم يكن من الإجارة بالأكثر مما استأجر، و كذا لو سكنها في نصف المدة و آجرها في باقي المدة بعشرة. نعم لو آجرها في باقي المدة أو آجر نصفها بأكثر من عشرة يكون من الإجارة بالأكثر المنهي عنها.

[مسألة: 26 إذا تقبل عملا من غير اشتراط المباشرة و لا مع الانصراف إليها]

مسألة: 26 إذا تقبل عملا من غير اشتراط المباشرة و لا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة و بالأكثر، و أما بالأقل فلا يجوز إلا إذا أحدث حدثا أو أتى ببعض العمل و لو قليلا، كما إذا تقبل خياطة ثوب بدرهم ففصله أو خاط منه شيئا و لو قليلا فلا بأس باستئجار غيره على خياطته بالأقل و لو بعشر دراهم أو ثمنه.

[مسألة: 27 الأجير عن الغير إذا آجر نفسه على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر في مدة معينة]

مسألة: 27 الأجير عن الغير إذا آجر نفسه على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر في مدة معينة لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه أو لغيره لا تبرعا و لا بالجعالة أو الإجارة. نعم لا بأس ببعض الأعمال التي انصرفت عنها الإجارة و لم تشملها


1- غير مترادفين.
2- لا يترك في إلحاق الرحى و السفينة و الأرض.

ص: 102

و لم تكن منافية لما شملته، كما انه لو كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار، فلا مانع من الاشتغال ببعض الاعمال في الليل (1) له أو لغيره حتى بالإجارة إلا إذا أدى الى ضعفه في النهار، فإذا عمل في تلك المدة عملا مما ليس خارجا عن مورد الإجارة، فإن كان العمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و استرجاع تمام الأجرة إذا لم يعمل الأجير له شيئا أو بعضها إذا عمل له شيئا و بين ان يبقيها و يطالبه أجرة مثل العمل الذي عمله لنفسه و كذا إذا عمل للغير تبرعا. و أما لو عمل للغير بعنوان الجعالة أو الإجارة فله مضافا الى ذلك إمضاء الإجارة أو الجعالة و أخذ الأجرة المسماة في تلك الجعالة أو الإجارة فله التخيير بين أمور ثلاثة.

[مسألة: 28 إذا آجر نفسه لعمل مخصوص بالمباشرة في وقت معين لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره في ذلك الوقت ما لا ينافيه]

مسألة: 28 إذا آجر نفسه لعمل مخصوص بالمباشرة في وقت معين لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره في ذلك الوقت ما لا ينافيه، كما إذا آجر نفسه يوما معينا للخياطة أو الكتابة ثم آجر نفسه في ذلك اليوم للصوم عن الغير (2) و ليس لهم ان يعمل في ذلك الوقت من نوع ذلك العمل و من غيره مما ينافيه لنفسه و لا لغيره، فلو فعل فان كان من نوع ذلك العمل- كما إذا آجر نفسه للخياطة في يوم فاشتغل في ذلك اليوم بالخياطة لنفسه أو لغيره تبرعا أو بالإجارة- كان حكمه حكم الصورة السابقة من تخيير المستأجر بين أمرين لو عمل الأجير لنفسه أو عمل لغيره تبرعا و بين أمور ثلاثة أو عمل لغيره بالجعالة أو الإجارة، و ان كان من غير نوع ذلك العمل- كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة- فللمستأجر التخيير بين أمرين مطلقا من فسخ الإجارة و استرجاع الأجرة و من مطالبة عوض المنفعة الفائتة (3).

[مسألة: 29 إذا آجر نفسه لعمل من غير اعتبار المباشرة و لو في وقت معين]

مسألة: 29 إذا آجر نفسه لعمل من غير اعتبار المباشرة (4) و لو في وقت معين


1- إذا لم يكن الليل داخلا في الإجارة.
2- إذا لم يوجب منقصة للعمل بحسب المتعارف.
3- و له مطالبة عوض المنفعة المستوفاة أيضا.
4- و لا منصرفا إليها.

ص: 103

أو من غير تعيين (1) الوقت و لو مع اعتبار المباشرة جاز له أن يؤجر نفسه للغير على نوع ذلك العمل أو ما يضاده قبل الإتيان بالعمل المستأجر عليه لعدم التنافي بين الاجارتين.

[مسألة: 30 إذا استأجر دابة للحمل الى بلد فركبها اليه أو بالعكس عمدا]

مسألة: 30 إذا استأجر دابة للحمل الى بلد (2) فركبها اليه أو بالعكس عمدا أو اشتباها لزمته الأجرة المسماة حيث انها قد استقرت عليه بتسليم الدابة و ان لم يستوف المستأجر المنفعة كما مر، و هل لزمته أجرة مثل المنفعة التي استوفاها أيضا فتكون عليه أجرتان أو لم يلزمه الا التفاوت بين أجرة المنفعة التي استوفاها و أجرة المنفعة المستأجر عليها لو كان، فإذا استأجرها للحمل بخمسة فركبها و كانت اجرة الركوب عشرة لزمته العشرة، و لو لم يكن تفاوت بينهما لم تلزم عليه الا الأجرة المسماة؟

وجهان لا يخلو ثانيهما عن (3) رجحان، و الأحوط التصالح.

[مسألة: 31 لو آجر نفسه لعمل فعمل للمستأجر غير ذلك العمل بغير أمر منه]

مسألة: 31 لو آجر نفسه لعمل فعمل للمستأجر غير ذلك العمل بغير أمر منه- كما إذا استؤجر للخياطة فكتب له- لم يستحق شيئا (4) سواء كان متعمدا أو وقع منه ذلك اشتباها، و كذا لو آجر دابته لحمل متاع زيد الى مكان فاشتبه و حمل متاع عمرو لم يستحق الأجرة على واحد منهما.

[مسألة: 32 يجوز استيجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضا]

مسألة: 32 يجوز استيجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضا، بأن ينتفع الطفل منها و يتغذى بلبنها مدة معينة و ان لم يكن منها فعل. و لا يعتبر في صحة إجارتها لذلك اذن الزوج و رضاه، بل ليس له المنع عنها إذا لم يكن (5) مانعا عن حق استمتاعه منها. و كذا يجوز استيجار الشاة الحلوب للانتفاع بلبنها و البئر للاستقاء منها، و لا يضر بصحة إجارتها كون الانتفاع فيها بإتلاف الأعيان من اللبن و الماء، لأن الذي


1- الظاهر ان الإطلاق يقتضي التعجيل.
2- يعنى للحمل في وقت معين فركبها فيه.
3- بل هو الأقوى.
4- هذا في صورة فسخ المستأجر، و له أن لا يفسخ و يطالب عوض الفائت فيستحق الأجير الأجرة المسماة، و كذلك في الفرع الثاني يعني في صورة حمل متاع الغير اشتباها.
5- و الا لا يجوز إلا بإذنه.

ص: 104

يضر بصحة الإجارة بل ينافي حقيقتها كون الانتفاع المقصود بإتلاف العين المستأجرة كإجارة الخبز للأكل و اجارة الحطب للإشعال كما مر، و هنا لم تتعلق الإجارة باللبن و الماء بل تعلقت بالمرأة و الشاة و البئر و هي باقية. نعم في إجارة الأشجار للانتفاع بثمرها إشكال (1).

[مسألة: 33 إذا استؤجر لعمل من بناء أو خياطة ثوب معين أو غير ذلك لا يفيد المباشرة]

مسألة: 33 إذا استؤجر لعمل من بناء أو خياطة ثوب معين أو غير ذلك لا يفيد المباشرة، فعمله شخص آخر تبرعا عنه و مساعدة له كان ذلك بمنزلة عمله فاستحق الأجرة المسماة، و ان عمله تبرعا عن المالك لم يستحق المستأجر شيئا، بل بطلت الإجارة لفوات محلها، و لا يستحق العامل على المالك أجرة، لأنه لم يكن بأمره.

[مسألة: 34 لا يجوز للإنسان ان يؤجر نفسه للإتيان بما وجب عليه عينا كالصلاة اليومية]

مسألة: 34 لا يجوز للإنسان ان يؤجر نفسه للإتيان بما وجب عليه عينا كالصلاة اليومية، و لا ما وجب عليه كفائيا إذا كان وجوبه كذلك بعنوانه الخاص كتغسيل الأموات و تكفينهم و دفنهم، و أما ما وجب من جهة حفظ النظام و حاجة الأنام كالصناعات المحتاج إليها و الطبابة و نحوها فلا بأس بإجارة النفس لها و أخذ الأجرة عليها، كما أن إجارة النفس للنيابة عن الغير حيا و ميتا فيما وجب عليه و شرع فيه النيابة لا بأس به و لا اشكال فيه.

[مسألة: 35 يجوز الإجارة لحفظ المتاع عن الضياع و حراسة الدور و البساتين عن السرقة مدة معينة]

مسألة: 35 يجوز الإجارة لحفظ المتاع عن الضياع و حراسة الدور و البساتين عن السرقة مدة معينة، و يجوز اشتراط الضمان عليه لو حصل الضياع أو السرقة و لو من غير تقصير منه، بأن يلتزم في ضمن عقد الإجارة بأنه لو ضاع المتاع أو سرق من البستان أو الدار شي ء خسره من كيسه و أعطى عوضه، فما تداول من تضمين الناطور إذا ضاع أمر مشروع لو التزم به على نحو مشروع.

[مسألة: 36 إذا طلب من أحد أن يعمل له عملا فعمل استحق عليه اجرة مثل عمله]

مسألة: 36 إذا طلب من أحد أن يعمل له عملا فعمل استحق عليه اجرة مثل عمله إذا كان مما له أجرة و لم يقصد العامل التبرع بعمله، و إذا قصد التبرع لم يستحق أجرة و ان كان من قصد الأمر إعطاء الأجرة.


1- لكن لا وجه له، و لا فرق بينه و بين إجارة المرأة للرضاع.

ص: 105

[مسألة: 37 لو استأجر أحدا في مدة معينة لحيازة المباحات]

مسألة: 37 لو استأجر أحدا في مدة معينة لحيازة المباحات- كما إذا استأجره شهرا للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاستقاء- و قصد باستئجاره له ملكية ما يحوزه فكل ما يحوزه المستأجر في تلك المدة من الحطب أو الحشيش أو الماء مثلا يكون ملكا للمستأجر، سواء قصد الأجير ملكية المستأجر أم لا، بل و لو قصد ملكية نفسه (1).

نعم لو استأجره للحيازة لا بقصد التملك- كما إذا كان له غرض عقلائي لجمع الحطب أو الحشيش فاستأجر شخصا لذلك- لم يملك ما يحوزه و يجمعه الأجير، فلا مانع من أن ينوي الأجير تملكه، فيتملكه كما إذا لم يؤجر نفسه للحيازة.

[مسألة: 38 لا يجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعير بمقدار معين من الحنطة]

مسألة: 38 لا يجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعير بمقدار معين من الحنطة أو الشعير الحاصلين منها، بل و كذا بمقدار منهما في الذمة مع اشتراط أدائه مما يحصل منها، و أما إجارتها بالحنطة و الشعير من دون تقييد و لا اشتراط بكونهما منها فالأقرب جوازه، و أما إجارتها بغير الحنطة و الشعير فلا اشكال فيه أصلا (2).

[مسألة: 39 العين المستأجرة امانة في يد المستأجر في مدة الإجارة]

مسألة: 39 العين المستأجرة امانة في يد المستأجر في مدة الإجارة، فلا يضمن تلفها و لا تعيبها إلا بالتعدي أو التفريط، و كذا العين التي للمستأجر بيد من آجر نفسه لعمل فيها كالثوب للصبغ أو الخياطة و الفضة أو الذهب للصياغة، فإنه لا يضمن تلفها و نقصها بدون التعدي و التفريط. نعم إذا أفسد العين للصبغ أو القصارة أو الخياطة حتى لتفصيل الثوب و نحو ذلك ضمن و ان كان بغير قصده، بل و ان كان استادا ماهرا و قد أعمل كمال النظر و الدقة و الاحتياط في شغله، و كذا كل من آجر نفسه لعمل في


1- الأقوى انه لا يصير ملكا للمستأجر إلا مع قصد الأجير ملكيته، كما أن الأقوى انه مع قصد المؤجر ملكية نفسه يصير ملكا له، و معه فللمستأجر أن يطالب أكثر الأمرين من عوض الفائت و من أجرة الحيازة بقصد نفسه و له أن يفسخ الإجارة و يرجع إليه بالأجرة المسماة.
2- بل الحكم فيه هو الحكم فيهما.

ص: 106

مال المستأجر إذا أفسده ضمنه، و من ذلك ما إذا استؤجر القصاب لذبح الحيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي بحيث صار حراما، فإنه ضامن لقيمته، بل الظاهر أنه كذلك لو ذبحه له تبرعا.

[مسألة: 40 الختان ضامن إذا تجاوز الحد و إن كان حاذقا]

مسألة: 40 الختان ضامن إذا تجاوز الحد و إن كان حاذقا، و في ضمانه إذا لم يتجاوز الحد- كما إذا أضر الختان بالولد فمات- اشكال أظهره العدم (1).

[مسألة: 41 الطبيب ضامن إذا باشر بنفسه العلاج]

مسألة: 41 الطبيب ضامن إذا باشر بنفسه العلاج، و أما لو لم يباشر ففيه اشكال (2) خصوصا في بعض الصور، كما إذا وصف الدواء الفلاني و قال انه نافع للمرض الفلاني أو قال ان دواءك كذا من دون ان يأمره بشربه، بل عدم الضمان في أمثال ذلك هو الأقوى.

[مسألة: 42 إذا عثر الحمال فانكسر ما كان على ظهره أو رأسه مثلا ضمن]

مسألة: 42 إذا عثر الحمال فانكسر ما كان على ظهره أو رأسه مثلا ضمن (3)، بخلاف الدابة المستأجرة للحمل إذا عثرت فتلف أو تعيب ما حملته، فإنه لا ضمان على صاحبها إلا إذا كان هو السبب من جهة ضربها أو سوقها في مزلق و نحو ذلك.

[مسألة: 43 إذا استأجر دابة للحمل لم يجز أن يحملها أزيد مما اشترط أو المقدار المتعارف لو أطلق]

مسألة: 43 إذا استأجر دابة للحمل لم يجز أن يحملها أزيد مما اشترط أو المقدار المتعارف لو أطلق، فلو حملها أزيد من ذلك ضمن تلفها و عوارها، و كذلك إذا سار عليها زائدا عما اشترط.

[مسألة: 44 إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن الا مع التقصير]

مسألة: 44 إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن الا مع التقصير أو اشتراط الضمان (4).

[مسألة: 45 صاحب الحمام لا يضمن الثياب و غيرها إذا سرقت إلا إذا أودع عنده و فرط أو تعدى]

مسألة: 45 صاحب الحمام لا يضمن الثياب و غيرها إذا سرقت إلا إذا أودع عنده و فرط أو تعدى.


1- فيما لم يكن وظيفته الا عمل الختان من دون أن يكون رأيه في الإضرار و عدمه مؤثرا في الاقدام على العمل، و أما معه بحيث كان نظره موردا لاعتماد العقلاء مثل الجراحين في عصرنا فالأقوى الضمان الا مع البراءة.
2- لا اشكال فيه إذا كان أقوى من المباشرة كما هو الغالب في الأطباء و المرضي.
3- إذا كان عن تقصير منه و الا فالأقوى عدم الضمان.
4- بمعنى اشتراط تدارك الضرر من ماله مجانا.

ص: 107

[مسألة: 46 إذا استأجر أرضا للزراعة فحصلت آفة أفسدت الحاصل لم تبطل الإجارة]

مسألة: 46 إذا استأجر أرضا للزراعة فحصلت آفة أفسدت الحاصل لم تبطل الإجارة و لا يوجب ذلك نقصا في الأجرة. نعم لو شرط على المؤجر إبراءه من الأجرة بمقدار ما نقص أو نصفا أو ثلثا منه مثلا صح و لزم الوفاء به.

[مسألة: 47 يجوز إجارة الأرض للانتفاع بها بالزرع و غيره مدة معلومة]

مسألة: 47 يجوز إجارة الأرض للانتفاع بها بالزرع و غيره مدة معلومة و جعل الأجرة تعميرها من كري الأنهار و تنقية الآبار و غرس الأشجار و تسوية الأرض و ازالة الأحجار و نحو ذلك، بشرط ان يعين تلك الاعمال على نحو يرتفع الغرر و الجهالة أو كان تعارف مغن عن التعيين.

ص: 108

[كتاب الجعالة]

اشارة

كتاب الجعالة و هي (1) الالتزام بعوض معلوم على عمل، و يقال للملتزم «الجاعل» و لمن يعمل ذلك العمل «العامل» و المعوض «الجعل» و «الجعيلة». و يفتقر إلى الإيجاب، و هو كل لفظ أفاد ذلك الالتزام، و هو اما عام كما إذا قال «من رد عبدي أو دابتي أو خاط ثوبي أو بنى حائطي مثلا فله كذا»، و اما خاص كما إذا قال لشخص «ان رددت عبدي أو دابتي مثلا فلك كذا». و لا (2) يفتقر الى قبول حتى في الخاص فضلا عن العام.

[مسألة: 1 الفرق بين الإجارة على العمل و الجعالة]

مسألة: 1 الفرق (3) بين الإجارة على العمل و الجعالة أن المستأجر في الإجارة يملك العمل على الأجير، و هو يملك على المستأجر الأجرة بنفس المعقد كما مر، بخلافه في الجعالة حيث انه ليس أثرها إلا استحقاق العامل الجعل المقرر على الجاعل بعد العمل.

[مسألة: 2 انما تصح الجعالة على كل عمل محلل مقصود في نظر العقلاء كالإجارة]

مسألة: 2 انما تصح الجعالة على كل عمل محلل مقصود في نظر العقلاء كالإجارة، فلا تصح على المحرم و لا على ما يكون لغوا عند العقلاء و بذل المال بإزائه


1- كما هو المشهور، أو إنشاء الالتزام بعوض على عمل محلل مقصود كما اختاره في الجواهر، و الأنسب أن يقال هي جعل عوض على عمل محلل مقصود.
2- المتيقن مما لا يفتقر اليه هو القبول القولي، و أما عدم افتقاره الى القبول العملي فمحل اشكال.
3- و بينهما فروق اخرى تعرف طي ذكر المسائل.

ص: 109

سفها، كالذهاب إلى الأمكنة المخوفة و الصعود على الجبال الشاهقة و الأبنية المرتفعة و الوثبة من موضع الى موضع آخر و نحو ذلك (1).

[مسألة: 3 كما لا تصح الإجارة على الواجبات العينية و الكفائية]

مسألة: 3 كما لا تصح الإجارة على الواجبات العينية و الكفائية على التفصيل الذي مر في كتابها لا تصح الجعالة عليها.

[مسألة: 4 يعتبر في الجاعل أهلية الاستيجار]

مسألة: 4 يعتبر في الجاعل أهلية الاستيجار من البلوغ و العقل و الرشد و القصد و عدم الحجر و الاختيار، و أما العامل فلا يعتبر فيه الا إمكان تحصيل العمل بحيث لا مانع منه عقلا أو شرعا، كما إذا وقعت الجعالة على كنس المسجد فلا يمكن حصوله شرعا من الجنب و الحائض، فلو كنساه لم يستحقا شيئا على عملهما. و لا يعتبر فيه نفوذ التصرف، فيجوز أن يكون صبيا مميزا و لو بغير اذن الولي، بل و لو كان غير مميز (2) أو مجنون على الأظهر (3)، فجميع هؤلاء يستحقون الجعل المقرر بعملهم.

[مسألة: 5 يجوز أن يكون العمل مجهولا في الجعالة بما لا يغتفر في الإجارة]

مسألة: 5 يجوز أن يكون العمل مجهولا في الجعالة بما لا يغتفر في الإجارة، فإذا قال «من رد دابتي فله كذا» صح و ان لم يعين المسافة و لا شخص الدابة مع شدة اختلاف الدواب في الظفر بها من حيث السهولة و الصعوبة، و كذا يجوز أن يوقع الجعالة على المردد (4) مع اتحاد الجعل، كما إذا قال «من رد عبدي أو دابتي فله كذا» أو بالاختلاف كما إذا قال «من رد عبدي فله عشرة و من رد دابتي فله خمسة». نعم لا يجوز جعل موردها مجهولا صرفا و مبهما بحتا لا يتمكن العامل من تحصيله، كما إذا قال «من وجد و أوصلني ما ضاع مني فله كذا»، بل و كذا لو قال «من رد حيوانا ضاع مني» و لم يعين انه من جنس الطيور أو الدواب أو غيرها.

هذا كله في العمل، و أما العوض فلا بد من تعيينه جنسا و نوعا و وصفا، بل كيلا أو


1- مما لم يكن فيه غرض عقلائي.
2- إذا كان الجعل سببا لصدور العمل منهما.
3- فيما قلناه في الحاشية السابقة، و على الأحوط في غيره بناء على كفاية جعل الجعل في اشتغال ذمته.
4- أى على كل واحد بنحو التخيير.

ص: 110

وزنا أو عدا ان كان مكيلا أو موزونا أو معدودا، فلو جعله ما في يده أو إنائه مثلا بأن قال «من رد دابتي فله ما في يدي أو ما في هذا الإناء» بطلت الجعالة. نعم الظاهر أنه يصح أن يجعل الجعل حصة معينة مما يرده و لو لم يشاهد و لم يوصف، بأن قال «من رد دابتي فله نصفها»، و كذا يصح أن يجعل للدلال ما زاد على رأس المال، كما إذا قال «بع هذا المال بكذا و الزائد لك» كما مر فيما سبق.

[مسألة: 6 كل مورد بطلت الجعالة للجهالة استحق العامل أجرة المثل]

مسألة: 6 كل مورد بطلت الجعالة للجهالة استحق العامل أجرة المثل، و الظاهر انه من هذا القبيل ما هو المتعارف من جعل الحلاوة المطلقة لمن دله على ولد ضائع أو دابة ضالة.

[مسألة: 7 لا يعتبر أن يكون الجعل ممن له العمل]

مسألة: 7 لا يعتبر أن يكون الجعل ممن له العمل، فيجوز أن يجعل جعلا من ماله لمن خاط ثوب زيد أو رد دابته.

[مسألة: 8 لو عين الجعالة لشخص و أتى بالعمل غيره لم يستحق الجعل ذلك الشخص]

مسألة: 8 لو عين الجعالة لشخص و أتى بالعمل غيره لم يستحق الجعل ذلك الشخص لعدم العمل و لا ذلك الغير لانه ما أمر بإتيان العمل و لا جعل لعمله جعل فهو كالمبرع. نعم لو جعل الجعالة على العمل لا بقيد المباشرة بحيث لو حصل ذلك الشخص العمل بالإجارة أو الاستنابة أو الجعالة شملته الجعالة و كان عمل ذلك الغير تبرعا عن المجعول له و مساعدة له استحق المجعول له بسبب عمل ذلك العامل الجعل المقرر.

[مسألة: 9 إذا جعل الجعل على عمل و قد عمله شخص قبل إيقاع الجعالة أو بقصد التبرع]

مسألة: 9 إذا جعل الجعل على عمل و قد عمله شخص قبل إيقاع الجعالة أو بقصد التبرع و عدم أخذ العوض يقع عمله ضائعا و بلا جعل و أجرة.

[مسألة: 10 انما يستحق العامل الجعل المقرر لو كان عمله لأجل ذلك]

مسألة: 10 انما يستحق العامل الجعل المقرر لو كان عمله لأجل ذلك (1) فيعتبر اطلاعه على التزام العامل به، فلو عمل لا لأجل ذلك بل تبرعا لم يستحق شيئا، و كذا لو تبين كذب المخبر، كما إذا أخبر مخبر بأن فلانا قال «من رد دابتي فله كذا» فردها


1- هذا مناف لما اختاره قدس سره من استحقاق المجنون و غير المميز للجعل، و الأحوط للجاعل إعطاء الجعل و الأحوط للعامل لا لأجله عدم إجبار الجاعل.

ص: 111

أحد اعتمادا على اخباره مع انه لم يقله لم يستحق شيئا لا على صاحب الدابة و لا على المخبر الكاذب. نعم لو كان قوله أوجب الاطمئنان لا يبعد ضمانه اجرة مثل عمله للغرور.

[مسألة: 11 لو قال من دلني على مالي فله كذا فدله من كان ماله في يده لم يستحق شيئا]

مسألة: 11 لو قال من دلني على مالي فله كذا فدله من كان ماله في يده لم يستحق شيئا لأنه واجب عليه شرعا، و أما لو قال من رد مالي فله كذا فان كان المال مما في رده كلفة و مئونة كالعبد الآبق و الدابة الشاردة استحق الجعل المقرر (1)، و ان لم يكن كذلك كالدراهم و الدنانير لم يستحق شيئا.

[مسألة: 12 انما يستحق العامل الجعل بتسليم العمل]

مسألة: 12 انما يستحق العامل الجعل بتسليم العمل، فلو جعل على رد الدابة إلى مالكها فجاء بها في البلد فشردت لم يستحق الجعل. نعم لو كان الجعل مجرد إيصالها إلى البلد استحقه، كما انه لو كان الجعل على مجرد الدلالة عليها و اعلام محلها استحق بذلك الجعل و ان لم يكن منه إيصال أصلا.

[مسألة: 13 لو قال من رد دابتي مثلا فله كذا فردها جماعة اشتركوا في الجعل]

مسألة: 13 لو قال من رد دابتي مثلا فله كذا فردها جماعة اشتركوا في الجعل المقرر بالسوية إن تساووا في العمل و الا فيوزع عليهم بالنسبة.

[مسألة: 14 لو جعل جعلا لشخص على عمل كبناء حائط أو خياطة ثوب فشاركه غيره في ذلك العمل]

مسألة: 14 لو جعل جعلا لشخص على عمل كبناء حائط أو خياطة ثوب فشاركه غيره في ذلك العمل يسقط عن جعله المعين ما يكون بإزاء عمل ذلك الغير، فان لم يتفاوتا كان له نصف الجعل و الا فبالنسبة، و أما الأخر فلم يستحق شيئا لكونه متبرعا. نعم لو لم يشترط على العامل المباشرة بل أريد منه العمل مطلقا و لو بمباشرة غيره و كان اشتراك الغير معه بعنوان التبرع عنه و مساعدته استحق المجعول له تمام الجعل (2).


1- ان كانت يده عليه يد المحسن، و أما الغاصب فلا يستحق شيئا لأنه عليه تحمل مئونة الرد.
2- إذا كان التبرع بتسبيب من المجعول له أو إجازته و الا فلا يستحق شيئا في مقابل ما تبرع عنه لأن تأثير قصد النائب في تحقق النيابة من دون أمر المنوب عنه أو إجازته لا دليل عليه.

ص: 112

[مسألة: 15 الجعالة قبل تمامية العمل جائزة من الطرفين]

مسألة: 15 الجعالة قبل تمامية العمل جائزة من الطرفين و لو بعد تلبس العامل و شروعه فيه فله رفع اليد عن العمل، كما ان للجاعل فسخ الجعالة و نقض التزامه على كل حال، فان كان ذلك قبل التلبس لم يستحق المجعول له شيئا، و أما لو كان بعد التلبس فان كان الرجوع من العامل لم يستحق شيئا، و ان كان من طرف الجاعل فعليه للعامل اجرة مثل ما عمل. و يحتمل الفرق في الأول، و هو ما كان الرجوع من العامل بين ما كان العمل مثل الخياطة و بناء الحائط و نحوهما مما كان تلبس العامل به بإيجاد بعض العمل و بين ما كان مثل رد الضالة و الآبق و نحوهما مما كان التلبس به بإيجاد بعض مقدماته الخارجة، فله من المسمى بالنسبة الى ما عمل في الأول، بخلاف الثاني فإنه لم يستحق شيئا (1). و المسألة محل اشكال، فلا ينبغي ترك الاحتياط بالتراضي و التصالح على كل حال.

[مسألة: 16 ما ذكرنا من أن للعامل الرجوع عن عمله على كل حال و لو بعد التلبس و الاشتغال]

مسألة: 16 ما ذكرنا من أن للعامل الرجوع عن عمله على كل حال و لو بعد التلبس و الاشتغال انما هو في مورد لم يكن في عدم إنهاء العمل ضرر على الجاعل و الا فيجب عليه، اما عدم الشروع في العمل و اما إتمامه بعد شروعه. مثلا إذا وقعت الجعالة على قص عينه أو بعض العمليات المتداولة بين الأطباء في هذه الأزمنة، حيث ان الصلاح و العلاج مترتب على تكميلها، و في عدمه فساد لا يجوز له رفع اليد عن العمل بعد التلبس له و الشروع فيه، و لو رفع اليد عنه لم يستحق (2) في مثله شيئا بالنسبة الى ما عمل بلا اشكال.


1- هذا إذا كانت كيفية الجعل مجملا، و اما ان كان الجعل للإتمام فلا يستحق العامل بفسخه قبل الإتمام شيئا و يستحق بفسخ الجاعل أجرة عمله سواء كان بعض العمل أو كان من المقدمات لقاعدة الغرر، و أما إذا جعل لكل جزء من العمل جزءا من الجعل بلا شرط الإتمام فيستحق العامل المسمى بالنسبة الى ما مضى بفسخ كل منهما و لا يجوز لهما الفسخ بالنسبة الى ما مضى.
2- و ذلك لعدم جعل الجعل لمثل هذا العمل بحسب المتعارف، و أما إذا اتفق ذلك بأن جعل جعلين لشخصين لأحدهما جعلا للقص و للآخر للإصلاح فيستحق كل منهما الجعل بالنسبة إلى عمله.

ص: 113

[كتاب العارية]

اشارة

كتاب العارية و هي التسليط على العين (1) للانتفاع بها على جهة التبرع، و هي من العقود التي تحتاج إلى إيجاب و قبول، فالإيجاب كل لفظ له ظهور عرفي في إرادة هذا المعنى كقوله «أعرتك» أو «أذنت لك في الانتفاع به» أو «انتفع به» أو «خذه لتنتفع به» و نحو ذلك. و القبول كلما أفاد الرضا بذلك، و يجوز أن يكون بالفعل، بأن يأخذ العين المعارة بعد إيجاب المعير بهذا العنوان، بل الظاهر انه لا يحتاج في وقوعها و صحتها الى لفظ أصلا، فتقع بالمعاطاة، كما إذا دفع اليه قميصا ليلبسه فأخذه للبس أو دفع إليه إناء أو بساطا ليستعمله فأخذه و استعمله.

[مسألة: 1 يعتبر في المعير أن يكون مالكا للمنفعة]

مسألة: 1 يعتبر في المعير أن يكون مالكا للمنفعة و له أهلية التصرف، فلا تصح اعارة الغاصب عينا أو منفعة، و في جريان الفضولية فيها حتى تصح بإجازة المالك كالبيع و الإجارة وجه قوي (2). و كذا لا تصح اعارة الصبي و المجنون و المحجور عليه لسفه أو فلس الا مع اذن الولي أو الغرماء، و في صحة اعارة الصبي بإذن الولي احتمال لا يخلو من قوة (3).


1- و الظاهر أن حقيقتها اعتبار اضافة بين العين المستعارة و المستعير، ثمرتها تسلط المستعير على الانتفاع بها تبرعا من دون عوض.
2- بل في جريان الفضولية فيها إشكال قوى و ان كانت نفس الإجازة مفيدة فائدة الإعارة بعد الإجازة، لكنها لا تنفع في رفع ضمان تلف العين قبل الإجازة و يحتاج إلى الإبراء.
3- لم يعلم وجه اختصاص هذا العقد من الصبي بالصحة مع اذن الولي دون سائر العقود الجائزة، و كفاية اذن الولي في إيجاب العارية لعدم اعتبار لفظ مخصوص فيها لا يصحح إيجاب الصبي بإذن الولي بل الموجب على هذا هو الولي، و هذه غير تلك المسألة. و اما السيرة التي استند إليها في الجواهر فغير محققة، بل الظاهر من كلمات الأصحاب عدم الركون إليها فراجع أدلتهم. ثم الظاهر من كلماتهم اختصاص الصحة بإعارة ماله بإذن الولي مع المصلحة دون مال غيره حتى الولي، و لم يعلم الفرق بينهما أيضا.

ص: 114

[مسألة: 2 لا يشترط في المعير ملكية العين]

مسألة: 2 لا يشترط في المعير ملكية العين، بل يكفي ملكية المنفعة بالإجارة أو بكونها موصى بها له بالوصية. نعم إذا اشترط استيفاء المنفعة في الإجارة بنفسه ليس له الإعارة.

[مسألة: 3 يعتبر في المستعير أن يكون أهلا للانتفاع بالعين]

مسألة: 3 يعتبر في المستعير أن يكون أهلا للانتفاع بالعين، فلا تصح استعارة المصحف للكافر و استعارة الصيد للمحرم لا من المحل و لا من المحرم. و كذا يعتبر فيه التعيين، فلو أعار شيئا أحد هذين أو أحد هؤلاء لم يصح. و لا يشترط أن يكون واحدا، فيصح اعارة شي ء واحد لجماعة، كما إذا قال «أعرت هذا الكتاب أو الإناء لهؤلاء العشرة» فيستوفون المنفعة بينهم بالتناوب أو القرعة كالعين المستأجرة، و في جواز كونه عددا غير محصور كما إذا قال أعرت هذا الشي ء لكل الناس تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 4 يعتبر في العين المستعارة كونها مما يمكن الانتفاع بها]

مسألة: 4 يعتبر في العين المستعارة كونها مما يمكن الانتفاع بها منفعة محللة مع بقاء عينها كالعقارات و الدواب و الثياب و الكتب و الأمتعة و الصفر و الحلي، بل و فحل الضراب و الهرة و الكلب للصيد و الحراسة و أشباه ذلك، فلا يجوز اعارة ما لا منفعة له محللة كآلات اللهو، و كذا آنية الذهب و الفضة بناء على عموم حرمة الانتفاع بها، و اما بناء على اختصاص الحرمة باستعمالها في الأكل و الشرب فلا تجوز إعارتها لخصوص هذه المنفعة، و كذا ما لا ينتفع به الا بإتلافه كالخبز و الدهن و الأشربة و أشباهها.

[مسألة: 5 يجوز إعارة الشاة للانتفاع بلبنها و صوفها و البئر]

مسألة: 5 يجوز إعارة الشاة للانتفاع بلبنها و صوفها و البئر للاستقاء منها.

[مسألة: 6 لا يجوز استعارة الجواري للاستمتاع بها لانحصار سبب حليتها بالتزويج]

مسألة: 6 لا يجوز استعارة الجواري للاستمتاع بها لانحصار سبب حليتها بالتزويج و ملك اليمين و بالتحليل الراجع إلى أحدهما. نعم لا بأس باعارتهن للخدمة،


1- و الأقوى عدم الجواز. نعم لا مانع من الإباحة كذلك.

ص: 115

و لا يجوز للمستعير أن ينظر الى ما لا يجوز النظر اليه منها لو لا الاستعارة الا بتحليل المعير.

[مسألة: 7 لا يشترط تعيين العين المستعارة عند الإعارة]

مسألة: 7 لا يشترط تعيين العين المستعارة عند الإعارة، فلو قال «أعرني احدى دوابك» فقال «ادخل الإصطبل و خذ ما شئت منها» صحت العارية (1).

[مسألة: 8 العين التي تعلقت بها العارية ان انحصرت جهة الانتفاع بها في منفعة خاصة]

مسألة: 8 العين التي تعلقت بها العارية ان انحصرت جهة الانتفاع بها في منفعة خاصة كالبساط للافتراش و اللحاف للتغطية و الخيمة للاكتنان و أشباه ذلك لا يلزم التعرض لجهة الانتفاع بها عند إعارتها و استعارتها، و ان تعددت جهات الانتفاع بها كالأرض ينتفع بها للزرع و الغرس و البناء و الدابة ينتفع بها للحمل و الركوب و نحو ذلك، فان كانت إعارتها و استعارتها لأجل منفعة أو منافع خاصة من منافعها يجب التعرض لها و اختص حلية الانتفاع للمستعير بما خصصه المعير، و ان كانت لأجل الانتفاع المطلق جاز التعميم و التصريح بالعموم، بأن يقول أعرتك هذه الدابة مثلا لأجل أن تنتفع بها كل انتفاع مباح يحصل منها، كما أنه يجوز إطلاق العارية بأن يقول أعرتك هذه الدابة، فيجوز للمستعير الانتفاع بسائر الانتفاعات المباحة المتعلقة بها. نعم ربما يكون لبعض الانتفاعات بالنسبة الى بعض الأعيان خفاء لا يندرج في الإطلاق، ففي مثله لا بد من التنصيص به أو التعميم على وجه يعمه، و ذلك كالدفن فإنه و ان كان من أحد وجوه الانتفاعات من الأرض كالبناء و الزرع و الغرس و مع ذلك لو أعيرت الأرض اعارة مطلقة لا يعمه الإطلاق.

[مسألة: 9 العارية جائزة من الطرفين]

مسألة: 9 العارية جائزة من الطرفين، فللمعير الرجوع متى شاء، كما أن للمستعير الرد متى شاء. نعم في خصوص إعارة الأرض للدفن لم يجز للمعير (2) بعد الدفن و الموت الرجوع (3) عن الإعارة و نبش القبر و قلع الميت على الأصح، و أما قبل ذلك فله الرجوع حتى بعد وضعه في القبر قبل مواراته، و ليس على المعير أجره


1- إذا أخذ واحدا من الدواب بقصد الاستعارة، إذ يكفي في صحتها اذن المعير و أخذ المستعير بقصدها.
2- بل له الرجوع عن الإعارة لكن ليس له الإجبار على النبش، و تظهر الثمرة في جواز مطالبة الأجرة للبقاء و فيما لو نبشه نابش فلا يجوز دفنه إلا بإذن جديد.
3- الظاهر ان لفظ «الموت» هنا غلط و الصحيح المواراة.

ص: 116

الحفظ و مئونته إذا رجع بعد الحفر قبل الدفن، كما أنه ليس على ولي الميت طم الحفر بعد ما كان بإذن من المعير.

[مسألة: 10 تبطل العارية بموت المعير]

مسألة: 10 تبطل العارية بموت المعير، بل بزوال سلطنته بجنون و نحوه.

[مسألة: 11 يجب على المستعير للاقتصار في نوع المنفعة على ما عينها المعير]

مسألة: 11 يجب على المستعير للاقتصار في نوع المنفعة على ما عينها المعير، فلا يجوز له التعدي إلى غيرها و لو كانت أدنى و أقل ضررا على المعير، و كذا يجب أن يقتصر في كيفية الانتفاع على ما جرت به العادة، فلو أعاره دابة للحمل لا يحملها الا القدر المعتاد بالنسبة الى ذلك الحيوان و ذلك المحمول و ذلك الزمان و المكان، فلو تعدى نوعا أو كيفية كان غاصبا و ضامنا و عليه أجرة ما استوفاه (1) من المنفعة.

[مسألة: 12 لو أعاره أرضا للبناء أو الغرس جاز له الرجوع]

مسألة: 12 لو أعاره أرضا للبناء أو الغرس جاز له الرجوع و له إلزام المستعير بالقلع لكن عليه الأرش (2)، و كذا في عاريتها للزرع إذا رجع قبل إدراكه، و يحتمل عدم استحقاق إلزام المعير بقلع الزرع لو رضي المستعير بالبقاء بالأجرة، و الأحوط لهما التراضي و التصالح. و مثل ذلك ما إذا أعار جذوعه للتسقيف ثم رجع بعد ما أثبتها المستعير في البناء.

[مسألة: 13 العارية أمانة بيد المستعير]

مسألة: 13 العارية أمانة بيد المستعير لا يضمنها لو تلفت إلا بالتعدي أو التفريط. نعم لو شرط الضمان ضمنها و ان لم يكن تعدي و لا تفريط، كما أنه لو كانت العين المعارة ذهبا أو فضة ضمنها، يشترط فيها الضمان أو لم يشترط (3).

[مسألة: 14 لا يجوز للمستعير اعارة العين المستعارة]

مسألة: 14 لا يجوز للمستعير اعارة العين المستعارة و لا إجارتها إلا بإذن المالك، فيكون إعارته (4) حينئذ في الحقيقة اعارة المالك و يكون المستعير وكيلا و نائبا عنه، فلو خرج المستعير عن قابلية الإعارة بعد ذلك- كما إذا جن- بقيت العارية الثانية على حالها.


1- نعم إذا تعدى في زمان، مثل ما إذا أجارها للانتفاع بها نهارا فتعدى المستعير و انتفع بها ليلا فالظاهر أن لا يكون عليه الا أجرة ما استوفاه ليلا.
2- بل لا أرش عليه.
3- نعم يسقط الضمان فيهما أيضا إذا اشترط السقوط.
4- و يكون فسخا للأولى و تجديدا للثانية.

ص: 117

[مسألة: 15 إذا تلفت العارية بفعل المستعير، فان كان بسبب الاستعمال المأذون فيه]

مسألة: 15 إذا تلفت العارية بفعل المستعير، فان كان بسبب الاستعمال المأذون فيه من دون تعدي عن المتعارف ليس عليه ضمان، كما إذا هلكت الدابة المستعارة للحمل بسبب الحمل عليها حملا متعارفا، و ان كان بسبب آخر ضمنها.

[مسألة: 16 إنما يبرأ المستعير عن عهدة العين المستعارة بردها الى مالكها]

مسألة: 16 إنما يبرأ المستعير عن عهدة العين المستعارة بردها الى مالكها أو وكيله أو وليه، و لو ردها الى حرزها الذي كانت فيه بلا يد من المالك و لا أذن منه لم يبرأ، كما إذا رد الدابة إلى الإصطبل و ربطها فيه بلا اذن من المالك فتلفت أو أتلفها متلف.

[مسألة: 17 إذا استعار عينا من الغاصب، فان لم يعلم بغصبه كان قرار الضمان على الغاصب]

مسألة: 17 إذا استعار عينا من الغاصب، فان لم يعلم بغصبه كان قرار الضمان على الغاصب، فان تلفت في يد المستعير (1) فللمالك الرجوع بعوض ماله على كل من الغاصب و المستعير، فان رجع على المستعير يرجع هو على الغاصب، فان رجع على الغاصب لم يكن له الرجوع على المستعير، و كذلك بالنسبة إلى بدل ما استوفاه المستعير (2) من المنفعة، فإنه إذا رجع به على المستعير يرجع هو على الغاصب دون العكس. و أما لو كان عالما بالغصب لم يرجع المستعير على الغاصب لو رجع المالك عليه، بل الأمر بالعكس فيرجع الغاصب على المستعير لو رجع المالك عليه، و لا يجوز له أن يرد العين الى الغاصب بعد ما علم بالغصبية، بل يجب أن يردها الى مالكها.


1- و كذا في الأيادي المتعاقبة لو تلف على يد غير الغاصب.
2- أو بدل ما تلف في يده من المنافع.

ص: 118

[كتاب الوديعة]

اشارة

كتاب الوديعة و هي (1) استنابة في الحفظ، و بعبارة أخرى هي وضع المال عند الغير ليحفظه لمالكه، و يطلق كثيرا على المال الموضوع، و يقال لصاحب المال «المودع» و لذلك الغير «الودعي» و «المستودع». و هي عقد يحتاج إلى الإيجاب، و هو كل لفظ دال على تلك الاستنابة، كأن يقول «أودعتك هذا المال» أو «احفظه» أو «هو وديعة عندك» و نحو ذلك. و القبول الدال على الرضا بالنيابة في الحفظ، و لا يعتبر فيها العربية بل تقع بكل لغة، و يجوز أن يكون الإيجاب باللفظ و القبول بالفعل، بأن قال له المالك مثلا هذا المال وديعة عندك فتسلم المال لذلك، بل يصح وقوعها بالمعاطاة بأن يسلم مالا الى أحد بقصد أن يكون محفوظا عنده و يحفظه فتسلمه بهذا العنوان.

[مسألة: 1 لو طرح ثوبا مثلا عند أحد و قال هذا وديعة عندك]

مسألة: 1 لو طرح ثوبا مثلا عند أحد و قال هذا وديعة عندك، فان قبلها بالقول أو الفعل الدال عليه و لو بالسكوت (2) الدال على الرضا بذلك صار وديعة و ترتبت عليها أحكامها، بخلاف ما إذا لم يقبلها حتى فيما إذا طرحه المالك عنده بهذا القصد و ذهب عنه، فلو تركه من قصد استيداعه و ذهب لم يكن عليه ضمان و ان كان الأحوط القيام بحفظه مع الإمكان.

[مسألة: 2 إنما يجوز قبول الوديعة لمن كان قادرا على حفظها]

مسألة: 2 إنما يجوز قبول الوديعة لمن كان قادرا على حفظها، فمن كان عاجزا


1- أو اعتبار اضافة بين المال و الودعي يترتب عليه أحكام الوديعة من وجوب الحفظ و عدم الضمان عند التلف بلا تفريط و غير ذلك من أحكامه.
2- في دلالة السكوت و الاكتفاء به على فرض الدلالة إشكال.

ص: 119

لم يجز له قبولها (1) على الأحوط.

[مسألة: 3 الوديعة جائزة من الطرفين]

مسألة: 3 الوديعة جائزة من الطرفين، فللمالك استرداد ماله متى شاء و للمستودع رده كذلك، و ليس للمودع الامتناع من قبوله، و لو فسخها المستودع عند نفسه انفسخت و زالت الأمانة المالكية و صار المال عنده أمانة شرعية، فيجب عليه رده الى مالكه أو الى من يقوم مقامه أو اعلامه بالفسخ و كون المال عنده، فلو أهمل في ذلك لا لعذر عقلي أو شرعي ضمن.

[مسألة: 4 يعتبر في كل من المستودع و المودع البلوغ و العقل]

مسألة: 4 يعتبر في كل من المستودع و المودع البلوغ و العقل، فلا يصح استيداع الصبي و لا المجنون و كذا إيداعهما، من غير فرق بين كون المال لهما أو لغيرهما من الكاملين، بل لا يجوز وضع اليد على ما أودعاه، و لو أخذ منهما ضمنه و لا يبرأ برده إليهما و انما يبرأ بإيصاله إلى وليهما (2). نعم لا بأس بأخذه منهما إذا خيف هلاكه و تلفه في أيديهما، فيؤخذ بعنوان الحسبة في الحفظ، و لكن لا يصير بذلك وديعة و أمانة مالكية بل تكون أمانة شرعية يجب عليه حفظها و المبادرة على إيصالها إلى وليهما (3) أو اعلامه بكونها عنده، و ليس عليه ضمان لو تلف في يده.

[مسألة: 5 لو أرسل شخص كامل مالا بواسطة الصبي أو المجنون الى شخص]

مسألة: 5 لو أرسل شخص كامل مالا بواسطة الصبي أو المجنون الى شخص ليكون وديعة عنده و قد أخذه منهما بهذا العنوان فالظاهر صيرورته وديعة عنده لكونها حقيقة بين الكاملين، و انما الصبي و المجنون بمنزلة الإله.

[مسألة: 6 لو أودع عند الصبي و المجنون مالا لم يضمناه بالتلف]

مسألة: 6 لو أودع عند الصبي و المجنون مالا لم يضمناه بالتلف، بل بالإتلاف أيضا إذا لم يكونا مميزين في وجه قوي لكونه هو السبب الأقوى.

[مسألة: 7 يجب على المستودع حفظ الوديعة بما جرت العادة بحفظها به]

مسألة: 7 يجب على المستودع حفظ الوديعة بما جرت العادة بحفظها به و وضعها في الحرز الذي يناسبها كالصندوق المقفل للثوب و الدراهم و الحلي و نحوها و الإصطبل المضبوط بالغلق للدابة و المراح كذلك للشاة. و بالجملة حفظها في محل


1- الا مع علم المودع و استدعاء القبول و الحفظ على حسب قدرته.
2- ان كان المال لهما و الا فلا يبرأ إلا بإيصاله الى صاحب المال.
3- أو الى صاحب المال أو اعلامه كما مر.

ص: 120

لا يعد معه عند العرف مضيعا و مفرطا و خائنا، حتى فيما إذا علم المودع بعدم وجود حرز لها عند المستودع، فيجب عليه بعد ما قبل الاستيداع تحصيله مقدمة للحفظ الواجب عليه، و كذا يجب عليه القيام بجميع ماله دخل في صونها من التعيب أو التلف، كالثوب ينشره في الصيف إذا كان من الصوف أو الإبريسم و الدابة يعلفها و يسقيها و يقيها من الحر و البرد، فلو أهمل عن ذلك ضمنها.

[مسألة: 8 لو عين المودع موضعا خاصا لحفظ الوديعة اقتصر عليه]

مسألة: 8 لو عين المودع موضعا خاصا لحفظ الوديعة (1) اقتصر عليه، و لا يجوز نقلها الى غيره بعد وضعها فيه و ان كان أحفظ، فلو نقلها منه ضمنها. نعم لو كانت في ذلك المحل في معرض التلف جاز نقلها الى مكان آخر أحفظ و لا ضمان عليه حتى مع نهي المالك، بأن قال لا تنقلها و ان تلفت، و ان كان الأحوط حينئذ مراجعة الحاكم مع الإمكان (2).

[مسألة: 9 لو تلفت الوديعة في يد المستودع من دون تعدي منه و لا تفريط لم يضمنها]

مسألة: 9 لو تلفت الوديعة في يد المستودع من دون تعدي منه و لا تفريط لم يضمنها، و كذا لو أخذها منه ظالم قهرا، سواء انتزعها من يده أو أمره بدفعها له بنفسه فدفعها كرها. نعم يقوى الضمان لو كان هو السبب لذلك و لو من جهة إخباره بها أو إظهارها في محل كان (3) مظنة الوصول الى الظالم فوصل اليه بل مطلقا على احتمال قوي.

[مسألة: 10 لو تمكن من دفع الظالم بالوسائل الموجبة لسلامة الوديعة وجب]

مسألة: 10 لو تمكن من دفع الظالم بالوسائل الموجبة لسلامة الوديعة وجب، حتى أنه لو توقف دفعه عنها على إنكارها كاذبا بل الحلف على ذلك جاز بل وجب، فان لم يفعل ضمن، و في وجوب التورية عليه مع الإمكان إشكال أحوطه ذلك و أقواه العدم.


1- بنحو التقييد.
2- ان لم يمكن المراجعة إلى المودع و الا فيرجع اليه و يستأذن منه تغيير المكان أو يفسخ الوديعة و يرد اليه المال.
3- بل مطلقا و ان لم يكن في مظنة الوصول إذا اتفق الوصول اليه و صار سببا لانتزاعه منه لأنه حينئذ سبب للإتلاف و الأمين لا يضمن التلف فقط دون الإتلاف و ان كان عن قصور، و لعله المراد من قوله بل مطلقا على احتمال قوى.

ص: 121

[مسألة: 11 إذا كانت مدافعته عن الظالم مؤدية إلى الضرر على بدنه من جرح و غيره]

مسألة: 11 إذا كانت مدافعته عن الظالم مؤدية إلى الضرر على بدنه من جرح و غيره أو هتك في عرضه أو خسارة في ماله لا يجب تحمله، بل لا يجوز في غير الأخير، بل فيه أيضا ببعض مراتبه. نعم لو كان ما يترتب عليها يسيرا جدا بحيث يتحمله غالب الناس- كما إذا تكلم معه بكلام خشن لا يكون هاتكا له بالنظر الى شرفه و رفعة قدره و ان تأذى منه بالطبع- فالظاهر وجوب تحمله.

[مسألة: 12 لو توقف دفع الظالم عن الوديعة على بذل مال له أو لغيره]

مسألة: 12 لو توقف دفع الظالم عن الوديعة على بذل مال له أو لغيره، فان كان بدفع بعضها وجب، فلو أهمل فأخذ الظالم كلها ضمن المقدار الزائد على ما يندفع به منها لإتمامها، فلو كان يندفع بدفع نصفها فأهمل فأخذ تمامها ضمن النصف، و لو كان يقنع بالثلث فأهمل فأخذ الكل ضمن الثلثين و هكذا. و كذا الحال فيما إذا كان عنده من شخص وديعتان و كان الظالم يندفع بدفع إحداهما فأهمل حتى أخذ كلتيهما، فان كان يندفع بإحداهما المعين ضمن الأخرى، و ان كان بإحداهما لا بعينها ضمن أكثرهما قيمة. و لو توقف دفعه على المصانعة معه بدفع مال من المستودع لم يجب عليه دفعه تبرعا و مجانا، و أما مع الرجوع به على المالك فإن أمكن الاستيذان منه أو ممن يقوم مقامه كالحاكم عند عدم الوصول اليه لزم، فان دفع بلا استيذان لم يستحق الرجوع به عليه و ان كان من قصده ذلك، و ان لم يمكن الاستيذان فله ان يدفع و يرجع به على المالك إذا كان من قصده الرجوع عليه.

[مسألة: 13 لو كانت الوديعة دابة يجب عليه سقيها و علفها و لو لم يأمره المالك]

مسألة: 13 لو كانت الوديعة دابة يجب عليه سقيها و علفها و لو لم يأمره المالك بل و لو نهاه، و لا يجب أن يكون ذلك بمباشرته و أن يكون ذلك في موضعها، فيجوز أن يسقيها بغلامه مثلا، و كذا يجوز إخراجها من منزله للسقي و ان أمكن سقيها في موضعها بعد جريان العادة بذلك. نعم لو كان الطريق مخوفا لم يجز إخراجها، كما أنه لا يجوز أن يولى غيره لذلك إذا كان غير مأمون إلا مع مصاحبته أو مصاحبة أمين معه.

و بالجملة لا بد من مراعاة حفظها على المعتاد بحيث لا يعد معها عرفا مفرطا و متعديا. هذا بالنسبة إلى أصل سقيها و علفها، و أما بالنسبة إلى نفقتها فان وضع المالك عنده عينها

ص: 122

أو قيمتها أو أذن له في الإنفاق عليها من ماله على ذمته فلا اشكال، و الا فالواجب أولا الاستيذان من المالك أو وكيله، فان تعذر رفع الأمر إلى الحاكم ليأمره بما يراه صلاحا و لو ببيع بعضها للنفقة، فإن تعذر الحاكم أنفق هو (1) من ماله و يرجع به على المالك مع نيته.

[مسألة: 14 تبطل الوديعة بموت كل واحد من المودع و المستودع أو جنونه]

مسألة: 14 تبطل الوديعة بموت كل واحد من المودع و المستودع أو جنونه، فان كان هو المودع تكون في يد الودعي أمانة شرعية، فيجب عليه فورا ردها الى الوارث المودع أو وليه أو اعلامهما بها، فإن أهمل لا لعذر شرعي ضمن. نعم لو كان ذلك لعدم العلم (2) بكون من يدعي الإرث وارثا أو انحصار الوارث فيمن علم كونه وارثا فأخر الرد و الاعلام لأجل التروي و الفحص عن الواقع لم يكن عليه ضمان على الأقوى، و ان كان الوارث متعددا سلمها الى الكل أو الى من يقوم مقامهم، و لو سلمها الى البعض من غير اذن ضمن حصص الباقين، و ان كان هو المستودع تكون أمانة شرعية في يد وارثه (3) أو وليه يجب عليهما ما ذكر من الرد الى المودع أو اعلامه فورا.

[مسألة: 15 يجب رد الوديعة عند المطالبة في أول وقت الإمكان]

مسألة: 15 يجب رد الوديعة عند المطالبة في أول وقت الإمكان و ان كان المودع كافرا محترم المال، بل و ان كان حربيا مباح المال على الأحوط. و الذي هو الواجب عليه رفع يده عنها و التخلية بين المالك و بينها لا نقلها الى المالك، فلو كانت في صندوق مقفل أو بيت مغلق ففتحهما عليه فقال ها هي وديعتك خذها فقد أدى ما هو تكليفه و خرج من عهدته، كما أن الواجب عليه مع الإمكان الفورية العرفية، فلا يجب عليه الركض و نحوه و الخروج من الحمام فورا و قطع الطعام و الصلاة و ان كانت نافلة و نحو ذلك. و هل يجوز له التأخير ليشهد عليه؟ قولان أقواهما ذلك (4)،


1- مع عدم إمكان الرد عليه أو على القائم مقامه، و الا فلا يجوز له ذلك بل يرده.
2- الأحوط فيه الرجوع الى الحاكم.
3- بل في يد من كانت الوديعة بيده و ان لم يكن وارثا أو وليا له.
4- إذا كان في معرض الخسارة مع عدم الاشهاد.

ص: 123

خصوصا لو كان الإيداع مع الاشهاد. هذا إذا لم يرخص في التأخير و عدم الإسراع و التعجيل، و الا فلا إشكال في عدم وجوب المبادرة.

[مسألة: 16 لو أودع اللص ما سرقه عند أحد لا يجوز له رده عليه مع الإمكان]

مسألة: 16 لو أودع اللص ما سرقه عند أحد لا يجوز له رده عليه مع الإمكان، بل يكون أمانة شرعية في يده، فيجب عليه إيصاله الى صاحبه ان عرفه و الأعرف سنة فان لم يجد صاحبه تصدق به عنه، فان جاء بعد ذلك خيره بين الأجر و الغرم، فان اختار أجر الصدقة كان له و ان اختار الغرامة غرم له و كان الأجر له.

[مسألة: 17 و كما يجب رد الوديعة عند مطالبة المالك يجب ردها إذا خاف عليها من تلف]

مسألة: 17 و كما يجب رد الوديعة عند مطالبة المالك يجب ردها إذا خاف عليها من تلف أو سرق أو حرق و نحو ذلك، فإن أمكن إيصالها إلى المالك أو وكيله الخاص أو العام تعين و الا فليوصلها الى الحاكم لو كان قادرا على حفظها، و لو فقد الحاكم أو كانت عنده أيضا في معرض التلف بسبب من الأسباب أودعها عند ثقة أمين متمكن من حفظها.

[مسألة: 18 إذا ظهر للمستودع امارة الموت بسبب المرض المخوف أو غيره]

مسألة: 18 إذا ظهر للمستودع امارة الموت بسبب المرض المخوف أو غيره يجب عليه ردها الى مالكها أو وكيله مع الإمكان، و الا فإلى الحاكم و مع فقده يوصى و يشهد بها، فلو أهمل عن ذلك ضمن، و ليكن الإيصاء و الاشهاد بنحو يترتب عليهما حفظ الوديعة و عدم ذهابها على مالكها، فلا بد من ذكر الجنس و الوصف و تعيين المكان و المالك، فلا يكفي قوله عندي وديعة لبعض الناس، فان مثل هذا لا يجدي في إيصالها إلى مالكها. نعم يقوى عدم لزومها رأسا و من أصله فيما إذا كان الوارث مطلعا عليها و كان ثقة أمينا (1).

[مسألة: 19 يجوز للمستودع أن يسافر و يبقي الوديعة في حرزها السابق عند أهله]

مسألة: 19 يجوز للمستودع أن يسافر و يبقي الوديعة في حرزها السابق عند أهله و عياله لو لم يكن السفر ضروريا إذا لم يتوقف حفظها على حضوره، و الا فيلزم عليه اما الإقامة و ترك السفر و اما من ردها الى مالكها أو وكيله مع الإمكان أو إيصالها إلى الحاكم مع التعذر، و مع فقده فالظاهر تعين الإقامة و ترك السفر، و لا يجوز أن


1- يرد الوديعة بلا إشهاد و لا وصية من دون مزاحمة سائر الورثة.

ص: 124

يسافر بها و لو مع أمن الطريق و لا إيداعها عند الأمين على الأحوط لو لم يكن أقوى.

و أما لو كان السفر ضروريا فان تعذر ردها الى المالك أو وكيله و كذا إيصالها إلى الحاكم تعين إيداعها عند أمين، فإن تعذر سافر بها محافظا لها بقدر الإمكان و ليس عليه ضمان. نعم في مثل سفر الحج و نحوه من الأسفار الطويلة الكثيرة الخطر اللازم أن يعامل فيه معاملة من ظهر له امارة الموت من ردها ثم الإيصاء و الاشهاد بها على ما سبق تفصيله.

[مسألة: 20 المستودع أمين ليس عليه ضمان لو تلفت الوديعة أو تعيبت بيده]

مسألة: 20 المستودع أمين ليس عليه ضمان لو تلفت الوديعة أو تعيبت بيده الا عند التفريط أو التعدي كما هو الحال في كل أمين، أما التفريط فهو الإهمال في محافظتها و ترك ما يوجب حفظها على مجرى العادات بحيث يعد معه عند العرف مضيعا و مسامحا، كما إذا طرحها في محل ليس بحرز و ذهب عنها غير مراقب لها، أو ترك سقي الدابة و علفها، أو ترك نشر ثوب الصوف أو الإبريسم في الصيف، أو أودعها أو سافر بها (1) من غير ضرورة، أو ترك التحفظ من الندى فيما تفسده النداوة كالكتب و بعض الأقمشة و غير ذلك. و أما التعدي فهو أن يتصرف فيها بما لم يأذن له المالك، مثل ان يلبس الثوب أو يفرش الفراش أو يركب الدابة إذا لم يتوقف حفظها على التصرف، كما إذا توقف حفظ الثوب و الفراش من الدود على اللبس و الافتراش أو يصدر منه بالنسبة إليها ما ينافي الامانة و يكون يده عليها على وجه الخيانة، كما إذا جحدها لا لمصلحة الوديعة و لا لعذر من نسيان و نحوه. و قد يجتمع التفريط مع التعدي، كما إذا طرح الثوب أو القماش أو الكتب و نحوها في موضع يعفنها أو يفسدها، و لعل من ذلك ما إذا أودعه دراهم مثلا في كيس مختوم أو مخيط أو مشدود فكسر ختمه أو حل خيطه و شده من دون ضرورة و مصلحة. و من التعدي خلط الوديعة بماله، سواء كان بالجنس أو بغيره، و سواء كان بالمساوي أو بالأجود أو بالأردى، و أما لو مزجه بالجنس من مال المودع- كما إذا أودع عنده دراهم في كيسين غير


1- و لم يكن السفر بها مقدمة لحفظها.

ص: 125

مختومين و لا مشدودين فجعلهما كيسا واحدا (1)- ففيه إشكال.

[مسألة: 21 معنى كونها مضمونة بالتفريط و التعدي كون ضمانها عليه لو تلفت]

مسألة: 21 معنى كونها مضمونة بالتفريط و التعدي كون ضمانها عليه لو تلفت و لو لم يكن تلفها مستندا الى تفريطه و تعديه، و بعبارة أخرى تتبدل يده الأمانية الغير الضمانية إلى الخيانة الضمانية.

[مسألة: 22 لو نوى التصرف في الوديعة و لم يتصرف فيها لم يضمن بمجرد النية]

مسألة: 22 لو نوى التصرف في الوديعة و لم يتصرف فيها لم يضمن بمجرد النية. نعم لو نوى الغصبية بأن قصد الاستيلاء عليها و التغلب على مالكها كسائر الغاصبين ضمنها لصيرورة يده يد عدوان بعد ما كانت يد استيمان، و لو رجع عن قصده لم يزل الضمان، و مثله ما إذا جحد الوديعة أو طلبت منه فامتنع من الرد مع التمكن عقلا و شرعا فإنه يضمنها بمجرد ذلك و لم يبرأ من الضمان لو عدل عن جحوده أو امتناعه.

[مسألة: 23 لو كانت الوديعة في كيس مختوم مثلا ففتحها و أخذ بعضها ضمن الجميع]

مسألة: 23 لو كانت الوديعة في كيس مختوم مثلا ففتحها و أخذ بعضها ضمن الجميع، بل المتجه الضمان بمجرد الفتح كما سبق، و أما لو لم تكن مودعة في حرز أو كانت في حرز من المستودع (2) فأخذ بعضها فان كان من قصده الاقتصار عليه فالظاهر قصر الضمان على المأخوذ دون ما بقي، و أما لو كان من قصده عدم الاقتصار بل أخذ التمام شيئا فشيئا فلا يبعد ان يكون ضامنا للجميع.

[مسألة: 24 لو سلمها الى زوجته أو ولده أو خادمه ليحرزوها ضمن]

مسألة: 24 لو سلمها الى زوجته أو ولده أو خادمه ليحرزوها ضمن الا ان يكونوا كالالة لكون ذلك بمحضره و باطلاعه و مشاهدته (3).

[مسألة: 25 إذا فرط في الوديعة ثم رجع عن تفريطه- بأن جعلها في الحرز المضبوط]

مسألة: 25 إذا فرط في الوديعة ثم رجع عن تفريطه- بأن جعلها في الحرز المضبوط و قام بما يوجب حفظها- أو تعدى ثم رجع- كما إذا لبس الثوب ثم


1- إذا لم يكن ذلك مقدمة لحفظها و لم يحرز أن غرض المودع حفظهما منفصلين أو مخلوطين.
2- إذا لم يجعل المودع فيه و الا فحرز المستودع كحرز المودع.
3- مشاهدته- أى المعير- و سكوته الكاشف عن رضاه بحسب العادة، و أما مع احتمال كون سكوته للحياء ففيه اشكال، خصوصا إذا جرت العادة بحفظ أمثالها مباشرة.

ص: 126

نزعه- لم يبرأ من الضمان. نعم لو جدد المالك له الاستيمان (1) ارتفع الضمان، فهو مثل ما إذا كان مال بيد الغاصب فجعله بيده أمانة فان الظاهر انه بذلك يرتفع الضمان من جهة تبدل عنوان يده من العدوان الى الاستيمان، و لو أبرأه من الضمان ففي سقوطه بذلك قولان (2). نعم لو تلفت العين في يده و اشتغلت ذمته بعوضها لا إشكال في صحة الإبراء و سقوط الحق به.

[مسألة: 26 لو أنكر الوديعة أو اعترف بها و ادعى التلف أو الرد و لا بينة فالقول قوله بيمينه]

مسألة: 26 لو أنكر الوديعة أو اعترف بها و ادعى التلف أو الرد و لا بينة فالقول قوله بيمينه، و كذلك لو تسالما على التلف و لكن ادعى عليه المودع التفريط أو التعدي.

[مسألة: 27 لو دفعها الى غير المالك و ادعى الاذن من المالك فأنكر المالك و لا بينة]

مسألة: 27 لو دفعها الى غير المالك و ادعى الاذن من المالك فأنكر المالك و لا بينة فالقول قول المالك، و أما لو صدقه على الاذن لكن أنكر التسليم الى من اذن له فهو كدعواه الرد الى المالك مع إنكاره في أن القول قوله.

[مسألة: 28 إذا أنكر الوديعة فلما اقام المالك البينة عليها صدقها]

مسألة: 28 إذا أنكر الوديعة فلما اقام المالك البينة عليها صدقها لكن ادعى كونها تالفة قبل أن ينكر الوديعة لا تسمع دعواه، فلا يقبل منه اليمين و لا البينة على اشكال (3). و أما لو ادعى تلفها بعد ذلك فلا إشكال في انه تسمع دعواه (4) لكن يحتاج إلى البينة.

[مسألة: 29 إذا أقر بالوديعة ثم مات فان عينها في عين شخصية معينة موجودة حال موته أخرجت من التركة]

مسألة: 29 إذا أقر بالوديعة ثم مات فان عينها في عين شخصية معينة موجودة حال موته أخرجت من التركة، و كذا إذا عينها في ضمن مصاديق من جنس واحد موجودة حال الموت، كما إذا قال احدى هذه الشياة وديعة عندي من فلان و لم يعينها،


1- فان كان بالإيجاب و القبول فيكون وديعة جديدة محكومة بأحكامها، و ان كان بمجرد الاذن في البقاء تحت يده فيرتفع الضمان لكن لا تترتب عليه أحكام الوديعة.
2- أقواهما عدم السقوط إلا إذا فهم منه الرضا ببقائه تحت يده.
3- و ان لم يبعد السماع لو أبدى عذرا مسموعا عند العقلاء.
4- لكنه لا اثر لدعواه و لو ثبت بالبينة إلا عدم إلزامه برد العين، و أما الضمان فاستقر عليه بإنكار الوديعة. نعم لو اذن بعد الإثبات في إبقائه عنده و ثبت بالبينة تلفه فلا ضمان عليه الا مع التفريط.

ص: 127

فعلى الورثة إذا احتملوا صدق المورث و لم يميزوا الوديعة عن غيرها ان يعاملوا معها معاملة ما إذا علموا إجمالا بأن إحدى هذه الشياة لفلان، و إذا عين الوديعة و لم يعين المالك كان من مجهول المالك، و قد مر حكم الصورتين في كتاب الخمس (1).

و هل يعتبر قول المودع و يجب تصديقه لو عينها في معين و احتمل صدقه؟ وجهان (2).

و إذا لم يعينها بأحد الوجهين لا اعتبار (3) بقوله إذا لم يعلم الورثة بوجود الوديعة في تركته حتى إذا ذكر الجنس و لم يوجد من ذلك الجنس في تركته الا واحد، إلا إذا علم ان مراده ذلك الواحد.

[خاتمة]

(خاتمة) الامانة على قسمين مالكية و شرعية:

أما الأول فهو ما كان باستيمان من المالك و اذنه، سواء كان عنوان عمله ممحضا في ذلك كالوديعة أو بتبع عنوان آخر مقصود بالذات كما في الرهن و العارية و الإجارة و المضاربة، فإن العين بيد المرتهن و المستعير و المستأجر و العامل أمانة مالكية، حيث ان المالك قد سلمها بعنوان الاستيمان و تركها بيدهم من دون مراقبة فجعل حفظها على عهدتهم.

و أما الثاني فهو ما لم يكن الاستيلاء على العين و وضع اليد عليها باستيمان من المالك و لا اذن منه و قد صارت تحت يده لا على وجه العدوان، بل اما قهرا كما


1- مر ما يعلم فيه حكم الصورتين في المخلوط بالحرام و ان الحكم في الصورة الاولى هو التصالح و التراضي مع المالك و في الصورة الثانية مر تفصيله فراجع.
2- أقواهما اعتبار قوله ان لم يكن له معارض.
3- إذا لم يعين المالك و لا المال و لا محله بحيث تردد بين كونه في تركته أو محل آخر، و أما ان عين المالك دون المال فيجب على الورثة إرضاؤه أو التسليم بحكم الحاكم على التصالح أو القرعة أو غيرها، و ان عين المال دون المالك فيحكم عليه حكم مجهول المالك، و ان عين ان في تركته وديعة لأحد فمن حيث المال يحكم عليه بالمسألة بين المحصور و من حيث المالك يعامل معه معاملة مجهول المالك.

ص: 128

إذا أطارته الريح أو جاء بها السيل مثلا في ملكه (1)، و اما بتسليم المالك لها بدون اطلاع منهما، كما إذا اشترى صندوقا فوجد فيه المشتري شيئا من مال البائع بدون اطلاعه أو تسلم البائع أو المشتري زائدا على حقهما من جهة الغلط في الحساب، و اما برخصة من الشرع كاللقطة و الضالة و ما ينتزع من يد السارق أو الغاصب من مال الغير حسبة للإيصال الى صاحبه، و كذا ما يؤخذ من الصبي أو المجنون من مالهما عند خوف التلف في أيديهما حسبة للحفظ، و ما يؤخذ مما كان في معرض الهلاك و التلف من الأموال المحترمة، كحيوان معلوم المالك في مسبعة أو مسيل و نحو ذلك، فان العين في جميع هذه الموارد تكون تحت يد المستولي عليها أمانة شرعية يجب عليه حفظها و إيصالها في أول أزمنة الإمكان إلى صاحبها و لو مع عدم المطالبة، و ليس عليه ضمان لو تلف في يده الا مع التفريط أو التعدي كالأمانة المالكية. و يحتمل عدم وجوب إيصالها و كفاية إعلام صاحبها بكونها عنده و تحت يده و التخلية بينها و بينه بحيث كلما أراد ان يأخذها أخذها، بل لا يخلو هذا من قوة.

و لو كانت العين أمانة مالكية بتبع عنوان آخر و قد ارتفع ذلك العنوان- كالعين المستأجرة بعد انقضاء مدة الإجارة و العين المرهونة بعد فك الرهن و المال الذي بيد العامل بعد فسخ المضاربة- ففي كونها أمانة مالكية أو شرعية وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما (2) من رجحان.


1- و تحت سلطنته بحيث يصدق عليه انه في يده.
2- فيما إذا كان بقاء العين عنده برضا المالك أو لم يكن زائدا على زمان يستلزمه الإجارة و المضاربة و غيرهما مما ذكر، و أما إذا كان التأخير من جهة عجزه من الوصول الى المالك فأمانه شرعية.

ص: 129

[كتاب المضاربة]

اشارة

كتاب المضاربة و يسمى قراضا، و هي عقد واقع (1) بين شخصين على أن يكون رأس المال في التجارة من أحدهما و العمل من الأخر و إذا حصل ربح يكون بينهما، و إذا جعل تمام الربح للمالك يقال له «البضاعة». و حيث انها عقد من العقود تحتاج إلى الإيجاب و القبول. و الإيجاب من طرف المالك و القبول من العامل، و يكفي في الإيجاب كل لفظ يفيد هذا المعنى بالظهور العرفي كقوله «ضاربتك» أو «قارضتك» أو «عاملتك على كذا» و ما أفاد هذا المعنى، و في القبول «قبلت» و شبهه.

[مسألة: 1 يشترط في المتعاقدين البلوغ و العقل و الاختيار]

مسألة: 1 يشترط في المتعاقدين البلوغ و العقل (2) و الاختيار، و في رأس المال أن يكون عينا فلا تصح بالمنفعة و لا بالدين سواء كان على العامل أو على غيره الا بعد قبضه، و أن يكون درهما أو دينارا فلا يصح بالذهب و الفضة الغير المسكوكين و السبائك و الفلوس السود فضلا عن العروض، و أن يكون معينا فلا يصح بالمبهم كأن يقول قارضتك بأحد هذين المالين أو بأيهما شئت، و أن يكون معلوما قدرا و وصفا.

و في الربح أن يكون معلوما فلو قال على أن لك مثل ما شرط فلان لعامله و لم يعلما ما شرط بطل، و ان يكون مشاعا مقدرا بأحد الكسور كالنصف أو الثلث فلو قال على ان لك


1- و حقيقتها توكيل صاحب المال العامل ليتجر بماله على أن يكون الربح بينهما، فتكون المضاربة بمنزلة وكالة محدودة و جعالة مخصوصة لشخص معين في عمل خاص بجعل مخصوص.
2- و عدم الحجر في المالك.

ص: 130

من الربح مائة و الباقي لي أو بالعكس أو على أن لك نصف الربح و عشرة دراهم مثلا لم يصح، و أن يكون بين المالك و العالم لا يشاركهما الغير، فلو جعلا جزءا منه لأجنبي بطل الا أن يكون له عمل متعلق بالتجارة.

[مسألة: 2 يشترط في المضاربة أن يكون الاسترباح بالتجارة]

مسألة: 2 يشترط في المضاربة أن يكون الاسترباح بالتجارة، فلو دفع الى الزارع مالا ليصرفه في الزراعة و يكون الحاصل بينهما أو الى الطباخ أو الخباز أو الصباغ مثلا ليصرفوها في حرفتهم و يكون الربح و الفائدة بينهما لم يصح و لم تقع مضاربة.

[مسألة: 3 الدراهم المغشوشة ان كانت رائجة مع وصف كونها مغشوشة يجوز إيقاع المضاربة بها]

مسألة: 3 الدراهم المغشوشة ان كانت رائجة مع وصف كونها مغشوشة يجوز إيقاع المضاربة بها، فلا يعتبر الخلوص عن الغش فيها. نعم لو كانت قلبا يجب كسرها و لم يجز المعاملة بها لم يصح المضاربة عليها.

[مسألة: 4 إذا كان له دين على أحد يجوز أن يوكل أحدا في استيفائه ثم إيقاع المضاربة عليه]

مسألة: 4 إذا كان له دين على أحد يجوز أن يوكل أحدا في استيفائه ثم إيقاع المضاربة عليه، بأن يكون موجبا من طرف المالك و قابلا من نفسه، و كذا لو كان المديون هو العامل يجوز توكيله في تعيين ما كان في ذمته في دراهم أو دنانير معينة للدائن ثم إيقاع عقد المضاربة عليها موجبا و قابلا من الطرفين.

[مسألة: 5 لو دفع اليه عروضا و قال بعها و يكون ثمنها مضاربة لم يصح]

مسألة: 5 لو دفع اليه عروضا و قال بعها و يكون ثمنها مضاربة لم يصح الا إذا أوقع عقدها بعد ذلك على ثمنها.

[مسألة: 6 إذا دفع إليه شبكة مثلا على أن يكون ما وقع فيها من السمك بينهما بالتنصيف أو التثليث]

مسألة: 6 إذا دفع إليه شبكة مثلا على أن يكون ما وقع فيها من السمك بينهما بالتنصيف أو التثليث مثلا لم يكن مضاربة بل هي معاملة فاسدة (1)، فيكون ما وقع فيها من الصيد للصائد و عليه أجرة مثل الشبكة لصاحبها.

[مسألة: 7 لو دفع اليه مالا ليشتري نخيلا أو أغناما على أن تكون الثمرة و النتاج بينهما]

مسألة: 7 لو دفع اليه مالا ليشتري نخيلا أو أغناما على أن تكون الثمرة و النتاج بينهما لم يكن مضاربة، فهي معاملة فاسدة تكون الثمرة و النتاج لرب المال


1- لكن لو اذن له التصرف في شبكته بشرط أن يتملك نصف ما يأخذه لصاحب الشبكة فالظاهر أنه لا مانع منه، و إذا قصد ذلك يصير صاحب الشبكة شريكا بمقدار ما قصده.

ص: 131

و عليه أجرة مثل عمل العامل.

[مسألة: 8 يصح المضاربة على المشاع كالمفروز]

مسألة: 8 يصح المضاربة على المشاع كالمفروز، فلو كان دراهم معلومة مشتركة بين اثنين فقال أحدهما للعامل قارضتك بحصتي من هذه الدراهم صح مع العلم بمقدار حصته، و كذا لو كان عنده ألف دينار مثلا و قال قارضتك بنصف هذه الدنانير.

[مسألة: 9 لا فرق بين أن يقول خذ هذا المال قرضا و لكل منا نصف الربح و بين أن يقول و الربح بيننا]

مسألة: 9 لا فرق بين أن يقول خذ هذا المال قرضا (1) و لكل منا نصف الربح و بين أن يقول و الربح بيننا أو يقول و لك نصف الربح أو لي نصف الربح في أن الظاهر انه جعل لكل منهما نصف الربح، و كذلك لا فرق بين أن يقول خذه قراضا و لك نصف ربحه أو يقول لك ربح نصفه، فان مفاد الجميع واحد عرفا.

[مسألة: 10 يجوز اتحاد المالك و تعدد العامل في مال واحد]

مسألة: 10 يجوز اتحاد المالك و تعدد (2) العامل في مال واحد مع اشتراط تساويهما فيما يستحقان من الربح و فضل أحدهما على الأخر و ان تساويا في العمل، و لو قال قارضتكما و لكما نصف الربح كانا فيه سواء، و كذا يجوز تعدد المالك و اتحاد العامل، بأن كان المال مشتركا بين اثنين فقارضا واحدا بالنصف مثلا متساويا بينهما، بأن يكون النصف للعامل و النصف بينهما بالسوية، و بالاختلاف بأن يكون في حصة أحدهما بالنصف و في حصة الأخر بالثلث مثلا (3)، فإذا كان الربح اثني عشر استحق العامل خمسه و استحق أحد الشريكين ثلاثة و الأخر أربعة. نعم إذا لم يكن اختلاف


1- الظاهر ان كلمة «قرضا» خطأ و الصحيح قراضا.
2- ان كان المقصود من المضاربة مع الاثنين مثلا كون كل منهما عاملا في نصف المال فلا اشكال فيه، فيكون عقدا واحدا معهما بمنزلة عقدين، سواء كان نصف كل منهما مميزا في الخارج أو مشاعا كان في حصة أحدهما فضل أولا، و ان كان المقصود صدور العمل منهما معا لا من أحدهما منفردا فلا يبعد صحته أيضا، و يجوز التسوية بينهما في الحصة و التفاضل و لكن لا يجوز لكل منهما العمل مستقلا، و هما شريكان في الربح على ما جعل لهما في العقد. و أما ان كان المقصود جواز العمل لكل منهما في جميع المال مستقلا أو منضما و لكن كلما عمل أحدهما يكون الأخر شريكا له في ربحه سواء عمل أم لم يعمل، ففي صحته تأمل و اشكال كانا في الحصة متساويين أو متفاوتين.
3- بشرط ان يكون المقصود معلوما و لو بالقرينة.

ص: 132

في استحقاق العامل بالنسبة إلى حصة الشريكين و كان التفاضل في استحقاق الشريكين فقط- كما إذا اشترط أن يكون للعامل النصف و النصف الأخر بينهما بالتفاضل مع تساويهما في رأس المال بأن يكون للعامل الستة من اثني عشر و لأحد الشريكين اثنين و للآخر أربعة- ففي صحته وجهان بل قولان، أقواهما البطلان.

[مسألة: 11 المضاربة جائزة من الطرفين]

مسألة: 11 المضاربة جائزة من الطرفين، يجوز لكل منهما فسخها (1) قبل الشروع في العمل و بعده قبل حصول الربح و بعده، صار المال كله نقدا أو كان فيه أجناس لم ينض بعد، بل إذا اشترطا فيها الأجل جاز لكل منهما فسخها قبل انقضائه، و لو اشترطا فيها عدم الفسخ فان كان المقصود لزومها بحيث لا ينفسخ بفسخ أحدهما بطل الشرط دون أصل المضاربة على الأقوى، و ان كان المقصود التزامهما بأن لا يفسخاها فلا بأس به و ان لم يلزم عليهما (2) العمل به، الا إذا جعلا هذا الشرط في ضمن عقد خارج لازم (3) كالبيع و الصلح و نحوهما.

[مسألة: 12 الظاهر جريان المعاطاة و الفضولية في المضاربة فتصح بالمعاطاة]

مسألة: 12 الظاهر جريان المعاطاة و الفضولية في المضاربة فتصح بالمعاطاة، و إذا وقعت فضولا من طرف المالك أو العامل تصح بإجازتهما كالبيع.

[مسألة: 13 تبطل المضاربة بموت كل من المالك و العامل]

مسألة: 13 تبطل المضاربة بموت كل من المالك و العامل، و هل يجوز لورثة المالك اجازة العقد فتبقى المضاربة بحالها بسبب إجازتهم أم لا؟ فيه تأمل و إشكال (4).

[مسألة: 14 العامل أمين]

مسألة: 14 العامل أمين، فلا ضمان عليه لو تلف المال أو تعيب تحت يده الا مع التعدي أو التفريط، كما أنه لا ضمان عليه من جهة الخسارة في التجارة، بل هي واردة على صاحب المال. و لو اشترط المالك على العامل أن يكون شريكا معه


1- يعنى للمالك الرجوع من الاذن في التصرف و للعامل الامتناع من العمل في أي وقت، و اما الفسخ بعد العمل و الرجوع الى أجرة المثل دون ما عيناه من الربح فالأقوى عدم جوازه.
2- و لكن الأحوط العمل به.
3- فيجب العمل به تكليفا لكن إذا فسخ ينفسخ.
4- و الأقوى عدم الجواز.

ص: 133

في الخسارة كما يكون شريكا معه في الربح ففي صحته وجهان أقواهما العدم. نعم لو كان مرجعه الى اشتراط انه على تقدير وقوع الخسارة على المالك خسر العامل نصفه مثلا من كيسه لا بأس به، لكن لزوم الوفاء به على العامل يتوقف على إيقاع هذا الشرط في ضمن عقد لازم (1) لا في ضمن مثل عقد المضاربة مما هو جائز من الطرفين.

[مسألة: 15 يجب على العامل بعد عقد المضاربة القيام بوظيفته من تولى ما يتولاه التاجر لنفسه]

مسألة: 15 يجب على العامل بعد عقد المضاربة القيام بوظيفته من تولى ما يتولاه التاجر لنفسه على المعتاد بالنسبة إلى مثل تلك التجارة في مثل ذلك المكان و الزمان و مثل ذلك العامل من عرض القماش و النشر و الطي مثلا و قبض الثمن و إحرازه في حرزه و استيجار من جرت العادة باستئجاره كالدلال و الوزان و الحمال و يعطى أجرتهم من أصل المال، بل لو باشر مثل هذه الأمور هو بنفسه لا بقصد التبرع فالظاهر جواز أخذ الأجرة. نعم لو استأجر لما يتعارف فيه مباشرة العامل بنفسه كان عليه الأجرة (2).

[مسألة: 16 مع إطلاق عقد المضاربة يجوز للعامل الاتجار بالمال على حسب ما يراه من المصلحة]

مسألة: 16 مع إطلاق عقد المضاربة يجوز للعامل الاتجار بالمال على حسب ما يراه من المصلحة من حيث الجنس المشتري و البائع و المشتري و غير ذلك، حتى في الثمن فلا يتعين عليه ان يبيع بالنقد بل يجوز أن يبيع الجنس بجنس آخر الا أن يكون هناك تعارف ينصرف إليه الإطلاق. نعم لو شرط عليه المالك أن لا يشتري الجنس الفلاني أو إلا الجنس الفلاني أو لا يبيع من الشخص الفلاني أو الطائفة الفلانية و غير ذلك من الشروط لم يجز له المخالفة، و لو خالف ضمن المال و الخسارة، لكن لو حصل الربح و كانت التجارة رابحة شارك المالك في الربح على ما قرراه في عقد المضاربة.

[مسألة: 17 لا يجوز للعامل خلط رأس المال بمال آخر لنفسه أو لغيره]

مسألة: 17 لا يجوز للعامل خلط رأس المال بمال آخر لنفسه أو لغيره إلا بإذن المالك عموما أو خصوصا، فلو خلط ضمن لكن إذا دار المجموع في التجارة


1- فيجب العمل به حينئذ تكليفا.
2- و ضمن المال لو تلف في يد الأجير إلا إذا كان مأذونا في ذلك.

ص: 134

و حصل ربح فهو بين المالين على النسبة.

[مسألة: 18 لا يجوز مع الإطلاق أن يبيع نسيئة خصوصا في بعض الأزمان و على بعض الأشخاص]

مسألة: 18 لا يجوز مع الإطلاق أن يبيع نسيئة خصوصا في بعض الأزمان و على بعض الأشخاص، الا ان يكون متعارفا بين التجار و لو بالنسبة الى ذلك البلد أو الجنس الفلاني بحيث ينصرف إليه الإطلاق (1)، فلو خالف في غير مورد الانصراف ضمن و لكن لو استوفاه و حصل ربح كان بينهما.

[مسألة: 19 ليس للعامل أن يسافر بالمال برا و بحرا و الاتجار به في بلاد آخر]

مسألة: 19 ليس للعامل أن يسافر بالمال برا و بحرا و الاتجار به في بلاد آخر غير بلد المال الا مع اذن المالك (2)، فلو سافر ضمن التلف و الخسارة لكن لو حصل الربح يكون بينهما كما مر، و كذا لو أمره بالسفر إلى جهة فسافر الى غيرها.

[مسألة: 20 ليس للعامل أن ينفق في الحضر من مال القراض شيئا و ان قل]

مسألة: 20 ليس للعامل أن ينفق في الحضر من مال القراض شيئا و ان قل حتى فلوس السقاء، و كذا في السفر (3) إذا لم يكن بإذن المالك، و أما لو كان باذنه فله الإنفاق من رأس المال إلا إذا اشترط المالك أن يكون نفقته على نفسه. و المراد بالنفقة ما يحتاج اليه من مأكول و مشروب و ملبوس و مركوب و آلات و أدوات كالقربة و الجوالق و أجرة المسكن و نحو ذلك مع مراعاة ما يليق بحاله عادة على وجه الاقتصاد، فلو أسرف حسب عليه و لو قتر على نفسه أو لم يحتج إليها من جهة صيرورته ضيفا عند أحد مثلا لم يحسب له. و لا يكون من النفقة هنا جوائزه و عطاياه و ضيافاته و غير ذلك، فهي على نفسه إلا إذا كانت لمصلحة التجارة.

[مسألة: 21 المراد بالسفر المجوز للإنفاق من المال هو العرفي لا الشرعي]

مسألة: 21 المراد بالسفر المجوز للإنفاق من المال هو العرفي لا الشرعي، فيشمل ما دون المسافة، كما أنه يشمل إقامته عشرة أيام أو أزيد في بعض البلاد، لكن إذا كان لأجل عوارض السفر- كما إذا كان للراحة من التعب أو لانتظار الرفقة أو لخوف الطريق و غير ذلك أو لأمور متعلقة بالتجارة كما إذا كان لدفع العشور و أخذ


1- بل يكفي في صحة العقد عدم الانصراف عنه.
2- أو كان السفر متعارفا فيه.
3- مشكل بل لا يبعد كونها من رأس المال ما دامت المضاربة باقية. و على هذا كان الربح بينهما، و لا ينافي ذلك كون الخسارة عليه لمخالفة المالك.

ص: 135

التذكرة من العشار- و أما إذا بقي للتفرج أو لتحصيل مال لنفسه و نحو ذلك فالظاهر كون نفقته على نفسه، خصوصا لو كانت الإقامة لأجل مثل هذه الأغراض بعد تمام العمل.

[مسألة: 22 لو كان عاملا لاثنين أو أزيد أو عاملا لنفسه و غيره توزع النفقة]

مسألة: 22 لو كان عاملا لاثنين أو أزيد أو عاملا لنفسه و غيره (1) توزع النفقة، و هل هو على نسبة المالين أو على نسبة العملين؟ فيه تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط برعاية أقل الأمرين (2).

[مسألة: 23 لا يعتبر ظهور الربح في استحقاق النفقة]

مسألة: 23 لا يعتبر ظهور الربح في استحقاق النفقة، بل ينفق من أصل المال و ان لم يكن ربح. نعم لو أنفق و حصل ربح فيما بعد يجبر ما أنفقه من رأس المال بالربح كسائر الغرامات و الخسارات، فيعطى المالك تمام رأس ماله، فإن بقي شي ء من الربح يكون بينهما.

[مسألة: 24 الظاهر أنه كما يجوز للعامل الشراء بعين مال المضاربة]

مسألة: 24 الظاهر أنه كما يجوز للعامل الشراء بعين مال المضاربة- بأن يعين دراهم شخصية و يشتري شيئا بتلك الدراهم الشخصية- يجوز الشراء (3) بالكلي في الذمة و الدفع و الأداء منه، بأن يشتري جنسا بألف درهم كلي على ذمة المالك و دفعه بعد ذلك من المال الذي عنده، فلو فرض تلف مال المضاربة قبل الأداء أداه المالك من غيرها و لا يتعين النحو الأول كما نسب الى المشهور. هذا مع الإطلاق، و أما مع الاذن في النحو الثاني فلا إشكال في جوازه، كما أنه لا إشكال في عدم الجواز لو اشترط عليه عدمه.

[مسألة: 25 لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في الاتجار]

مسألة: 25 لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في الاتجار، بأن يوكل الى الغير أصل التجارة من دون اذن المالك. نعم يجوز له التوكيل و الاستيجار


1- و لم تكن المضاربة علة مستقلة للسفر، و الا فلا يبعد جواز أخذ التمام من رأس مال التجارة للغير.
2- فيما كان عاملا لنفسه و غيره، و أما فيما كان عاملا لاثنين فالاحتياط يقتضي التصالح و ان كان الأقوى التوزيع بنسبة المالين.
3- مشكل فلا يترك الاحتياط بالاقتصار على ما أسند إلى المشهور بل ادعى عليه الإجماع.

ص: 136

في بعض المقدمات (1)، و كذلك لا يجوز له أن يضارب غيره أو يشاركه فيها إلا بإذن المالك، و مع الاذن إذا ضارب غيره مرجعه الى فسخ المضاربة الاولى (2) و إيقاع مضاربة جديدة بين المالك و عامل آخر أو بينه و بين العامل مع غيره بالاشتراك، و أما لو كان المقصود إيقاع مضاربة بين العامل و غيره- بأن يكون العامل الثاني عاملا للعامل الأول- ففي صحته تأمل و إشكال (3).

[مسألة: 26 الظاهر أنه يصح ان يشترط أحدهما على الأخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا]

مسألة: 26 الظاهر أنه يصح ان يشترط أحدهما على الأخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا، كما إذا شرط المالك على العامل أن يخيط له ثوبا أو يعطيه درهما و بالعكس.

[مسألة: 27 الظاهر أنه يملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره]

مسألة: 27 الظاهر أنه يملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره و لا يتوقف على الإنضاض- بمعنى جعل الجنس نقدا- و لا على القسمة، كما أن الظاهر صيرورته شريكا مع المالك في نفس العين الموجودة بالنسبة، فيصح له مطالبة القسمة و له التصرف في حصته من البيع و الصلح و يرتب عليه جميع آثار الملكية من الإرث (4) و تعلق الخمس و الزكاة و حصول الاستطاعة و تعلق حق الغرماء و غير ذلك.

[مسألة: 28 لا إشكال في أن الخسارة الواردة على مال المضاربة تجبر بالربح]

مسألة: 28 لا إشكال في أن الخسارة الواردة على مال المضاربة تجبر بالربح ما دامت المضاربة باقية، سواء كانت سابقة عليه أو لا حقة، فملكية العامل له بالظهور متزلزلة تزول كلها أو بعضها بعروض الخسران فيما بعد الى ان تستقر، و الاستقرار يحصل بعد الإنضاض و فسخ المضاربة و القسمة قطعا، فلا جبران بعد ذلك جزما. و في


1- المتعارفة فيها الإيكال إلى الغير.
2- ان قصد فسخها، و أما ان قصد المضاربة للثاني أيضا حتى يجوز لكل منهما العمل في أي مقدار كان، فالظاهر انه لا مانع من صحتها مع بقاء الاولى على حالها، نظير جعل الوكالة لاثنين في بيع ماله أو جعل الجعالة لكل من رد ضالته مثلا، فكل منهما إذا عمل في مجموع المال أو مقدار منه يستحق حصته من الربح و لا يبقى للآخر شي ء حتى يجوز له فيه العمل.
3- و الأقوى عدم الصحة.
4- الظاهر أن تلك الثمرة مرتبة على جميع الأقوال، غاية الأمر ان ما يورث ملك على تقدير و حق على الأخر، و أما الخمس فالظاهر أن استقرار الملك شرط في تعلقه و كذا في حصول الاستطاعة.

ص: 137

حصوله بدون اجتماع الثلاثة وجوه و أقوال، أقواها تحققه (1) بالفسخ مع القسمة و ان لم يحصل الإنضاض، بل لا يبعد تحققه بالفسخ و الإنضاض و ان لم يحصل القسمة.

[مسألة: 29 و كما يجبر الخسران في التجارة بالربح كذلك يجبر به التلف]

مسألة: 29 و كما يجبر الخسران في التجارة بالربح كذلك يجبر به التلف (2)، فلو كان المال الدائر في التجارة تلف بعضها بسبب غرق أو حرق أو سرقة أو غيرها و ربح بعضها يجبر تلف البعض بربح البعض حتى يكمل مقدار رأس المال لرب المال، فإذا زاد عنه شي ء يكون بينهما.

[مسألة: 30 إذا حصل فسخ أو انفساخ في المضاربة فإن كان قبل الشروع في العمل و مقدماته فلا اشكال]

مسألة: 30 إذا حصل فسخ أو انفساخ في المضاربة فإن كان قبل الشروع في العمل و مقدماته فلا اشكال و لا شي ء للعامل و لا عليه، و كذا ان كان بعد تمام العمل و الإنضاض، إذ مع حصول الربح يقتسمانه و مع عدمه يأخذ المالك رأس ماله و لا شي ء للعامل و لا عليه، و ان كان في الأثناء بعد التشاغل بالعمل فان كان قبل حصول الربح ليس للعامل شي ء و لا أجرة له لما مضى من عمله، سواء كان الفسخ منه أو من المالك، أو حصل الانفساخ القهري كما أنه ليس عليه شي ء مطلقا حتى فيما إذا حصل الفسخ من العامل في السفر المأذون فيه من المالك (3)، فلا يضمن ما صرف في نفقته من رأس المال، و لو كان في المال عروض لا يجوز للعامل التصرف فيه بدون اذن المالك، كما انه ليس للمالك إلزامه بالبيع و الإنضاض. و ان كان بعد حصول الربح، فان كان بعد الانفضاض فقد تم العمل فيقتسمان و يأخذ كل منهما حقه، و ان كان قبل الإنضاض فعلى ما مر من تملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره شارك المالك في العين، فان رضيا بالقسمة على هذا الحال أو انتظرا الى أن تباع العروض و يحصل الإنضاض كان لهما ذلك و لا اشكال، و ان طلب العامل بيعها لم يجب على المالك إجابته، بل و كذا ان طلبه المالك لم يجب على العامل إجابته و ان قلنا بعدم استقرار


1- بل لا يبعد كفاية إفراز حصة العامل من الربح و دفع الباقي الى المالك برضايتهما.
2- نعم لو تلف الكل قبل الشروع يوجب انفساخ المعاملة فلا يبقى موضوع للجبر.
3- بل و غير المأذون فيه أيضا كما مر.

ص: 138

ملكية العامل للربح الا بعد الإنضاض (1)، غاية الأمر لو حصلت خسارة بعد ذلك قبل القسمة يجب جبرها بالربح.

[مسألة: 31 لو كان في المال ديون على الناس فهل يجب على العامل أخذها و جمعها بعد الفسخ]

مسألة: 31 لو كان في المال ديون على الناس فهل يجب على العامل أخذها و جمعها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا؟ فيه إشكال، الأحوط إجابة المالك لو طلب منه ذلك (2).

[مسألة: 32 لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك و ماله]

مسألة: 32 لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك و ماله، فلا يجب عليه الإيصال إليه (3) حتى لو أرسل المال الى بلد آخر غير بلد المالك و كان ذلك بإذنه. نعم لو كان ذلك بدون اذنه يجب عليه الرد اليه حتى أنه لو احتاج الى أجرة كانت عليه.

[مسألة: 33 إذا كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك]

مسألة: 33 إذا كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك (4)، سواء كانا جاهلين بالفساد أو عالمين أو مختلفين، و للعامل أجرة مثل عمله (5) لو كان جاهلا بالفساد، سواء كان المالك عالما أو جاهلا، و لا يستحق شيئا لو كان عالما بالفساد (6).

و على كل حال لا يضمن العامل التلف و النقص الواردين على المال. نعم يضمن على الأقوى ما أنفقه في السفر على نفسه و ان كان جاهلا بالفساد.


1- قد مر أن الظاهر كفاية القسمة في الاستقرار إذا رضيا بها بلا إنضاض.
2- ان لم يكن أقوى، لقوة احتمال ان يكون ذلك من لوازم المضاربة عرفا بحيث يكون الاقدام عليها ملازما للتعهد على الإنضاض و إيفاء الديون و استيفائها و تسليم رأس المال بعد الإتمام أو الفسخ و الانفساخ. نعم إذا رضى المالك بتركها فلا اشكال فيه.
3- مشكل لما مر من أمثال ذلك من لوازم المضاربة و تعهداته خصوصا ان لم يكن الفسخ مستندا الى المالك.
4- إذا كانت التجارة باذنه و لو كانت مضاربة باطلة أو أجاز المالك بعد العلم ببطلان المضاربة، و اما إذا كان اذنه في التجارة أو إجازته مقيدا بصحة المضاربة فالمعاملة باطلة بتمامها و لا ربح.
5- إذا كان مأذونا في التجارة، و أما إذا لم يكن مأذونا فلا يستحق شيئا و لو أجاز المالك المعاملة بعد وقوعها.
6- إلا إذا عمل بأمر المالك و لو مع علمه بالفساد فله الأجرة، و كذا لا يضمن نفقة السفر إذا سافر بأمره.

ص: 139

[مسألة: 34 لو ضارب مع الغير بمال الغير من دون ولاية و لا وكالة وقع فضوليا]

مسألة: 34 لو ضارب مع الغير بمال الغير من دون ولاية و لا وكالة وقع فضوليا، فان اجازه المالك وقع له و كان الخسران عليه و الربح بينه و بين العامل على ما شرطاه، و ان رده فان كان قبل أن عومل بماله طالبه و يجب على العامل رده اليه، و ان تلف أو تعيب كان له الرجوع على كل من المضارب و العامل، فان رجع على الأول لم يرجع على الثاني و ان رجع على الثاني (1) رجع على الأول، و ان كان بعد أن عومل به كانت المعاملة فضولية، فان أمضاها وقعت له و كان تمام الربح له و تمام الخسران عليه، و ان ردها رجع بماله الى كل من شاء من المضارب و العامل كما في صورة التلف، و يجوز له أن يجيزها على تقدير حصول الربح و يردها على تقدير وقوع الخسران، بأن يلاحظ مصلحته فإذا رآها تجارة رابحة أجازها و إذا رآها خاسرة ردها. هذا حال المالك مع كل من المضارب و العامل، و أما معاملة العامل مع المضارب، فإذا لم يعمل عملا لم يستحق شيئا، و كذا إذا عمل و كان عالما بكون المال لغير المضارب، و أما إذا عمل و لم يعلم بكونه لغيره استحق اجرة مثل عمله و رجع بها على المضارب.

[مسألة: 35 إذا أخذ العامل رأس المال ليس له ترك الاتجار به و تعطيله عنده]

مسألة: 35 إذا أخذ العامل رأس المال ليس له ترك الاتجار به و تعطيله عنده بمقدار لم تجر العادة على تعطيله و عد متوانيا متسامحا كالتأخير سنة مثلا، فان عطله كذلك ضمنه (2) لو تلف لكن لم يستحق المالك عليه غير أصل المال، و ليس له مطالبته بالربح الذي كان يحصل على تقدير الاتجار به.

[مسألة: 36 إذا اشترى نسيئة بإذن المالك كان الدين في ذمة المالك]

مسألة: 36 إذا اشترى نسيئة (3) بإذن المالك كان الدين في ذمة المالك فللدائن الرجوع عليه، و له ان يرجع على العامل خصوصا مع جهل الدائن بالحال، و إذا


1- هذا إذا كان المضارب غارا و العامل مغرورا، و الا فيكون قرار الضمان على من تلف المال عنده و للمالك الرجوع على كل منهما.
2- لا لعذر موجه و كان الاذن بإمساكه مقيدا بالمعاملة.
3- قد مر الإشكال في الاشتراء بالذمة بعنوان المضاربة.

ص: 140

رجع عليه رجع هو على المالك، و لو لم يتبين للدائن ان الشراء للغير يتعين له في الظاهر الرجوع الى العامل، و ان كان له في الواقع الرجوع على المالك.

[مسألة: 37 لو ضاربه على خمسمائة مثلا فدفعها اليه و عامل بها و في أثناء التجارة]

مسألة: 37 لو ضاربه على خمسمائة مثلا فدفعها اليه و عامل بها و في أثناء التجارة دفع إليه خمسمائة أخرى للمضاربة فالظاهر انهما مضاربتان، فلا تجبر خسارة إحداهما بربح الأخرى. نعم لو ضاربه على ألف مثلا فدفع إليه خمسمائة فعامل بها ثم دفع إليه خمسمائة أخرى فهي مضاربة واحدة تجبر خسارة كل من التجارتين بربح الأخرى.

[سألة: 38 إذا كان رأس المال مشتركا بين اثنين فضاربا واحدا ثم فسخ أحد الشريكين]

مسألة: 38 إذا كان رأس المال مشتركا بين اثنين فضاربا واحدا ثم فسخ أحد الشريكين، فالظاهر انها تنفسخ من الأصل حتى بالنسبة إلى الشريك الأخر (1).

[مسألة: 39 إذا تنازع المالك مع العامل في مقدار رأس المال و لم يكن بينة قدم قول العامل]

مسألة: 39 إذا تنازع المالك مع العامل في مقدار رأس المال و لم يكن بينة قدم قول العامل، سواء كان المال موجودا أو كان تالفا و كان مضمونا على العامل.

[مسألة: 40 لو ادعى العامل التلف أو الخسارة أو عدم حصول المطالبات التي عند الناس مع عدم كونه مضمونا عليه]

مسألة: 40 لو ادعى العامل التلف أو الخسارة أو عدم حصول المطالبات التي عند الناس مع عدم كونه مضمونا عليه و ادعى المالك خلافه و لم يكن بينة قدم قول العامل.

[مسألة: 41 لو اختلفا في الربح و لم يكن بينة قدم قول العامل]

مسألة: 41 لو اختلفا في الربح و لم يكن بينة قدم قول العامل، سواء اختلفا في أصل حصوله أو في مقداره، بل و كذا الحال فيما إذا قال العامل ربحت كذا لكن خسرت بعد ذلك بمقداره فذهب الربح.

[مسألة: 42 لو اختلفا في نصيب العامل من الربح و انه النصف مثلا أو الثلث]

مسألة: 42 لو اختلفا في نصيب العامل من الربح و انه النصف مثلا أو الثلث و لم يكن بينة قدم قول المالك.

[مسألة: 43 إذا تلف المال أو وقع خسران فادعى المالك على العامل الخيانة]

مسألة: 43 إذا تلف المال أو وقع خسران فادعى المالك على العامل الخيانة أو التفريط في الحفظ و لم يكن له بينة قدم قول العامل، و كذا لو ادعى عليه


1- بل مقتضى القاعدة عدم الانفساخ بالنسبة إلى الأخر لأن المضاربة مع الشريكين ينحل الى مضاربتين.

ص: 141

مخالفته لما شرط عليه، سواء كان النزاع في أصل الاشتراط أو في مخالفته لما شرط عليه، كما إذا ادعى المالك انه قد اشترط عليه أن لا يشتري الجنس الفلاني و قد اشتراه فخسر و أنكر العامل أصل هذا الاشتراط أو أنكر مخالفته لما اشترط عليه. نعم لو كان النزاع في صدور الاذن من المالك فيما لا يجوز للعامل إلا بإذنه- كما لو سافر بالمال أو باع نسيئة فتلف أو خسر- فادعى العامل كونه بإذن المالك و أنكره قدم قول المالك.

[مسألة: 44 إذا ادعى رد المال الى المالك و أنكره قدم قول المالك]

مسألة: 44 إذا ادعى رد المال الى المالك و أنكره قدم قول المالك.

[مسألة: 45 إذا اشترى العامل سلعة فظهر فيها ربح فقال اشتريتها لنفسي]

مسألة: 45 إذا اشترى العامل سلعة فظهر فيها ربح فقال اشتريتها لنفسي و قال المالك اشتريتها للقراض، أو ظهر خسران فادعى العامل انه اشتراها للقراض و قال صاحب المال بل اشتريتها لنفسك، قدم قول العامل بيمينه.

[مسألة: 46 إذا حصل تلف أو خسارة فادعى المالك انه أقرضه و ادعى العامل انه قارضه]

مسألة: 46 إذا حصل تلف أو خسارة فادعى المالك انه أقرضه و ادعى العامل انه قارضه قدم قول المالك على اشكال (1)، و أما لو حصل ربح فادعى المالك أنه قارضه و ادعى العامل أنه أقرضه قدم قول المالك بلا إشكال.

[مسألة: 47 لو ادعى المالك انه أعطاه المال بعنوان البضاعة فلا يستحق العامل شيئا من الربح]

مسألة: 47 لو ادعى المالك انه أعطاه المال بعنوان البضاعة فلا يستحق العامل شيئا من الربح و ادعى العامل المضاربة فله حصة منه، الظاهر انه يقدم قول المالك بيمينه، فيحلف على نفي المضاربة، فله تمام الربح لو كان، و لو لم يكن ربح أصلا فلا ثمرة في هذه الدعوى.

[مسألة: 48 يجوز إيقاع الجعالة على الاتجار بمال و جعل الجعل حصة من الربح]

مسألة: 48 يجوز إيقاع الجعالة على الاتجار بمال و جعل الجعل حصة من الربح، بأن يقول صاحب المال مثلا إذا اتجرت بهذا المال و حصل ربح فلك نصفه أو ثلثه، فتكون جعالة تفيد فائدة المضاربة، لكن لا يشترط فيها ما يشترط في المضاربة، فلا يعتبر كون رأس المال من النقدين، بل يجوز أن يكون عروضا أو دينا أو منفعة.

[مسألة: 49 يجوز للأب و الجد المضاربة بمال الصغير مع عدم المفسدة]

مسألة: 49 يجوز للأب و الجد المضاربة بمال الصغير مع عدم المفسدة (2)،


1- لا يبعد تقدم قول العامل مع حلفه على نفي القرض لعدم الأثر في القراض بخلاف القرض.
2- و الأحوط مراعاة المصلحة أيضا.

ص: 142

و كذا القيم الشرعي كالوصي و الحاكم الشرعي مع الأمن من الهلاك و ملاحظة الغبطة و المصلحة، بل يجوز للوصي على ثلث الميت ان يدفعه الى الغير بالمضاربة و صرف حصة الميت من الربح في المصارف المعينة للثلث إذا أوصى به الميت، بل و ان لم يوص به لكن فوض أمر الثلث بنظر الوصي فرأى الصلاح في ذلك.

[مسألة: 50 إذا مات العامل و كان عنده مال المضاربة]

مسألة: 50 إذا مات العامل و كان عنده مال المضاربة، فإن علم بوجوده فيما تركه بعينه فلا اشكال، و ان علم بوجوده فيه من غير تعيين- بأن كان ما تركه مشتملا على مال نفسه و مال المضاربة أو كان عنده أيضا ودائع أو بضائع لأناس آخرين و اشتبه أعيانها بعضها مع بعض- يعامل ما هو العلاج في نظائره من اشتباه أموال ملاك متعددين بعضها مع بعض، و هل هو باعمال القرعة أو إيقاع المصالحة؟ وجهان أحوطهما الثاني و أقواهما الأول. نعم الظاهر انه لو علم المال جنسا و قدرا و اشتبه بين أموال من جنسه له أو لغيره كان بحكم المال المشترك (1)، كما إذا كان له في مخزنة مقدار من القند أو الشكر و علم أن مقدارا معينا من ذلك الجنس مال المضاربة من غير تعيين لشخصه، فإنه يكون المجموع مشتركا بين رب المال و ورثة الميت بالنسبة، و أما إذا علم بعدم وجوده فيها و احتمل انه قد رده الى مالكه أو تلف بتفريط منه أو بغيره فالظاهر انه لم يحكم على الميت بالضمان و كان الجميع لورثته، و كذا لو احتمل بقاءه فيها. نعم لو علم بأن مقدارا من مال المضاربة قد كان قبل موته داخلا في هذه الأجناس الباقية التي قد تركها و لم يعلم انه هل بقي فيها أو رده الى المالك أو تلف، لا يبعد (2) أن يكون حاله حال ما لو علم بوجوده فيها فيجب إخراجه منها.


1- في المخلوط بلا تميز، و أما مع التميز الواقع و الاشتباه في الظاهر فيأتي فيه ما تقدم من الوجهين.
2- بل بعيد، و الاستصحاب إما مختلة الأركان و اما مثبت، فالأقوى ان التركة كلها موروثة.

ص: 143

[كتاب الشركة]

اشارة

كتاب الشركة و هي كون شي ء واحد لاثنين أو أزيد، و هي اما في عين أو دين أو منفعة أو حق. و سببها قد يكون إرثا و قد يكون عقدا ناقلا، كما إذا اشترى اثنان معا مالا أو استأجر أعينا أو صولحا عن حق تحجير مثلا. و لها سببان آخران يختصان بالشركة في الأعيان: أحدهما الحيازة، كما إذا اقتلع اثنان معا شجرة مباحة أو اغترفا ماء مباحا بآنية واحدة دفعة. و ثانيهما الامتزاج، كما إذا امتزج ماء أو خل من شخص بماء أو خل شخص آخر، سواء وقع قهرا أو عمدا و اختيارا.

[مسائل في الشركة]

[مسألة: 1 الامتزاج قد يوجب الشركة الواقعية الحقيقة]

مسألة: 1 الامتزاج قد يوجب الشركة الواقعية الحقيقة، و هو فيما إذا حصل خلط و امتزاج تام بين مائعين متجانسين كالماء بالماء و الدهن بالدهن، بل و غير متجانسين كدهن اللوز بدهن الجوز مثلا، و مثله على الظاهر خلط الجامدات الناعمة بعضها ببعض كالادقة، بل لا يبعد أن يلحق بها ذوات الحبات الصغيرة كالخشخاش و الدخن و السمسم و أشباهها. و قد يوجب الشركة الظاهرية الحكمية (1)، و هي في مثل خلط الحنطة بالحنطة و الشعير بالشعير، بل و الجوز بالجوز و اللوز باللوز، و كذا الدراهم أو الدنانير المتماثلة إذا اختلط بعضها ببعض على نحو يرفع الامتياز،


1- كون الشركة ظاهرية فيما ذكر من الأمثلة محل تأمل و منع، بل لا يبعد كون الشركة واقعية فيما لا تميز للممتزجين عرفا و كان بحيث يعدان شيئا واحدا كما هو المرتكز في الأذهان مع عدم ردع معلوم، و في مثل خلط الأغنام و الثياب مما لا يعد شيئا واحدا عند العرف فلا شركة لا ظاهرا و لا واقعا.

ص: 144

فان الظاهر في أمثال ذلك بقاء أجزاء كل من المالين على ملك مالكه، لكن عند الخلط الرافع للامتياز يعامل مع المجموع معاملة المال المشترك و يكون بحكم الشركة الواقعية من صحة التقسيم و الافراز و سائر أحكام المال المشترك. نعم الظاهر انه لا تتحقق الشركة لا واقعا و لا ظاهرا بخلط القيميات بعضها ببعض و ان لم يتميز، كما إذا اختلط بعض الثياب ببعضها مع تقارب الصفات و العبيد في العبيد و الإماء في الإماء و الأغنام في الأغنام و نحو ذلك، بل ذلك من اشتباه مال أحد المالكين بمال الأخر، فيكون العلاج بالمصالحة أو القرعة.

[مسألة: 2 لا يجوز لبعض الشركاء التصرف في المال المشترك الا برضى الباقين]

مسألة: 2 لا يجوز لبعض الشركاء التصرف في المال المشترك الا برضى الباقين، بل لو أذن أحد الشريكين شريكه في التصرف جاز للمأذون و لم يجز للإذن الا أن يأذن له المأذون أيضا، و يجب أن يقتصر المأذون بالمقدار المأذون فيه كماً و كيفا. نعم الاذن في الشي ء اذن في لوازمه عند الإطلاق، فإذا أذن له في سكنى الدار يلزمه إسكان أهله و عياله و أطفاله و تردد أصدقائه و نزول ضيوفه بالمقدار المعتاد، فيجوز ذلك كله الا أن يمنع عنه (1) كلا أو بعضا فيتبع.

[مسألة: 3 كما تطلق الشركة على المعنى المتقدم]

مسألة: 3 كما تطلق الشركة على المعنى المتقدم- و هو كون شي ء واحد لاثنين أو أزيد- تطلق أيضا على معنى آخر، و هو العقد الواقع بين اثنين أو أزيد على المعاملة بمال مشترك بينهم، و تسمى الشركة العقدية و الاكتسابية، و ثمرته جواز تصرف الشريكين (2) فيما اشتركا فيه بالتكسب به و كون الربح و الخسران بينهما على نسبة مالهما. و حيث انها عقد من العقود تحتاج إلى إيجاب و قبول، و يكفي قولهما «اشتركنا» أو قول أحدهما ذلك مع قبول الأخر، و لا يبعد جريان المعاطاة فيها، بأن خلطا المالين (3) بقصد اشتراكهما في الاكتساب و المعاملة به.

[مسألة: 4 يعتبر في الشركة العقدية كل ما اعتبر في العقود المالية]

مسألة: 4 يعتبر في الشركة العقدية كل ما اعتبر في العقود المالية من البلوغ


1- أو تكون قرينة مانعة عن التمسك بالإطلاق.
2- و اما حصول الشركة فلا بد من أسبابه المتقدمة كما يأتي منه.
3- بشرط أن يعد الخليطان شيئا واحدا عند العرف كما مر.

ص: 145

و العقل و القصد و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه.

[مسألة: 5 لا تصح الشركة العقدية إلا في الأموال نقودا كانت أو عروضا]

مسألة: 5 لا تصح الشركة العقدية إلا في الأموال (1) نقودا كانت أو عروضا، و تسمى تلك شركة العنان، و لا تصح في الأعمال، و هي المسماة بشركة الأبدان، بأن أوقع العقد اثنان على أن يكون اجرة عمل كل منهما مشتركا بينهما، سواء اتفقا في العمل كالخياطين أو اختلفا كالخياط مع النساج. و من ذلك معاقدة شخصين على أن كل ما يحصل كل منهما بالحيازة من الحطب أو الحشيش مثلا يكون مشتركا بينهما، فلا تتحقق الشركة بذلك، بل يختص كل منهما بأجرته و بما حازه. نعم لو صالح أحدهما الأخر بنصف منفعته إلى مدة كذا كسنة أو سنتين بنصف منفعة الأخر إلى تلك المدة و قبل الأخر صح و اشترك كل منهما فيما يحصله الأخر في تلك المدة بالأجرة أو الحيازة، و كذا لو صالح أحدهما الأخر عن نصف منفعته إلى مدة بعوض معين كدينار مثلا و صالحه الأخر أيضا نصف منفعته في تلك المدة بذلك العوض.

و لا تصح أيضا شركة الوجوه، و هي أن يوقع العقد اثنان وجيهان عند الناس لا مال لهما على أن يبتاع كل منهما في ذمته إلى أجل و يكون ما يبتاعه كل منهما بينهما فبيعانه و يؤديان الثمن و يكون ما حصل من الربح بينهما، و لو أرادا حصول هذه النتيجة بوجه مشروع و كل كل منهما الأخر في أن يشاركه فيما اشتراه، بأن يشتري لهما و في ذمتهما، فإذا اشترى شيئا كذلك يكون لهما فيكون الربح و الخسران بينهما.

و لا تصح أيضا شركة المفاوضة، و هي أن يعقد اثنان على أن يكون كل ما يحصل لكل منهما من ربح تجارة أو فائدة زراعة أو اكتساب أو إرث أو وصية أو غير ذلك شاركه فيه الأخر، و كذا كل غرامة و خسارة ترد على أحدهما تكون عليهما، فانحصرت الشركة العقدية الصحيحة بالشركة في الأموال المسماة بشركة العنان.

[مسألة: 6 لو آجر اثنان نفسهما بعقد واحد لعمل واحد بأجرة معينة كانت الأجرة مشتركة بينهما]

مسألة: 6 لو آجر اثنان نفسهما بعقد واحد لعمل واحد بأجرة معينة كانت الأجرة مشتركة بينهما، و كذا لو حاز اثنان معا مباحا، كما لو اقتلعا معا شجرة أو اغترفا


1- في الأعيان، فلا تصح في الديون و لا في الحقوق و لا في المنافع.

ص: 146

ماء دفعة بآنية واحدة كان ما حازاه مشتركا بينهما، و ليس ذلك من شركة الأبدان حتى تكون باطلة، و يقسم الأجرة و ما حازاه بنسبة عملهما، و لو لم تعلم النسبة فالأحوط التصالح.

[مسألة: 7 حيث أن الشركة العنانية هي العقد على المعاملة و التكسب بالمال المشترك]

مسألة: 7 حيث أن الشركة العنانية هي العقد على المعاملة و التكسب بالمال المشترك، فلا بد من أن يكون رأس المال مشتركا بأحد أسباب الشركة، فإن كان مشتركا قبل إيقاع عقدها كالمال الموروث قبل القسمة فهو، و الا بأن كان المالان ممتازين، فان كانا مما تحصل الشركة بمزجهما كالمائعات و الأدقة بل و الحبوبات و الدراهم و الدنانير على ما مر مزجاهما قبل العقد أو بعده ليتحقق الاشتراك في رأس المال، و ان كانا من غيره- بأن كان عند أحدهما جنس و عند الأخر جنس آخر- فلا بد من إيجاد أحد أسباب الشركة غير المزج ليصير رأس المال مشتركا، كأن يبيع أو يصالح كل منهما نصف ماله بنصف مال الأخر. و ما اشتهر من أن في الشركة العقدية لا بد من خلط المالين قبل العقد أو بعده مبني على ما هو الغالب من كون رأس المال من الدراهم أو الدنانير و كان لكل منهما مقدار ممتاز عما للآخر، و حيث ان الخلط و المزج فيها أسهل أسباب الشركة ذكروا أنه لا بد من امتزاج الدراهم بالدراهم و الدنانير بالدنانير حتى يحصل الاشتراك في رأس المال، لا انه يعتبر ذلك حتى انه لو فرض كون الدراهم أو الدنانير مشتركة بين اثنين بسبب آخر غير المزج كالإرث أو كان المالان مما لا يوجب خلطهما الاشتراك لم تقع الشركة العقدية.

[مسألة: 8 إطلاق عقد الشركة يقتضي جواز تصرف كل منهما بالتكسب برأس المال]

مسألة: 8 إطلاق عقد الشركة يقتضي (1) جواز تصرف كل منهما بالتكسب برأس المال، و إذا اشترطا كون العمل من أحدهما أو من كليهما مع انضمامهما فهو المتبع. هذا من حيث العامل، و أما من حيث العمل و التكسب فمع الإطلاق يجوز مطلقه مما يريان فيه المصلحة كالعامل في المضاربة، و لو عينا جهة خاصة كبيع و شراء


1- و الظاهر أن المنشأ بذاك العقد هو التعهد و الالتزام بلوازم الشركة في التجارة، بأن يتجرا معا في المال المعين الى زمان معين مع شرائط معينة من العامل و المعاملة و مكانها و كيفيتها، فان كان العقد مشتملا لتعيين العامل فهو و الا فتحتاج المعاملة من كل منهما إلى إذن جديد.

ص: 147

الأغنام أو الطعام أو البزازة أو غير ذلك اقتصر على ذلك و لا يتعدى الى غيره.

[مسألة: 9 حيث أن كل واحد من الشريكين كالوكيل و العامل عن الأخر]

مسألة: 9 حيث أن كل واحد من الشريكين كالوكيل و العامل عن الأخر، فإذا عقدا على الشركة في مطلق التكسب أو تكسب خاص يقتصر على المتعارف، فلا يجوز البيع بالنسيئة و لا السفر بالمال الا مع الاذن الخاص، و ان جاز له كل ما تعارف من حيث الجنس المشتري و البائع و المشتري و أمثال ذلك. نعم لو عينا شيئا من ذلك لم يجز لهما المخالفة عنه الا بإذن من الشريك، و ان تعدى أحدهما عما عينا أو عن المتعارف ضمن الخسارة و التلف (1).

[مسألة: 10 إطلاق الشركة يقتضي بسط الربح و الخسران على الشريكين على نسبة مالهما]

مسألة: 10 إطلاق الشركة يقتضي بسط الربح و الخسران على الشريكين على نسبة مالهما، فإذا تساوى مالهما تساويا في الربح و الخسران، و مع التفاوت يتفاضلان فيهما على حسب تفاوت ماليهما، من غير فرق بين ما كان العمل من أحدهما أو منهما مع التساوي فيه أو الاختلاف. و لو شرطا التفاوت في الربح مع التساوي في المال أو تساويهما فيه مع التفاوت فيه، فان جعلت الزيادة للعامل منهما أو لمن كان عمله أزيد صح بلا اشكال، و ان جعلت لغير العامل أو لمن لم يكن عمله أزيد ففي صحة العقد و الشرط معا أو بطلانهما أو صحة العقد دون الشرط أقوال، أقواها أولها (2).

[مسألة: 11 العامل من الشريكين أمين]

مسألة: 11 العامل من الشريكين أمين، فلا يضمن التلف إذا لم يكن تعدى منه و لا تفريط. و إذا ادعى التلف قبل قوله مع اليمين، و كذا إذا ادعى الشريك عليه التعدي أو التفريط و قد أنكر.

[مسألة: 12 عقد الشركة جائز من الطرفين]

مسألة: 12 عقد الشركة جائز من الطرفين، فيجوز لكل منهما فسخه، فينفسخ لكن لا يبطل (3) بذلك أصل الشركة، و كذا ينفسخ بعروض الموت و الجنون


1- إلا إذا أجاز الشريك المعاملة الغير المأذون فيها.
2- بل أوسطها، و ذلك لان الشرط مخالف لمقتضى العقد لانه يرجع الى تفكيك لوازم الشركة عنها، نعم لو كان الاذن في التجارة غير مقيد بالشرط المذكور فالأقوى هو الثالث، يعني صحة العقد و بطلان الشرط.
3- فيما إذا حصل بأسبابه على ما مر.

ص: 148

و الإغماء و الحجر بالفلس أو السفه و تبقى أيضا أصل الشركة.

[مسألة: 13 لو جعلا للشركة أجلا لم يلزم]

مسألة: 13 لو جعلا للشركة أجلا لم يلزم، فيجوز لكل منهما الرجوع قبل انقضائه إلا إذا اشترطاه في ضمن عقد لازم فيلزم (1).

[مسألة: 14 إذا تبين بطلان عقد الشركة كانت المعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحة]

مسألة: 14 إذا تبين بطلان عقد الشركة كانت المعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحة و لهما الربح و عليهما الخسران على نسبة المالين، و لكل منهما اجرة مثل عمله بالنسبة إلى حصة الأخر.

[القول في القسمة]

اشارة

القول في القسمة:

و هي تميز (2) حصص الشركاء بعضها عن بعض، و ليست ببيع و لا معاوضة، فلا يجري فيها خيار المجلس و لا خيار الحيوان المختصان بالبيع، و لا يدخل فيها الربا و ان عممناها لجميع المعاوضات.

[مسألة: 1 لا بد في القسمة من تعديل السهام]

مسألة: 1 لا بد في القسمة من تعديل السهام، و هو اما بحسب الاجزاء و الكمية كيلا أو وزنا أو عدا أو مساحة، و تسمى «قسمة إفراز» و هي جارية في المثليات كالحبوب و الادهان و الخلول و الألبان، و في بعض القيميات المتساوية الاجزاء كما في الثوب الواحد الذي تساوت أجزاؤه كطاقة من كرباس و قطعة واحدة من أرض بسيطة تساوت أجزاؤها. و اما بحسب القيمة و المالية، كما في القيميات إذا تعددت كالعبيد و الأغنام و العقار و الأشجار إذا ساوى بعضها مع بعض بحسب القيمة، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة أغنام قد ساوى قيمة أحدها مع اثنين منها فيجعل الواحد سهما


1- مشكل. نعم لو شرطا عدم الفسخ يجب الوفاء به تكليفا لكنها تنفسخ بالفسخ.
2- التعبير مشعر بأن القسمة لإخراج المشتبه، و هو محل القرعة، و ليست القرعة بناقلة، فمعنى الإشاعة أن سهم كل شريك دائر بين مصاديق متعددة يشخص و يتعين بالقرعة، و ذلك ليس ببعيد لو لا الإجماع على خلافه كما في الجواهر. و اما بناء على كون الإشاعة استحقاق كل شريك في كل جزء يفرز فمع قطع النظر عن الإشكال في الجزء الذي لا يتجزأ فالمناسب في تعريفها ان يقال القسمة هي نقل سهم كل شريك من الحصة التي بيد شريكه بإزاء سهم شريكه في الحصة التي بيده. و هذا لا يستقيم في قسمة الرد و لا يحتاج الى تعديل القسمة لأنه من المعاوضات و لا يحتاج الى أكثر من رضاء الطرفين، لان الناس مسلطون على أموالهم.

ص: 149

و الاثنان سهما، و تسمى ذلك «قسمة التعديل». و اما بضم مقدار من المال مع بعض السهام ليعادل البعض الأخر، كما إذا كان بين اثنين عبدان قيمة أحدهما خمسة دنانير و الأخر أربعة فإنه إذا ضم الى الثاني نصف دينار ساوى مع الأول، و تسمى هذه «قسمة الرد».

[مسألة: 2 الأموال المشتركة قد لا يتأتى فيها إلا قسمة الافراز]

مسألة: 2 الأموال المشتركة قد لا يتأتى فيها إلا قسمة الافراز (1)، و هو فيما إذا كان من جنس واحد من المثليات، كما إذا اشترك اثنان أو أزيد في وزنة من حنطة.

و قد لا يتأتى فيها إلا قسمة التعديل، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة عبيد قد ساوى أحدهم مع اثنين منهم بحسب القيمة. و قد لا يتأتى فيها إلا قسمة الرد، كما إذا كان بين اثنين عبدان قيمة أحدهما خمسة دنانير و الأخر أربعة. و قد يتأتى فيها قسمة الافراز و التعديل معا، كما إذا اشترك اثنان في جنسين مثليين مختلفي القيمة و المقدار و كانت قيمة أقلهما مساوية لقيمة أكثرهما، كما إذا كان بين اثنين وزنة من حنطة و وزنتان من شعير و كانت قيمة وزنة من حنطة مساوية لقيمة وزنتين من شعير، فإذا قسم المجموع بجعل الحنطة سهما و الشعير سهما يكون من قسمة التعديل، و إذا قسم كل منهما منفردا يكون من قسمة إفراز. و قد يتأتى فيها قسمة الافراز و الرد معا، كما في المثال السابق إذا فرض كون قيمة الحنطة خمسة عشر درهما و قيمة الشعير عشرة. و قد يتأتى فيها قسمة التعديل مع قسمة الرد، كما إذا كان بينهما ثلاثة عبيد أحدهم يقوم بعشرة دنانير و اثنان منهم كل منهما بخمسة، فيمكن أن يجعل الأول سهما و الآخران سهما فتكون من قسمة التعديل، و ان يجعل الأول مع واحد من الآخرين سهما و الأخر منهما مع عشرة دنانير سهما فتكون من قسمة الرد. و قد يتأتى فيها كل من قسمتي الافراز و الرد، كما إذا كان بينهما وزنة


1- ان كان المقصود من ذكر الأقسام إمكان التقسيم بما ذكر فيمكن التقسيم بالرد في جميع ما ذكر حتى فيما يأتي فيه قسمة الافراز، لأنه يمكن أن يأخذ أحد الشريكين زائدا على قسمه و يعطى قيمة الزائد من حقه على شريكه، و ان كان المقصود انه لا يجبر الشريك إلا بقسمة الإفراز فمسلم انه لا يجبر أحد على غير الافراز مع إمكانه، و مع عدم إمكانه لا يجبر الا بتقسيم العدل فيما يمكن، و الرد لا يجبر عليه الا مع عدم إمكان قسيميه. و أما جواز التقسيم بغير ما يجوز أن يجبر عليه فمشكل، لان المتيقن من الأدلة و الدائر عند المتشرعة ذلك. و التقسيم بالرد مع إمكان الافراز فنوع معاوضة لا بأس بالمصالحة المفيدة لفائدته كما افاده قدس سره في آخر المسألة.

ص: 150

حنطة كانت قيمتها اثنى عشر درهما مع وزنة شعير قيمتها عشرة، فيمكن قسمة الافراز بتقسيم كل منهما منفردا و قسمة الرد بجعل الحنطة سهما و الشعير مع درهمين سهما.

و قد يتأتى الأقسام الثلاثة، كما إذا اشترك اثنان في وزنة حنطة قيمتها عشرة دراهم مع وزنة شعير قيمتها خمسة و وزنة حمص قيمتها خمسة عشر، فإذا قسمت كل منهما بانفرادها كانت قسمة إفراز، و ان جعلت الحنطة مع الشعير سهما و الحمص سهما كانت قسمة تعديل، و ان جعل الحمص مع الشعير سهما و الحنطة مع عشرة دراهم سهما كانت قسمة الرد. و لا إشكال في صحة الجميع مع التراضي إلا في قسمة الرد مع إمكان غيرها، فان في صحتها اشكالا، بل الظاهر العدم. نعم لا بأس بالمصالحة المفيدة فائدتها.

[مسألة: 3 لا يعتبر في القسمة تعيين مقدار السهام بعد أن كانت معدلة]

مسألة: 3 لا يعتبر في القسمة تعيين مقدار السهام بعد أن كانت معدلة، فلو كانت صبرة من حنطة مجهولة الوزن بين ثلاثة فجعلها ثلاثة أقسام معدلة بمكيال مجهول المقدار أو كانت بينهم عرصة أرض متساوية الأجزاء فجعلها ثلاثة أجزاء متساوية بخشبة أو حبل لا يدرى أن طولهما كم ذراع صح، لما عرفت من أن القسمة ليست ببيع و لا معاوضة.

[مسألة: 4 إذا طلب أحد الشريكين القسمة بأحد أقسامها]

مسألة: 4 إذا طلب أحد الشريكين القسمة بأحد أقسامها، فإن كانت قسمة رد أو كانت مستلزمة للضرر فللشريك الأخر الامتناع عنها و لم يجبر عليها لو امتنع، و تسمى القسمة «قسمة تراض»، بخلاف ما إذا لم تكن قسمة رد و لا مستلزمة للضرر فإنه يجبر عليها (1) الممتنع لو طلبها الشريك الأخر، و تسمى القسمة «قسمة إجبار». فإن كان المال المشترك مما لا يمكن فيه الا قسمة الافراز أو التعديل فلا اشكال، و اما فيما أمكن كلتاهما فان طلب قسمة الافراز يجبر عليها الممتنع، بخلاف ما إذا طلب قسمة التعديل، فإذا كانا شريكين في أنواع متساوية الأجزاء كحنطة و شعير و تمر و زبيب فطلب أحدهما قسمة كل نوع بانفراده قسمة إفراز أجبر الممتنع، و ان طلب قسمتها بالتعديل بحسب القيمة لم يجبر، و كذا إذا كانت بينهما قطعتا أرض أو داران أو دكانان


1- بنحو ما مر في الحاشية من تقديم الافراز على التعديل مع الإمكان كما يأتي منه تفصيله.

ص: 151

فإنه يجبر الممتنع لو طلب أحد الشريكين قسمة كل منها على حدة و لم يجبر إذا طلب قسمتها بالتعديل. نعم لو كانت قسمتها منفردة مستلزمة للضرر دون قسمتها بالتعديل أجبر الممتنع على الثانية ان طلبها أحد الشريكين دون الأولى.

[مسألة: 5 إذا اشترك اثنان في دار ذات علو و سفل و أمكن قسمتها على نحو يحصل لكل منهما حصة من العلو]

مسألة: 5 إذا اشترك اثنان في دار ذات علو و سفل و أمكن قسمتها على نحو يحصل لكل منهما حصة من العلو و السفل بالتعديل (1)، و قسمتها على نحو يحصل لأحدهما العلو و لأحدهما السفل، و قسمة كل من العلو و السفل بانفراده، فان طلب أحد الشريكين النحو الأول و لم يستلزم الضرر يجبر الأخر لو امتنع و لا يجبر لو طلب أحد النحوين الآخرين. هذا مع إمكان النحو الأول و عدم استلزام الضرر، و أما مع عدم إمكانه أو استلزامه الضرر و انحصار الأمر في النحوين الأخيرين فالظاهر تقدم الثاني، فلو طلبه أحدهما يجبر الأخر لو امتنع بخلاف الأول. نعم لو انحصر الأمر فيه يجبر إذا لم يستلزم الضرر و لا الرد و الا لم يجبر كما مر.

[مسألة: 6 لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر بين جماعة و طلب بعض الشركاء القسمة أجبر الباقون]

مسألة: 6 لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر بين جماعة و طلب بعض الشركاء القسمة أجبر الباقون، إلا إذا استلزم الضرر من جهة ضيقهما و كثرة الشركاء.

[مسألة: 7 إذا كانت بينهما بستان مشتملة على نخيل و أشجار فقسمتها باشجارها و نخيلها]

مسألة: 7 إذا كانت بينهما بستان مشتملة على نخيل و أشجار فقسمتها باشجارها و نخيلها بالتعديل قسمة إجبار إذا طلبها أحدهما يجبر الأخر، بخلاف قسمة كل من الأرض و الأشجار على حدة فإنها قسمة تراض لا يجبر عليها الممتنع.

[مسألة: 8 إذا كانت بينهما أرض مزروعة يجوز قسمة كل من الأرض و الزرع قصيلا كان أو سنبلا على حدة]

مسألة: 8 إذا كانت بينهما أرض مزروعة يجوز قسمة كل من الأرض و الزرع قصيلا كان أو سنبلا على حدة و تكون القسمة قسمة إجبار، و أما قسمتهما معا فهي قسمة تراض لا يجبر الممتنع عليها إلا إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر فيها فيجبر عليها. هذا إذا كان الزرع قصيلا أو سنبلا، و أما إذا كان حبا مدفونا أو مخضرا في الجملة و لم يكمل نباته فلا إشكال في قسمة الأرض وحدها و بقاء الزرع على إشاعته، كما أنه لا إشكال في عدم جواز قسمة الزرع مستقلا. نعم لا يبعد جواز قسمة الأرض


1- قد مر تقدم قسمة الافراز، فقسمة كل من العلو و السفل بنحو التساوي إذا أمكن مقدمة على غيرها و بعدها فالتعديل مقدم.

ص: 152

بزرعها بحيث يجعل من توابعها (1)، و ان كان الأحوط قسمة الزرع و حدها و إفراز الزرع بالمصالحة.

[مسألة: 9 إذا كانت بينهم دكاكين متعددة متجاورة أو منفصلة]

مسألة: 9 إذا كانت بينهم دكاكين متعددة متجاورة أو منفصلة، فإن أمكن قسمة كل منها بانفراده و طلبها بعض الشركاء و طلب بعضهم قسمة بعضها في بعض بالتعديل لكي يتعين حصة كل منهم في دكان تام أو أزيد يقدم ما طلبه الأول و يجبر البعض الأخر، إلا إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر في النحو الثاني فيجبر الأول.

[سألة: 10 إذا كان بينهما حمام و شبهه مما لم يقبل القسمة الخالية عن الضرر]

مسألة: 10 إذا كان بينهما حمام و شبهه مما لم يقبل القسمة الخالية عن الضرر لم يجبر الممتنع. نعم لو كان كبيرا بحيث يقبل الانتفاع بصفة الحمامية من دون ضرر و لو باحداث مستوقد أو بئر آخر فالأقرب الإجبار.

[مسألة: 11 لو كان لأحد الشريكين عشر من دار مثلا و هو لا يصلح للسكنى و يتضرر هو بالقسمة دون الشريك الأخر]

مسألة: 11 لو كان لأحد الشريكين عشر من دار مثلا و هو لا يصلح للسكنى و يتضرر هو بالقسمة دون الشريك الأخر، فلو طلب هو القسمة بغرض صحيح يجبر شريكه و لم يجبر هو لو طلبها الأخر.

[مسألة: 12 يكفي في الضرر المانع عن الإجبار ترتب نقصان في العين أو القيمة بسبب القسمة]

مسألة: 12 يكفي في الضرر المانع عن الإجبار ترتب نقصان في العين أو القيمة بسبب القسمة بما لا يتسامح فيه في العادة و ان لم يسقط المال عن قابلية الانتفاع بالمرة.

[مسألة: 13 لا بد في القسمة من تعديل السهام ثم القرعة]

مسألة: 13 لا بد في القسمة من تعديل السهام ثم القرعة: اما كيفية التعديل فان كانت حصص الشركاء متساوية- كما إذا كانوا اثنين و لكل منهما نصف أو ثلاثة و لكل منهم ثلث و هكذا- يعدل السهام بعدد الرءوس، فيجعل سهمين متساويين ان كانوا اثنين و ثلاثة أسهم متساويات ان كانوا ثلاثة و هكذا، و يعلم كل سهم بعلامة تميزه عن غيره، فإذا كانت قطعة أرض متساوية الأجزاء بين ثلاثة مثلا تجعل ثلاث قطع متساوية بحسب المساحة و يميز بينها أحدها الاولى و الأخرى الثانية و الثالثة ثالثة،


1- بحيث يصدق عرفا أنها قسمة إفراز، و الا فلا يترك الاحتياط بقسمة الأرض وحدها و قسمة الزرع بالإفراز.

ص: 153

و إذا كانت دار مشتملة على بيوت بين أربعة مثلا تجعل أربعة أجزاء متساوية بحسب القيمة و تميز كل منها بمميز كالقطعة الشرقية و الغربية و الشمالية و الجنوبية المحدودات بحدود كذائية، و ان كانت الحصص متفاوتة- كما إذا كان المال بين ثلاثة سدس لعمرو و ثلث لزيد و نصف لبكر- يجعل السهام على أقل الحصص، ففي المثال تجعل السهام ستة معلمة كل منها بعلامة كما مر.

و أما كيفية القرعة ففي الأول- و هو فيما إذا كانت الحصص متساوية- تؤخذ رقاع بعدد رءوس الشركاء رقعتان إذا كانوا اثنين و ثلاث ان كانوا ثلاثة و هكذا، و يتخير بين أن يكتب عليها أسماء الشركاء على إحداها زيد و اخرى عمرو و ثالثة بكر مثلا و أسماء السهام على إحداها أول و على أخرى ثاني و على الأخرى ثالث مثلا، ثم تشوش و تستر و يؤمر من لم يشاهدها فيخرج واحدة واحدة، فإن كتب عليها اسم الشركاء يعين السهم كالأول و يخرج رقعة باسم ذلك السهم قاصدين ان يكون هذا السهم لكل من خرج اسمه، فكل من خرج اسمه يكون ذلك السهم له ثم يعين السهم الثاني، و يخرج رقعة أخرى لذلك السهم فكل من خرج اسمه كان السهم له و هكذا. و ان كتب عليها اسم السهام يعين أحد الشركاء و يخرج رقعة، فكل سهم خرج اسمه كان ذلك السهم له، ثم يخرج رقعة أخرى لشخص آخر و هكذا. و أما في الثاني- و هو ما كانت الحصص متفاوتة كما في المثال المتقدم الذي قد تقدم انه يجعل السهام على أقل الحصص و هو السدس- يتعين فيه ان تؤخذ الرقاع بعدد الرءوس يكتب مثلا على إحداها زيد و على الأخرى عمرو و على الثالثة بكر و تستر كما مر، و يقصد أن كل من خرج اسمه على سهم كان له ذلك مع ما يليه بما يكمل تمام حصته، ثم يخرج إحداها على السهم الأول، فإن كان عليها اسم صاحب السدس تعين له، ثم يخرج أخرى على السهم الثاني فإن كان عليها اسم صاحب الثلث كان الثاني و الثالث له، و يبقى الرابع و الخامس و السادس لصاحب النصف و لا يحتاج إلى إخراج الثالثة، و ان كان عليها اسم صاحب النصف كان له الثاني و الثالث و الرابع و يبقى الأخير لصاحب

ص: 154

الثلث، و ان كان ما خرج على السهم الأول صاحب الثلث كان الأول و الثاني له، ثم يخرج أخرى على السهم الثالث فان خرج اسم صاحب السدس كان ذلك له و يبقى الثلاثة الأخيرة لصاحب السدس، و ان خرج صاحب النصف كان الثالث و الرابع و الخامس له و يبقى السادس لصاحب السدس، و قس على ذلك غيرها.

[مسألة: 14 الظاهر أنه ليست للقرعة كيفية خاصة]

مسألة: 14 الظاهر أنه ليست للقرعة كيفية خاصة، و انما تكون الكيفية منوطة بمواضعة القاسم و المتقاسمين بإناطة التعين بأمر ليس لإرادة المخلوق مدخلية مفوضا للأمر إلى الخالق جل شأنه، سواء كان بكتابة رقاع أو إعلام علامة في حصاة أو نواة أو ورق أو خشب أو غير ذلك.

[مسألة: 15 الأقوى انه إذا بنوا على التقسيم و عدلوا السهام و أوقعوا القرعة قد تمت القسمة]

مسألة: 15 الأقوى انه إذا بنوا على التقسيم و عدلوا السهام و أوقعوا القرعة قد تمت القسمة و لا يحتاج الى تراض آخر بعدها فضلا عن إنشائه، و ان كان هو الأحوط في قسمة الرد.

[مسألة: 16 إذا طلب بعض الشركاء المهايأة في الانتفاع بالعين المشتركة]

مسألة: 16 إذا طلب بعض الشركاء المهايأة في الانتفاع بالعين المشتركة، اما بحسب الزمان بأن يسكن هذا في شهر و ذاك في شهر مثلا، و اما بحسب الأجزاء بأن يسكن هذا في الفوقاني و ذاك في التحتاني مثلا، لم يلزم على شريكه القبول و لم يجبر إذا امتنع. نعم يصح مع التراضي لكن ليس بلازم، فيجوز لكل منهما الرجوع. هذا في شركة الأعيان، و أما في شركة المنافع فينحصر افرازها بالمهاياة لكنها فيها أيضا غير لازمة. نعم لو حكم الحاكم الشرعي بها في مورد لأجل حسم النزاع و الجدال يجبر الممتنع و تلزم.

[مسألة: 17 القسمة في الأعيان إذا وقعت و تمت لزمت ليس لأحد من الشركاء إبطالها و فسخها]

مسألة: 17 القسمة في الأعيان إذا وقعت (1) و تمت لزمت ليس لأحد من الشركاء إبطالها و فسخها، بل الظاهر أنه ليس لهم فسخها و إبطالها بالتراضي، لأن الظاهر عدم مشروعية الإقالة فيها.


1- يعنى تمت بالقرعة كما مر في الفرع الخامس عشر.

ص: 155

[مسألة: 18 لا تشرع القسمة في الديون المشتركة]

مسألة: 18 لا تشرع القسمة في الديون المشتركة، فإذا كان لزيد و عمرو معا ديون على الناس بسبب يوجب الشركة كالإرث فأرادا تقسيمها قبل استيفائها فعدلا بين الديون و جعلا ما على الحاضر مثلا لأحدهما و ما على البادي لأحدهما لم يفرز بل تبقى على إشاعتها، فكل ما حصل كل منهما يكون لهما و كل ما يبقى على الناس يكون بينهما. نعم لو اشتركا في دين على أحد و استوفى أحدهما حصته- بأن قصد كل من الدائن و المديون أن يكون ما يأخذه وفاء و أداء لحصته من الدين المشترك- الظاهر تعينه له (1) و بقاء حصة الشريك في ذمة المديون.

[مسألة: 19 لو ادعى أحد الشريكين الغلط في القسمة أو عدم التعديل فيها و أنكر الأخر]

مسألة: 19 لو ادعى أحد الشريكين الغلط في القسمة أو عدم التعديل فيها و أنكر الأخر لا تسمع دعواه إلا بالبينة، فإن أقامت على دعواه نقضت القسمة و احتاجت إلى قسمة جديدة، و ان لم يكن بينة كان له إحلاف الشريك.

[مسألة: 20 إذا قسم الشريكان فصار في حصة هذا بيت و في حصة الأخر بيت آخر و قد كان يجري ماء أحدهما على الأخر]

مسألة: 20 إذا قسم الشريكان فصار في حصة هذا بيت و في حصة الأخر بيت آخر و قد كان يجري ماء أحدهما على الأخر لم يكن للثاني منعه إلا إذا اشترطا حين القسمة رد الماء عنه، و مثل ذلك لو كان مسلك البيت الواقع لأحدهما في نصيب الأخر من الدار.

[مسألة: 21 لا يجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم]

مسألة: 21 لا يجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم إلا إذا وقع تشاح بينهم (2) مؤد إلى خرابه لا يرتفع غائلته إلا بالقسمة. نعم يصح قسمة الوقف عن


1- مشكل، سواء اجازه الشريك أو لم يجزه. نعم مع الإجازة تكون تلك الحصة مشتركة بينهما، و مع عدم الإجازة تبقى ملكا للدائن، فإن أراد إعطاء حصة أحد الشريكين فيحتال بمصالحة شي ء له على إبراء ذمته.
2- بحيث لا يرتفع غائلته الا بالتقسيم حتى بالنسبة إلى البطون اللاحقة، و أما إذا أمكن ارتفاع الغائلة بالقسمة بالنسبة إلى زمان حياة الموجودين حتى يبقى على اشتراكه بين البطون اللاحقة فهو المتعين.

ص: 156

الطلق، بأن كان ملك واحد نصفه المشاع وقفا و نصفه ملكا، بل الظاهر جواز قسمة وقف عن وقف، و هو فيما إذا كان ملك بين اثنين فوقف أحدهما حصته على ذريته مثلا و الأخر حصته على ذريته، فيجوز إفراز أحدهما عن الأخر بالقسمة، و المتصدي لذلك الموجودون من الموقوف عليهم و ولي البطون اللاحقة.

ص: 157

[كتاب المزارعة]

اشارة

كتاب المزارعة و هي المعاملة (1) على أن تزرع الأرض بحصة من حاصلها، و هي عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب من صاحب الأرض، و هو كل لفظ أفاد إنشاء هذا المعنى (2) كقوله «زارعتك» أو «سلمت إليك الأرض مدة كذا على أن تزرعها على كذا» و أمثال ذلك.

و قبول من الزارع بلفظ أفاد إنشاء الرضا بالإيجاب كسائر العقود، و الظاهر كفاية القبول الفعلي (3) بعد الإيجاب القولي، بأن يتسلم الأرض بهذا القصد و يشتغل لها.

و لا يعتبر فيها العربية، بل يقع عقدها بأي لغة كان، و في جريان المعاطاة فيها إشكال (4).

[مسألة: 1 يعتبر فيها زائدا على ما اعتبر في المتعاقدين في سائر العقود]

مسألة: 1 يعتبر فيها زائدا على ما اعتبر في المتعاقدين في سائر العقود من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و الرشد (5) أمور:


1- و حقيقتها اعتبار اضافة بين الأرض و العامل مستتبعة لسلطنته عليها بالزراعة ببذره أو ببذر المالك أو غيره، و اضافة أخرى بين المالك و العامل مستتبعة لسلطنته عليه بالعمل بإزاء حصة من الحاصل أو السلطنة على الأرض، فعقدها بمنزلة إجارة الأرض و العامل و مال الإجارة للأرض حصة من الزراعة ان كان البذر من العامل مع التزامه بالعمل و مجرد العمل ان كان البذر من المالك أو غيره و اجرة العامل حصة من الحاصل ان كان البذر للمالك و الانتفاع من الأرض ان كان للعامل.
2- و كان ظاهرا فيه و لو مع القرينة.
3- الأحوط عدم الاكتفاء.
4- الظاهر جريان المعاطاة فيه بعد تعيين ما يلزم تعيينه بالمقاولة.
5- و عدم الحجر حتى من العامل إذا كان البذر له أو احتاج الزرع الى صرف المال.

ص: 158

أحدها: جعل الحاصل مشاعا بينهما، فلو جعل الكل لأحدهما أو شرطا أن يكون بعضه الخاص كالذي يحصل متقدما أو الذي يحصل من القطعة الفلانية لأحدهما و الأخر للآخر لم يصح.

ثانيها: تعيين حصة الزارع بمثل النصف أو الثلث أو الربع و نحو ذلك.

ثالثها: تعيين المدة بالأشهر و السنين، و لو اقتصر على ذكر المزروع في سنة واحدة ففي الاكتفاء به عن تعيين المدة وجهان أوجههما الأول، لكن فيما إذا عين مبدأ الشروع في الزرع، و إذا عين المدة بالزمان لا بد أن تكون مدة يدرك فيها الزرع بحسب العادة، فلا تكفي المدة القليلة التي تقصر عن إدراكه.

رابعها: ان تكون الأرض قابلة للزرع و لو بالعلاج و الإصلاح و طم الحفر و حفر النهر و نحو ذلك، فلو كانت سبخة لا تقبل للزرع أو لم يكن لها ماء و لا يكفيه ماء السماء و لا يمكن تحصيل الماء لها و لو بمثل حفر النهر أو البئر أو الشراء لم يصح.

خامسها: تعيين المزروع (1) من أنه حنطة أو شعير أو غيرهما مع اختلاف الأغراض فيه. نعم لو صرح بالتعميم صح، فيتخير الزارع بين أنواعه.

سادسها: تعيين الأرض، فلو زارعه على قطعة من هذه القطعات أو مزرعة من هذه المزارع بطل. نعم لو عين قطعة معينة من الأرض التي لم تختلف اجزاؤها و قال «زارعتك على جريب من هذه القطعة» على نحو الكلي في المعين فالظاهر الصحة و يكون التخيير في تعيينه لصاحب الأرض.

سابعها: ان يعينا كون البذر و سائر المصارف على أي منهما إذا لم يكن تعارف.

[مسألة: 2 لا يعتبر في المزارعة كون الأرض ملكا للمزارع]

مسألة: 2 لا يعتبر في المزارعة كون الأرض ملكا للمزارع، بل يكفي كونه مالكا لمنفعتها أو انتفاعها بالإجارة (2) و نحوها أو أخذا لها من مالكها بعنوان المزارعة أو كانت أرضا خراجية و قد تقبلها من السلطان أو غيره. نعم لو لم يكن له فيها حق و لا


1- و لو بالانصراف الى ما هو المتعارف.
2- مع عدم اشتراط المباشرة بالزراعة في عقد الإجارة.

ص: 159

عليها سلطنة أصلا كالموات لم يصح مزارعتها، و ان أمكن أن يتشاركا في زرعها و حاصلها مع الاشتراك في البذر، لكنه ليس من المزارعة في شي ء.

[مسألة: 3 إذا أذن مالك الأرض أو المزرعة اذنا عاما بأن كل من زرع أرضه أو مزرعته فله نصف الحاصل مثلا]

مسألة: 3 إذا أذن مالك الأرض أو المزرعة اذنا عاما بأن كل من زرع أرضه أو مزرعته فله نصف الحاصل مثلا، فأقدم واحد على ذلك استحق المالك حصته.

[مسألة: 4 إذا اشترطا أن يكون الحاصل بينهما بعد إخراج الخراج أو بعد إخراج البذر لباذله]

مسألة: 4 إذا اشترطا أن يكون الحاصل بينهما بعد إخراج الخراج أو بعد إخراج البذر لباذله أو ما يصرف في تعمير الأرض لصارفه فان اطمأنا ببقاء شي ء بعد ذلك من الحاصل ليكون بينهما صح و الا بطل.

[مسألة: 5 إذا انقضت المدة المعينة و لم يدرك الزرع لم يستحق الزارع إبقاءه و لو بالأجرة]

مسألة: 5 إذا انقضت المدة المعينة و لم يدرك الزرع لم يستحق الزارع إبقاءه و لو بالأجرة، بل للمالك الأمر بإزالته من دون أرش، و له إبقاؤه مجانا أو مع الأجرة ان رضي الزارع بها.

[مسألة: 6 لو ترك الزارع الزرع حتى انقضت المدة، فهل يضمن اجرة المثل أو ما يعادل حصة المالك]

مسألة: 6 لو ترك الزارع الزرع حتى انقضت المدة، فهل يضمن اجرة المثل أو ما يعادل حصة المالك بحسب التخمين أو لا يضمن شيئا؟ وجوه و الأحوط التراضي و التصالح، و ان كان الأخير لا يخلو من قوة (1). هذا إذا لم يكن ترك الزرع لعذر عام كالثلوج الخارقة أو صيرورة المحل معسكرا أو مسبعة و نحوها و الا انفسخت المزارعة.

[مسألة: 7 إذا زارع على أرض ثم تبين للزارع انه لا ماء لها فعلا]

مسألة: 7 إذا زارع على أرض ثم تبين للزارع انه لا ماء لها فعلا لكن أمكن تحصيله بحفر بئر و نحوه صحت المزارعة لكن للعامل خيار الفسخ، و كذا لو تبين كون الأرض غير صالح للزراعة الا بالعلاج التام، كما إذا كانت مستوليا عليها الماء لكن يمكن قطعه عنها. نعم لو تبين انه لا ماء لها فعلا و لا يمكن تحصيله أو كانت مشغولة بمانع لا يمكن إزالته و لا يرجى زواله كان باطلا.

[مسألة: 8 إذا عين المالك له نوعا من الزرع كالحنطة أو الشعير أو غيرهما فزرع غيره ببذره]

مسألة: 8 إذا عين المالك له نوعا من الزرع كالحنطة أو الشعير أو غيرهما فزرع غيره ببذره كان له الخيار (2) بين الفسخ و الإمضاء، فإن أمضاه أخذ حصته، و ان


1- ان لم تكن الأرض تحت يده و سلطنته و الا فالأول أوجه.
2- ان كان التعيين بنحو الاشتراط، و ان كان بنحو التقييد فكان كمن تركه بغير زرع ان لم يرض المالك بما زرع، فعليه أجرة مثل الأرض و أرش نقصها، و أما الزرع فلمالك البذر، و ان رضى بما زرع فهو بمنزلة إقالة مزارعة الاولى و إنشاء مزارعة جديدة أو بمنزلة رضاء المالك بالحصة من الزرع الموجود بدل أجرة الأرض و لا مانع منه.

ص: 160

فسخ كان الزرع للزارع و عليه للمالك أجرة الأرض.

[مسألة: 9 الظاهر أنه يعتبر في حقيقة المزارعة كون الأرض من أحدهما و العمل من الأخر]

مسألة: 9 الظاهر أنه يعتبر في حقيقة المزارعة (1) كون الأرض من أحدهما و العمل من الأخر، و أما البذر و العوامل و سائر المصارف فبحسب ما يشترطانه، فيجوز جعل كلها على المزارع أو على الزارع أو بعضها على هذا و بعضها على ذاك، و لا بد من تعيين ذلك حين العقد الا إذا كان هناك معتاد يغني عن التعيين.

[مسألة: 10 يجوز للزارع أن يشارك غيره في مزارعته بجعل حصة من حصته لمن شاركه]

مسألة: 10 يجوز للزارع أن يشارك غيره في مزارعته بجعل حصة من حصته لمن شاركه بحيث كأنهما معا طرف للمالك، كما انه يجوز أن يزارع غيره بحيث كان الزارع الثاني طرفا للمالك (2) لكن لا بد أن تكون حصة المالك محفوظة، فإذا كانت المزارعة الاولى بالنصف لم يجز أن تجعل المزارعة الثانية بالثلث للمالك و الثلثين للعامل. نعم يجوز أن يجعل حصة الزارع الثاني أقل من حصة الزارع في المزارعة الاولى، فيأخذ الزارع الثاني حصته و المالك حصته و ما بقي يكون للزارع في المزارعة الأولى. مثلا إذا كانت المزارعة الاولى بالنصف و جعل حصة الزارع في المزارعة الثانية الربع كان للمالك نصف الحاصل و للزارع الثاني الربع و يبقى الربع للزارع في المزارعة الاولى، و لا فرق في ذلك كله بين أن يكون البذر في المزارعة الأولى على المالك أو على العامل، و لو جعل في الأولى على العامل يجوز في الثانية أن يجعل على المزارع أو على الزارع. و لا يعتبر في صحة التشريك في المزارعة و لا إيقاع المزارعة الثانية اذن المالك. نعم لا يجوز تسليم الأرض إلى الغير إلا بإذنه، كما أنه لو شرط عليه المالك أن يباشر بنفسه بحيث لا يشاركه غيره و لا يزارعه كان هو المتبع.


1- بل الأظهر عدم اعتباره، فيجوز أن يكون الأرض و العمل من شخص و البذر و العوامل من الأخر.
2- ان كان المقصود نقل المزارعة بحيث يكون الثاني مزارعا للمالك بلا واسطة كما هو ظاهر العبارة فذلك لا يصح الا بفسخ الاولى و مزارعة جديدة. نعم يصح للمزارع ان يزارع بنحو يكون المزارع الثاني متلقيا من الأول لا من المالك نظير المستأجر من المستأجر.

ص: 161

[مسألة: 11 المزارعة عقد لازم من الطرفين]

مسألة: 11 المزارعة عقد لازم من الطرفين، فلا تنفسخ بفسخ أحدهما إلا إذا كان له الخيار بسبب الاشتراط و غيره، و تنفسخ بالتقايل كسائر العقود اللازمة، كما انه تبطل و تنفسخ قهرا بخروج الأرض عن قابلية الانتفاع لانقطاع الماء عنه أو استيلائه عليه و غير ذلك.

[مسألة: 12 لا تبطل المزارعة بموت أحد المتعاقدين]

مسألة: 12 لا تبطل المزارعة بموت أحد المتعاقدين، فان مات رب الأرض قام وارثه مقامه، و ان مات العامل فكذلك، فأما ان يتموا العمل و لهم حصة مورثهم و اما أن يستأجروا أحدا لإتمام العمل من مال المورث و لو الحصة المزبورة، فإن زاد شي ء كان لهم. نعم إذا اشترط على العامل مباشرته للعمل تبطل بموته (1).

[مسألة: 13 إذا تبين بطلان المزارعة بعد ما زرع الأرض، فإن كان البذر لصاحب الأرض كان الزرع له]

مسألة: 13 إذا تبين بطلان المزارعة بعد ما زرع الأرض، فإن كان البذر لصاحب الأرض كان الزرع له و عليه أجرة العامل (2)، و كذا أجرة العوامل ان كانت من العامل، و ان كان من العامل كان الزرع له و عليه أجرة الأرض، و كذا أجرة العوامل ان كانت من صاحب الأرض، و ليس عليه إبقاء الزرع الى بلوغ الحاصل و لو بالأجرة، فله ان يأمر بقلعه.

[مسألة: 14 كيفية اشتراك العامل مع المالك في الحاصل تابعة للجعل و القرار الواقع بينهما]

مسألة: 14 كيفية اشتراك العامل مع المالك في الحاصل تابعة للجعل و القرار الواقع بينهما، فتارة يشتركان في الزرع من حين طلوعه و بروزه، فيكون حشيشه و قصيله و تبنه و حبه كلها مشتركة بينهما، و أخرى يشتركان في خصوص حبه اما من حين انعقاده أو بعده الى زمان حصاده (3)، فيكون الحشيش و القصيل و التبن كلها لصاحب البذر. هذا مع التصريح منهما، و أما مع عدمه فالظاهر من مقتضى وضع المزارعة عند الإطلاق الوجه الأول، فالزرع بمجرد خروجه يكون مشتركا بينهما. و يترتب


1- ان كانت المباشرة مأخوذة في العمل قيدا، و أما إذا أخذت شرطا فالظاهر ان للمالك ان يفسخ لتخلف الشرط و ان يختار البقاء و مطالبة إتمام العمل من تركة العامل من الورثة و يكون الورثة شريكا في الحصة.
2- إذا عمل بأمر المالك و لو بعنوان المطالبة لحقه بتوهم صحة العقد أو كان مغرورا من قبل المالك و الا فلا وجه لضمان أجرته و كذا أجرة العوامل.
3- في صحة اشتراط صيرورة المنفعة المشاعة بينهما بعد مدة متأخرة عن وجودها تأمل.

ص: 162

على ذلك أمور:

منها: كون القصيل و التبن أيضا بينهما.

و منها: تعلق الزكاة بكل منهما إذا كان حصة كل منهما بالغا حد النصاب، و تعلقها بمن بلغ نصيبه حد النصاب ان بلغ نصيب أحدهما و عدم تعلقها أصلا ان لم يبلغ النصاب نصيب واحد منهما.

و منها: انه لو حصل فسخ من أحدهما بخيار أو منهما بالتقايل في الأثناء يكون الزرع بينهما، و ليس لصاحب الأرض على العامل أجرة أرضه و لا للعامل عليه أجرة عمله بالنسبة الى ما مضى.

و أما بالنسبة إلى الآتي الى زمان البلوغ و الحصاد، فان وقع بينهما التراضي بالبقاء بلا أجرة أو معها أو على القطع قصيلا فلا اشكال، و الا فكل منهما مسلط على حصته، فلصاحب الأرض مطالبة القسمة و إبقاء حصته و إلزام الزارع بقطع حصته، كما ان للزارع مطالبتها ليقطع حصته و تبقى حصة صاحبه.

[مسألة: 15 خراج الأرض و مال الإجارة للأرض المستأجرة على المزارع]

مسألة: 15 خراج الأرض و مال الإجارة للأرض المستأجرة على المزارع و ليس على الزارع إلا إذا شرط عليه كلا أو بعضا، و أما سائر المؤن كشق الأنهار و حفر الآبار و إصلاح النهر و تهيئة آلات السقي و نصب الدولاب و الناعور و نحو ذلك فلا بد من تعيين كونها على أي منهما إلا إذا كانت هناك عادة تغني عن التعيين.

[مسألة: 16 يجوز لكل من المالك و الزارع عند بلوغ الحاصل تقبل حصة الأخر بحسب الخرص بمقدار معين]

مسألة: 16 يجوز لكل من المالك و الزارع عند بلوغ الحاصل تقبل حصة الأخر بحسب الخرص بمقدار معين بالتراضي، و الأقوى لزومه من الطرفين (1) بعد القبول، و ان تبين بعد ذلك زيادتها أو نقيصتها فعلى المتقبل تمام ذلك المقدار و لو تبين أن حصة صاحبه أقل منه، كما أن على صاحبه قبول ذلك و ان تبين كونها أكثر منه و ليس له مطالبة الزائد.

[مسألة: 17 إذا بقيت في الأرض أصول الزرع بعد جمع الحاصل و انقضاء المدة فنبتت بعد ذلك في العام المستقبل]

مسألة: 17 إذا بقيت في الأرض أصول الزرع بعد جمع الحاصل و انقضاء المدة فنبتت بعد ذلك في العام المستقبل، فان كان القرار الواقع بينهما على اشتراكهما


1- و المتيقن من الاخبار الواردة فيه كون المقدار المخروص من حاصل ذلك الزرع فلا يصح في غيره.

ص: 163

في الزرع و أصوله كان الزرع الجديد بينهما على حسب الزرع السابق، و ان كان القرار على اشتراكهما فيما خرج من الزرع في ذلك العام فقد كان ذلك لصاحب البذر إلا إذا أعرض عنه فهو لمن سبق.

[مسألة: 18 يجوز المزارعة على أرض بائرة لا يمكن زرعها الا بعد إصلاحها و تعميرها]

مسألة: 18 يجوز المزارعة على أرض بائرة لا يمكن زرعها الا بعد إصلاحها و تعميرها على أن يعمرها و يصلحها و يزرعها سنة أو سنتين مثلا لنفسه، ثم يكون الحاصل (1) بينهما بالإشاعة بحصة معينة في مدة مقدرة.


1- و تكون المزارعة من حين الاشتراك، و اما قبله فالعامل يزرع لنفسه ملزما بالشرط.

ص: 164

[كتاب المساقاة]

اشارة

كتاب المساقاة و هي المعاملة على أصول ثابتة (1) بأن يسقيها مدة معينة بحصة من ثمرها، و هي عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب و قبول، و اللفظ الصريح في إيجابها أن يقول رب الأصول «ساقيتك» أو «عاملتك» أو «سلمت إليك» و ما أشبه ذلك، و في القبول «قبلت» و نحو ذلك. و يكفي فيهما كل لفظ دال على المعنى المذكور بأي لغة كانت، و الظاهر كفاية القبول الفعلي (2) بعد الإيجاب القولي كالمزارعة. و يعتبر فيها بعد شرائط المتعاقدين من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم الحجر (3) ان تكون الأصول مملوكة عينا و منفعة أو منفعة فقط (4)، و ان تكون معينة عندهما معلومة لديهما، و أن تكون مغروسة ثابتة، فلا تصح في الفسيل قبل الغرس و لا على أصول غير ثابتة كالبطيخ و الخيار و الباذنجان و أشباهها، و أن تكون المدة معلومة مقدرة بما لا يحتمل الزيادة و النقصان كالاشهر و السنين، و الظاهر كفاية جعل المدة إلى بلوغ الثمر في العام الواحد


1- أو هي معاملة على سقي أصول ثابتة كما عن بعض، فحقيقتها اعتبار اضافة بين المالك و العامل مستتبعة لتسلطه عليه لان يعمل ما عليه بإزاء الحصة من الثمر، نظير الإجارة بل هي نوع منها. و غاية ما يغتفر فيها الجهالة الملازمة لها، و يصح ان يقال ان حقيقتها اعتبار اضافة بين الأصول الثابتة و العامل مستتبعة لتسلطه على سقيها و إصلاحها بإزاء الحصة من ثمرتها، و اضافة أخرى بين المالك و العامل مستتبعة لتسلط المالك على العامل بأن يجبره على ما يأتي من الاعمال.
2- مشكل لكن يجرى فيها المعاطاة كما في المزارعة.
3- لسفه مطلقا أو فلس في المالك دون العامل.
4- أو كون المساقى نافذ التصرف فيها لولاية أو وكالة أو تولية.

ص: 165

إذا عين مبدأ الشروع في السقي (1)، و ان تكون الحصة معينة مشاعة بينهما مقدرة بمثل النصف أو الثلث أو الربع و نحو ذلك، فلا تصح ان يجعل لأحدهما مقدارا معينا و البقية للآخر، أو يجعل لأحدهما أشجارا معلومة و للآخر أخرى. نعم لا يبعد جواز ان يشترط اختصاص أحدهما بأشجار معلومة (2) و الاشتراك في البقية، أو يشترط لأحدهما مقدار معين (3) مع الاشتراك في البقية إذا علم كون الثمر أزيد من ذلك المقدار و أنه تبقى بقية.

[مسألة: 1 لا إشكال في صحة المساقاة قبل ظهور الثمر]

مسألة: 1 لا إشكال في صحة المساقاة قبل ظهور الثمر، كما لا إشكال في عدم الصحة بعد البلوغ و الإدراك بحيث لا يحتاج الى عمل غير الحفظ و الاقتطاف، و في صحتها بعد الظهور و قبل البلوغ قولان أقواهما أولهما، خصوصا إذا كان في جملتها بعض الأشجار التي لم تظهر بعد ثمرها.

[مسألة: 2 لا يجوز المساقاة على الأشجار الغير المثمرة كالخلاف و نحوه]

مسألة: 2 لا يجوز المساقاة على الأشجار الغير المثمرة كالخلاف و نحوه.

نعم لا يبعد جوازها على ما ينتفع منها بورقه (4) كالتوت الذكر و الحناء و نحوهما.

[مسألة: 3 يجوز المساقاة على فسلان مغروسة قبل أن صارت مثمرة]

مسألة: 3 يجوز المساقاة على فسلان مغروسة قبل أن صارت مثمرة بشرط أن تجعل المدة بمقدار تصير مثمرة فيها كخمس سنين أو ست أو أزيد.

[مسألة: 4 إذا كانت الأشجار لا تحتاج إلى السقي لاستغنائها بماء السماء أو لمصها من رطوبات الأرض]

مسألة: 4 إذا كانت الأشجار لا تحتاج إلى السقي لاستغنائها بماء السماء أو لمصها من رطوبات الأرض، و لكن احتاجت إلى إعمال أخرى يشكل صحة المساقاة عليها (5)، فلا يترك فيه الاحتياط.

[مسألة: 5 إذا اشتملت البستان على أنواع من الشجر و النخيل]

مسألة: 5 إذا اشتملت البستان على أنواع من الشجر و النخيل يجوز أن يفرد كل نوع بحصة مخالفة للحصة من النوع الأخر، كما إذا جعل النصف في ثمرة


1- و كانت المنتهى معلومة و لو بحسب العادة كما هو المفروض.
2- بأن تكون هذه الأشجار خارجة عن المساقاة و الا فمشكل.
3- مشكل.
4- أو ورده.
5- إلا إذا احتاج الى عمل يوجب زيادة الثمر كما و كيفا.

ص: 166

النخل و الثلث في الكرم و الربع في الرمان مثلا، لكن إذا علما بمقدار كل نوع من الأنواع.

[مسألة: 6 من المعلوم أن ما تحتاج اليه البساتين و النخيل و الأشجار في إصلاحها]

مسألة: 6 من المعلوم أن ما تحتاج اليه البساتين و النخيل و الأشجار في إصلاحها و تعميرها و استزادة ثمارها و حفظها أعمال كثيرة:

فمنها: ما يتكرر كل سنة، مثل إصلاح الأرض و تنقية الأنهار و إصلاح طريق الماء و ازالة الحشيش المضر و تهذيب جرائد النخل و الكرم و التلقيح و اللقاط و التشميس و إصلاح موضعه و حفظ الثمرة إلى وقت القسمة و غير ذلك.

و منها: ما لا يتكرر غالبا كحفر الآبار و الأنهار و بناء الحائط و الدولاب و الدالية و نحو ذلك. فمع إطلاق عقد المساقاة الظاهر أن القسم الثاني على المالك، و أما القسم الأول فيتبع التعارف و العادة، فما جرت العادة على كونه على المالك أو العامل كان هو المتبع و لا يحتاج الى التعيين، و لعل ذلك يختلف باختلاف البلاد، و إذا لم يكن عادة لا بد من التعيين و انه على المالك أو العامل.

[مسألة: 7 المساقاة لازمة من الطرفين لا تنفسخ الا بالتقايل أو الفسخ]

مسألة: 7 المساقاة لازمة من الطرفين لا تنفسخ الا بالتقايل أو الفسخ بخيار بسبب الاشتراط أو تخلف بعض الشروط، و لا تبطل بموت أحدهما بل يقوم و ارثهما مقامهما. نعم لو كانت مقيدة بمباشرة العامل تبطل بموته.

[مسألة: 8 لا يشترط في المساقاة أن يكون العامل مباشرا للعمل بنفسه]

مسألة: 8 لا يشترط في المساقاة أن يكون العامل مباشرا للعمل بنفسه، فيجوز أن يستأجر أجيرا لبعض الاعمال و تمامها و يكون عليه الأجرة، و كذا يجوز أن يتبرع عنه متبرع بالعمل و يستحق العامل الحصة المقررة. نعم لو لم يقصد التبرع عنه ففي كفايته اشكال، و أشكل منه إذا قصد التبرع عن المالك، و كذا الحال فيما إذا لم يكن عليه الا السقي و يستغنى عنه بالأمطار و لم يحتج إلى السقي أصلا. نعم لو كان عليه أعمال أخرى غير السقي و استغنى عنه بالمطر و بقي سائر الأعمال فالظاهر استحقاق حصته (1).


1- بشرط أن يكون الباقي من العمل مما يستزاد به الثمر و الا فالصحة محل إشكال.

ص: 167

[مسألة: 9 يجوز أن يشترط للعامل مع الحصة من الثمر شيئا آخر من ذهب أو فضة أو غيرهما]

مسألة: 9 يجوز أن يشترط للعامل مع الحصة من الثمر شيئا آخر من ذهب أو فضة أو غيرهما، و كذا حصة (1) من الأصول مشاعا أو مفروزا.

[مسألة: 10 كل موضع بطل فيه عقد المساقاة يكون الثمر للمالك و للعامل أجرة مثل عمله]

مسألة: 10 كل موضع بطل فيه عقد المساقاة يكون الثمر للمالك و للعامل أجرة مثل عمله (2) إلا إذا كان عالما بالفساد و مع ذلك أقدم على العمل.

[مسألة: 11 يملك العامل الحصة من الثمر حين ظهوره]

مسألة: 11 يملك العامل الحصة من الثمر حين ظهوره، فإذا مات بعد الظهور قبل القسمة و بطلت المساقاة من جهة انه قد اشترط مباشرته للعمل انتقلت الى وارثه و تجب عليه الزكاة إذا بلغت حصته النصاب (3).

[مسألة: 12 المغارسة باطلة، و هي أن يدفع أرضا إلى غيره ليغرس فيها على أن يكون المغروس بينهما]

مسألة: 12 المغارسة باطلة (4)، و هي أن يدفع أرضا إلى غيره ليغرس فيها على أن يكون المغروس بينهما، سواء اشترط كون حصة من الأرض أيضا للعامل أولا، و سواء كانت الأصول من المالك أو من العامل، و حينئذ يكون الغرس لصاحبه، فان كانت من مالك الأرض فعليه أجرة عمل الغارس (5)، و ان كانت من الغارس فعليه أجرة الأرض للمالك، فان تراضيا على الإبقاء بالأجرة أو لا معها فذاك و الا فلمالك الأرض الأمر بالقلع و عليه أرش نقصانه ان نقص بسبب القلع، كما ان للغارس قلعه و عليه طم الحفر و نحو ذلك مما حصل بالغرس، و ليس لصاحب الأرض إلزامه بالإبقاء و لو بلا أجرة.

[مسألة: 13 بعد بطلان المغارسة يمكن أن يتوصل الى نتيجتها بإدخالها تحت عنوان آخر مشروع]

مسألة: 13 بعد بطلان المغارسة يمكن أن يتوصل الى نتيجتها بإدخالها تحت عنوان آخر مشروع، كأن يشتركا في الأصول أما بشرائها بالشركة- و لو بأن يوكل صاحب الأرض الغارس في أن كل ما يشتري من الفسيل يشتريه لهما بالاشتراك


1- مشكل بل لا يبعد بطلانه، لان الشرط المذكور على خلاف وضع المساقاة.
2- إذا كان مغرورا من قبل المالك أو عمل بأمره أو وعده، سواء كان عالما بالفساد أو جاهلا و الا فلا وجه للاستحقاق عالما كان أو جاهلا.
3- و كان الموت بعد تعلق الزكاة.
4- على الأحوط.
5- إذا كان مغرورا منه أو عمل بأمره كما مر نظيره.

ص: 168

ثم يؤاجر الغارس نفسه لغرس حصة صاحب الأرض و سقيها و خدمتها في مدة معينة بنصف منفعة أرضه إلى تلك المدة أو بنصف عينها، أو بتمليك أحدهما للآخر نصف الأصول. مثلا إذا كانت من أحدهما و يجعل العوض إذا كانت من صاحب الأرض الغرس و الخدمة إلى مدة معينة شارطا على نفسه بقاء حصة الغارس في أرضه مجانا الى تلك المدة، و إذا كانت من الغارس يجعل العوض نصف عين الأرض أو نصف منفعتها إلى مدة معينة شارطا على نفسه غرس حصة صاحب الأرض و خدمتها الى تلك المدة.

[مسألة: 14 الخراج الذي يأخذه السلطان من النخيل و الأشجار في الأراضي الخراجية على المالك]

مسألة: 14 الخراج الذي يأخذه السلطان من النخيل و الأشجار في الأراضي الخراجية على المالك إلا إذا اشترطا كونه على العامل أو عليهما.

[مسألة: 15 لا يجوز للعامل في المساقاة ان يساقي غيره الا بإذن المالك]

مسألة: 15 لا يجوز للعامل في المساقاة ان يساقي غيره الا بإذن المالك، لكن مرجع اذنه فيها الى توكيله في إيقاع مساقاة أخرى للمالك مع شخص ثالث بعد فسخ المساقاة الاولى، فلا يستحق العامل الأول شيئا.

ص: 169

[كتاب الدين و القرض]

اشارة

كتاب الدين و القرض الدين هو المال الكلي الثابت في ذمة شخص لآخر بسبب من الأسباب، و يقال لمن اشتغلت ذمته به «المديون» و «المدين» و للآخر «الدائن» و «الغريم».

و سببه اما الاقتراض أو أمور أخر اختيارية كجعله مبيعا في السلم أو ثمنا في النسيئة أو أجرة في الإجارة أو صداقا في النكاح أو عوضا للطلاق في الخلع و غير ذلك، أو قهرية كما في موارد الضمانات و نفقة الزوجة الدائمة و نحو ذلك، و له أحكام مشتركة و أحكام مختصة بالقرض:

[القول في أحكام الدين]

اشارة

القول في أحكام الدين:

[مسألة: 1 الدين اما حال]

مسألة: 1 الدين اما حال، و هو ما كان للدائن مطالبته و اقتضاؤه، و يجب على المديون أداؤه مع التمكن و اليسار في كل وقت. و اما مؤجل، و هو ما لم يكن للدائن حق المطالبة، و لا يجب على المديون القضاء الا بعد انقضاء المدة المضروبة و حلول الأجل. و تعيين الأجل تارة بجعل المتداينين كما في السلم و النسيئة، و أخرى بجعل الشارع كالنجوم و الأقساط المقررة في الدية كما يأتي في بابه إن شاء اللّٰه تعالى.

[مسألة: 2 إذا كان الدين حالا أو مؤجلا و قد حل الأجل]

مسألة: 2 إذا كان الدين حالا أو مؤجلا و قد حل الأجل فكما يجب على المديون الموسر أداؤه عند مطالبة الدائن كذلك يجب على الدائن أخذه و تسلمه إذا صار المديون بصدد أدائه و تفريغ ذمته، و أما الدين المؤجل قبل حلول الأجل فلا إشكال في انه ليس للدائن حق المطالبة (1)، و انما الإشكال في انه هل يجب عليه القبول لو تبرع


1- في مثل المثمن في السلم و الثمن في النسيئة و الأجرة في الإجارة إذا كانت مؤجلة، و اما في القرض المؤجل فللدائن مطالبة الدين قبل حلول الأجل، من غير فرق بين شرط الأجل في ضمن عقد القرض أو في ضمن عقد خارج لازم. نعم إذا شرط الدائن عدم المطالبة إلى أجل في ضمن عقد لازم خارج يجب عليه العمل بما شرط، لكن إذا تخلف و طلب يجب على المديون أداؤه، و كذلك الحكم في كل دين حال اشترط تأجيله في ضمن عقد لازم.

ص: 170

المديون بأدائه أم لا؟ وجهان بل قولان أقواهما الثاني (1)، الا إذا علم بالقرائن ان التأجيل لمجرد إرفاق على المديون من دون أن يكون حقا للدائن.

[مسألة: 3 قد عرفت انه إذا أدى المديون الدين عند حلوله يجب على الدائن أخذه]

مسألة: 3 قد عرفت انه إذا أدى المديون الدين عند حلوله يجب على الدائن أخذه، فإذا امتنع أجبره الحاكم لو التمس منه المديون، و لو تعذر إجباره أحضره عنده و مكنه منه بحيث صار تحت يده و سلطانه عرفا و به تفرغ ذمته، و لو تلف بعد ذلك لا ضمان عليه و كان من مال الدائن، و لو نعذر عليه ذلك له أن يسلمه الى الحاكم و قد فرغت ذمته. و هل يجب على الحاكم القبول؟ فيه تأمل و اشكال. و لو لم يوجد الحاكم له أن يعين الدين (2) في مال مخصوص و يعزله و به تبرأ ذمته، و ليس عليه ضمان لو تلف من غير تفريط منه. هذا إذا كان الدائن حاضرا و امتنع من أخذه، و لو كان غائبا و لا يمكن إيصال المال اليه و أراد المديون تفريغ ذمته أوصله الى الحاكم عند وجوده، و في وجوب القبول عليه الاشكال السابق، و لو لم يوجد الحاكم يبقى في ذمته الى أن يوصله إلى الدائن أو من يقوم مقامه.

[مسألة: 4 يجوز التبرع بأداء دين الغير حيا كان أو ميتا]

مسألة: 4 يجوز التبرع بأداء دين الغير حيا كان أو ميتا، و به تبرأ ذمته و ان كان بغير اذنه، بل و ان منعه. و يجب على من له الدين القبول كما في أدائه عن نفسه.

[مسألة: 5 لا يتعين الدين فيما عينه المدين و لا يصير ملكا للدائن ما لم يقبضه]

مسألة: 5 لا يتعين الدين فيما عينه المدين و لا يصير ملكا للدائن ما لم يقبضه إلا إذا سقط اعتبار قبضه بسبب الامتناع كما مر (3)، فلو كان عليه درهم و اخرج من كيسه


1- فيما ذكر مما لا يجوز له المطالبة قبل الأجل، و أما فيما يجوز للدائن المطالبة قبل الأجل كالدين الحاصل من القرض يجب عليه القبول إذا أداه المديون قبل الأجل.
2- فيه اشكال بل منع.
3- مر الاشكال و المنع في بعض صوره.

ص: 171

درهما ليدفعه اليه وفاء عما عليه و قبل وصوله بيده سقط و تلف كان التالف من ماله و بقي ما في ذمته على حاله.

[مسألة: 6 يحل الدين المؤجل إذا مات المديون قبل حلول الأجل]

مسألة: 6 يحل الدين المؤجل إذا مات المديون قبل حلول الأجل، و لو مات الدائن يبقى على حاله ينتظر ورثته انقضاء الأجل، فلو كان الصداق مؤجلا إلى مدة معينة و مات الزوج قبل حلوله استحقت الزوجة مطالبته بعد موته، بخلاف ما إذا ماتت الزوجة فليس لورثتها المطالبة قبل انقضاء المدة. و لا يلحق بموت الزوج طلاقه، فلو طلق زوجته يبقى صداقها المؤجل على حاله، كما انه لا يلحق بموت المديون تحجيره بسبب الفلس، فلو كان عليه ديون حالة و ديون مؤجلة يقسم ماله بين أرباب الديون الحالة و لا يشاركهم أرباب المؤجلة.

[مسألة: 7 لا يجوز بيع الدين بالدين، بأن كان العوضان كلاهما دينا قبل البيع]

مسألة: 7 لا يجوز بيع الدين بالدين (1)، بأن كان العوضان كلاهما دينا قبل البيع، كما إذا كان لأحدهما على الأخر طعام كوزنة من حنطة و للآخر عليه طعام آخر كوزنة من شعير فباع الشعير الذي له على الأخر بالحنطة التي للآخر عليه، أو كان لأحدهما على شخص طعام و لآخر على ذلك الشخص طعام آخر فباع ماله على ذلك الشخص بما للآخر على ذلك الشخص، أو كان لأحدهما طعام على شخص و للآخر طعام على شخص آخر فبيع أحد الطعامين بالآخر. و أما إذا لم يكن العوضان كلاهما دينا قبل البيع و ان صارا معا أو صار أحدهما دينا بسبب البيع- كما إذا باع ماله في


1- و مجمل الكلام ان الدين الذي يقع في البيع ثمنا و مثمنا لا يخلو من أن يكون حاصلا قبل البيع بسبب آخر أو حاصلا بنفس البيع، و كل منهما اما ان يكونا حين البيع مؤجلين أو حالين لم يؤجلا أصلا أو أجلا و لكن حل أجلهما أو مختلفين، فان كان كل من الثمن و المثمن دينا مؤجلا بسبب آخر حين البيع فلا إشكال في عدم جوازه قبل حلول أجلهما بل بعد حلول الأجل أيضا على الأحوط، و ان كان كل منهما دينا مؤجلا حاصلا بنفس البيع فلا إشكال أيضا في بطلانه، و هو المعبر عنه ببيع الكالي بالكالي. و أما ان كان أحدهما دينا مؤجلا و الأخر دين حال غير مؤجل أصلا كالكلي في الذمة نقدا فالظاهر صحة البيع ان حصل اشتغال ذمته بالبيع، و أما ان كان اشتغال ذمته به بسبب آخر فالأحوط تركه.

ص: 172

ذمة الأخر بثمن في ذمته نسيئة مثلا- فله شقوق و صور كثيرة (1) لا يسع هذا المختصر تفصيلها.

[مسألة: 8 يجوز تعجيل الدين المؤجل بنقصان مع التراضي]

مسألة: 8 يجوز تعجيل الدين المؤجل بنقصان مع التراضي، و هو الذي يسمى في الوقت الحاضر في لسان التجار بالنزول، و لا يجوز تأجيل الحال و لا زيادة أجل المؤجل بزيادة. نعم لا بأس بالاحتياط بجعل الزيادة المطلوبة في ثمن مبيع مثلا و يجعل التأجيل و التأخير إلى أجل معين شرطا على البائع، بأن يبيع الدائن من الدين مثلا ما يسوى عشرة دراهم بخمسة عشر درهما على ان لا يطالب المشتري (2) عن الدين الذي عليه الى وقت كذا، و مثله ما إذا باع المديون من الدائن ما يكون قيمته خمسة عشر درهما بعشرة شارطا عليه تأخير الدين الى وقت كذا.

[مسألة: 9 لا يجوز قسمة الدين]

مسألة: 9 لا يجوز قسمة الدين، فإذا كان لاثنين دين مشترك على ذمم متعددة- كما إذا باعا عينا مشتركا بينهما من أشخاص أو كان لمورثهما دين على اشخاص فورثاه فجعلا بعد التعديل ما في ذمة بعضهم لأحدهما و ما في ذمة آخرين لآخر- لم يصح و بقي ما في الذمم على الاشتراك السابق، فكل ما استوفى منها يكون بينهما و كل ما توى و تلف يكون منهما. نعم الظاهر كما مر في كتاب الشركة (3) انه إذا كان لهما دين مشترك على أحد يجوز أن يستوفي أحدهما منه حصته، فيتعين له و يبقى حصة الأخر في ذمته، و هذا ليس من قسمة الدين في شي ء.

[مسألة: 10 يجب على المديون عند حلول الدين و مطالبة الدائن السعي في أدائه بكل وسيلة]

مسألة: 10 يجب على المديون عند حلول الدين و مطالبة الدائن السعي في أدائه بكل وسيلة و لو ببيع سلعته و متاعه و عقاره أو مطالبة غريم له أو إجارة أملاكه و غير ذلك، و هل يجب عليه التكسب اللائق بحاله من حيث الشرف و القدرة؟ وجهان بل قولان أحوطهما ذلك، خصوصا فيما لا يحتاج الى تكلف و فيمن شغله التكسب، بل وجوبه حينئذ قوي جدا. نعم يستثنى من ذلك بيع دار سكناه و ثيابه المحتاج إليها و لو للتجمل و دابة ركوبه و خادمه إذا كان من أهلهما و احتاج إليهما، بل و ضروريات


1- مر تفصيلها في الحاشية السابقة.
2- فيحرم عليه المطالبة لكن إذا طلب وجب على المديون أداؤه، و كذا في تأخير الدين.
3- قد مر منا الاشكال فيه في كتاب القسمة فراجع مسألة 18.

ص: 173

بيته من فراشه و غطائه و ظروفه و إنائه لا كله و شربه و طبخه و لو لا ضيافة، مراعيا في ذلك كله مقدار الحاجة بحسب حاله و شرفه و انه بحيث لو كلف ببيعها لوقع في عسر و شدة و حزازة و منقصة. و هذه كلها مستثنيات الدين لا خصوص (1) الدار و المركوب و الخادم و الثياب، بل لا يبعد أن يعد منها الكتب العلمية لأهلها بمقدار ما يحتاج اليه بحسب حاله و مرتبته.

[مسألة: 11 لو كانت دار سكناه أزيد عما يحتاجه سكن ما احتاجه و باع ما فضل عن حاجته]

مسألة: 11 لو كانت دار سكناه أزيد عما يحتاجه سكن ما احتاجه و باع ما فضل عن حاجته أو باعها و اشترى ما هو أدون مما يليق بحاله، و إذا كانت له دور متعددة و احتاج إليها لسكناه لم يبع شيئا منها، و كذلك الحال في الخادم و المركوب و الثياب.

[مسألة: 12 لو كانت عنده دار موقوفة عليه تكفي لسكناه و له دار مملوكة]

مسألة: 12 لو كانت عنده دار موقوفة عليه (2) تكفي لسكناه و له دار مملوكة الأحوط لو لم يكن الأقوى ان يبيع المملوكة و يكتفي بالموقوفة.

[مسألة: 13 انما لا تباع دار السكنى في أداء الدين ما دام المديون حيا]

مسألة: 13 انما لا تباع دار السكنى في أداء الدين ما دام المديون حيا، فلو مات و لم يترك غير دار سكناه تباع و تصرف في الدين.

[مسألة: 14 معنى كون الدار و نحوها من مستثنيات الدين انه لا يجبر على بيعها لأجل أدائه]

مسألة: 14 معنى كون الدار و نحوها من مستثنيات الدين انه لا يجبر على بيعها لأجل أدائه و لا يجب عليه ذلك، و أما لو رضي هو بذلك و قضى به دينه جاز للدائن أخذه. نعم ينبغي ان لا يرضى ببيع مسكنه و لا يكون سببا له و ان رضي هو به و أراده، ففي خبر عثمان بن زياد قال: قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السلام: ان لي على رجل دينا و قد أراد أن يبيع داره فيقضي لي. فقال أبو عبد اللّٰه: أعيذك باللّه ان تخرجه من ظل رأسه، أعيذك باللّه ان تخرجه من ظل رأسه، أعيذك باللّه ان تخرجه من ظل رأسه.

[مسألة: 15 لو كان عنده متاع أو سلعة أو عقار زائدا على المستثنيات لا تباع إلا بأقل من قيمتها]

مسألة: 15 لو كان عنده متاع أو سلعة أو عقار زائدا على المستثنيات لا تباع إلا بأقل من قيمتها يجب بيعها للدين عند حلوله و مطالبة صاحبه، و لا يجوز له التأخير و انتظار من يشتريها بالقيمة. نعم لو كان ما يشترى به أقل من قيمته بكثير جدا بحيث


1- و الضابط كل ما يحتاج اليه المديون في ضروريات معاشه.
2- و لم يكن السكنى فيها نقصا لشرفه.

ص: 174

يعد بيعه به تضييعا للمال (1) و إتلافا له لا يبعد عدم وجوب بيعه.

[مسألة: 16 و كما لا يجب على المعسر الأداء و القضاء يحرم على الدائن إعساره بالمطالبة و الاقتضاء]

مسألة: 16 و كما لا يجب على المعسر الأداء و القضاء يحرم على الدائن إعساره بالمطالبة و الاقتضاء، بل يجب أن ينظره الى اليسار، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: و كما لا يحل لغريمك ان يمطلك و هو موسر لا يحل لك ان تعسره إذا علمت انه معسر.

و عن مولانا الصادق عليه السلام في وصية طويلة كتبها إلى أصحابه: إياكم و إعسار أحد من إخوانكم المسلمين ان تعسروه بشي ء يكون لكم قبله و هو معسر، فإن أبانا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله كان يقول: ليس للمسلم ان يعسر مسلما، و من أنظر معسرا أظله اللّٰه يوم القيامة بظله يوم لا ظل الا ظله.

و عن مولانا الباقر عليه السلام قال: يبعث يوم القيامة قوم تحت ظل العرش وجوههم من نور و رياشهم من نور جلوس على كراسي من نور- الى ان قال- فينادي مناد: هؤلاء قوم كانوا ييسرون على المؤمنين ينظرون المعسر حتى ييسر.

و عنه عليه السلام قال: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: من سره ان يقيه اللّٰه من نفحات جهنم فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه. و الاخبار في هذا المعنى كثيرة.

[مسألة: 17 مماطلة الدائن مع القدرة معصية كبيرة]

مسألة: 17 مماطلة الدائن مع القدرة معصية كبيرة (2)، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: من مطل على ذي حق حقه و هو يقدر على أداء حقه فعليه كل يوم خطيئة عشار. بل يجب عليه نية القضاء مع عدم القدرة، بأن يكون من قصده الأداء عند القدرة.

[القول في القرض]

اشارة

القول في القرض:

و هو تمليك مال الأخر بالضمان، بأن يكون على عهدته أدائه بنفسه (3) أو بمثله


1- التضييع و الإتلاف لا خصوصية له بل لا بد أن يكون بحد يصدق عليه انه يكون ضرريا كي يتمسك بلا ضرر أو يكون البيع بأقل من القيمة حرجيا عليه.
2- لرواية أعمش حيث عد حبس الحقوق من غير عسر من الكبائر.
3- فيه إشكال.

ص: 175

أو قيمته، و يقال للمملك «المقرض» و للمتملك «المقترض» و «المستقرض».

[مسألة: 1 يكره الاقتراض مع عدم الحاجة]

مسألة: 1 يكره الاقتراض مع عدم الحاجة، و تخف كراهته مع الحاجة، و كلما خفت الحاجة اشتدت الكراهة، و كلما اشتدت خفت الى ان زالت، بل ربما وجب إذا توقف عليه أمر واجب كحفظ نفسه أو عرضه و نحو ذلك، فعن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: إياكم و الدين فإنها مذلة بالنهار و مهمة بالليل و قضاء في الدنيا و قضاء في الآخرة. و عن مولانا الكاظم عليه السلام: من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على نفسه و عياله كان كالمجاهد في سبيل اللّٰه، فان غلب عليه فليستدن على اللّٰه و على رسوله ما يقوت به عياله. و الأحوط لمن لم يكن عنده ما يوفي به دينه و لم يترقب حصوله عدم الاستدانة (1) إلا عند الضرورة.

[مسألة: 2 إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة]

مسألة: 2 إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة، سيما لذوي الحاجة، لما فيه من قضاء حاجته و كشف كربته، و قد قال النبي صلى اللّٰه عليه و آله: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف اللّٰه عنه كربه يوم القيامة، و اللّٰه في عون العبد ما كان العبد في حاجة أخيه. و عنه صلى اللّٰه عليه و آله: من أقرض مؤمنا قرضا ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة و كان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه، و من أقرض أخاه المسلم كان له بكل درهم أقرضه وزن جبل أحد من جبال رضوى و طور سيناء حسنات، و ان رفق به في طلبه تعدى على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب و لا عذاب، و من شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرم اللّٰه عز و جل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين.

[مسألة: 3 حيث أن القرض عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب كقوله «أقرضتك» و ما يؤدي معناه، و قبول]

مسألة: 3 حيث أن القرض عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب كقوله «أقرضتك» و ما يؤدي معناه، و قبول دال على الرضا بالإيجاب. و لا يعتبر في عقده العربية، بل يقع بكل لغة، بل الظاهر جريان المعاطاة فيه، فيتحقق حقيقته بإقباض العين و قبضها و تسلمها بهذا العنوان من دون احتياج إلى صيغة. و يعتبر في المقرض و المقترض


1- و ان استدان فالأحوط اعلام المستدان بحاله.

ص: 176

ما يعتبر في المتعاقدين في سائر المعاملات و العقود من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار (1).

[مسألة: 4 يعتبر في المال أن يكون عينا مملوكا]

مسألة: 4 يعتبر في المال أن يكون عينا مملوكا، فلا يصح إقراض الدين و لا المنفعة و لا ما لا يصح تملكه كالخمر و الخنزير، و لا يعتبر كونه عينا شخصيا، فيصح إقراض الكلي، بأن يوقع العقد على الكلي و ان كان إقباضه لا يكون الا بدفع عين شخصي. و يعتبر مع ذلك كونه مما يمكن ضبط أوصافه (2) و خصوصياته التي تختلف باختلافها القيمة و الرغبات مثليا كان كالحبوبات و الادهان و نحوهما أو قيميا كالأغنام و الجواري و العبيد و أمثالها، فلا يجوز إقراض ما لا يمكن ضبط أوصافه إلا بالمشاهدة كاللحم و الجواهر و نحوهما.

[مسألة: 5 لا بد من أن يقع القرض على معين]

مسألة: 5 لا بد من أن يقع القرض على معين، فلا يصح إقراض المبهم كأحد هذين، و ان يكون المال معينا قدره بالكيل أو الوزن فيما يكال أو يوزن و بالعد فيما يقدر بالعد، فلا يصح إقراض صبرة من طعام جزافا، و لو قدر بكلية معينة و ملأ إناء معين غير الكيل المتعارف أو وزن بصخرة معينة غير العيار المتعارف عند العامة لم يبعد الاكتفاء به، لكن الأحوط خلافه.

[مسألة: 6 يشترط في صحة القرض القبض و الإقباض]

مسألة: 6 يشترط في صحة القرض القبض و الإقباض، فلا يملك المستقرض المال المقترض الا بعد القبض، و لا يتوقف على التصرف.

[مسألة: 7 الأقوى أن القرض عقد لازم]

مسألة: 7 الأقوى أن القرض عقد لازم، فليس للمقرض فسخه (3) و الرجوع بالعين المقترضة لو كانت موجودة. نعم له عدم الانظار و مطالبة المقترض (4) بالأداء و القضاء و لو قبل قضاء وطره أو مضي زمان يمكن فيه ذلك.


1- و عدم السفه و الحجر في المقرض.
2- في المثليات، و أما في القيميات فلا يبعد كفاية العلم بقيمتها حين التسليم مع مشاهدته و ان لم يمكن ضبط أوصافه بنحو يصح فيه السلم.
3- و لا للمقترض.
4- و للمقترض أيضا الأداء قبل قضاء وطره و ليس للمقرض الامتناع.

ص: 177

[مسألة: 8 لو كان المال المقترض مثليا كالحنطة و الشعير و الذهب و الفضة و نحوها ثبت في ذمة المقترض]

مسألة: 8 لو كان المال المقترض مثليا كالحنطة و الشعير و الذهب و الفضة و نحوها ثبت في ذمة المقترض مثل ما اقترض، و لو كان قيميا كالغنم و نحوها ثبت في ذمته قيمته. و في اعتبار قيمة وقت الاقتراض (1) أو قيمة حال الأداء و القضاء وجهان (2)، الأحوط التراضي و التصالح في مقدار التفاوت بين القيمتين لو كان.

[مسألة: 9 لا يجوز شرط الزيادة]

مسألة: 9 لا يجوز شرط الزيادة، بأن يقرض مالا على أن يؤدي المقترض أزيد مما اقترضه، سواء اشترطاه صريحا أو أضمراه بحيث وقع القرض مبنيا عليه.

و هذا هو الربا القرضي المحرم الذي وعدنا ذكره في كتاب البيع و ذكرنا هناك بعض ما ورد في الكتاب و السنة من التشديد عليه. و لا فرق في الزيادة بين أن تكون عينية كما إذا أقرضه عشرة دراهم على أن يؤدي اثنى عشر، أو عملا كخياطة ثوب له، أو منفعة أو انتفاعا كالانتفاع بالعين المرهونة عنده، أو صفة مثل أن يقرضه دراهم مكسورة على أن يؤديها صحيحة. و كذا لا فرق بين أن يكون المال المقترض ربويا بأن كان من المكيل و الموزون، و غيره بأن كان معدودا كالجوز و البيض.

[مسألة: 10 إذا أقرضه شيئا و شرط عليه أن يبيع منه شيئا بأقل من قيمته أو يؤاجره بأقل من أجرته]

مسألة: 10 إذا أقرضه شيئا و شرط عليه أن يبيع منه شيئا بأقل من قيمته أو يؤاجره بأقل من أجرته كان داخلا في شرط الزيادة. نعم لو باع المقترض من المقرض مالا بأقل من قيمته و شرط عليه ان يقرضه مبلغا معينا لا بأس به و ان أفاد فائدة الأول، و به يحتال في الفرار عن الربا كسائر الحيل الشرعية، و لنعم الفرار من الحرام الى الحلال.

[مسألة: 11 إنما تحرم الزيادة مع الشرط]

مسألة: 11 إنما تحرم الزيادة مع الشرط، و أما بدونه فلا بأس به، بل يستحب ذلك للمقترض، حيث انه من حسن القضاء و خير الناس أحسنهم قضاءا، بل يجوز ذلك إعطاء و أخذا لو كان الإعطاء لأجل أن يراه المقرض حسن القضاء فيقرضه كلما احتاج الى الاقتراض، أو كان الاقتراض لأجل أن ينتفع من المقترض


1- يعنى وقت التسليم الى المقترض.
2- أقواهما الأول.

ص: 178

لكونه حسن القضاء و يكافئ من أحسن اليه بأحسن الجزاء بحيث لو لا ذلك لم يقرضه.

نعم يكره أخذه للمقرض، خصوصا إذا كان إقراضه لأجل ذلك، بل يستحب انه إذا أعطاه المقترض شيئا بعنوان الهدية و نحوها يحسبه عوض طلبه، بمعنى أنه يسقط منه بمقداره.

[مسألة: 12 انما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض]

مسألة: 12 انما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض، فلا بأس بشرطها للمقترض، كما إذا أقرضه عشرة دراهم على أن يؤدي ثمانية، أو أقرضه دراهم صحيحة على أن يؤديها مكسورة، فما تداول بين التجار من أخذ الزيادة و إعطائها في الحوائل المسماة عندهم بصرف البرات و يطلقون عليه بيع الحوالة و شراؤها، ان كان بإعطاء مقدار من الدراهم و أخذ الحوالة من المدفوع إليه بالأقل منه لا بأس به، كما إذا احتاج أحد إلى إيصال وجه الى بلد فيجي ء عند التاجر و يعطي له مائة درهم على ان يعطيه الحوالة بتسعين درهما على طرفه في ذلك البلد، حيث أن في هذا الفرض يكون مائة درهم في ذمة التاجر و هو المقترض و جعل الزيادة له. و ان كان بإعطاء الأقل و أخذ الحوالة بالأكثر يكون داخلا في الربا، كما إذا احتاج أحد إلى مقدار من الدراهم و يكون له المال في بلد آخر فيجي ء عند التاجر و يأخذ منه تسعين درهما على أن يعطيه الحوالة بمائة درهم على من كان عنده المال في بلد آخر ليدفع الى طرف التاجر في ذلك البلد، حيث ان التاجر في هذا الفرض قد أقرض تسعين و جعل له زيادة عشرة، فلا بد لأجل التخلص من الربا من اعمال بعض الحيل الشرعية (1).

[مسألة: 13 المال المقترض ان كان مثليا كالدراهم و الدنانير و الحنطة و الشعير و كان وفاؤه و أداؤه]

مسألة: 13 المال المقترض ان كان مثليا كالدراهم و الدنانير و الحنطة و الشعير و كان وفاؤه و أداؤه بإعطاء ما يماثله في الصفات من جنسه، سواء بقي على سعره الذي كان له وقت الاقتراض أو ترقى أو تنزل، و هذا هو الوفاء الذي لا يتوقف على التراضي، فللمقرض ان يطالب المقترض به و ليس له الامتناع و لو ترقى سعره عما أخذه بكثير، كما ان المقترض لو أعطاه للمقرض ليس له الامتناع و لو تنزل بكثير. و يمكن أن


1- و لو بأن يجعل عشرة دراهم اجرة عمله، يعنى إيصال الحوالة و أخذ الوجه، فيأخذ المقترض العين وفاء لقرضه و العشرة أجرة لعمله.

ص: 179

يؤدي بالقيمة أو بغير جنسه، بأن يعطى بدل الدراهم دنانير مثلا أو بالعكس، لكن هذا النحو من الأداء و الوفاء يتوقف على التراضي، فلو أعطى بدل الدراهم دنانير فللمقرض الامتناع من أخذها و لو تساويا في القيمة، بل و لو كانت الدنانير أغلا كما انه لو أراده المقرض كان للمقترض الامتناع و ان تساويا في القيمة أو كانت الدنانير أرخص. و ان كان قيميا فقد مر انه تشتغل ذمة المقترض بالقيمة، و انما تكون بالنقود الرائجة، فأداؤه الذي لا يتوقف على التراضي بإعطائها، و يمكن أن يؤدي بجنس آخر من غير النقود بالقيمة لكنه يتوقف على التراضي. و لو كانت العين المقترضة موجودة فأراد المقرض أداء الدين بإعطائها أو أراد المقترض ذلك، ففي جواز امتناع الأخر تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط (1).

[مسألة: 14 يجوز في قرض المثلي ان يشترط المقرض على المقترض أن يؤديه من غير جنسه]

مسألة: 14 يجوز في قرض المثلي ان يشترط المقرض على المقترض أن يؤديه من غير جنسه (2) بأن يؤدي عوض الدراهم مثلا دنانير و بالعكس، و يلزم عليه ذلك بشرط أن يكونا متساويين في القيمة أو كان ما شرط عليه أقل قيمة مما اقترض.

[مسألة: 15 الأقوى انه لو شرط التأجيل في القرض صح و لزم العمل به]

مسألة: 15 الأقوى انه لو شرط التأجيل في القرض صح و لزم العمل به (3) و كان كسائر الديون المؤجلة ليس للمقرض مطالبته قبل حلول الأجل.

[مسألة: 16 لو شرط على المقترض أداء القرض و تسليمه في بلد معين صح و لزم]

مسألة: 16 لو شرط على المقترض أداء القرض و تسليمه في بلد معين صح و لزم و ان كان في حمله إليه مئونة، فإن طالبه في غير ذلك البلد لم تلزم عليه الأداء، كما أنه لو أداه في غيره لم يلزم على المقرض القبول. و ان أطلق القرض و لم يعين بلد التسليم، فالذي يجب على المقترض أداؤه فيه لو طالبه المقرض و يجب على المقرض القبول


1- و ان كان الأقوى الجواز.
2- إذا لم يصدق عليه قرض يجر النفع و ان كان ذلك النفع نفعا غير مالي، و الا فمشكل لا يترك الاحتياط.
3- و الأقوى انه لو شرط التأجيل في القرض لم يلزم، و قد مر التفصيل فيه فراجع الحاشية التي كتبناها في أول كتاب الدين.

ص: 180

لو أداه المقترض فيه هو بلد القرض، و أما غيره فيحتاج إلى التراضي (1)، و ان كان الأحوط للمقترض (2) مع عدم الضرر و عدم الاحتياج إلى مئونة الحمل الأداء لو طالبه الغريم فيه.

[مسألة: 17 يجوز ان يشترط في القرض إعطاء الرهن أو الضامن أو الكفيل و كل شرط سائغ لا يكون فيه النفع للمقرض و لو كان مصلحة له]

مسألة: 17 يجوز ان يشترط في القرض إعطاء الرهن أو الضامن أو الكفيل و كل شرط سائغ لا يكون فيه النفع للمقرض و لو كان مصلحة له.

[مسألة: 18 لو اقترض دراهم ثم أسقطها السلطان و جاء بدراهم غيرها لم يكن عليه الا الدراهم الاولى]

مسألة: 18 لو اقترض دراهم ثم أسقطها السلطان و جاء بدراهم غيرها لم يكن عليه الا الدراهم الاولى (3). نعم في مثل الصكوك المتعارفة في هذه الأزمنة المسماة بالنوط و الاسكناس و غيرهما إذا سقطت عن الاعتبار الظاهر اشتغال الذمة بالدراهم و الدنانير التي تتناول هذه الصكوك بدلا عنها، لان الاقتراض في الحقيقة يقع على الدراهم (4) أو الدنانير التي هي من النقدين و من الفضة و الذهب المسكوكين، و ان كان في مقام التسليم و الإيصال يكتفى بتسليم تلك الصكوك و إيصالها (5). نعم لو فرض وقوع القرض على الصك الخاص بنفسه- بأن قال مثلا أقرضتك هذا الكاغذ الكذائي المسمى بالنوط الكذائي- كان حالها حال الدراهم في انه إذا أسقط اعتبارها لم يكن على المقترض إلا أداء الصك (6)، و هكذا الحال في المعاملات و المهور الواقعة على الصكوك.


1- إذا فهم اشتراط الأداء في بلد القرض و لو بالانصراف.
2- بل الأقوى في صورة اشتراط الأداء في بلد القرض، كما ان الأقوى وجوب القبول على المقرض في القرض المذكور.
3- مع بقاء ماليتها و لو يسيرا و الا فعليه قيمة يوم السقوط.
4- هذا خلاف ما هو المتعارف في المعاملات فان لها مالية من جهة الاعتبار يقع عليها بنفسها من دون نظر الى الدراهم و الدنانير، كيف و هي غير مقدور التسليم لكثير من الناس.
5- قد مر ان الأقوى عدم كفاية قبض هذا الكاغذ عن قبض النقدين.
6- بل الأقوى لزوم أداء ما كان له من المالية قبل السقوط، لان سقوط هذه الكواغذ ليس الا كتلف المثلي في المثليات فيتبدل بالقيمة.

ص: 181

[كتاب الرهن]

اشارة

كتاب الرهن و هو دفع العين (1) للاستيثاق على الدين، و يقال للعين «الرهن» و «المرهون» و لدافعها «الراهن» و لأخذها «المرتهن»، و يحتاج الى العقد المشتمل على الإيجاب و القبول، و الأول من الراهن، و هو كل لفظ أفاد المعنى المقصود في متفاهم أهل المحاورة كقوله «رهنتك» أو «أرهنتك» أو «هذا وثيقة عندك على مالك» و نحو ذلك، و الثاني من المرتهن، و هو كل لفظ دال على الرضا بالإيجاب. و لا يعتبر فيه العربية، بل الظاهر عدم اعتبار الصيغة فيه أصلا فيقع بالمعاطاة.

[مسألة: 1 يشترط في الراهن و المرتهن البلوغ و العقل و القصد و الاختيار]

مسألة: 1 يشترط في الراهن و المرتهن البلوغ و العقل و القصد و الاختيار، و في خصوص الأول عدم الحجر بالسفه و الفلس، و يجوز لولي الطفل و المجنون رهن مالهما و الارتهان لهما مع المصلحة و الغبطة.

[مسألة: 2 يشترط في صحة الرهن القبض من المرتهن بإقباض من الراهن أو بإذن منه]

مسألة: 2 يشترط في صحة الرهن القبض من المرتهن بإقباض من الراهن أو بإذن منه، و لو كان في يده شي ء وديعة أو عارية بل و لو غصبا فأوقعا عقد الرهن عليه كفى و لا يحتاج الى قبض جديد، و لو رهن المشاع لا يجوز تسليمه الى المرتهن الا برضا شريكه، و لكن لو سلمه إليه فالظاهر كفايته في تحقق القبض الذي هو شرط لصحة الرهن و ان تحقق العدوان بالنسبة إلى حصة شريكه.


1- و الاولى أن يقال هو اعتبار اضافة بين العين المرهونة و المرتهن مستتبعة لتسلط المرتهن على استيفاء دينه منها على فرض امتناع الدائن عن الأداء بإيجاب و قبول يعبر عنهما بعقد الرهن، و دفع العين وفاء لذلك العقد و متمم للاستيثاق.

ص: 182

[مسألة: 3 انما يعتبر القبض في الابتداء و لا يعتبر استدامته]

مسألة: 3 انما يعتبر القبض في الابتداء و لا يعتبر استدامته، فلو قبضه المرتهن ثم صار في يد الراهن أو غيره بإذن الراهن أو بدونه لم يضر و لم يطرأه البطلان.

نعم الظاهر ان للمرتهن استحقاق ادامة القبض و كونه تحت يده، فلا يجوز انتزاعه منه الا إذا شرط في العقد كونه بيد الراهن (1) أو يد ثالث.

[مسألة: 4 يشترط في المرهون أن يكون عينا مملوكا يمكن قبضه و يصح بيعه]

مسألة: 4 يشترط في المرهون أن يكون عينا مملوكا يمكن قبضه و يصح بيعه، فلا يصح رهن الدين (2) قبل قبضه و لا المنفعة و لا الحر و لا الخمر و الخنزير و لا مال الغير إلا بإذنه أو إجازته و لا الأرض الخراجية (3) و لا الطير المملوك في الهواء إذا كان غير معتاد عوده و لا الوقف و لو كان خاصا.

[مسألة: 5 لو رهن ما يملك و ما لا يملك في عقد واحد صح في ملكه]

مسألة: 5 لو رهن ما يملك و ما لا يملك (4) في عقد واحد صح في ملكه و وقف في ملك غيره على اجازة مالكه.

[مسألة: 6 لو كان له غرس أو بناء في الأرض الخراجية لا إشكال في صحة رهن ما فيها مستقلا]

مسألة: 6 لو كان له غرس أو بناء في الأرض الخراجية لا إشكال في صحة رهن ما فيها مستقلا، و كذا مع أرضها بعنوان التبعية (5)، و أما رهن أرضها مستقلا ففيه إشكال (6).

[مسألة: 7 لا يعتبر أن يكون الرهن ملكا لمن عليه الدين]

مسألة: 7 لا يعتبر أن يكون الرهن ملكا لمن عليه الدين، فيجوز لشخص ان يرهن ماله على دين شخص آخر تبرعا و لو من غير اذنه، بل و لو مع نهيه، و كذا يجوز للمديون ان يستعير شيئا ليرهنه على دينه، و لو رهنه و قبضه المرتهن ليس لمالكه الرجوع (7) و يبيعه المرتهن كما يبيع ما كان ملكا لمن عليه الدين، و لو بيع كان لمالكه


1- بعد القبض مثل ان يشترط على المرتهن أن يعيد العين المرهونة بعد القبض على الراهن أو على الثالث، و أما قبل القبض فاشتراط كونها بيد الراهن أو الثالث فغير جائز.
2- و كذا لا يصح رهن الكلي في ذمة الراهن ثم اقباض مصداقه.
3- كالمفتوحة عنوة و التي صولح على أهلها ان تكون ملكا للمسلمين و ضرب عليهم الخراج.
4- أى ملك غيره.
5- بناء على انها تملك تبعا.
6- بل منع.
7- لكن له مطالبة الراهن بالفك عند انقضاء الأجل المأذون فيه و مطلقا في غير المؤجل.

ص: 183

مطالبة المستعير بما بيع به لو بيع بالقيمة أو بالأكثر و بقيمته تامة لو بيع بأقل من قيمته، و لو عين له ان يرهنه على حق مخصوص من حيث القدر أو الحلول أو الأجل أو عند شخص معين لم يجز له مخالفته، و لو اذنه في الرهن مطلقا جاز له الجميع و تخير.

[مسألة: 8 لو كان الرهن على الدين المؤجل و كان مما يسرع اليه الفساد قبل الأجل]

مسألة: 8 لو كان الرهن على الدين المؤجل و كان مما يسرع اليه الفساد قبل الأجل، فإن شرط بيعه قبل ان يطرأ عليه الفساد صح الرهن و يبيعه الراهن أو يوكل المرتهن في بيعه و ان امتنع أجبره الحاكم، فان تعذر باعه الحاكم، و مع فقده باعه المرتهن، فإذا بيع يجعل ثمنه رهنا. و كذلك الحال لو أطلق و لم يشترط البيع و لا عدمه، و أما لو شرط عدم البيع الا بعد الأجل بطل الرهن. و لو رهن ما لا يتسارع اليه الفساد فعرض ما صيره عرضة للفساد كالحنطة تبتل لم ينفسخ الرهن بل يباع و يجعل الثمن رهنا.

[مسألة: 9 لا إشكال في انه يعتبر في المرهون كونه معينا، فلا يصح رهن المبهم]

مسألة: 9 لا إشكال في انه يعتبر في المرهون كونه معينا، فلا يصح رهن المبهم كأحد هذين. نعم الظاهر صحة (1) رهن الكلي في المعين كعبد من عبدين و صاع من صبرة و شاة من هذا القطيع، و قبضه اما بقبض الجميع أو بقبض ما عينه الراهن منه، فإذا عين بعد العقد عبدا أو صاعا أو شاة و قبضه المرتهن صح الرهن و لزم.

و الظاهر عدم صحة رهن المجهول من جميع الوجوه (2)، كما إذا رهن ما في الصندوق المقفل، و إذا رهن الصندوق بما فيه صح بالنسبة إلى الظرف دون المظروف. و أما المعلوم الجنس و النوع المجهول المقدار كصبرة من حنطة مشاهدة فالظاهر صحة رهنه (3).

[مسألة: 10 يشترط فيما يرهن عليه أن يكون دينا ثابتا في الذمة لتحقق موجبه من اقتراض]

مسألة: 10 يشترط فيما يرهن عليه أن يكون دينا ثابتا في الذمة لتحقق موجبه من اقتراض أو اسلاف مال أو شراء أو استيجار عين بالذمة و غير ذلك حالا كان الدين أو مؤجلا، فلا يصح الرهن على ما يقترض أو على ثمن ما يشتريه فيما بعد، فلو رهن شيئا ما يقترض ثم اقترض لم يصر بذلك رهنا، و لا على الدية قبل استقرارها بتحقق


1- فيه اشكال.
2- حتى من حيث القيمة و المالية.
3- إذا كانت قيمته معلومة.

ص: 184

الموت و ان علم أن الجناية تؤدي اليه، و لا على مال الجعالة قبل تمام العمل.

[مسألة: 11 و كما يصح في الإجارة أن يأخذ الموجر الرهن على الأجرة التي في ذمة المستأجر]

مسألة: 11 و كما يصح في الإجارة أن يأخذ الموجر الرهن على الأجرة التي في ذمة المستأجر، كذلك يصح ان يأخذ المستأجر الرهن على العمل الثابت في ذمة المؤجر.

[مسألة: 12 الظاهر أنه يصح الرهن على الأعيان المضمونة كالمغصوبة و العارية المضمونة]

مسألة: 12 الظاهر أنه يصح الرهن على الأعيان المضمونة كالمغصوبة و العارية المضمونة و المقبوض بالسوم و نحوها، و أما عهدة الثمن أو المبيع أو الأجرة أو عوض الصلح و غيرها لو خرجت مستحقة للغير ففي صحة الرهن عليها تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 13 لو اشترى شيئا بثمن في الذمة جاز جعل المبيع رهنا على الثمن]

مسألة: 13 لو اشترى شيئا بثمن في الذمة جاز جعل المبيع رهنا على الثمن.

[مسألة: 14 لو رهن على دينه رهنا ثم استدان مالا آخر من المرتهن جاز جعل ذلك الرهن رهنا على الثاني]

مسألة: 14 لو رهن على دينه رهنا ثم استدان مالا آخر من المرتهن جاز جعل ذلك الرهن رهنا على الثاني أيضا و كان رهنا عليهما معا، سواء كان الثاني مساويا للأول في الجنس و القدر أو مخالفا، و كذا له أن يجعله على دين ثالث و رابع الى ما شاء، و كذا إذا رهن شيئا على دين جاز أن يرهن شيئا آخر على ذلك الدين، و كانا جميعا رهنا عليه.

[مسألة: 15 لو رهن شيئا عند زيد ثم رهنه عند آخر أيضا باتفاق من المرتهنين كان رهنا على الحقين]

مسألة: 15 لو رهن شيئا عند زيد ثم رهنه عند آخر أيضا باتفاق من المرتهنين كان رهنا على الحقين إلا إذا قصدا بذلك فسخ الرهن الأول و كونه رهنا على خصوص الدين الثاني.

[مسألة: 16 لو استدان اثنان من واحد كل منهما دينا ثم رهنا عنده مالا مشتركا بينهما و لو بعقد واحد]

مسألة: 16 لو استدان اثنان من واحد كل منهما دينا ثم رهنا عنده مالا مشتركا بينهما و لو بعقد واحد ثم قضى أحدهما دينه انفكت حصته عن الرهانة و صارت طلقا، و لو كان الراهن واحدا و المرتهن متعددا- بأن كان عليه دين لاثنين فرهن شيئا عندهما بعقد واحد- فكل منهما مرتهن للنصف مع تساوي الدين، و مع التفاوت فالظاهر التقسيط و التوزيع بنسبة حقهما، فان قضى دين أحدهما انفك عن الرهانة ما يقابل


1- و الأقوى عدم الصحة قبل انكشاف خروجها مستحقة للغير للشك في كونها من الأعيان المضمونة، و أما بعد الانكشاف فلا إشكال في أخذ الرهن للمضمون من الثمن و المثمن دينا كانا أو عينا أو مختلفين.

ص: 185

حقه. هذا كله في التعدد ابتداء، و أما التعدد الطارئ فالظاهر أنه لا عبرة به، فلو مات الراهن عن ولدين لم ينفك نصيب أحدهما بأداء حصته من الدين، كما انه لو مات المرتهن عن ولدين فأعطى أحدهما نصيبه من الدين لم ينفك بمقداره من الرهن.

[مسألة: 17 لا يدخل الحمل الموجود في رهن الحامل و لا الثمر في رهن النخل]

مسألة: 17 لا يدخل الحمل الموجود (1) في رهن الحامل و لا الثمر في رهن النخل و الشجر و كذا ما يتجدد إلا إذا اشترط دخولها. نعم الظاهر دخول الصوف و الشعر و الوبر في رهن الحيوان، و كذا الأوراق و الأغصان حتى اليابسة في رهن الشجر، و أما اللبن في الضرع و مغرس الشجر (2) و أس الجدار- أعني موضع الأساس من الأرض- ففي دخولها تأمل و اشكال لا يبعد عدم الدخول، و ان كان الأحوط التصالح و التراضي.

[مسألة: 18 الرهن لازم من جهة الراهن جائز من طرف المرتهن]

مسألة: 18 الرهن لازم من جهة الراهن جائز من طرف المرتهن، فليس للراهن انتزاعه منه بدون رضاه الا أن يسقط حقه من الارتهان أو ينفك الرهن بفراغ ذمة الراهن من الدين بالأداء أو الإبراء أو غير ذلك، و لو برئت ذمته من بعض الدين فالظاهر بقاء الجميع رهنا على ما بقي، إلا إذا اشترطا التوزيع فينفك منه على مقدار ما برأ منه و يبقى رهنا على مقدار ما بقي، أو شرطا كونه رهنا على المجموع من حيث المجموع، فينفك الجميع بالبراءة عن بعض الدين.

[مسألة: 19 لا يجوز للراهن التصرف في الرهن إلا بإذن المرتهن]

مسألة: 19 لا يجوز للراهن التصرف في الرهن إلا بإذن المرتهن، سواء كان ناقلا للعين كالبيع أو المنفعة كالإجارة أو مجرد انتفاع به و ان لم يضر به كالاستخدام و الركوب و السكنى و نحوها، فان تصرف بغير الناقل اثم، و لم يترتب عليه شي ء إلا إذا كان بالإتلاف، فيلزم قيمته و تكون رهنا. و ان كان البيع أو الإجارة و غيرهما من النواقل وقف على اجازة المرتهن، ففي مثل الإجارة تصح بالإجازة و بقيت الرهانة على حالها، بخلافها في البيع فإنه يصح بها و تبطل الرهانة، كما أنها تبطل إذا كان


1- لو لا قرينة تدل على دخوله و لو كانت هي التعارف عند العرف.
2- كل ذلك محول إلى القرائن الحالية و المتعارفة عند الناس.

ص: 186

عن اذن سابق من المرتهن.

[مسألة: 20 لا يجوز للمرتهن التصرف في الرهن بدون اذن الراهن]

مسألة: 20 لا يجوز للمرتهن التصرف في الرهن بدون اذن الراهن، فلو تصرف فيه بركوب أو سكنى و نحوهما ضمن العين لو تلفت تحت يده للتعدي و لزمه أجرة المثل لما استوفاه من المنفعة، و لو كان ببيع و نحوه أو بإجارة و نحوها وقع فضوليا، فان اجازة الراهن صح و كان الثمن و الأجرة المسماة له، و كان الثمن (1) رهنا في البيع لم يجز لكل منهما التصرف فيه الا بإذن الأخر، و بقي العين رهنا في الإجارة، و ان لم يجز كان فاسدا.

[مسألة: 21 منافع الرهن كالسكنى و الخدمة و كذا نماءاته المنفصلة]

مسألة: 21 منافع الرهن كالسكنى و الخدمة و كذا نماءاته المنفصلة كالنتاج و الثمر و الصوف و الشعر و الوبر و المتصلة كالسمن و الزيادة في الطول و العرض كلها للراهن، سواء كانت موجودة حال الارتهان أو وجدت بعده، و لا يتبعه في الرهانة إلا نماءاته المتصلة.

[مسألة: 22 لو رهن الأصل و الثمرة أو الثمرة منفردة صح]

مسألة: 22 لو رهن الأصل و الثمرة أو الثمرة منفردة صح، فلو كان الدين مؤجلا و أدركت الثمرة قبل حلول الأجل، فإن كانت تجفف و يمكن إبقاؤها بالتجفيف جففت و الا بيعت و كان الثمن رهنا (2).

[مسألة: 23 إذا كان الدين حالا أو حل و أراد المرتهن استيفاء حقه]

مسألة: 23 إذا كان الدين حالا أو حل و أراد المرتهن استيفاء حقه، فان كان وكيلا عن الراهن في بيع الرهن و استيفاء دينه منه له ذلك من دون مراجعة اليه، و ان لم يكن وكيلا عنه في ذلك ليس له أن يبيعه بل يراجع الراهن و يطالبه بالوفاء و لو ببيع الرهن أو توكيله في بيعه، فان امتنع من ذلك رفع أمره الى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع، فان امتنع على الحاكم إلزامه باعه عليه بنفسه أو بتوكيل الغير


1- هذا إذا باع المرتهن للراهن بشرط كون الثمن رهنا فأجاز الراهن، و أما إذا لم يشترط فيبطل الرهن بعد الإجازة سواء باع المرتهن لنفسه أو باع للراهن، و صيرورة الثمن رهنا يحتاج الى عقد جديد.
2- إذا اذن المرتهن بيعه بشرط كون الثمن رهنا، و الا فكون الثمن رهنا يحتاج الى عقد جديد كما مر.

ص: 187

و لو كان هو المرتهن نفسه، و مع فقد الحاكم أو عدم اقتداره على الإلزام بالبيع و على البيع عليه لعدم بسط اليد باعه المرتهن بنفسه (1) و استوفى حقه أو بعضه من ثمنه إذا ساواه أو كان أقل، و ان كان أزيد كان الزائد عنده أمانة شرعية يوصله الى صاحبه.

[مسألة: 24 إذا لم يكن عند المرتهن بينة مقبولة لإثبات دينه]

مسألة: 24 إذا لم يكن عند المرتهن بينة مقبولة لإثبات دينه و خاف من أنه لو اعترف عند الحاكم بالرهن جحد الراهن للدين فأخذ منه الرهن بموجب اعترافه و طولب بالبينة على حقه جاز له بيع الرهن من دون مراجعة إلى الحاكم (2)، و كذا لو مات المرتهن و خاف الراهن جحود الوارث.

[مسألة: 25 لو وفي بيع بعض الرهن بالدين اقتصر عليه على الأحوط]

مسألة: 25 لو وفي بيع بعض الرهن بالدين اقتصر عليه على الأحوط لو لم يكن أقوى و بقي الباقي امانة عنده، إلا إذا لم يمكن التبعيض و لو من جهة عدم الراغب أو كان فيه ضرر على المالك فيباع الكل.

[مسألة: 26 إذا كان الرهن من مستثنيات الدين كدار سكناه و دابة ركوبه جاز للمرتهن بيعه]

مسألة: 26 إذا كان الرهن من مستثنيات الدين كدار سكناه و دابة ركوبه جاز للمرتهن بيعه (3) و استيفاء طلبه منه كسائر الرهون.

[مسألة: 27 إذا كان الراهن مفلسا أو مات و عليه ديون للناس كان المرتهن أحق من باقي الغرماء]

مسألة: 27 إذا كان الراهن مفلسا أو مات و عليه ديون للناس كان المرتهن أحق من باقي الغرماء باستيفاء حقه من الرهن، فان فضل شي ء يوزع على الباقين بالحصص، و ان نقص عن حقه استوفى بعض حقه من الرهن و يضرب بما بقي مع الغرماء في سائر أموال الراهن لو كان.

[مسألة: 28 الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيب من دون تعد و تفريط]

مسألة: 28 الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيب من دون تعد و تفريط. نعم لو كان في يده مضمونا لكونه مغصوبا أو عارية مضمونة مثلا ثم ارتهن عنده لم يزل الضمان إلا إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده فيرتفع الضمان


1- بل بإذن الحاكم ان أمكن و مع عدمه بنفسه.
2- بل يستأذن منه من دون ذكر اسم الراهن لئلا يؤاخذ بإقراره، و ان لم يمكن فيبيع بنفسه، و كذا في موت المرتهن.
3- و لكن لا ينبغي للمسلم أن يخرج المسلم من ظل رأسه.

ص: 188

على الأقوى، و إذا انفك الدين بسبب الأداء أو الإبراء أو غير ذلك يبقى أمانة المالكية في يده لا يجب تسليمه الى المالك الا مع المطالبة كسائر الأمانات.

[مسألة: 29 لا تبطل الرهانة بموت الراهن و لا بموت المرتهن]

مسألة: 29 لا تبطل الرهانة بموت الراهن و لا بموت المرتهن، فينتقل الرهن إلى ورثة الراهن مرهونا على دين مورثهم و ينتقل إلى ورثة المرتهن حق الرهانة، فإن امتنع الراهن من استيمانهم كان له ذلك، فان اتفقوا على أمين و الا سلمه الحاكم الى من يرتضيه، و ان فقد الحاكم فعدول المؤمنين.

[مسألة: 30 إذا ظهر للمرتهن أمارات الموت يجب عليه الوصية بالرهن]

مسألة: 30 إذا ظهر للمرتهن أمارات الموت يجب عليه الوصية بالرهن و تعيين المرهون و الراهن و الإشهاد كسائر الودائع، و لو لم يفعل كان مفرطا و عليه ضمانه.

[مسألة: 31 لو كان عنده الرهن قبل موته ثم مات و لم يعلم بوجوده في تركته لا تفصيلا و لا إجمالا]

مسألة: 31 لو كان عنده الرهن قبل موته ثم مات و لم يعلم بوجوده في تركته لا تفصيلا و لا إجمالا و لم يعلم كونه تالفا بتفريط منه لم يحكم به في ذمته و لا بكونه موجودا في تركته، بل يحكم بكونها لورثته. نعم لو علم أنه قد كان موجودا في أمواله الباقية الى بعد موته و لم يعلم أنه بعد باق فيها أم لا- كما إذا كان سابقا في صندوقه داخلا في الأموال التي كانت فيه و بقيت الى زمان موته و لم يعلم انه قد أخرجه و أوصله الى مالكه أو باعه و استوفى ثمنه أو تلف بغير تفريط منه أم لا- لم يبعد (1) ان يحكم ببقائه فيها، فيكون بحكم معلوم البقاء، و قد مر بعض ما يتعلق بهذه المسألة في بعض مسائل المضاربة.

[مسألة: 32 لو اقترض من شخص دينارا مثلا برهن و دينارا آخر منه بلا رهن]

مسألة: 32 لو اقترض من شخص دينارا مثلا برهن و دينارا آخر منه بلا رهن ثم دفع اليه دينارا بنية الأداء و الوفاء، فان نوى كونه عن ذي الرهن سقط و انفك رهنه، و ان نوى كونه عن الأخر لم ينفك الرهن و بقي دينه، و ان لم يقصد إلا أداء دينار من


1- بل لا يصح ذلك، لان الاستصحاب إبقاء ما كان ثابتا، و كون بعض التركة الموجودة للراهن سابقا غير متيقن، و قد ذكرنا ذلك في المضاربة أيضا.

ص: 189

الدينارين من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره لا إشكال في عدم انفكاك الرهن.

و هل يوزع ما دفعه على الدينين فإذا أكمل أداء دين ذي الرهن انفك رهنه، أو يحسب ما دفعه أداء لغير ذي الرهن و يبقى ذو الرهن بتمامه لا ينفك رهنه الا بأدائه؟ وجهان (1).


1- بل وجوه و احتمالات، و مقتضى الاستصحاب بقاء الرهن حتى يعلم فكه.

ص: 190

[كتاب الحجر]

اشارة

كتاب الحجر و هو في الأصل بمعنى المنع، و شرعا كون الشخص ممنوعا في الشرع عن التصرف في ماله بسبب من الأسباب، و هي كثيرة نذكر منها ما هو العمدة، و هي:

الصغر، و السفه، و الفلس، و مرض الموت.

[القول في الصغر]

اشارة

القول في الصغر:

[مسألة: 1 الصغير- و هو الذي لم يبلغ حد البلوغ- محجور عليه شرعا]

مسألة: 1 الصغير- و هو الذي لم يبلغ حد البلوغ- محجور عليه شرعا لا تنفذ تصرفاته (1) في أمواله ببيع و صلح و هبة و إقراض و اجارة و إيداع و اعارة و غيرها و ان كان في كمال التميز و الرشد و كان التصرف في غاية الغبطة و الصلاح، بل لا يجدي في الصحة اذن الولي سابقا و لا اجازته لا حقا عند المشهور.

[مسألة: 2 كما أن الصبي محجور عليه بالنسبة إلى ماله كذلك محجور بالنسبة إلى ذمته]

مسألة: 2 كما أن الصبي محجور عليه بالنسبة إلى ماله كذلك محجور بالنسبة إلى ذمته، فلا يصح منه الاقتراض و لا البيع و الشراء في الذمة بالسلم و النسيئة و ان كان مدة الأداء مصادفة لزمان البلوغ، و كذلك بالنسبة إلى نفسه فلا ينفذ منه التزويج و الطلاق و لا اجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملا في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة و غير ذلك. نعم يجوز حيازته المباحات بالاحتطاب و الاحتشاش و نحوهما و يملكها بالنية، بل و كذا يملك الجعل (2) في الجعالة بعمله و ان لم يأذن له الولي فيهما.


1- و يأتي حكم وصيته إذا بلغ عشرا إن شاء اللّٰه تعالى.
2- إذا تحرك بجعل الجاعل كما مر.

ص: 191

[مسألة: 3 يعرف البلوغ في الذكر و الأنثى بأحد أمور ثلاثة]

مسألة: 3 يعرف البلوغ في الذكر و الأنثى بأحد أمور ثلاثة:

الأول: نبات الشعر الخشن على العانة، و لا اعتبار بالزغب و الشعر الضعيف.

الثاني: خروج المني، سواء خرج يقظة أو نوما بجماع أو احتلام أو غيرهما.

الثالث: السن، و هو في الذكر خمسة عشر سنة و في الأنثى تسع سنين.

[مسألة: 4 لا يكفي البلوغ في زوال الحجر عن الصبي]

مسألة: 4 لا يكفي البلوغ في زوال الحجر عن الصبي، بل لا بد معه من الرشد و عدم السفه بالمعنى الذي سنبينه.

[مسألة: 5 ولاية التصرف في مال الطفل و النظر في مصالحه و شئونه لأبيه و جده لأبيه]

مسألة: 5 ولاية التصرف في مال الطفل و النظر في مصالحه و شئونه لأبيه و جده لأبيه، و مع فقدهما للقيم من أحدهما، و هو الذي أوصى أحدهما بأن يكون ناظرا في أمره، و مع فقد الوصي يكون الولاية و النظر للحاكم الشرعي، و أما الأم و الجد للأم و الأخ فضلا عن الأعمام و الأخوال فلا ولاية لهم عليه بحال. نعم الظاهر ثبوتها لعدول المؤمنين (1) مع فقد الحاكم.

[مسألة: 6 الظاهر أنه لا يشترط العدالة في ولاية الأب و الجد]

مسألة: 6 الظاهر أنه لا يشترط العدالة في ولاية الأب و الجد، فلا ولاية للحاكم مع فسقهما، لكن متى ظهر له و لو بقرائن الأحوال الضرر منهما (2) على المولى عليه عزلهما و منعهما من التصرف في أمواله، و لا يجب عليه الفحص عن عملهما و تتبع سلوكهما.

[مسألة: 7 الأب و الجد مشتركان في الولاية]

مسألة: 7 الأب و الجد مشتركان في الولاية، فينفذ تصرف السابق منهما و لغا تصرف اللاحق، و لو اقترنا ففي تقديم الجد (3) أو الأب أو عدم الترجيح و بطلان تصرف كليهما وجوه بل أقوال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 8 الظاهر أنه لا فرق بين الجد القريب و البعيد]

مسألة: 8 الظاهر أنه لا فرق بين الجد القريب و البعيد، فلو كان له أب و جد و أب الجد و جد الجد اشتركوا كلهم في الولاية.

[مسألة: 9 يجوز للولي بيع عقار الصبي مع الحاجة و اقتضاء المصلحة]

مسألة: 9 يجوز للولي بيع عقار الصبي مع الحاجة و اقتضاء المصلحة،


1- و مع فقدهم للموثقين منهم.
2- بل إذا ظهر منهما الخيانة عزلهما دون مجرد الضرر و لو عن اشتباه.
3- و هو الأقوى.

ص: 192

فان كان البائع هو الأب أو الجد جاز للحاكم تسجيله و ان لم يثبت عنده أنه مصلحة، و أما غيرهما كالوصي، فلا يسجله الا بعد ثبوت كونه مصلحة عنده على الأحوط (1).

[مسألة: 10 يجوز للولي المضاربة بمال الطفل و إبضاعه بشرط وثاقة العامل و أمانته]

مسألة: 10 يجوز للولي المضاربة بمال الطفل و إبضاعه بشرط وثاقة العامل و أمانته، فإن دفعه الى غيره ضمن.

[مسألة: 11 يجوز للولي تسليم الصبي إلى أمين يعلمه الصنعة]

مسألة: 11 يجوز للولي تسليم الصبي إلى أمين يعلمه الصنعة أو الى من يعلمه القراءة و الخط و الحساب و العلوم العربية و غيرها من العلوم النافعة لدينه و دنياه، و يلزم عليه أن يصونه عما يفسد أخلاقه فضلا عما يضر بعقائده.

[مسألة: 12 يجوز لولي اليتيم افراده بالمأكول و الملبوس من ماله]

مسألة: 12 يجوز لولي اليتيم افراده بالمأكول و الملبوس من ماله و ان يخلطه بعائلته و يحسبه كأحدهم فيوزع المصارف عليهم على الرءوس، لكن هذا بالنسبة إلى المأكول و المشروب و أما الكسوة فيحسب على كل شخص كسوته، و كذلك الحال في اليتامى المتعددين، فيجوز لمن يتولى إنفاقهم افراد كل واحد منهم و ان يخلطهم في المأكول و المشروب و يوزع المصارف عليهم على الرءوس دون الكسوة فإنه يثبت و يحسب على كل واحد ما يحتاج اليه منها.

[مسألة: 13 إذا كان للصغير مال على غيره جاز للولي أن يصالحه عنه ببعضه مع المصلحة]

مسألة: 13 إذا كان للصغير مال على غيره جاز للولي أن يصالحه عنه ببعضه مع المصلحة، لكن لا يحل على المتصالح باقي المال و ليس للولي إسقاطه بحال.

[مسألة: 14 المجنون كالصغير في جميع ما ذكر.]

مسألة: 14 المجنون كالصغير في جميع ما ذكر. نعم في ولاية الأب و الجد و وصيهما عليه إذا تجدد جنونه بعد بلوغه و رشده أو كونها للحاكم اشكال، فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معا (2).

[مسألة: 15 ينفق الولي على الصبي بالاقتصاد لا بالإسراف و لا بالتقتير]

مسألة: 15 ينفق الولي على الصبي بالاقتصاد لا بالإسراف و لا بالتقتير ملاحظا له عادته و نظرائه و أطعمه و كساه ما يليق بشأنه.

[مسألة: 16 لو ادعى الولي الإنفاق على الصبي أو على ماله أو دوابه بالمقدار اللائق]

مسألة: 16 لو ادعى الولي الإنفاق على الصبي أو على ماله أو دوابه بالمقدار اللائق و أنكر بعد البلوغ أصل الإنفاق أو كيفيته، القول قول الولي مع اليمين الا


1- و ان كان الأقوى جوازه حملا لفعل المؤمن على الصحة.
2- و ان كان الأقوى فيه ولاية الحاكم.

ص: 193

أن يكون مع الصبي البينة.

[القول في السفه]

اشارة

القول في السفه:

السفيه هو الذي ليس له حالة باعثة على حفظ ماله و الاعتناء بحاله يصرفه في غير موقعه و يتلفه بغير محله، و ليس معاملاته مبنية على المكايسة و التحفظ عن المغابنة، لا يبالي بالانخداع فيها، يعرفه أهل العرف و العقلاء بوجدانهم إذا وجدوه خارجا عن طورهم و مسلكهم بالنسبة إلى أمواله تحصيلا و صرفا. و هو محجور عليه شرعا لا ينفذ تصرفاته في ماله ببيع و صلح و اجارة و إيداع و غيرها و عارية، و لا يتوقف حجره (1) على حكم الحاكم على الأقوى. و لا فرق بين أن يكون سفهه متصلا بزمان صغره أو تجدد بعد البلوغ، فلو كان سفيها ثم حصل له الرشد ارتفع حجره، فان عاد الى حالته السابقة حجر عليه، و لو زالت فك حجره، و لو عاد عاد الحجر عليه و هكذا.

[مسألة: 1 ولاية السفيه للأب و الجد و وصيهما إذا بلغ سفيها]

مسألة: 1 ولاية السفيه للأب و الجد و وصيهما إذا بلغ سفيها، و في من طرأ عليه السفه بعد البلوغ للحاكم الشرعي.

[مسألة: 2 كما أن السفيه محجور عليه في أمواله كذلك في ذمته]

مسألة: 2 كما أن السفيه محجور عليه في أمواله كذلك في ذمته، بأن يتعهد مالا أو عملا، فلا يصح اقتراضه و ضمانه و لا بيعه و شراؤه بالذمة و لا اجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملا في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة و غير ذلك.

[مسألة: 3 معنى عدم نفوذ تصرفات السفيه عدم استقلاله]

مسألة: 3 معنى عدم نفوذ تصرفات السفيه عدم استقلاله، فلو كان بإذن الولي أو اجازته صح و نفذ. نعم في مثل العتق و الوقف مما لا يجري فيه الفضولية يشكل صحته بالإجازة اللاحقة من الولي، و لو أوقع معاملة في حال سفهه ثم حصل له الرشد فأجازها كانت كإجازة الولي.

[مسألة: 4 لا يصح زواج السفيه بدون اذن الولي أو إجازته]

مسألة: 4 لا يصح زواج السفيه بدون اذن الولي أو إجازته، لكن يصح


1- فيحكم بكونه محجورا عليه في أمواله مع العلم بسفاهته، و كذا لا يتوقف زوال الحجر عنه بحكمه مع العلم بزوال سفاهته، و مع الشك في الحدوث أو الزوال يحكم ببقاء الحالة السابقة في الشبهة الموضوعية و يرجع الى المجتهد في الشبهة الحكمية لو فرض تحققها.

ص: 194

طلاقه و ظهاره و خلعه و يقبل إقراره إذا لم يتعلق بالمال كما لو أقر بالنسب (1) أو بما يوجب القصاص و نحو ذلك، و لو أقر بالسرقة يقبل في القطع دون المال.

[مسألة: 5 لو وكل السفيه أجنبي في بيع أو هبة أو إجارة مثلا جاز]

مسألة: 5 لو وكل السفيه أجنبي في بيع أو هبة أو إجارة مثلا جاز، و لو كان وكيلا في أصل المعاملة لا في مجرد إجراء الصيغة.

[مسألة: 6 إذا حلف السفيه أو نذر على فعل شي ء أو تركه مما لا يتعلق بماله انعقد حلفه و نذره]

مسألة: 6 إذا حلف السفيه أو نذر على فعل شي ء أو تركه مما لا يتعلق بماله انعقد حلفه و نذره، و لو حنث كفر كسائر ما أوجب الكفارة كقتل الخطأ و الإفطار في شهر رمضان، و هل يتعين عليه الصوم لو تمكن منه أو يتخير بينه و بين كفارة مالية كغيره؟ وجهان، أحوطهما الأول بل لا يخلو من قوة. نعم لو لم يتمكن من الصوم تعين غيره، كما إذا فعل ما يوجب الكفارة المالية على التعيين كما في كفارات الإحرام كلها أو جلها.

[مسألة: 7 لو كان للسفيه حق القصاص جاز أن يعفو عنه]

مسألة: 7 لو كان للسفيه حق القصاص جاز أن يعفو عنه، بخلاف الدية و أرش الجناية.

[مسألة: 8 إذا اطلع الولي على بيع أو شراء مثلا من السفيه و لم ير المصلحة في إجازته]

مسألة: 8 إذا اطلع الولي على بيع أو شراء مثلا من السفيه و لم ير المصلحة في إجازته، فان لم يقع الا بمجرد العقد ألغاه، و ان وقع تسليم و تسلم للعوضين فما سلمه الى الطرف الأخر يسترده و يحفظه و ما تسلمه و كان موجودا يرده الى مالكه و ان كان تالفا ضمنه السفيه، فعليه مثله أو قيمته لو قبضه بغير اذن من مالكه و ان كان بإذن منه و تسليمه لم يضمنه (2) و قد تلف من مال مالكه. نعم يقوى الضمان لو كان المالك الذي سلمه الثمن أو المبيع جاهلا بحاله، خصوصا إذا كان التلف بإتلاف منه، و كذا الحال فيما لو اقترض السفيه و أتلف المال.


1- و في لوازمه المالية كالنفقات فلا يترك مراعاة الاحتياط.
2- هذا على مبناه من عدم ضمان المأخوذ بالعقد الفاسد إذا سلم صاحب المال الى طرف المعاملة مع العلم بالفساد، و أما على ما اخترناه من الضمان فيه فلا فرق بين السفيه و غيره، و كذا لا فرق بين التلف و الإتلاف و بين جهل المالك بالحال و علمه.

ص: 195

[مسألة: 9 لو أودع إنسان وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الأقوى]

مسألة: 9 لو أودع إنسان وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الأقوى، سواء علم المودع بحاله أو جهل بها. نعم لو تلف عنده لم يضمنه حتى مع تفريطه في حفظها (1).

[مسألة: 10 لا يسلم الى السفيه ماله ما لم يحرز رشده]

مسألة: 10 لا يسلم الى السفيه ماله ما لم يحرز رشده، و إذا اشتبه حاله يختبر، بأن يفوض إليه مدة معتد بها بعض الأمور مما يناسب شأنه كالبيع و الشراء و الإجارة و الاستيجار لمن يناسبه مثل هذه الأمور و الرتق و الفتق في بعض الأمور مثل مباشرة الإنفاق في مصالحه أو مصالح الولي و نحو ذلك فيمن يناسبه ذلك. و في السفيهة يفوض إليها ما يناسب النساء من ادارة بعض مصالح البيت و المعاملة مع النساء من الإجارة و الاستيجار للخياطة أو الغزل و النساجة و أمثال ذلك، فإن أنس منه الرشد- بأن رأى منه المداقة و المكايسة و التحفظ عن المغابنة في معاملاته و صيانة المال من التضييع و صرفه في موضعه و جريه مجاري العقلاء- دفع اليه ماله و الا فلا.

[مسألة: 11 الصبي إذا احتمل حصول الرشد له قبل البلوغ يجب اختباره قبله ليسلم اليه ماله بمجرد بلوغه]

مسألة: 11 الصبي إذا احتمل حصول الرشد له قبل البلوغ يجب اختباره قبله ليسلم اليه ماله بمجرد بلوغه لو أنس منه الرشد، و الا ففي كل زمان احتمل فيه ذلك عند البلوغ أو بعده، و أما غيره فان ادعى حصول الرشد له و احتمله الولي يجب اختباره، و ان لم يدع حصوله ففي وجوب الاختبار بمجرد الاحتمال اشكال لا يبعد عدم الوجوب (2) بل لا يخلو من قوة.

[القول في المفلس]

اشارة

القول في المفلس:

و هو من حجر عليه عن ماله لقصوره عن ديونه.

[مسألة: 1 من كثرت عليه الديون و لو كانت أضعاف أمواله يجوز له التصرف]

مسألة: 1 من كثرت عليه الديون و لو كانت أضعاف أمواله يجوز له التصرف فيها بأنواعه و نفذ أمره فيها بأصنافه و لو بإخراجها جميعا عن ملكه مجانا أو بعوض ما


1- بل يضمن مع التفريط كغيره.
2- بل لا يترك الاحتياط بالاختبار مع الاحتمال.

ص: 196

لم يحجر عليه الحاكم الشرعي. نعم لو كان صلحه عنها أو هبتها مثلا لأجل الفرار من أداء الديون يشكل الصحة، خصوصا فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له باكتساب و نحوه.

[مسألة: 2 لا يجوز الحجر على المفلس الا بشروط أربعة]

مسألة: 2 لا يجوز الحجر على المفلس الا بشروط أربعة:

الأول: أن تكون ديونه ثابتة شرعا.

الثاني: أن تكون أمواله من عروض و نقود و منافع و ديون على الناس ما عدا مستثنيات الدين قاصرة عن ديونه.

الثالث: أن تكون الديون حالة، فلا يحجر عليه لأجل الديون المؤجلة و ان لم يف ماله بها لو حلت، و لو كان بعضها حالا و بعضها مؤجلا فإن قصر ماله عن الحالة يحجر عليه و الا فلا.

الرابع: ان يرجع الغرماء كلهم أو بعضهم (1) الى الحاكم و يلتمسوا منه الحجر عليه (2).

[مسألة: 3 بعد ما تمت الشرائط الأربعة و حجر عليه الحاكم و حكم بذلك تعلق حق الغرماء بأمواله]

مسألة: 3 بعد ما تمت الشرائط الأربعة و حجر عليه الحاكم و حكم بذلك تعلق حق الغرماء بأمواله، و لا يجوز له التصرف فيها بعوض كالبيع و الإجارة و بغير عوض كالوقف و الهبة إلا بإذنهم أو إجازتهم. و انما يمنع عن التصرفات الابتدائية، فلو اشترى شيئا سابقا بخيار ثم حجر عليه فالخيار باق و كان له فسخ البيع و اجازته. نعم لو كان له حق مالي سابقا على الغير ليس له إسقاطه و إبراؤه كلا أو بعضا.

[مسألة: 4 إنما يمنع عن التصرف في أمواله الموجودة في زمان الحجر عليه]

مسألة: 4 إنما يمنع عن التصرف في أمواله الموجودة في زمان الحجر عليه، و أما الأموال المتجددة الحاصلة له بغير اختياره كالإرث أو باختياره بمثل الاحتطاب و الاصطياد و قبول الوصية و الهبة و نحو ذلك ففي شمول الحجر لها اشكال (3). نعم


1- بشرط أن يكون دين ذلك البعض أكثر من ماله و ان عم الحجر حينئذ له و لغيره.
2- فلا يحجر عليه مع عدم التماس أحدهم الا أن يكون الدين لمن كان الحاكم وليه من يتيم أو مجنون أو نحوهما.
3- و الأقوى عدم الشمول.

ص: 197

لا إشكال في جواز تجديد الحجر عليها.

[مسألة: 5 لو أقر بعد الحجر بدين سابق صح و شارك]

مسألة: 5 لو أقر بعد الحجر بدين سابق صح و شارك المقر له مع الغرماء، و كذا لو أقر بدين لاحق و أسنده إلى سبب لا يحتاج الى رضاء الطرفين مثل الإتلاف و الجناية و نحوهما، و أما لو أسنده إلى سبب يحتاج الى ذلك كالاقتراض و الشراء بما في الذمة و نحو ذلك نفذ الإقرار في حقه لكن لا يشارك المقر له مع الغرماء.

[مسألة: 6 لو أقر بعين من الأعيان التي تحت يده لشخص لا إشكال في نفوذ إقراره في حقه]

مسألة: 6 لو أقر بعين من الأعيان التي تحت يده لشخص لا إشكال في نفوذ إقراره في حقه، فلو سقط حق الغرماء و انفك الحجر لزمه تسليمها الى المقر له أخذا بإقراره، و أما نفوذه في حق الغرماء بحيث تدفع الى المقر له في الحال ففيه إشكال الأقوى العدم.

[مسألة: 7 بعد ما حكم الحاكم بحجر المفلس و منعه عن التصرف في أمواله يشرع في بيعها و قسمتها بين الغرماء]

مسألة: 7 بعد ما حكم الحاكم بحجر المفلس و منعه عن التصرف في أمواله يشرع في بيعها و قسمتها بين الغرماء بالحصص و على نسبة ديونهم مستثنيا منها مستثنيات الدين و قد مرت في كتاب الدين، و كذا أمواله المرهونة عند الديان لو كان، فان المرتهن (1) أحق باستيفاء حقه من الرهن الذي عنده و لا يحاصه فيه سائر الغرماء، و قد مر في كتاب الرهن.

[مسألة: 8 ان كان من جملة مال المفلس عين اشتراها و كان ثمنها في ذمته كان البائع بالخيار]

مسألة: 8 ان كان من جملة مال المفلس عين اشتراها و كان ثمنها في ذمته كان البائع بالخيار بين أن يفسخ البيع و يأخذ عين ماله و بين الضرب مع الغرماء بالثمن و لو لم يكن له مال سواها.

[مسألة: 9 قيل هذا الخيار على الفور]

مسألة: 9 قيل هذا الخيار على الفور، فان لم يبادر بالرجوع في العين تعين له الضرب مع الغرماء، و هو أحوط، لكن الظاهر العدم. نعم ليس له الإفراط في تأخير الاختيار بحيث يعطل أمر التقسيم على الغرماء، فإذا وقع منه ذلك خيره الحاكم بين الأمرين، فإن امتنع عن اختيار أحدهما ضربه مع الغرماء بالثمن.

[مسألة: 10 يعتبر في جواز رجوع البائع بالعين حلول الدين]

مسألة: 10 يعتبر في جواز رجوع البائع بالعين حلول الدين، فلا رجوع


1- و يوزع الفاضل من دينه بين الغرماء كما مر منه.

ص: 198

لو كان مؤجلا (1).

[مسألة: 11 لو كانت العين من مستثنيات الدين ليس للبائع ان يرجع إليها على الأظهر]

مسألة: 11 لو كانت العين من مستثنيات الدين ليس للبائع ان يرجع إليها على الأظهر.

[مسألة: 12 المقرض كالبائع في أن له الرجوع في العين المقترضة لو وجدها عند المقترض]

مسألة: 12 المقرض كالبائع في أن له الرجوع في العين المقترضة لو وجدها عند المقترض، بل و كذا المؤجر، فإن له فسخ الإجارة إذا حجر على المستأجر قبل استيفاء المنفعة.

[مسألة: 13 لو وجد البائع أو المقرض بعض العين المبيعة أو المقترضة كان لهما الرجوع الى الموجود]

مسألة: 13 لو وجد البائع أو المقرض بعض العين المبيعة أو المقترضة كان لهما الرجوع الى الموجود بحصته من الدين و الضرب بالباقي مع الغرماء، كما أن لهما الضرب بتمام الدين معهم، و كذا إذا استوفى المستأجر بعض المنفعة كان للموجر فسخ الإجارة بالنسبة الى ما بقي من المدة بحصتها من الأجرة و الضرب مع الغرماء بما قابلت المنفعة الماضية، كما أن له الضرب معهم بتمام الأجرة.

[مسألة: 14 لو زادت في العين المبيعة أو المقترضة زيادة متصلة السمن تتبع الأصل]

مسألة: 14 لو زادت في العين المبيعة أو المقترضة زيادة متصلة السمن (2) تتبع الأصل، فيرجع البائع أو المقترض الى العين كما هي، و أما الزيادة المنفصلة كالحمل و الولد و اللبن و الثمر على الشجر فهي للمشتري و المقترض و ليس للبائع و المقرض الرجوع الى الأصل.

[مسألة: 15 لو تعيبت العين عند المشتري مثلا، فان كان بآفة سماوية أو بفعل المشتري فللبائع أن يأخذها كما هي]

مسألة: 15 لو تعيبت العين عند المشتري مثلا، فان كان بآفة سماوية أو بفعل المشتري فللبائع أن يأخذها كما هي بدل الثمن و ان يضرب بالثمن مع الغرماء، و كذا لو كان بفعل البائع (3)، و أما ان كان بفعل الأجنبي فالبائع بالخيار بين أن يضرب مع الغرماء بتمام الثمن و بين أن يأخذ العين معيبا، و حينئذ فيحتمل أن يضارب الغرماء


1- و لم يحل عليه قبل قسمة الكل أو البعض، و الا فالأقرب الرجوع بها، كما أن الأقرب مشاركة الدين المؤجل الحال قبل القسمة لسائر الديون.
2- إذا كانت يسيرة بحيث يصدق عليها أنها عين ماله، و أما إذا كانت خطيرة بحيث يصدق عليها ماله مع الزيادة فالأحوط التصالح في الزيادة مع الغرماء.
3- الظاهر أن البائع كالأجنبي في جناياته.

ص: 199

في جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة الأرش إلى قيمة العين، و يحتمل أن يضاربهم في تمام الأرش، فإذا كان الثمن عشرة و قيمة العين عشرين و أرش النقصان أربعة خمس القيمة، فعلى الأول يضاربهم في اثنين و على الثاني في أربعة، و لو فرض العكس- بأن كان الثمن عشرين و القيمة عشرة و كان الأرش اثنين خمس العشرة يكون الأمر بالعكس يضاربهم في أربعة على الأول و في اثنين على الثاني، و المسألة محل إشكال، فالأحوط للبائع أن يقتصر على أقل الأمرين (1) و هو الاثنان في الصورتين.

[مسألة: 16 لو اشترى أرضا فأحدث فيها بناء أو غرسا ثم فلس كان للبائع الرجوع الى أرضه]

مسألة: 16 لو اشترى أرضا فأحدث فيها بناء أو غرسا ثم فلس كان للبائع الرجوع الى أرضه، لكن البناء و الغرس للمشتري و ليس له حق البقاء و لو بالأجرة، فإن تراضيا على البقاء مجانا أو بالأجرة و الا فللبائع إلزامه بالقلع لكن مع دفع الأرش، كما ان للمشتري القلع لكن مع طم الحفر، و الأحوط للبائع (2) عدم إلزامه بالقلع و الرضا ببقائه و لو بالأجرة إذا أراده المشتري.

[مسألة: 17 لو خلط المشتري مثلا ما اشتراه بماله]

مسألة: 17 لو خلط المشتري مثلا ما اشتراه بماله، فان كان بغير جنسه ليس للبائع الرجوع في ماله و بطل حقه من العين (3)، و ان كان بجنسه كان له ذلك سواء خلط بالمساوي أو الأردإ أو الأجود، و بعد الرجوع يشارك المفلس بنسبة مالهما في المقدار لكن فيما إذا اختلط بالمساوي اقتسماه عينا بنسبة مالهما. و أما في غيره فيباع المجموع و يخص كل منهما من الثمن بنسبة قيمة ماله، فإذا خلط منّ من زيت يسوى درهما بمن من زيت يسوى درهمين يقسم الثمن بينهما أثلاثا (4)، و إذا أراد أحدهما البيع


1- كما ان الأحوط للغرماء أيضا ان يقتصروا على أقل الأمرين مما يجوز لهم المشاركة فيه، و هو غير الأربعة في الصورتين، فينحصر التخلص عن المحذور بالتصالح و التراضي.
2- كما ان الأحوط للمشتري أيضا القلع مع إبرام البائع و لو مع الأرش، فالأحوط و الأوفق لتخلص الطرفين إتمام العمل بالتصالح و التراضي.
3- إذا كان الخلط بحيث لم يصدق معه بقاء العين، كما إذا خلط الجلاب باللبن أو الخل بالانجبين. و اما إذا صدق عليه بقاء العين و لو معيوبا فيعامل معه معاملة المعيوب، مثل ما إذا خلط الماء باللبن بمقدار لا يسلب عنه اسم اللبن و ان صار معيوبا.
4- فيما إذا لا يتفاوت قيمتها بالخلط بحيث يساوي في المثال قيمة المنين ثلاث دراهم،و أما إذا نقصت قيمة المخلوط من غير المخلوط مثل ان يساوي المنان المخلوطان درهمين بحيث كان الخلط موجبا لنقص قيمة الأجود دون الأردإ فلا وجه لتقسيم الثمن أثلاثا بل يقسم الثمن بينهما بالسوية لأن الخلط بالأجود لا يوجب نقصان قيمة الأردإ غالبا.

ص: 200

ليس للآخر الامتناع. نعم لصاحب الأجود مطالبة القسمة العينية بنسبة مقدار المالين، فإنه قد رضي بدون حقه و ليس للآخر الامتناع و مطالبة البيع و تقسيم الثمن بنسبة القيمة. هذا و لكن في أصل المسألة- و هو كون البائع أحق بماله في صورة الامتزاج- عندي تأمل و إشكال، فالأحوط عدم الرجوع الا مع رضى الغرماء.

[مسألة: 18 لو اشترى غزلا فنسجه أو دقيقا فخبزه أو ثوبا فقصره أو صبغه لم يبطل حق البائع من العين]

مسألة: 18 لو اشترى غزلا فنسجه أو دقيقا فخبزه أو ثوبا فقصره أو صبغه لم يبطل حق البائع من العين على اشكال في الأولين.

[مسألة: 19 غريم الميت كغريم المفلس]

مسألة: 19 غريم الميت كغريم المفلس، فإذا وجد عين ماله في تركته كان له الرجوع اليه، لكن بشرط أن يكون ما تركه وافيا بدين الغرماء، و الا فليس له ذلك بل هو كسائر الغرماء يضرب بدينه معهم و ان كان الميت قد مات محجورا عليه.

[مسألة: 20 يجرى على المفلس الى يوم قسمة ماله نفقته و كسوته]

مسألة: 20 يجرى على المفلس الى يوم قسمة ماله نفقته و كسوته و نفقة من يجب عليه نفقته و كسوته على ما جرت عليه عادته، و لو مات قدم كفنه بل و سائر مؤن تجهيزه من السدر و الكافور و ماء الغسل و نحو ذلك على حقوق الغرماء و يقتصر على الواجب على الأحوط، و ان كان القول باعتبار المتعارف بالنسبة إلى أمثاله لا يخلو من قوة.

[مسألة: 21 لو قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه ثم ظهر غريم آخر لم ينتقض القسمة]

مسألة: 21 لو قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه ثم ظهر غريم آخر لم ينتقض القسمة (1) على الأقوى، بل يشارك مع كل منهم على الحساب، فإذا كان مجموع ماله ستين و كان له غريمان يطلب أحدهما ستين و الأخر ثلاثين فأخذ الأول أربعين و الثاني عشرين ثم ظهر ثالث يطلب منه عشرة يأخذ من الأول أربعة و من الثاني اثنين، فيصير حصة الأول ستة و ثلاثين و الثاني ثمانية عشر و الثالث ستة يأخذ كل منهم ثلاثة أخماس طلبه- و هكذا.


1- بل يحكم ببطلانها من رأس بعد انكشاف كونها بين بعض الشركاء.

ص: 201

[القول في المرض]

اشارة

القول في المرض:

المريض إذا لم يتصل مرضه بموته فهو كالصحيح يتصرف في ماله بما شاء و كيف شاء و ينفذ جميع تصرفاته في جميع ما يملكه الا فيما أوصى بأن يصرف شي ء بعد موته فإنه لا ينفذ فيما زاد على ثلث ما يتركه، كما أن الصحيح أيضا كذلك و يأتي تفصيل ذلك في محله. و اما إذا اتصل مرضه بموته لا إشكال في عدم نفوذ وصيته بما زاد على الثلث كغيره، كما انه لا إشكال في نفوذ عقوده المعاوضية المتعلقة بماله كالبيع بثمن المثل و الإجارة بأجرة المثل و نحو ذلك، و كذا أيضا لا إشكال في جواز انتفاعه بماله بالأكل و الشرب و الإنفاق على نفسه و من يعوله و الصرف على أضيافه و في مورد يحفظ شأنه و اعتباره و غير ذلك. و بالجملة كل صرف يكون فيه غرض عقلائي مما لا يعد سرفا و تبذيرا أي مقدار كان، و انما الاشكال و الخلاف في مثل الهبة و العتق و الوقف و الصدقة و الإبراء و الصلح بغير عوض و نحو ذلك من التصرفات التبرعية في ماله مما لا يقابل بالعوض و يكون فيه إضرار بالورثة، و هي المعبر عنها بالمنجزات و انها هل هي نافذة من الأصل- بمعنى نفوذها و صحتها مطلقا و ان زادت على ثلث ماله بل و ان تعلقت بجميع ماله بحيث لم يبق شي ء للورثة- أو هي نافذة بمقدار الثلث، فان زادت يتوقف صحتها و نفوذها في الزائد على إمضاء الورثة، و الأقوى هو الأول.

[مسألة: 1 لا اشكال و لا خلاف في أن الواجبات المالية التي يؤديها المريض في مرض موته]

مسألة: 1 لا اشكال و لا خلاف في أن الواجبات المالية التي يؤديها المريض في مرض موته كالخمس و الزكاة و الكفارات تخرج من الأصل.

[مسألة: 2 البيع و الإجارة المحاباتيان كالهبة بالنسبة إلى ما حاباه]

مسألة: 2 البيع و الإجارة المحاباتيان كالهبة بالنسبة إلى ما حاباه، فيدخلان في المنجزات التي هي محل الاشكال و الخلاف، فإذا باع شيئا يسوى مائة بخمسين فقد أعطى المشتري خمسين كما إذا وهبه.

[مسألة: 3 و ان كانت الصدقة من المنجزات كما أشرنا إليه]

مسألة: 3 و ان كانت الصدقة من المنجزات كما أشرنا إليه لكن الظاهر أنه ليس منها ما يتصدق المريض لأجل شفائه و عافيته، بل هي ملحقة بالمعاوضات (1) فكأن


1- و حيث ان المختار في المنجزات نفوذه في الأصل فالأمر سهل فيه و في نظائره.

ص: 202

المريض يشتري به حياته و سلامته.

[مسألة: 4 لو قلنا بكون المنجزات تنفذ من الثلث يشكل القول به في المرض الذي يطول سنة أو سنتين أو أزيد]

مسألة: 4 لو قلنا بكون المنجزات تنفذ من الثلث يشكل القول به في المرض الذي يطول سنة أو سنتين أو أزيد إلا فيما إذا وقع التصرف في أواخره القريب من الموت، بل ينبغي أن يقتصر على المرض المخوف الذي يكون معرضا للخطر و الهلاك، فمثل حمى يوم خفيف اتفق الموت به على خلاف مجاري العادة يمكن القول بخروجه، كما انه ينبغي الاقتصار على ما إذا كان الموت بسبب ذلك المرض الذي وقع التصرف فيه، فإذا مات فيه لكن بسبب آخر من قتل أو افتراس سبع أو لذع حية و نحو ذلك يكون خارجا.

[مسألة: 5 لا يبعد ان يلحق بالمرض حال كونه معرض الخطر و الهلاك]

مسألة: 5 لا يبعد (1) ان يلحق بالمرض حال كونه معرض الخطر و الهلاك، كأن يكون في حال المراماة في الحرب أو في حال اشراف السفينة على الغرق أو كانت المرأة في حال الطلق.

[مسألة: 6 لو أقر بدين أو عين من ماله في مرض موته لوارث أو أجنبي]

مسألة: 6 لو أقر بدين أو عين من ماله في مرض موته لوارث أو أجنبي، فإن كان مأمونا غير متهم نفذ إقراره في جميع ما أقر به و ان كان زائدا على ثلث ماله بل و ان استوعبه، و الا فلا ينفذ فيما زاد على ثلثه. و المراد بكونه متهما وجود أمارات يظن معها بكذبه، كأن يكون بينه و بين الورثة معاداة يظن معها بأنه يريد بذلك اضرارهم، أو كان له محبة شديدة مع المقر له يظن معها بأنه يريد بذلك نفعه.

[مسألة: 7 إذا لم يعلم حال المقر و أنه كان متهما أو مأمونا ففي الحكم بنفوذ إقراره في الزائد على الثلث و عدمه إشكال]

مسألة: 7 إذا لم يعلم حال المقر و أنه كان متهما أو مأمونا ففي الحكم بنفوذ إقراره في الزائد على الثلث و عدمه إشكال، فالأحوط التصالح بين الورثة و المقر له.

[مسألة: 8 انما يحسب الثلث في مسألتي المنجزات و الإقرار بالنسبة إلى مجموع ما يتركه في زمان موته من الأموال]

مسألة: 8 انما يحسب الثلث في مسألتي المنجزات و الإقرار بالنسبة إلى مجموع ما يتركه في زمان موته من الأموال عينا أو دينا أو منفعة أو حقا ماليا يبذل بإزائه المال كحق التحجير، و هل تحسب الدية من التركة و تضم إليها و يحسب الثلث بالنسبة إلى المجموع أم لا؟ وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان.


1- بل بعيد.

ص: 203

[مسألة: 9 ما ذكرنا من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصية و في المنجزات على القول به]

مسألة: 9 ما ذكرنا من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصية و في المنجزات على القول به انما هو إذا لم يجز الورثة و الا نفذتا بلا اشكال، و لو أجاز بعضهم نفذ بمقدار حصته، و لو أجازوا بعضا من الزائد عن الثلث نفذ بقدره.

[مسألة: 10 لا إشكال في صحة إجازة الوارث بعد موت المورث]

مسألة: 10 لا إشكال في صحة إجازة الوارث بعد موت المورث، و هل تصح منه في حال حياته بحيث تلزم عليه و لا يجوز له الرد بعد ذلك أم لا؟ قولان أقواهما الأول، خصوصا في الوصية، و إذا رد في حال الحياة يمكن أن يلحقه الإجازة بعد ذلك على الأقوى.

ص: 204

[كتاب الضمان]

اشارة

كتاب الضمان و هو التعهد بمال ثابت في ذمة شخص لآخر. و حيث انه عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب صادر من الضامن و قبول من المضمون له، و يكفي في الأول كل لفظ دال بالمتفاهم العرفي على التعهد المزبور و لو بضميمة القرائن، مثل أن يقول «ضمنت لك» أو «تعهدت لك الدين الذي لك على فلان» و نحو ذلك، و في الثاني كل ما دل على الرضا بذلك، و لا يعتبر فيه رضاء المضمون عنه.

[مسألة: 1 يشترط في كل من الضامن و المضمون له أن يكون بالغا عاقلا رشيدا]

مسألة: 1 يشترط في كل من الضامن و المضمون له أن يكون بالغا عاقلا رشيدا (1) مختارا، و لا يشترط ذلك كله في المضمون عنه، فلا يصح ضمان الصبي و لا الضمان له و لكن يصح الضمان عنه و هكذا.

[مسألة: 2 يشترط في صحة الضمان أمور]

مسألة: 2 يشترط في صحة الضمان أمور:

منها: التنجيز، فلو علق على أمر كأن يقول انا ضامن لما على فلان ان اذن لي أبي أو انا ضامن ان لم يف المديون الى زمان كذا أو ان لم يف أصلا بطل.

و منها: كون الدين الذي يضمنه ثابتا في ذمة المضمون عنه، سواء كان مستقرا كالقرض و الثمن أو المثمن في البيع الذي لا خيار فيه أو متزلزلا كأحد العوضين في البيع الخياري أو كالمهر قبل الدخول و نحو ذلك، فلو قال أقرض فلانا أو بعه نسيئة و أنا ضامن لم يصح.

و منها: تميز الدين و المضمون له و المضمون عنه، بمعنى عدم الإبهام و الترديد،


1- و ان لا يكون المضمون له محجورا لفلس.

ص: 205

فلا يصح ضمان أحد الدينين و لو لشخص معين على شخص معين، و لا ضمان دين أحد الشخصين و لو لواحد معين، و لا ضمان دين أحد الشخصين و لو على واحد معين.

نعم لو كان الدين معينا في الواقع و لم يعلم جنسه أو مقداره أو كان المضمون له أو المضمون عنه متعينا في الواقع و لم يعلم شخصه صح على الأقوى، خصوصا في الأخيرين. فلو قال ضمنت ما لفلان على فلان و لم يعلم انه درهم أو دينار أو انه دينار أو ديناران صح على الأصح، و كذا لو قال ضمنت الدين الذي على فلان لمن يطلبه من هؤلاء العشرة و يعلم بأن واحدا منهم يطلبه و لم يعلم شخصه ثم قبل بعد ذلك الواحد المعين الذي يطلبه، أو قال ضمنت ما كان لفلان على المديون من هؤلاء و لم يعلم شخصه صح الضمان على الأقوى.

[مسألة: 3 إذا تحقق الضمان الجامع للشرائط انتقل الحق من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن و برئت ذمته]

مسألة: 3 إذا تحقق الضمان الجامع للشرائط انتقل الحق من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن و برئت ذمته، فإذا أبرأ المضمون له- و هو صاحب الدين- ذمة الضامن برئت الذمتان الضامن و المضمون عنه، و إذا أبرأ ذمة المضمون عنه كان لغوا لانه لم يشتغل ذمته بشي ء حتى يبرئه.

[مسألة: 4 الضمان لازم من طرف الضامن فليس له فسخه بعد وقوعه مطلقا]

مسألة: 4 الضمان لازم من طرف الضامن فليس له فسخه بعد وقوعه مطلقا، و كذا من طرف المضمون له الا إذا كان الضامن معسرا و كان المضمون له جاهلا بإعساره، فإنه يجوز له فسخ الضمان و الرجوع بحقه على المضمون عنه. و المدار على الإعسار حال الضمان، فلو كان موسرا في تلك الحال ثم أعسر لم يكن له الخيار، كما انه لو كان معسرا ثم أيسر لم يزل الخيار.

[مسألة: 5 يجوز اشتراط الخيار لكل من الضامن و المضمون له على الأقوى]

مسألة: 5 يجوز اشتراط الخيار لكل من الضامن و المضمون له على الأقوى (1).

[مسألة: 6 يجوز ضمان الدين الحال حالا و مؤجلا]

مسألة: 6 يجوز ضمان الدين الحال حالا و مؤجلا، و كذا ضمان الدين المؤجل مؤجلا و حالا، و كذا يجوز ضمان الدين المؤجل مؤجلا بأزيد من أجله


1- لكن حيث أن الفسخ بالخيار مستلزم لاشتغال ذمة المضمون عنه بعد الحلول و ذلك بدون رضاه على خلاف القاعدة فالأحوط ان لم يكن أقوى عدم الفسخ الا برضاه.

ص: 206

و بأنقص منه.

[مسألة: 7 إذا ضمن من دون اذن المضمون عنه ليس له الرجوع عليه]

مسألة: 7 إذا ضمن من دون اذن المضمون عنه ليس له الرجوع عليه، و ان كان باذنه فله الرجوع عليه لكن بعد أداء الدين لا بمجرد الضمان، و انما يرجع عليه بمقدار ما أداه، فلو صالح المضمون له مع الضامن الدين بنصفه أو ثلثه أو أبرأ ذمته عن بعضه لم يرجع عليه بالمقدار الذي سقط عن ذمته بالمصالحة أو الإبراء.

[مسألة: 8 إذا كان الضمان بإذن المضمون عنه فإنما يرجع عليه بالأداء فيما إذا حل أجل الدين]

مسألة: 8 إذا كان الضمان بإذن المضمون عنه فإنما يرجع عليه بالأداء فيما إذا حل أجل الدين الذي كان على المضمون عنه، و الا فليس له الرجوع عليه (1) الا بعد حلول أجله، فلو ضمن الدين المؤجل حالا أو الدين المؤجل بأقل من أجله فأداه ليس له الرجوع عليه الا بعد حلول أجل الدين، و أما لو كان بالعكس- بأن ضمن الدين الحال مؤجلا أو المؤجل بأكثر من أجله فأداه و لو برضى المضمون له قبل حلول أجله- جاز له الرجوع اليه بمجرد الأداء، و كذا لو مات قبل انقضاء الأجل فحل الدين و أداه الورثة من تركته كان لهم الرجوع على المضمون عنه (2).

[مسألة: 9 لو ضمن بالاذن الدين المؤجل مؤجلا فمات قبل انقضاء الأجلين و حل ما عليه فأخذ من تركته]

مسألة: 9 لو ضمن بالاذن الدين المؤجل مؤجلا فمات قبل انقضاء الأجلين و حل ما عليه فأخذ من تركته ليس لورثته الرجوع الى المضمون عنه الا بعد حلول أجل الدين الذي كان عليه، و لا يحل الدين بالنسبة إلى المضمون عنه بموت الضامن و انما يحل بالنسبة إليه.

[مسألة: 10 لو دفع المضمون عنه الدين الى المضمون له من دون اذن الضامن برئت ذمته]

مسألة: 10 لو دفع المضمون عنه الدين الى المضمون له من دون اذن الضامن برئت ذمته و ليس له الرجوع عليه.

[مسألة: 11 يجوز الترامي في الضمان]

مسألة: 11 يجوز الترامي في الضمان، بأن يضمن مثلا عمرو عن زيد ثم يضمن بكر عن عمرو ثم يضمن خالد عن بكر و هكذا، فتبرأ ذمة الجميع و استقر الدين على الضامن الأخير: فإن كانت جميع الضمانات بغير اذن من المضمون عنه لم يرجع


1- إلا إذا كان بإذن منه بضمانه حالا أو بأقل من اجله، فإنه يرجع عليه بمجرد الأداء.
2- في الفرع الثاني دون الأول.

ص: 207

واحد منهم على سابقه لو أدى الدين الضامن الأخير، و ان كانت جميعها بالاذن يرجع الضامن الأخير على سابقه و هو على سابقه الى أن ينتهي إلى المديون الأصلي، و ان كان بعضها بالاذن و بعضها بدونه، فان كان الأخير بدون الاذن كان كالأول لم يرجع واحد منهم على سابقه، و ان كان بالاذن رجع هو على سابقه و هو على سابقه لو ضمن باذنه و الا لم يرجع و انقطع الرجوع عليه. و بالجملة كل ضامن أدى شيئا و كان ضمانه بإذن من ضمن عنه يرجع عليه بما أداه.

[مسألة: 12 لا إشكال في جواز ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك]

مسألة: 12 لا إشكال في جواز ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك، بأن يكون على كل منهما بعض الدين، فتشتغل ذمة كل منهما بمقدار منه على حسب ما عيناه و لو بالتفاوت، و لو أطلقا يقسط عليهما بالتساوي فبالنصف لو كانا اثنين و بالثلث لو كانوا ثلاثة و هكذا، و لكل منهما أداء ما عليه و تبرأ ذمته و لا يتوقف على أداء الأخر ما عليه، و للمضمون له مطالبة كل منهما بحصته و مطالبة أحدهما أو إبراؤه دون الأخر. و لو كان ضمان أحدهما بالإذن دون الأخر رجع هو الى المضمون عنه بما أداه دون الأخر.

و الظاهر أنه لا فرق في جميع ما ذكر بين أن يكون ضمانهما بعقدين- بأن ضمن أحدهما عن نصف الدين ثم ضمن الأخر عن نصفه الأخر- أو بعقد واحد كما إذا ضمن عنهما وكيلهما في ذلك فقبل المضمون له. هذا كله في ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك، و أما ضمانهما عنه بالاستقلال- بأن كان كل منهما ضامنا لتمام الدين- فهو و ان لم يخل عن اشكال (1) لكن لا يبعد جوازه، و حينئذ فللمضمون له مطالبة من شاء منهما بكل الدين، كما ان له مطالبة أحدهما ببعضه و بالباقي من الأخر. و لو أبرأ أحدهما انحصر المديون بالآخر، و لو كان ضمان أحدهما بالإذن رجع المأذون إلى المضمون عنه دون غيره.

[مسألة: 13 ضمان اثنين عن واحد بالاستقلال لا يمكن إلا بإيقاع الضمانين دفعة]

مسألة: 13 ضمان اثنين عن واحد بالاستقلال (2) لا يمكن إلا بإيقاع الضمانين دفعة، كما إذا ضمن عنهما كذلك وكيلهما بإيجاب واحد ثم قبل المضمون له ذلك أو


1- الأقوى بطلانه فتسقط التفريعات.
2- قد مر أن الأقوى بطلانه.

ص: 208

بتعاقب الإيجابين منهما ثم قبول واحد من المضمون له متعلق بكليهما، بأن قال أحدهما مثلا ضمنت لك مالك على فلان ثم قال الأخر مثل ذلك فقال المضمون له قبلت قاصدا قبول كلا الضمانين. و أما لو تم عقد الضمان على تمام الدين فلا يمكن أن يتعقبه ضمان آخر، إذ بمجرد وقوع الضمان الأول برئت ذمة المضمون عنه، فلا يبقى محل لضمان آخر.

[مسألة: 14 يجوز الضمان بغير جنس الدين]

مسألة: 14 يجوز الضمان بغير جنس الدين (1)، لكن إذا كان الضمان بإذن المضمون عنه ليس له الرجوع عليه الا بجنس الدين.

[مسألة: 15 كما يجوز الضمان عن الأعيان الثابتة في الذمم يجوز الضمان عن المنافع و الأعمال المستقرة في الذمم]

مسألة: 15 كما يجوز الضمان عن الأعيان الثابتة في الذمم يجوز الضمان عن المنافع و الأعمال المستقرة في الذمم، فكما أنه يجوز أن يضمن عن المستأجر ما عليه من الأجرة كذلك يجوز أن يضمن عن الأجير ما عليه من العمل. نعم لو كان ما عليه يعتبر فيه مباشرته- كما إذا كان عليه خياطة ثوب مباشرة- لم يصح ضمانه.

[مسألة: 16 لو ادعى شخص على شخص دينا فقال ثالث للمدعى علي ما عليه فرضي به المدعى]

مسألة: 16 لو ادعى شخص على شخص دينا فقال ثالث للمدعى علي ما عليه فرضي به المدعى صح الضمان، بمعنى ثبوت الدين في ذمته على تقدير ثبوته، فيسقط الدعوى عن المضمون عنه و يصير الضامن طرف الدعوى، فإذا أقام المدعى البينة على ثبوته يجب على الضامن أداؤه، و كذا لو ثبت إقرار المضمون عنه قبل الضمان بالدين. و أما إقراره بعد الضمان فلا يثبت به شي ء (2) لا على المقر لبراءة ذمته بالضمان حسب الفرض و لا على الضامن لكونه إقرارا على الغير.

[مسألة: 17 الأقوى عدم جواز ضمان الأعيان المضمونة كالغصب و المقبوض بالعقد الفاسد لمالكها]

مسألة: 17 الأقوى عدم جواز ضمان الأعيان المضمونة كالغصب و المقبوض بالعقد الفاسد لمالكها عمن كانت هي في يده.

[مسألة: 18 لا إشكال في جواز ضمان عهدة الثمن للمشتري عن البائع]

مسألة: 18 لا إشكال في جواز ضمان عهدة الثمن للمشتري عن البائع لو ظهر المبيع مستحقا للغير أو ظهر بطلان البيع لفقد شرط من شروط صحته إذا كان


1- بمعنى اشتراط الأداء من غير الجنس و الا فمشكل.
2- هذا إذا كان الضمان بغير اذن المضمون عنه، و أما معه فالإقرار بالدين بعد الضمان إقرار على نفسه و مأخوذ به فيرجع الضامن بعد الأداء إليه.

ص: 209

ذلك بعد قبض البائع الثمن، و أما ضمان درك ما يحدثه المشتري من بناء أو غرس في الأرض المشتراة إذا ظهرت مستحقة للغير و قلعه المالك المشتري عن البائع ففيه إشكال (1).

[مسألة: 19 إذا كان على الدين الذي على المضمون عنه رهن ينفك بالضمان على اشكال]

مسألة: 19 إذا كان على الدين الذي على المضمون عنه رهن ينفك بالضمان على اشكال (2). نعم لو شرط الضامن مع المضمون له انفكاكه انفك بلا إشكال.

[مسألة: 20 لو كان على أحد دين فالتمس من غيره أداءه فأداه بلا ضمان عنه للدائن]

مسألة: 20 لو كان على أحد دين فالتمس من غيره أداءه فأداه بلا ضمان عنه للدائن جاز له الرجوع على الملتمس.


1- و الأقوى عدم جوازه.
2- بل لا ينفك بلا اشكال.

ص: 210

[كتاب الحوالة و الكفالة]

اشارة

كتاب الحوالة و الكفالة أما الحوالة فحقيقتها تحويل المديون ما في ذمته إلى ذمة غيره، و هي متقومة بأشخاص ثلاثة: المحيل و هو المديون، و المحتال و هو الدائن، و المحال عليه.

و يعتبر في الثلاثة البلوغ و العقل و الرشد و الاختيار (1). و حيث انها عقد من العقود تحتاج إلى إيجاب من المحيل و قبول من المحتال، و أما المحال عليه فليس طرفا للعقد و ان قلنا باعتبار قبوله (2). و يعتبر في عقدها ما يعتبر في سائر العقود، و منها التنجيز، فلو علقها على شي ء بطل. و يكفي في الإيجاب كل لفظ يدل على التحويل المزبور مثل «أحلتك بما في ذمتي من الدين على فلان» و ما يفيد معناه، و في القبول ما يدل على الرضا نحو «قبلت» و «رضيت» و نحوهما.

[مسائل في الحوالة]

[مسألة: 1 يشترط في صحة الحوالة مضافا الى ما اعتبر في المحيل و المحتال و المحال عليه]

مسألة: 1 يشترط في صحة الحوالة مضافا الى ما اعتبر في المحيل و المحتال و المحال عليه و ما اعتبر في العقد أمور:

منها: ان يكون المحال به ثابتا في ذمة المحيل، فلا تصح في غير الثابت في ذمته و ان وجد سببه كمال الجعالة قبل العمل فضلا عما لم يوجد سببه كالحوالة بما سيستقرضه فيما بعد.

و منها: تعيين المال المحال به، بمعنى عدم الإبهام و الترديد، و أما معلومية مقداره أو جنسه عند المحيل أو المحتال فالظاهر عدم اعتبارها، فلو كان مجهولا عندهما


1- و عدم الحجر لفلس في المحتال و كذا في المحيل إلا في الحوالة على البري ء.
2- بل لا مانع من أن يكون عقدها مركبا من إيجاب و قبولين.

ص: 211

لكن كان معلوما و معينا في الواقع لا بأس به، خصوصا مع فرض إمكان ارتفاع الجهالة بعد ذلك، كما إذا كان عليه دين لأحد قد أثبته في دفتره و لم يعلما مقداره فحوله على شخص آخر قبل مراجعتهما الى الدفتر.

و منها: رضى المحال عليه و قبوله، و ان اشتغلت ذمته للمحيل بمثل ما أحال عليه على الأقوى.

[مسألة: 2 لا يعتبر في صحة الحوالة اشتغال ذمة المحال عليه بالدين للمحيل]

مسألة: 2 لا يعتبر في صحة الحوالة اشتغال ذمة المحال عليه بالدين للمحيل، فتصح الحوالة على البري ء على الأقوى.

[مسألة: 3 لا فرق في المحال به بين كونه عينا ثابتا في ذمة المحيل و بين كونه منفعة أو عملا]

مسألة: 3 لا فرق في المحال به بين كونه عينا ثابتا في ذمة المحيل و بين كونه منفعة أو عملا لا يعتبر فيه المباشرة، فتصح احالة مشغول الذمة بخياطة ثوب أو زيارة أو صلاة أو حج أو قراءة قرآن و نحو ذلك على بري ء أو على من اشتغلت ذمته له بمثل ذلك، و كذا لا فرق بين كونه مثليا كالحنطة و الشعير أو قيميا كالعبد و الثوب بعد ما كان موصوفا بما يرفع الجهالة، فإذا اشتغلت ذمته بشاة موصوفة مثلا بسبب كالسلم جاز له إحالتها على من كان له عليه شاة بذلك الوصف أو كان بريئا.

[مسألة: 4 لا إشكال في صحة الحوالة مع اتحاد الدين المحال به مع الدين الذي على المحال عليه]

مسألة: 4 لا إشكال في صحة الحوالة مع اتحاد الدين المحال به مع الدين الذي على المحال عليه جنسا و نوعا، كما إذا كان عليه لرجل دراهم و له على آخر دراهم فيحيل الأول على الثاني، و أما مع الاختلاف- بأن كان عليه دراهم و له على آخر دنانير فيحيل الأول على الثاني- فهو يقع على أنحاء: فتارة يحيل الأول بدراهمه على الثاني بالدنانير، بأن يأخذ منه و يستحق عليه بدل الدراهم دنانير. و أخرى يحيله عليه بالدراهم، بأن يأخذ منه الدراهم و يعطى المحال عليه بدل ما عليه من الدنانير الدراهم. و ثالثة يحيله عليه بالدراهم، بأن يأخذ منه دراهمه و تبقى الدنانير على حالها. لا إشكال في صحة النحو الأول (1)، و كذا الثالث و يكون هو كالحوالة


1- بل الأقوى عدم الصحة و لو مع رضا المحال عليه بنقل ما في ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فلا وجه لاستحقاق المحتال الدنانير من المحال عليه بحوالة الدراهم، فلو صحت هذه لكانت معاوضة لا حوالة.

ص: 212

على البري ء، و أما الثاني ففيه إشكال (1)، فالأحوط فيما إذا أرادا ذلك ان يقلب الدنانير التي على المحال عليه دراهم بناقل شرعي أولا ثم بحال عليه الدراهم.

[مسألة: 5 إذا تحققت الحوالة جامعة للشرائط برئت ذمة المحيل عن الدين]

مسألة: 5 إذا تحققت الحوالة جامعة للشرائط برئت ذمة المحيل عن الدين و ان لم يبرئه المحتال و اشتغلت ذمة المحال عليه للمحتال بما أحيل عليه. هذا حال المحيل مع المحتال و المحتال مع المحال عليه، و أما حال المحال عليه مع المحيل فان كانت الحوالة بمثل ما عليه برئت ذمته مما له عليه، و كذا ان كانت بغير الجنس و وقعت على النحو الأول (2) من الأنحاء الثلاثة المتقدمة، و ان وقعت على النحو الثاني فقد عرفت ان فيه اشكالا (3)، و على فرض صحته كان كالأول في براءة ذمة المحال عليه عما عليه. و اما ان وقعت على النحو الأخير أو كانت الحوالة على البري ء اشتغلت ذمة المحيل للمحال عليه بما أحال عليه، و ان كان له عليه دين يبقى على حاله فيتحاسبان بعد ذلك.

[مسألة: 6 لا يجب على المحتال قبول الحوالة و ان كان على طي غير مماطل]

مسألة: 6 لا يجب على المحتال قبول الحوالة و ان كان على طي غير مماطل، و لو قبلها لزم و ان كانت على فقير معدم. نعم لو كان جاهلا بحاله ثم بان إعساره و فقره وقت الحوالة كان له الفسخ و العود على المحيل، و ليس له الفسخ بسبب الفقر الطارئ، كما انه لا يزول الخيار لو تبدل فقره باليسار.

[مسألة: 7 الحوالة لازمة بالنسبة الى كل من الثلاثة الا على المحتال مع إعسار]

مسألة: 7 الحوالة لازمة بالنسبة الى كل من الثلاثة الا على المحتال مع إعسار


1- بل لا اشكال فيه مع رضاء المحال عليه، نظير الحوالة على البري ء ثم اذنه له في إعطاء ما عليه من الدنانير بدل الدراهم مع التراضي.
2- قد مر أن الحوالة بهذا النحو باطلة.
3- و قد عرفت انه لا اشكال فيه، و حيث انه حوالة بمثل ما عليه برئت ذمته بمجرد تمامية الحوالة.

ص: 213

المحال عليه و جهله بالحال كما أشرنا اليه، و المراد بالإعسار أن لا يكون عنده ما يوفي به الدين زائدا على مستثنيات الدين، و يجوز اشتراط خيار فسخ الحوالة لكل من الثلاثة.

[مسألة: 8 يجوز الترامي في الحوالة بتعدد المحال عليه و اتحاد المحتال]

مسألة: 8 يجوز الترامي في الحوالة بتعدد المحال عليه و اتحاد المحتال، كما لو أحال المديون زيدا على عمرو ثم أحال عمرو زيدا على بكر ثم أحال بكر زيدا على خالد و هكذا، أو يتعدد المحال مع اتحاد المحال عليه، كما لو أحال المحتال من له دين عليه على المحال عليه ثم أحال المحتال من له عليه دين على ذاك المحال عليه و هكذا.

[مسألة: 9 إذا قضى المحيل الدين بعد الحوالة برئت ذمة المحال عليه]

مسألة: 9 إذا قضى المحيل الدين بعد الحوالة برئت ذمة المحال عليه، فان كان ذلك بمسألته رجع المحيل عليه و ان تبرأ لم يرجع عليه.

[مسألة: 10 إذا أحال على بري ء و قبل المحال عليه هل له الرجوع على المحيل بمجرد القبول]

مسألة: 10 إذا أحال على بري ء و قبل المحال عليه هل له الرجوع على المحيل بمجرد القبول أو ليس له الرجوع عليه الا بعد أداء الدين للمحتال؟ فيه تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 11 إذا أحال البائع من له عليه دين على المشتري أو أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر]

مسألة: 11 إذا أحال البائع من له عليه دين على المشتري أو أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر ثم تبين بطلان البيع بطلت الحوالة، بخلاف ما إذا انفسخ البيع بخيار أو بالإقالة فإنه تبقى الحوالة و لم تتبع البيع في الانفساخ.

[مسألة: 12 إذا كان له عند وكيله أو أمينه مال معين خارجي فأحال دائنه عليه ليدفع اليه]

مسألة: 12 إذا كان له عند وكيله أو أمينه مال معين خارجي فأحال دائنه عليه ليدفع اليه و قبل المحتال (2) وجب عليه دفعه اليه، و إذا لم يدفع له الرجوع على المحيل لبقاء شغل ذمته.


1- الأقوى انه ليس له الرجوع الا بعد الأداء كما مر نظيره في الضمان.
2- إذا كان المقصود وكالة الأمين في رد عين ماله على غريمه فهذا لا يحتاج الى قبول المحتال و المحال عليه، بل في جواز رد الأمين عليه يكفي اذن المالك، و لا يتعين الرد على الغريم بل هو مخير بين الرد عليه أو على غريمه باذنه، و أما الغريم فان كان المردود اليه مصداقا لدينه فملزم بالقبول، و هذا ليس من الحوالة في شي ء لا المصطلحة و لا غير المصطلحة.

ص: 214

[القول في الكفالة]

اشارة

القول في الكفالة:

و حقيقتها (1) التعهد و الالتزام لشخص بإحضار نفس له حق عليها، و هي عقد واقع بين الكفيل و المكفول له و هو صاحب الحق، و الإيجاب من الأول و القبول من الثاني. و يكفي في الإيجاب كل لفظ دال على الالتزام المزبور كأن يقول «كفلت لك بدن فلان أو نفسه أو أنا كفيل لك بإحضاره» و نحو ذلك، و في القبول كل ما يدل على الرضا بذلك.

[مسألة: 1 يعتبر في الكفيل البلوغ و العقل و الاختيار و التمكن من الإحضار]

مسألة: 1 يعتبر في الكفيل البلوغ و العقل و الاختيار و التمكن من الإحضار، و لا يشترط في المكفول له البلوغ و العقل، فيصح الكفالة للصبي و المجنون إذا قبلها الولي.

[مسألة: 2 لا إشكال في اعتبار رضى الكفيل و المكفول له]

مسألة: 2 لا إشكال في اعتبار رضى الكفيل و المكفول له، و أما المكفول ففي اعتبار رضاه تأمل و اشكال، و الأحوط اعتباره (2)، بل الأحوط كونه طرفا للعقد، بأن يكون عقدها مركبا من إيجاب و قبولين من المكفول له و المكفول.

[مسألة: 3 كل من عليه حق مالي صحت الكفالة ببدنه]

مسألة: 3 كل من عليه حق مالي صحت الكفالة ببدنه، و لا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال. نعم يشترط أن يكون ذلك المال ثابتا في الذمة بحيث يصح ضمانه، فلو تكفل بإحضار من لا مال عليه و ان وجد سببه كمن جعل الجعالة قبل أن يعمل العامل لم يصح، و كذا تصح كفالة كل من يستحق عليه الحضور الى مجلس الشرع، بأن تكون عليه دعوى مسموعة و ان لم تقم البينة عليه بالحق، و لا تصح كفالة من عليه عقوبة (3) من حد أو تعزير.


1- و الظاهر أنها اعتبار اضافة بين الكفيل و المكفول له مستتبعة لتسلط المكفول له على إلزام الكفيل بإحضار المكفول أو أداء ما عليه بالعقد المشتمل على الإيجاب من الكفيل و القبول من المكفول له.
2- يعني الأحوط على المكفول له عدم إلزام الكفيل على إحضار المكفول في صورة عدم قبوله و رضاه، لكن الأحوط على الكفيل إحضار المكفول في تلك الصورة مع مطالبة المكفول له، و كذا الأحوط على المكفول حضوره مع الكفيل و لو في صورة عدم قبوله.
3- ان لم تكن من حقوق الناس، و أما ان كانت منها كالقصاص فتصح الكفالة فيها.

ص: 215

[مسألة: 4 يصح إيقاع الكفالة حالة مؤجلة]

مسألة: 4 يصح إيقاع الكفالة حالة (1) مؤجلة (2) و مع الإطلاق تكون معجلة (3)، و لو كانت مؤجلة يلزم تعيين الأجل على وجه لا يختلف زيادة و نقصا.

[مسألة: 5 عقد الكفالة لازم لا يجوز فسخه الا بالإقالة]

مسألة: 5 عقد الكفالة لازم لا يجوز فسخه الا بالإقالة، و يجوز جعل الخيار فيه لكل من الكفيل و المكفول له مدة معينة.

[مسألة: 6 إذا تحققت الكفالة جامعة للشرائط جازت مطالبة المكفول له الكفيل بالمكفول عاجلا]

مسألة: 6 إذا تحققت الكفالة جامعة للشرائط جازت مطالبة المكفول له الكفيل بالمكفول عاجلا إذا كانت الكفالة مطلقة (4) أو معجلة و بعد الأجل ان كانت مؤجلة، فإن كان المكفول حاضرا وجب على الكفيل إحضاره، فإن أحضره و سلمه تسليما تاما بحيث يتمكن المكفول له منه فقد بري ء مما عليه، و ان امتنع عن ذلك كان له حبسه (5) عند الحاكم حتى يحضره أو يؤدي ما عليه (6)، و ان كان غائبا فإن كان موضعه معلوما يمكن الكفيل رده منه أمهل بقدر ذهابه و مجيئه، فإذا مضى قدر ذلك و لم يأت به من غير عذر حبس كما مر، و ان كان غائبا غيبة منقطعة لا يعرف موضعه و انقطع خبره (7) لم يكلف الكفيل إحضاره. و هل يلزم بأداء ما عليه؟ الأقرب ذلك، خصوصا إذا كان ذلك بتفريط من الكفيل، بأن طالبه المكفول له و كان متمكنا منه فلم يحضره حتى هرب. نعم لو كان بحيث لا يرجى الظفر به (8) بحسب العادة يشكل صحة الكفالة من أصلها.

[مسألة: 7 إذا لم يحضر الكفيل المكفول فأخذ منه المال]

مسألة: 7 إذا لم يحضر الكفيل المكفول فأخذ منه المال، فان لم يأذن له المكفول لا في الكفالة و لا في الأداء ليس له الرجوع عليه بما أداه، و إذا أذن له في


1- في الحقوق الحالة.
2- في الحالة و المؤجلة.
3- في خصوص المعجلة دون المؤجلة.
4- و الحق معجل.
5- بل له طلب حبسه من الحاكم.
6- فيما يمكن تأديته كالديون أو بدله كالدية فيما إذا تراضيا عليها مع ورثة المقتول.
7- بحيث لا يرجى الظفر به.
8- و كذا لو كان المرجو الظفر ثم انكشف خلافه فإنه ينكشف بطلانها.

ص: 216

الأداء كان له ان يرجع به عليه، سواء اذن له في الكفالة أيضا أم لا. و أما إذا اذن له في الكفالة دون الأداء فهل يرجع عليه أم لا؟ لا يبعد أن يفصل بين ما إذا أمكن له مراجعته و إحضاره للمكفول له فالثاني، و بين ما إذا تعذر له ذلك فالأول.

[مسألة: 8 إذا عين الكفيل في الكفالة مكان التسليم تعين]

مسألة: 8 إذا عين الكفيل في الكفالة مكان التسليم تعين، فلا يجب عليه تسليمه في غيره، و لو طلب ذلك المكفول له لم تجب إجابته، كما أنه لو سلمه في غير ما عين لم يجب على المكفول له تسلمه، و لو أطلق و لم يعين مكان التسليم فان أوقعا العقد في بلد المكفول له أو بلد قراره انصرف اليه، و ان أوقعاه في برية أو بلد غربة لم يكن من قصده القرار و الاستقرار فيه، فان كانت قرينة على التعيين فهو بمنزلته و الا بطلت الكفالة من أصلها.

[مسألة: 9 يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول]

مسألة: 9 يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول، حتى انه لو احتاج الى الاستعانة بشخص قاهر لم يكن فيها مفسدة أو مضرة دينية أو دنيوية لم يبعد وجوبها، و لو كان غائبا و احتاج حمله إلى مئونة فعلى المكفول نفسه، و لو صرفها الكفيل لا بعنوان التبرع له أن يرجع بها (1) عليه على اشكال في بعضها (2).

[مسألة: 10 تبرأ ذمة الكفيل بإحضار المكفول أو حضوره و تسليم نفسه تسليما تاما]

مسألة: 10 تبرأ ذمة الكفيل بإحضار المكفول أو حضوره و تسليم نفسه تسليما تاما، و كذا تبرأ ذمته لو أخذ المكفول له المكفول طوعا أو كرها بحيث تمكن من استيفاء حقه أو إحضاره مجلس الحكم أو أبرأ المكفول عن الحق الذي عليه أو الكفيل من الكفالة.

[مسألة: 11 إذا مات الكفيل أو المكفول بطلت الكفالة]

مسألة: 11 إذا مات الكفيل أو المكفول بطلت الكفالة، بخلاف ما لو مات المكفول له فإنه تكون الكفالة باقية و ينتقل حق المكفول له منها الى ورثته.

[مسألة: 12 لو نقل المكفول له الحق الذي له على المكفول الى غيره ببيع أو صلح]

مسألة: 12 لو نقل المكفول له الحق الذي له على المكفول الى غيره ببيع أو صلح أو حوالة بطلت الكفالة.


1- إذا أذن له المكفول في الصرف و الا فليس له الرجوع عليه.
2- و هو فيما كانت الكفالة و صرف المئونة بغير اذنه أو كانت الكفالة باذنه لكن لا يتوقف إحضاره على المئونة من قبل الكفيل و سبق هو الى الصرف بدون استيذان من المكفول.

ص: 217

[مسألة: 13 من خلى غريما من يد صاحبه قهرا و إجبارا ضمن إحضاره أو أداء ما عليه]

مسألة: 13 من خلى غريما من يد صاحبه قهرا و إجبارا ضمن إحضاره أو أداء ما عليه (1)، و لو خلى قاتلا من يد ولي الدم لزمه إحضاره أو إعطاء الدية و ان كان القتل عمدا.

[مسألة: 14 يجوز ترامي الكفالات، بأن يكفل الكفيل كفيل آخر ثم يكفل كفيل الكفيل كفيل آخر]

مسألة: 14 يجوز ترامي الكفالات، بأن يكفل الكفيل كفيل آخر ثم يكفل كفيل الكفيل كفيل آخر و هكذا، و حيث ان الكل فروع الكفالة الاولى و كل لاحق فرع سابقه فلو أبرأ المستحق الكفيل الأول أو أحضر الأول المكفول الأول أو مات أحدهما برئوا أجمع، و لو أبرأ المستحق بعض من توسط بري ء هو و من بعده دون من قبله، و كذا لو مات بري ء من كان فرعا له.

[مسألة: 15 يكره التعرض للكفالات، و قد قال مولانا الصادق عليه السلام في خبر لبعض أصحابه]

مسألة: 15 يكره التعرض للكفالات، و قد قال مولانا الصادق عليه السلام في خبر لبعض أصحابه: مالك و الكفالات، أما علمت أنها أهلكت القرون الاولى.

و عنه عليه السلام: الكفالة خسارة غرامة ندامة.


1- مما يمكن أن يؤدى مثل الدين أو الدية مع التراضي أو التعذر.

ص: 218

[كتاب الوكالة]

اشارة

كتاب الوكالة و هي تولية الغير في إمضاء أمر أو استنابته في التصرف (1) فيما كان له ذلك، و حيث انها من العقود تحتاج إلى إيجاب و قبول، و يكفي في الإيجاب كل ما دل على التولية و الاستنابة المزبورتين كقوله «وكلتك» أو «أنت وكيلي في كذا» أو «فوضته إليك» أو «استنبتك فيه» و نحوها، بل الظاهر كفاية قوله «بع داري» مثلا (2) قاصدا به الاستنابة في بيعها. و في القبول كل ما دل على الرضا، بل الظاهر انه يكفي فيه فعل ما وكل فيه، كما إذا وكله في بيع شي ء فباعه (3) أو شراء شي ء فاشتراه له، بل يقوى وقوعها بالمعاطاة، بأن سلم اليه متاعا ليبيعه فتسلمه لذلك، بل لا يبعد تحققها بالكتابة من طرف الموكل و الرضا بما فيها من طرف الوكيل و ان تأخر وصولها إليه مدة، فلا يعتبر فيها الموالاة بين إيجابها و قبولها. و بالجملة يتسع الأمر فيها بما لا يتسع غيرها من العقود، حتى انه لو قال الوكيل أنا وكيلك في بيع دارك مستفهما (4) فقال نعم صح و تم و ان لم نكتف بمثله في سائر العقود (5).


1- و كان قابلا للاستنابة، و يأتي تفصيله ان شاء اللّٰه تعالى.
2- في صحة البيع، و أما في ترتب آثار الوكالة فمشكل.
3- إذا قصد بها القبول أيضا.
4- إذا قصد القبول أيضا، و أما بدونه لا تتحقق الوكالة و ان صح البيع، و قد مر منه قدس سره احتياج الوكالة إلى الإيجاب و القبول أو ما يقوم مقامهما كالمعاطاة.
5- المتيقن مما يوسع في الوكالة هو صحة أمر يستناب فيه، و اما ان ذلك من جهة التوسعة في أمر الوكالة أو ان ذلك من جهة انه اذن و اعلام و أمر فلا دليل عليه الا دعوى الإجماع ان تم، و هو غير محقق.

ص: 219

[مسألة: 1 يشترط فيها التنجيز، بمعنى عدم تعليق أصل الوكالة بشي ء]

مسألة: 1 يشترط فيها التنجيز، بمعنى عدم تعليق أصل الوكالة بشي ء، كأن يقول مثلا إذا قدم زيد أو جاء رأس الشهر وكلتك أو أنت وكيلي في أمر كذا. نعم لا بأس بتعليق متعلق الوكالة و التصرف الذي استنابه فيه، كما لو قال أنت وكيلي في أن تبيع داري إذا قدم زيد أو وكلتك في شراء كذا في وقت كذا.

[مسألة: 2 يشترط في كل من الموكل و الوكيل البلوغ]

مسألة: 2 يشترط في كل من الموكل و الوكيل البلوغ (1) و العقل و القصد و الاختيار، فلا يصح التوكيل و لا التوكل من الصبي و المجنون و المكره. و في الموكل كونه جائز التصرف فيما وكل فيه، فلا يصح توكيل المحجور عليه لسفه أو فلس فيما حجر عليهما فيه دون ما لم يحجر عليهما فيه كالطلاق و نحوهما. و في الوكيل كونه متمكنا عقلا و شرعا من مباشرة ما توكل فيه، فلا تصح وكالة المحرم (2) فيما لا يجوز له كابتياع الصيد و إمساكه و إيقاع عقد النكاح.

[مسألة: 3 لا يشترط في الوكيل الإسلام، فتصح وكالة الكافر]

مسألة: 3 لا يشترط في الوكيل الإسلام، فتصح وكالة الكافر، بل و المرتد و ان كان عن فطرة عن المسلم و الكافر الا فيما لا يصح وقوعه من الكافر كابتياع مصحف أو مسلم لكافر أو مسلم على اشكال فيما إذا كان لمسلم (3) و كاستيفاء حق أو مخاصمة مع مسلم على تردد خصوصا إذا كان لمسلم.

[مسألة: 4 تصح وكالة المحجور عليه لسفه أو فلس عن غيرهما ممن لا حجر عليه]

مسألة: 4 تصح وكالة المحجور عليه لسفه أو فلس عن غيرهما ممن لا حجر عليه، لاختصاص ممنوعيتها بالتصرف في أموالهما.

[مسألة: 5 لو جوزنا للصبي بعض التصرفات في ماله كالوصية بالمعروف لمن بلغ عشر سنين]

مسألة: 5 لو جوزنا للصبي بعض التصرفات في ماله كالوصية بالمعروف لمن بلغ عشر سنين كما يأتي جاز له التوكيل فيما جاز له.

[مسألة: 6 ما كان شرطا في الموكل و الوكيل ابتداء شرط فيهما استدامة]

مسألة: 6 ما كان شرطا في الموكل و الوكيل ابتداء شرط فيهما استدامة، فلو جنا أو أغمي عليهما أو حجر على الموكل بالنسبة الى ما وكل فيه بطلت الوكالة،


1- إلا فيما صح صدوره منه كالوصية و الصدقة و الطلاق ممن بلغ عشرا على القول به كما سيأتي كل في محله.
2- لا يجوز توكيله فيها.
3- الأقوى فيه الصحة خصوصا إذا كان التسليم و التسلم من الموكل دون الوكيل.

ص: 220

و لو زال المانع احتاج عودها الى توكيل جديد.

[مسألة: 7 يشترط فيما و كل فيه أن يكون سائغا في نفسه]

مسألة: 7 يشترط فيما و كل فيه أن يكون سائغا في نفسه، و أن يكون للموكل السلطنة شرعا على إيقاعه، فلا توكيل في المعاصي كالغصب و السرقة و القمار و نحوها و لا فيما ليس له السلطنة على إيقاعه كبيع مال الغير من دون ولاية له عليه. و لا يعتبر القدرة عليه خارجا مع كونه مما يصح وقوعه منه شرعا، فيجوز لمن لم يقدر على أخذ ماله من غاصب أن يوكل في أخذه منه من يقدر عليه.

[مسألة: 8 إذا لم يتمكن شرعا أو عقلا من إيقاع أمر إلا بعد حصول أمر غير حاصل حين التوكيل]

مسألة: 8 إذا لم يتمكن شرعا أو عقلا من إيقاع أمر إلا بعد حصول أمر غير حاصل حين التوكيل- كتطليق امرأة لم تكن في حبالته و تزويج من كانت مزوجة أو معتدة و إعتاق عبد غير مملوك له و نحو ذلك- لا إشكال في جواز التوكيل فيه تبعا لما تمكن منه بأن يوكله في إيقاع المرتب عليه، ثم إيقاع ما رتب عليه بأن يوكله مثلا في تزويج امرأة له ثم طلاقها أو شراء عبد له ثم إعتاقه أو شراء مال ثم بيعه و نحو ذلك. و أما التوكيل فيه استقلالا من دون التوكيل في المرتب عليه ففيه اشكال، بل الظاهر عدم الصحة، من غير فرق بين ما كان المرتب عليه غير قابل للتوكيل كانقضاء العدة و بين غيره، فلا يجوز أن يوكل في تزويج المعتدة بعد انقضاء العدة و المزوجة بعد طلاق زوجها أو بعد موته، و كذا في طلاق زوجة سينكحها أو إعتاق عبد سيملكه أو بيع متاع سيشتريه (1) و نحو ذلك.

[مسألة: 9 يشترط في الموكل فيه أن يكون قابلا للنيابة]

مسألة: 9 يشترط في الموكل فيه أن يكون قابلا للنيابة، بأن لم يعتبر في مشروعية وقوعه عن الإنسان إيقاعه بالمباشرة كالعبادات البدنية من الطهارات الثلاث (2) و الصلاة (3) و الصيام فرضها و نفلها، دون المالية منها كالزكاة و الخمس و الكفارات،


1- نعم الظاهر أنه يصح ان يوكل شخصا و يستنيبه في كل ما هو أهل له من غير فرق بين الموجود و المتجدد له من ملك و غيره، فللوكيل أن يبيع ما يدخل في ملكه بإرث أو هبة أو غيرهما، و له أن ينكح امرأة تقضى عدتها و هكذا.
2- للقادر، و أما العاجز فيستنيب للغسلات و المسحات و في التيمم للضرب و المسحات.
3- الا فيما شرع فيه النيابة مثل صلاة الطواف و صلاة الزيارة المستحبة و بعض النوافل كصلاة جعفر و بعض مستحبات أخرى.

ص: 221

فإنه لا يعتبر فيها المباشرة فيصح التوكيل و النيابة فيها إخراجا و إيصالا إلى مستحقيها.

[مسألة: 10 يصح التوكيل في جميع العقود]

مسألة: 10 يصح التوكيل في جميع العقود كالبيع و الصلح و الإجارة و الهبة و العارية و الوديعة و المضاربة و المزارعة و المساقاة و القرض و الرهن و الشركة و الضمان و الحوالة و الكفالة و الوكالة و النكاح إيجابا و قبولا في الجميع، و كذا في الوصية و الوقف و في الطلاق و الإعتاق و الإبراء و الأخذ بالشفعة و إسقاطها و فسخ العقد في موارد ثبوت الخيار و إسقاطه. نعم الظاهر أنه لا يصح التوكيل في الرجوع الى المطلقة (1) في الطلاق الرجعي، كما انه لا يصح (2) في اليمين و النذر و العهد و اللعان و الإيلاء و الظهار و في الشهادة و الإقرار على اشكال في الأخير (3).

[مسألة: 11 يصح التوكيل في القبض و الإقباض في موارد لزومهما]

مسألة: 11 يصح التوكيل في القبض و الإقباض في موارد لزومهما، كما في الرهن و القرض و الصرف بالنسبة إلى العوضين و السلم بالنسبة إلى الثمن، و في إيفاء الديون و استيفائها و غيرها.

[مسألة: 12 يجوز التوكيل في الطلاق غائبا كان الزوج أم حاضرا]

مسألة: 12 يجوز التوكيل في الطلاق غائبا كان الزوج أم حاضرا، بل يجوز توكيل الزوجة في أن تطلق نفسها بنفسها أو بأن توكل الغير عن الزوج أو عن نفسها.

[مسألة: 13 يجوز الوكالة و النيابة في حيازة المباح كالاستقاء و الاحتطاب]

مسألة: 13 يجوز الوكالة و النيابة في حيازة المباح كالاستقاء و الاحتطاب و الاحتشاش و غيرها، فإذا وكل و استناب شخصا في حيازتها و قد حازها بعنوان النيابة عنه كانت بمنزلة حيازة المنوب عنه و صار ما حازه ملكا له.

[مسألة: 14 يشترط في الموكل فيه التعيين، بأن لا يكون مجهولا أو مبهما]

مسألة: 14 يشترط في الموكل فيه التعيين، بأن لا يكون مجهولا أو مبهما، فلو قال وكلتك من غير تعيين أو على أمر من الأمور أو على شي ء مما يتعلق به و نحو


1- لا يبعد صحتها فيما لم يكن التوكيل في الرجوع رجوعا، مثل أن يوكل شخصا في تطليق زوجته ثلاثا فيكون الوكيل وكيلا في الرجعتين بينهما، أو يوكل شخصا في تطليق زوجته بطلاق الخلع و الرجوع في صورة رجوعها في البذل فيقول رجعت عنه الى زوجته، فيكون نظير صالحت عنه.
2- في عدم صحة الوكالة في اليمين و النذر و العهد و الظهار اشكال.
3- يمكن أن يقال ان التوكيل في الإقرار و الشهادة إقرار و شهادة و الوكيل يشهد عليهما، لا انه يقر و يشهد عنه.

ص: 222

ذلك لم يصح. نعم لا بأس بالتعميم أو الإطلاق كما نفصله.

[مسألة: 15 الوكالة: اما خاصة، و اما عامة، و اما مطلقة: فالأولى ما تعلقت بتصرف معين في شخص معين]

مسألة: 15 الوكالة: اما خاصة، و اما عامة، و اما مطلقة:

فالأولى ما تعلقت بتصرف معين في شخص معين، كما إذا وكله في شراء عبد شخصي معين، و هذا مما لا إشكال في صحته.

و أما الثانية فاما عامة من جهة التصرف و خاصة من جهة متعلقه، كما إذا وكله في جميع التصرفات الممكنة في داره المعينة من بيعها و هبتها و إجارتها و غيرها، و أما بالعكس كما إذا وكله في بيع جميع ما يملكه، و اما عامة من كلتا الجهتين، كما إذا وكله في جميع التصرفات الممكنة في جميع ما يملكه أو في إيقاع جميع ما كان له فيما يتعلق به بحيث يشمل التزويج له و طلاق زوجته.

و كذا الثالثة قد تكون مطلقة من جهة التصرف خاصة من جهة متعلقه، كما إذا وكله في انه اما يبيع داره المعينة بيعا لازما (1) أو خياريا أو يرهنها أو يؤجرها و أوكل التعيين الى نظره، و قد تكون بالعكس كما إذا احتاج الى بيع أحد أملاكه من داره أو عقاره أو دوابه أو غيرها فوكل شخصا في أن يبيع أحدها و فوض الأمر في تعيينه بنظره و مصلحته، و قد تكون مطلقة من كلتا الجهتين، كما إذا وكله في إيقاع أحد العقود المعاوضية من البيع أو الصلح أو الإجارة مثلا على أحد أملاكه من داره أو دكانه أو خانه مثلا و أوكل التعيين من الجهتين الى نظره. و الظاهر صحة الجميع و ان كان بعضها لا يخلو من مناقشة (2) لكنها مندفعة.

[مسألة: 16 قد مر أنه يعتبر في الموكل فيه التعيين و لو بالإطلاق]

مسألة: 16 قد مر أنه يعتبر في الموكل فيه التعيين و لو بالإطلاق أو التعميم فإنهما أيضا نحو من التعيين، و يقتصر الوكيل في التصرف على ما شمله عقد الوكالة صريحا أو ظاهرا و لو بمعونة القرائن الحالية أو المقالية، و لو كانت هي العادة الجارية


1- بنحو يجعله وكيلا في جميعها و نائبا عنه في كل ما يختار، و اما إذا جعل له الوكالة التخييرية نظير الواجب التخييري ففي صحته اشكال بل منع.
2- من احتمال الضرر المندفع لاعتبار المصلحة في فعل الوكيل الموثق عند الموكل.

ص: 223

على أن من يوكل في أمر كذا يريد ما يشمل كذا، كما إذا وكله في البيع بالنسبة إلى تسليم المبيع أو في الشراء بالنسبة إلى تسليم الثمن دون قبض الثمن و المثمن، إلا إذا شهدت قرائن الأحوال بأنه قد وكله في البيع أو الشراء بجميع ما يترتب عليهما.

[سألة: 17 لو خالف الوكيل عما عين له و أتى بالعمل على نحو لم يشمله عقد الوكالة]

مسألة: 17 لو خالف الوكيل عما عين له و أتى بالعمل على نحو لم يشمله عقد الوكالة، فإن كان مما يجري فيه الفضولية كالعقود توقفت صحته على اجازة الموكل، و الا بطل. و لا فرق في ذلك بين أن يكون التخالف بالمباينة كما إذا وكله في بيع داره فآجرها، أو ببعض الخصوصيات كما إذا وكله في أن يبيع نقدا فباع نسيئة أو بالعكس أو يبيع بخيار فباع بدونه أو بالعكس أو يبيعه من فلان فباعه من غيره و هكذا.

نعم لو علم شمول التوكيل لفاقد الخصوصية أيضا صح، كما إذا وكله في ان يبيع السلعة بدينار فباعها بدينارين، حيث ان الظاهر عرفا بل المعلوم من حال الموكل ان تحديد الثمن بدينار انما هو من طرف النقيصة فقط (1) لا من طرف النقيصة و الزيادة معا، فكأنه قال ان ثمنها لا ينقص عن دينار. نعم لو فرض وجود غرض صحيح في التحديد به زيادة و نقيصة كان بيعها بالزيادة كبيعها بالنقيصة فضوليا يحتاج إلى الإجازة.

و من هذا القبيل ما إذا وكله في ان يبيعها في سوق مخصوصة بثمن معين فباعها في غيرها بذلك الثمن، فربما يفهم عرفا انه ليس الغرض الا تحصيل الثمن، فيكون ذكر السوق المخصوص من باب المثال، و لو فرض احتمال وجود غرض عقلائي في تعيينها احتمالا معتدا به لم يجز التعدي عنه.

[مسألة: 18 يجوز للولي كالأب و الجد للصغير أن يوكل غيره فيما يتعلق بالمولى عليه]

مسألة: 18 يجوز للولي كالأب و الجد للصغير أن يوكل غيره فيما يتعلق بالمولى عليه مما له الولاية فيه.

[مسألة: 19 لا يجوز للوكيل ان يوكل غيره في إيقاع ما توكل فيه لا عن نفسه و لا عن الموكل]

مسألة: 19 لا يجوز للوكيل ان يوكل غيره في إيقاع ما توكل فيه لا عن نفسه و لا عن الموكل إلا بإذن الموكل، و يجوز باذنه بكلا النحوين، فان عين الموكل في


1- بشرط أن يكون الكلام مع تلك القرائن ظاهرا في إنشاء الوكالة في البيع بالدينار و أكثر، و كذا في باقي الأمثلة.

ص: 224

اذنه أحدهما- بأن قال مثلا وكل غيرك عني أو عنك- فهو المتبع و لا يجوز له التعدي عما عينه، و لو أطلق فإن وكله في ان يوكل- كما إذا قال مثلا وكلتك في ان توكل غيرك- فهو اذن في توكيل الغير عن الموكل، و ان كان مجرد الاذن فيه- كما إذا قال و كل غيرك- فهو اذن في توكيله عن نفسه على تأمل (1).

[مسألة: 20 لو كان الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل كان في عرض الوكيل الأول]

مسألة: 20 لو كان الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل كان في عرض الوكيل الأول، فليس له أن يعزله و لا ينعزل بانعزاله، بل لو مات الأول يبقى الثاني على وكالته. و أما لو كان وكيلا عن الوكيل كان له أن يعزله و كانت وكالته تبعا لوكالته فينعزل بانعزاله أو موته، و هل للموكل أن يعزله حينئذ من دون ان يعزل الوكيل الأول؟

لا يبعد أن يكون له ذلك.

[مسألة: 21 يجوز أن يتوكل اثنان فصاعدا عن واحد في أمر واحد]

مسألة: 21 يجوز أن يتوكل اثنان فصاعدا عن واحد في أمر واحد، فان صرح الموكل (2) بانفرادهما جاز لكل منهما الاستقلال في التصرف من دون مراجعة الأخر، و الا لم يجز الانفراد لأحدهما و لو مع غيبة صاحبه أو عجزه، سواء صرح بالانضمام و الاجتماع أو أطلق، بأن قال مثلا وكلتكما أو أنتما وكيلاي و نحو ذلك.

و لو مات أحدهما بطلت الوكالة رأسا مع شرط الاجتماع أو الإطلاق المنزل منزلته، و بقي وكالة الباقي فيما لو صرح بالانفراد.

[مسألة: 22 الوكالة عقد جائز من الطرفين]

مسألة: 22 الوكالة عقد جائز من الطرفين، فللوكيل ان يعزل نفسه مع حضور الموكل و غيبته، و كذا للموكل ان يعزله، لكنه انعزاله بعزله مشروط ببلوغه إياه، فلو أنشأ عزله و لكن لم يطلع عليه الوكيل لم ينعزل، فلو أمضى أمرا قبل أن يبلغه العزل و لو بإخبار ثقة كان ماضيا نافذا.

[مسألة: 23 تبطل الوكالة بموت الوكيل]

مسألة: 23 تبطل الوكالة بموت الوكيل، و كذا بموت الموكل و ان لم


1- المناط في تعيين أحد القسمين هو الظهور العرفي و لو بقرينة المقام، فإطلاق ما أفاده محل منع.
2- بل يكفي ظهور كلامه في ذلك عرفا و لو بالقرينة المقالية أو الحالية.

ص: 225

يعلم الوكيل بموته، و بعروض الجنون و الإغماء على كل منهما، و بتلف ما تعلقت به الوكالة، و بفعل الموكل ما تعلقت به الوكالة كما لو وكله في بيع سلعة ثم باعها، أو فعل ما ينافيه كما لو وكله في بيع عبد ثم أعتقه.

[مسألة: 24 يجوز التوكيل في الخصومة و المرافعة]

مسألة: 24 يجوز التوكيل في الخصومة (1) و المرافعة، فيجوز لكل من المدعي و المدعى عليه أن يوكل شخصا عن نفسه، بل يكره لذوي المروات من أهل الشرف و المناصب الجليلة أن يتولوا المنازعة و المرافعة بأنفسهم، خصوصا إذا كان الطرف بذي ء اللسان. و لا يعتبر رضى صاحبه، فليس له الامتناع عن خصومة الوكيل.

[مسألة: 25 الوكيل بالخصومة ان كان وكيلا عن المدعي كان وظيفته بث الدعوى على المدعى عليه عند الحاكم]

مسألة: 25 الوكيل بالخصومة ان كان وكيلا عن المدعي كان وظيفته بث الدعوى على المدعى عليه عند الحاكم و اقامة البينة و تعديلها و تحليف المنكر و طلب الحكم على الخصم و القضاء عليه، و بالجملة كل ما يقع وسيلة إلى الإثبات. و أما الوكيل عن المدعى عليه فوظيفته الإنكار و الطعن على الشهود و اقامة بينة الجرح و مطالبة الحاكم بسماعها و الحكم بها، و بالجملة عليه السعي في الدفع ما أمكن.

[مسألة: 26 لو ادعى منكر الدين مثلا في أثناء مرافعة وكيله و مدافعته عنه الأداء أو الإبراء انقلب مدعيا]

مسألة: 26 لو ادعى منكر الدين مثلا في أثناء مرافعة وكيله و مدافعته عنه الأداء أو الإبراء انقلب مدعيا، و صارت وظيفة وكيله إقامة البينة على هذه الدعوى و طلب الحكم بها من الحاكم، و صارت وظيفة وكيل خصمه الإنكار و الطعن في الشهود و غير ذلك.

[مسألة: 27 لا يقبل إقرار الوكيل في الخصومة على موكله]

مسألة: 27 لا يقبل إقرار الوكيل في الخصومة على موكله، فإذا أقر وكيل المدعي القبض أو الإبراء أو قبول الحوالة أو المصالحة أو بأن الحق مؤجل أو ان البينة فسقه أو وكيل المدعى عليه بالحق للمدعي لم يقبل و بقيت الخصومة على حالها، سواء أقر في مجلس الحكم أو في غيره، لكن ينعزل و تبطل وكالته و ليس له المرافعة، لأنه بعد الإقرار ظالم في الخصومة بزعمه.


1- بشرط أن لا يكون في الخصومة ظالما بزعمه، سواء علم بكون موكله محقا أو احتمل.

ص: 226

[مسألة: 28 الوكيل بالخصومة لا يملك الصلح عن الحق و لا الإبراء منه]

مسألة: 28 الوكيل بالخصومة لا يملك الصلح عن الحق و لا الإبراء منه الا أن يكون وكيلا في ذلك أيضا بالخصوص.

[مسألة: 29 يجوز أن يوكل اثنين فصاعدا بالخصومة]

مسألة: 29 يجوز أن يوكل اثنين فصاعدا بالخصومة كسائر الأمور، فان لم يصرح (1) باستقلال كل واحد منهما لم يستقل بها أحدهما، بل يتشاوران و يتباصران و يعضد كل واحد منهما صاحبه و يعينه على ما فوض إليهما.

[مسألة: 30 إذا وكل الرجل وكيلا بحضور الحاكم في خصوماته و استيفاء حقوقه مطلقا]

مسألة: 30 إذا وكل الرجل وكيلا بحضور الحاكم في خصوماته و استيفاء حقوقه مطلقا أو في خصومة شخصية ثم قدم الوكيل خصما لموكله و نشر الدعوى عليه يسمع الحاكم دعواه عليه، و كذا إذا ادعى عند الحاكم أن يكون وكيلا في الدعوى و اقام البينة عنده على وكالته، و أما إذا ادعى الوكالة من دون بينة عليها فان لم يحضر خصما عنده أو أحضر و لم يصدقه في وكالته لم يسمع دعواه، و أما إذا صدقه فيها فالظاهر أنه يسمع دعواه لكن لم يثبت بذلك وكالته عن موكله بحيث يكون حجة عليه، فإذا قضت موازين القضاء بحقية المدعي يلزم المدعى عليه بالحق، و أما إذا قضت بحقية المدعى عليه فالمدعي على حجته، فإذا أنكر الوكالة تبقى دعواه على حالها (2).

[مسألة: 31 إذا وكله في الدعوى و تثبيت حقه على خصمه و ثبته لم يكن له قبض الحق]

مسألة: 31 إذا وكله في الدعوى و تثبيت حقه على خصمه و ثبته لم يكن له قبض الحق، فللمحكوم عليه ان يمتنع عن تسليم ما ثبت عليه الى الوكيل.

[مسألة: 32 لو وكله في استيفاء حق له على غيره فجحده من عليه الحق لم يكن للوكيل مخاصمته]

مسألة: 32 لو وكله في استيفاء حق له على غيره فجحده من عليه الحق لم يكن للوكيل مخاصمته و المرافعة معه و تثبيت الحق عليه ما لم يكن وكيلا في الخصومة.

[مسألة: 33 يجوز التوكيل بجعل و بغير جعل، و انما يستحق الجعل فيما جعل له الجعل بتسليم العمل الموكل فيه]

مسألة: 33 يجوز التوكيل بجعل و بغير جعل، و انما يستحق الجعل فيما جعل له الجعل بتسليم العمل الموكل فيه، فلو وكله في البيع أو الشراء و جعل له جعلا كان للوكيل مطالبة الموكل به بمجرد إتمام المعاملة و ان لم يتسلم الموكل الثمن أو المثمن،


1- قد مر أن الظهور العرفي يكفي في ثبوت الاستقلال و ان لم يكن صريحا.
2- ان لم تثبت الوكالة.

ص: 227

و كذا لو وكله في المرافعة و تثبيت حقه استحق الجعل بمجرد إتمام المرافعة و ثبوت الحق و ان لم يتسلمه الموكل.

[مسألة: 34 لو وكله في قبض دينه من شخص فمات قبل الأداء لم يكن له مطالبة وارثه]

مسألة: 34 لو وكله في قبض دينه من شخص فمات قبل الأداء لم يكن له مطالبة وارثه. نعم لو كانت عبارة الوكالة شاملة له- كما لو قال اقبض حقي الذي على فلان- كان له ذلك.

[مسألة: 35 لو وكله في استيفاء دينه من زيد فجاء الى زيد للمطالبة]

مسألة: 35 لو وكله في استيفاء دينه من زيد فجاء الى زيد للمطالبة فقال زيد للوكيل خذ هذه الدراهم و اقض بها دين فلان (1) يعني موكله فأخذها صار الوكيل وكيل زيد في قضاء دينه و كانت الدراهم باقية على ملك زيد ما لم يقبضها صاحب الدين، فلزيد استردادها ما دامت في يد الوكيل، و لو تلفت عنده بقي الدين بحاله، و لو قال خذها عن الدين الذي تطالبني به لفلان فأخذها كان قابضا للموكل و برئت ذمة زيد و ليس له الاسترداد.

[مسألة: 36 الوكيل أمين بالنسبة الى ما في يده لا يضمنه الا مع التفريط أو التعدي]

مسألة: 36 الوكيل أمين بالنسبة الى ما في يده لا يضمنه الا مع التفريط أو التعدي، كما إذا لبس ثوبا توكل في بيعه أو حمل على دابة توكل في بيعها، لكن لا تبطل بذلك وكالته، فلو باع الثوب بعد لبسه صح بيعه و ان كان ضامنا له لو تلف قبل أن يبيعه، و بتسليمه الى المشتري (2) يبرأ عن ضمانه.

[مسألة: 37 لو وكله في إيداع مال فأودعه بلا إشهاد فجحد الودعي لم يضمنه الوكيل]

مسألة: 37 لو وكله في إيداع مال فأودعه بلا إشهاد فجحد الودعي لم يضمنه الوكيل (3) إلا إذا وكله في أن يودعه عنده مع الإشهاد فأودع بلا إشهاد، و كذا الحال


1- هذا إذا كان مقصود المديون منه جعل الدراهم امانة عند الوكيل بحيث لا يكون له التصرف فيها إلا أداؤها إلى شخص الدائن، و الا جاز له قبضها عن موكله و به يخرج عن ملك المديون.
2- لكن يضمن ما استوفاه من المنافع، و كذا لو أذن له المشتري ان يكون المبيع عنده أمانة أو عارية.
3- إلا إذا كان هذا العمل بالنسبة إلى خصوص هذا الودعي يعد تفريطا في حق صاحب المال و كذا في أداء الدين.

ص: 228

فيما لو وكله في قضاء دينه فأداه بلا إشهاد و أنكر الدائن.

[مسألة: 38 إذا وكله في بيع سلعة أو شراء متاع فان صرح بكون البيع أو الشراء من غيره]

مسألة: 38 إذا وكله في بيع سلعة أو شراء متاع فان صرح بكون البيع أو الشراء من غيره أو بما يعم نفسه فلا اشكال، و ان أطلق و قال أنت وكيلي في ان تبيع هذه السلعة أو تشتري لي المتاع الفلاني فهل يعم نفس الوكيل فيجوز ان يبيع السلعة من نفسه أو يشتري له المتاع من نفسه أم لا؟ وجهان بل قولان، أقواهما الأول و أحوطهما الثاني.

[مسألة: 39 إذا اختلفا في الوكالة فالقول قول منكرها]

مسألة: 39 إذا اختلفا في الوكالة فالقول قول منكرها، و لو اختلفا في التلف أو في تفريط الوكيل فالقول قول الوكيل، و إذا اختلفا في دفع المال الى الموكل فالظاهر أن القول قول الموكل، خصوصا إذا كانت بجعل. و كذا الحال فيما إذا اختلف الوصي و الموصى له في دفع المال الموصى به اليه و الأولياء حتى الأب و الجد إذا اختلفوا مع المولى عليه بعد زوال الولاية عليه في دفع ماله إليه، فإن القول قول المنكر في جميع ذلك. نعم لو اختلف الأولياء مع المولى عليهم في الإنفاق عليهم أو على ما يتعلق بهم في زمان ولايتهم، الظاهر ان القول قول الأولياء بيمينهم.

ص: 229

[كتاب الإقرار]

اشارة

كتاب الإقرار الذي هو الاخبار بحق لازم (1) على المخبر أو بنفي حق له، كقوله «له أو لك علي كذا أو عندي أو في ذمتي كذا أو هذا الذي في يدي لفلان أو ليس لي حق على فلان» و ما أشبه ذلك بأي لغة كان، بل يصح إقرار العربي بالعجمي و بالعكس و الهندي بالتركي و بالعكس إذا كان عالما بمعنى ما تلفظ به في تلك اللغة. و المعتبر فيه الجزم، بمعنى عدم إظهار الترديد و عدم الجزم به، فلو قال أظن أو احتمل انك تطلبني كذا لم يكن إقرارا.

[مسألة: 1 يعتبر في صحة الإقرار بل في حقيقته و أخذ المقر بإقراره كونه دالا على الاخبار المزبور]

مسألة: 1 يعتبر في صحة الإقرار بل في حقيقته و أخذ المقر بإقراره كونه دالا على الاخبار المزبور بالصراحة أو الظهور، فان احتمل ارادة غيره احتمالا يخل بظهوره عند أهل المحاورة لم يصح، و تشخيص ذلك راجع الى العرف و أهل اللسان كسائر التكلمات العادية، فكل كلام و لو لخصوصية مقام يفهم منه أهل اللسان انه قد أخبر بثبوت حق عليه أو سلب حق عن نفسه من غير ترديد كان ذلك إقرارا، و كل ما لم يفهم منه ذلك من جهة تطرق الاحتمال الموجب للتردد و الإجمال لم يكن إقرارا.

[مسألة: 2 لا يعتبر في الإقرار صدوره من المقر ابتداء و كونه مقصودا بالإفادة]

مسألة: 2 لا يعتبر في الإقرار صدوره من المقر ابتداء و كونه مقصودا بالإفادة بل يكفي كونه مستفادا من تصديقه لكلام آخر، و استفادة ذلك من كلامه بنوع من


1- من غير فرق بين حقوق الناس و حقوق اللّٰه تعالى، و من غير فرق بين الاعتراف بنفس الحق أو بملزومه كالإقرار بالنسب و القتل و شرب الخمر، و لا بين الأعيان و المنافع و الحقوق كحق الشفعة و حق الخيار و نحوهما.

ص: 230

الاستفادة كقوله نعم أو بلى أو أجل في جواب من قال لي عليك كذا أو قال أ ليس لي عليك كذا (1)، و كقوله في جواب من قال استقرضت ألفا أو لي عليك ألف رددتها أو أديتها لأنه إقرار منه بأصل ثبوت الحق عليه و دعوى منه بسقوطه، و مثل ذلك ما إذا قال في جواب من قال هذه الدار التي تسكنها لي اشتريتها منك، فإن الأخبار بالاشتراء اعتراف منه بثبوت الملك له و دعوى منه بانتقاله اليه. و من ذلك ما إذا قال لمن يدعي ملكية شي ء معين ملكني. نعم قد توجد قرائن على أن تصديقه لكلام الأخر ليس تصديقا حقيقيا له، فلم يتحقق الإقرار بل دخل في عنوان الإنكار، كما إذا قال في جواب من قال لي عليك ألف دينار نعم أو صدقت محركا رأسه مع صدور حركات منه دلت على انه في مقام الاستهزاء و التهكم و شدة التعجب و الإنكار.

[مسألة: 3 يشترط في المقر به أن يكون امرا لو كان المقر صادقا في اخباره]

مسألة: 3 يشترط في المقر به أن يكون امرا لو كان المقر صادقا في اخباره كان للمقر له (2) حق إلزام عليه و مطالبته به، بأن يكون مالا في ذمته عينا أو منفعة أو عملا أو ملكا تحت يده أو حقا يجوز مطالبته كحق الشفعة و الخيار و القصاص و حق الاستطراق في درب و اجراء الماء في نهر و نصب الميزاب على ملك و وضع الجذوع على حائط، أو يكون نسبا أوجب نقصا في الميراث أو حرمانا في حق المقر و غير ذلك.

[مسألة: 4 انما ينفذ الإقرار بالنسبة إلى المقر و يمضى عليه فيما يكون ضررا عليه]

مسألة: 4 انما ينفذ الإقرار بالنسبة إلى المقر و يمضى عليه فيما يكون ضررا عليه لا بالنسبة إلى غيره و لا فيما يكون فيه نفع المقر إذا لم يصدقه الغير، فإذا أقر بزوجية امرأة لم تصدقه تثبت الزوجية بالنسبة إلى وجوب إنفاقها عليه (3) لا بالنسبة إلى وجوب تمكينها منه.


1- الظاهر أن قوله «نعم» في جواب هذا السؤال لا يخلو عن إجمال. نعم إذا قال في جوابه «بلى» صريح أو ظاهر في الإقرار.
2- أو كان المقر به موضوعا لحكم شرعي على ضرر المقر أو نفع للغير، مثل الإقرار بارتكاب ما يوجب الحد أو الإقرار بكون ما في يده مسجدا و مباحا من دون حيازته و أمثال ذلك.و إذا أقر بأنه جنب يجب منعه عن التوقف في المساجد، و كذا في نظائره.
3- وجوب الإنفاق مع إنكار الزوجة النكاح ممنوع. نعم تثبت الزوجية بالنسبة إلى حرمة تزويج أختها جمعا و أمها و الخامس عليه.

ص: 231

[مسألة: 5 يصح الإقرار بالمجهول و المبهم و يقبل من المقر و يلزم]

مسألة: 5 يصح الإقرار بالمجهول و المبهم و يقبل من المقر و يلزم و يطالب بالتفسير و البيان و رفع الإبهام، و يقبل منه ما فسره به و يلزم به لو طابق التفسير مع المبهم بحسب العرف و اللغة و أمكن بحسبهما ان يكون مرادا منه، فلو قال لك علي شي ء ألزم التفسير، فإذا فسره بأي شي ء كان مما يصح ان يكون في الذمة و على العهدة يقبل منه و ان لم يكن متمولا كحبة من حنطة، و أما لو قال لك علي مال لم يقبل منه الا إذا كان ما فسره به من الأموال لا مثل حبة من حنطة أو حفنة من تراب أو الخمر أو الخنزير.

[مسألة: 6 لو قال لك علي أحد هذين مما كان تحت يده أو لك علي اما وزنة من حنطة أو شعير]

مسألة: 6 لو قال لك علي أحد هذين مما كان تحت يده أو لك علي اما وزنة من حنطة أو شعير ألزم بالتفسير و كشف الإبهام، فإن عين الزم به و لا يلزم بغيره، فان لم يصدقه المقر له و قال ليس لي ما عينت سقط حقه (1) لو كان المقر به في الذمة، و لو كان عينا كان بينهما مسلوبا بحسب الظاهر عن كل منهما فيبقى الى أن يتضح الحال و لو برجوع المقر عن إقراره أو المنكر عن إنكاره. و لو ادعى عدم المعرفة حتى يفسره، فان صدقه المقر له في ذلك و قال أنا أيضا لا أدرى فلا محيص عن الصلح أو القرعة مع احتمال الحكم بالاشتراك، و الأحوط هو الأول، و ان ادعى المعرفة و عين أحدهما فان صدقه المقر فذاك و الا فله أن يطالبه بالبينة، و مع عدمها فله ان يحلفه، و ان نكل أو لم يمكن إحلافه يكون الحال كما لو جهلا معا، فلا محيص عن التخلص بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة.

[مسألة: 7 و كما لا يضر الإبهام و الجهالة في المقر به لا يضران في المقر له]

مسألة: 7 و كما لا يضر الإبهام و الجهالة في المقر به لا يضران في المقر له، فلو قال هذه الدار التي بيدي لأحد هذين يقبل و يلزم بالتعيين، فمن عينه يقبل و يكون هو المقر له، فان صدقه الأخر فذاك و الا تقع المخاصمة بينه و بين من عينه المقر. و لو ادعى عدم المعرفة و صدقاه في ذلك سقط عنه الإلزام بالتعيين، و لو ادعيا أو أحدهما عليه العلم كان القول قوله بيمينه.


1- يعنى يلزم بإقراره إلا إذا قال ذلك بقصد الإبراء و كان كلامه ظاهرا فيه فيسقط حقه واقعا، و هذا خارج عن مسألة الإقرار.

ص: 232

[مسألة: 8 يعتبر في المقر البلوغ و العقل و القصد و الاختيار]

مسألة: 8 يعتبر في المقر البلوغ و العقل و القصد و الاختيار، فلا اعتبار بإقرار الصبي و المجنون و السكران، و كذا الهازل و الساهي و الغافل، و كذا المكره. نعم لا يبعد صحة إقرار الصبي إذا تعلق بماله ان يفعله (1) كالوصية بالمعروف ممن له عشر سنين.

[مسألة: 9 السفيه ان أقر بمال في ذمته أو تحت يده لم يقبل و يقبل فيما عدا المال كالطلاق و الخلع]

مسألة: 9 السفيه ان أقر بمال في ذمته أو تحت يده لم يقبل و يقبل فيما عدا المال كالطلاق و الخلع (2) و نحوهما، و ان أقر بأمر مشتمل على مال و غيره كالسرقة لم يقبل بالنسبة إلى المال و قبل بالنسبة إلى غيره، فيحد من أقر بالسرقة و لا يلزم بأداء المال.

[مسألة: 10 المملوك لا يقبل إقراره بما يوجب حدا عليه]

مسألة: 10 المملوك لا يقبل إقراره (3) بما يوجب حدا عليه، و لا بجناية أوجبت أرشا أو قصاصا أو استرقاقا، و لا بمال تحت يده من مولاه أو من نفسه بناء على ملكه. نعم لو كان مأذونا في التجارة من مولاه يقبل إقراره بما يتعلق بها و يؤخذ ما أقر به مما في يده، فان كان أكثر لم يضمنه المولى بل يضمنه المملوك يتبع به إذا أعتق، كما انه لو أقر بما يوجب مالا على ذمته من إتلاف و نحوه يقبل في حقه و يتبع به إذا أعتق.

[مسألة: 11 يقبل إقرار المفلس بالدين سابقا و لاحقا]

مسألة: 11 يقبل إقرار المفلس بالدين سابقا و لاحقا، و يشارك المقر له مع الغرماء على التفصيل الذي تقدم في كتاب الحجر، كما تقدم الكلام في إقرار المريض بمرض الموت و انه نافذ الا مع التهمة، فينفذ بمقدار الثلث.

[مسألة: 12 إذا ادعى الصبي البلوغ، فان ادعاه بالإنبات اعتبر و لا يثبت بمجرد دعواه]

مسألة: 12 إذا ادعى الصبي البلوغ، فان ادعاه بالإنبات اعتبر و لا يثبت بمجرد دعواه، و كذا ان ادعاه بالسن فإنه يطالب بالبينة، و أما لو ادعاه بالاحتلام في


1- ان قلنا بصحته.
2- يعنى يقبل إقراره بطلاق الخلع على ضرره، فيمنع عن رجوعه الى زوجته قبل رجوعها الى البذل.
3- ان لم يصدقه المولى و الا يقبل قوله سواء كان في الحدود أو في الأموال و يعجل الحد و يؤخذ المال. نعم لو أقر بمال في ذمته غير مربوط بالمولى فيتبع به بعد العتق سواء صدقة أم لم يصدقه، و اما الحدود إذا لم يصدقه المولى فاجراؤها بعد محل تأمل، لأن الحدود تدرأ بالشبهة. نعم لو أقر بعد العتق أيضا قبل التوبة فالظاهر عدم المانع من إجرائها.

ص: 233

الحد الذي يمكن وقوعه فثبوته بقوله بلا يمين بل مع اليمين محل تأمل و إشكال.

[مسألة: 13 يعتبر في المقر له أن يكون له أهلية الاستحقاق]

مسألة: 13 يعتبر في المقر له أن يكون له أهلية الاستحقاق، فلو أقر لدابة (1) مثلا لغا. نعم لو أقر لمسجد أو مشهد أو مقبرة أو رباط أو مدرسة و نحوها بمال الظاهر قبوله و صحته، حيث ان المقصود من ذلك في المتعارف اشتغال ذمته ببعض ما يتعلق بها من غلة موقوفاتها أو المنذور أو الموصى به لمصالحها و نحوها.

[مسألة: 14 إذا كذب المقر له المقر في إقراره]

مسألة: 14 إذا كذب المقر له المقر في إقراره، فإن كان المقر به دينا أو حقا لم يطالب به المقر و فرغت ذمته في الظاهر، و ان كان عينا كانت مجهول المالك بحسب الظاهر فتبقى في يد المقر أو في يد الحاكم الى ان يتبين مالكه. هذا بحسب الظاهر، و أما بحسب الواقع فعلى المقر بينه و بين اللّٰه تفريغ ذمته من الدين و تخليص نفسه من العين بالإيصال إلى المالك و ان كان بدسه في أمواله، و لو رجع المقر له عن إنكاره يلزم المقر بالدفع إليه (2).

[مسألة: 15 إذا أقر بشي ء ثم عقبه بما يضاده و ينافيه يؤخذ بإقراره و يلغى ما ينافيه]

مسألة: 15 إذا أقر بشي ء ثم عقبه بما يضاده و ينافيه يؤخذ بإقراره و يلغى ما ينافيه، فلو قال له علي عشرة لا بل تسعة يلزم بالعشرة، و لو قال له علي كذا و هو من ثمن الخمر أو بسبب القمار يلزم بالمال و لا يسمع منه ما عقبه، و كذا لو قال عندي وديعة و قد هلكت، فان اخباره بتلف الوديعة و هلاكها ينافي قوله له عندي الظاهر في وجودها عنده. نعم لو قال كانت له عندي وديعة و قد هلكت فهو بحسب الظاهر إقرار بالإيداع عنده سابقا و لا تنافي بينه و بين طرو الهلاك عليها، لكن هذا دعوى منه لا بد من فصلها على الموازين الشرعية.

[مسألة: 16 ليس الاستثناء من التعقيب بالمنافي]

مسألة: 16 ليس الاستثناء من التعقيب بالمنافي، بل يكون المقر به ما بقي بعد الاستثناء ان كان الاستثناء من المثبت و نفس المستثنى ان كان الاستثناء من المنفي، لأن الاستثناء من الإثبات نفي و من النفي إثبات، فلو قال له علي عشرة إلا درهما أو هذه


1- ان لم يرجع الى الإقرار لصاحب الدابة و لم تكن الدابة موقوفة.
2- ما دام باقيا على إقراره.

ص: 234

الدار التي بيدي لزيد إلا القبة الفلانية كان إقرارا بالتسعة و بالدار ما عدا القبة، و لو قال ما له علي شي ء إلا درهم أو ليس له من هذه الدار إلا القبة الفلانية كان إقرارا بدرهم و القبة. هذا إذا كان الاخبار بالإثبات أو النفي متعلقا بحق الغير عليه، و أما لو كان متعلقا بحقه على الغير كان الأمر بالعكس، فلو قال لي عليك عشرة إلا درهما اولي هذه الدار إلا القبة الفلانية كان إقرارا بالنسبة إلى نفي حقه عن الدراهم الزائد على التسعة و نفي ملكية القبة، فلو ادعى بعد ذلك استحقاقه تمام العشرة أو تمام الدار حتى القبة لم يسمع منه، و لو قال ليس لي عليك الا درهم أو ليس لي من هذه الدار إلا القبة الفلانية كان إقرارا منه بنفي استحقاق ما عدا درهم و ما عدا القبة.

[مسألة: 17 لو أقر بعين لشخص ثم أقر بها لشخص آخر- كما إذا قال هذه الدار لزيد]

مسألة: 17 لو أقر بعين لشخص ثم أقر بها لشخص آخر- كما إذا قال هذه الدار لزيد ثم قال بل لعمرو- حكم بكونها للأول و أعطيت له و أغرم للثاني بقيمتها.

[مسألة: 18 من الأقارير النافذة الإقرار بالنسب كالبنوة و الاخوة و غيرهما]

مسألة: 18 من الأقارير النافذة الإقرار بالنسب كالبنوة و الاخوة و غيرهما، و المراد بنفوذه إلزام المقر و أخذه بإقراره بالنسبة الى ما عليه من وجوب إنفاق أو حرمة نكاح أو مشاركته معه في إرث أو وقف و نحو ذلك، و أما ثبوت النسب بين المقر و المقر به بحيث يترتب جميع آثاره ففيه تفصيل، و هو أنه ان كان الإقرار بالولد و كان صغيرا غير بالغ يثبت ولادته بإقراره إذا لم يكذبه الحس و العادة، كالإقرار ببنوة من يقاربه في السن بما لم تجر العادة بتولده من مثله، و لا الشرع كإقراره ببنوة من كان ملتحقا بغيره من جهة الفراش و نحوه و لم ينازعه فيه منازع، فحينئذ يثبت بإقراره كونه ولدا له و يترتب جميع آثاره و يتعدى الى أنسابهما، فيثبت بذلك كون ولد المقر به حفيدا للمقر و ولد المقر أخا للمقر به و أبيه جده و يقع التوارث بينهما و كذا بين أنسابهما بعضهم مع بعض، و كذا الحال لو كان كبيرا و صدق المقر في إقراره مع الشروط المزبورة، و ان كان الإقرار بغير الولد- و ان كان ولد ولد- فان كان المقر به كبيرا أو صدقه أو كان صغيرا و صدقه بعد بلوغه يتوارثان إذا لم يكن لهما وارث معلوم و محقق، و لا يتعدى التوارث الى غيرهما من أنسابهما حتى إلى أولادهما، و مع

ص: 235

عدم التصادق أو وجود وارث محقق لا يثبت بينهما النسب الموجب للتوارث بينهما إلا بالبينة.

[مسألة: 19 إذا أقر بولد صغير فثبت نسبه ثم بلغ فأنكر لم يلتفت الى إنكاره]

مسألة: 19 إذا أقر بولد صغير فثبت نسبه ثم بلغ فأنكر لم يلتفت الى إنكاره.

[مسألة: 20 إذا أقر أحد ولدي الميت بولد آخر و أنكر الأخر لم يثبت نسب المقر به]

مسألة: 20 إذا أقر أحد ولدي الميت بولد آخر و أنكر الأخر لم يثبت نسب المقر به، فيأخذ المنكر نصف التركة و يأخذ المقر الثلث، حيث ان هذا نصيبه بمقتضى إقراره و يأخذ المقر به السدس، و هو تكملة نصيب المقر و قد تنقص بسبب إقراره.

[مسألة: 21 لو كان للميت أخوة و زوجة فأقرت بولد له كان لها الثمن و كان الباقي للولد]

مسألة: 21 لو كان للميت أخوة و زوجة فأقرت بولد له كان لها الثمن و كان الباقي للولد ان صدقها الاخوة، و ان أنكروا كان لهم ثلاثة أرباع و للزوجة الثمن و باقي حصتها للولد.

[مسألة: 22 إذا مات صبي مجهول النسب فأقر إنسان ببنوته ثبت نسبه و كان ميراثه للمقر]

مسألة: 22 إذا مات صبي مجهول النسب فأقر إنسان ببنوته (1) ثبت نسبه و كان ميراثه للمقر إذا كان له مال.

[مسألة: 23 ينفذ إقرار المريض كالصحيح و يصح الا في فرض الموت مع التهمة]

مسألة: 23 ينفذ إقرار المريض كالصحيح و يصح الا في فرض الموت مع التهمة فلا ينفذ إقراره فيما زاد على الثلث، سواء أقر لوارث أو أجنبي، و قد تقدم في كتاب الحجر.

[مسألة: 24 لو أقر الورثة بأسرهم بدين على الميت أو بشي ء من ماله للغير كان مقبولا]

مسألة: 24 لو أقر الورثة بأسرهم بدين على الميت أو بشي ء من ماله للغير كان مقبولا لانه كإقرار الميت، و لو أقر بعضهم و أنكر البعض فإن أقر اثنان و كانا عدلين ثبت الدين على الميت و كذا العين للمقر له بشهادتهما، و ان لم يكونا عدلين أو كان المقر واحدا نفذ إقرار المقر في حق نفسه خاصة و يؤخذ منه من الدين الذي أقر به مثلا بنسبة نصيبه من التركة، فإذا كانت التركة مائة و نصيب كل من الوارثين خمسين فأقر أحدهما لأجنبي بخمسين و كذبه الأخر أخذ المقر له من نصيب المقر خمسة و عشرين، و كذا الحال فيما إذا أقر بعض الورثة بأن الميت أوصى لأجنبي بشي ء و أنكر البعض.


1- و لم يكن له منازع فينازعه.

ص: 236

[كتاب الهبة]

اشارة

كتاب الهبة و هي تمليك عين مجانا و من غير عوض (1)، و قد يعبر عنها بالعطية و النحلة، و هي عقد يفتقر إلى إيجاب و قبول، و يكفي في الإيجاب كل لفظ دال على التمليك المذكور، مثل «وهبتك» أو «ملكتك» أو «هذا لك» و نحو ذلك، و في القبول كل ما دل على الرضا بالإيجاب. و لا يعتبر فيه العربية، و الأقوى وقوعها بالمعاطاة بتسليم العين و تسلمها بعنوان التمليك و التملك.

[مسألة: 1 يعتبر في كل من الواهب و الموهوب له]

مسألة: 1 يعتبر في كل من الواهب و الموهوب له (2) البلوغ و العقل و القصد و الاختيار، و في الواهب عدم الحجر عليه بسفه أو فلس، و تصح من المريض بمرض الموت و ان زاد على الثلث بناء على ما هو الأقوى من أن منجزات المريض تنفذ من الأصل كما تقدم في كتاب الحجر.

[مسألة: 2 يشترط في الموهوب أن يكون عينا]

مسألة: 2 يشترط في الموهوب أن يكون عينا، فلا تصح هبة المنافع. و أما الدين فان كانت لمن عليه الحق صحت بلا اشكال و أفادت فائدة الإبراء، و يعتبر فيها القبول على الأحوط لو لم يكن الأقوى، و ان لم يعتبر في الإبراء على الأقوى. و الفرق بين هذه الهبة و الإبراء ان الثاني إسقاط لما في ذمة المديون و هذه تمليك له، و ان كان


1- يعنى من غير عوض من الموهوب، فلا ينتقض بالهبة المعوضة، لأن العوض فيها عوض عن نفس الهبة دون الموهوب، و يشترط في الهبة المصطلحة أن تكون منجزة مجردة عن القربة فتمتاز عن الوصية و الصدقات.
2- و يعتبر أيضا في الموهوب له قابلية تملك الموهوب، فلا تصح هبة المصحف و المسلم للكافر.

ص: 237

يترتب عليه السقوط كبيع الدين على من عليه الدين، و ان كانت لغير من عليه الحق ففيه إشكال (1).

[مسألة: 3 يشترط في صحة الهبة قبض الموهوب له و لو في غير مجلس العقد]

مسألة: 3 يشترط في صحة الهبة قبض الموهوب له و لو في غير مجلس العقد، و يشترط في صحة القبض كونه بإذن الواهب. نعم لو وهب ما كان في يد الموهوب له صح و لا يحتاج الى قبض جديد و لا مضي زمان يمكن فيه القبض، و كذا لو كان الواهب وليا على الموهوب له كالأب و الجد للولد الصغير و قد وهبه ما في يده صح بمجرد العقد لان قبض الولي قبض عن المولى عليه، و الأحوط أن يقصد القبض عن المولى عليه بعد الهبة، و لو وهب الصغير غير الولي فلا بد من القبض و يتولاه الولي.

[مسألة: 4 القبض في الهبة كالقبض في البيع]

مسألة: 4 القبض في الهبة كالقبض في البيع، و هو في غير المنقول كالدار و البستان التخلية برفع يده عنه و رفع المنافيات و الاذن للموهوب له في التصرف بحيث صار تحت استيلائه، و في المنقول الاستقلال و الاستيلاء عليه باليد أو ما هو بمنزلته كوضعه في حجره أو في جيبه و نحو ذلك.

[مسألة: 5 يجوز هبة المشاع لإمكان قبضه و لو بقبض المجموع بإذن الشريك أو بتوكيل المتهب]

مسألة: 5 يجوز هبة المشاع لإمكان قبضه و لو بقبض المجموع بإذن الشريك أو بتوكيل المتهب إياه في قبض الحصة الموهوبة عنه، بل الظاهر تحقق القبض الذي هو شرط للصحة في المشاع باستيلاء المتهب عليه من دون اذن الشريك أيضا، و ترتب الأثر عليه و ان كان تعديا (2) بالنسبة إليه.

[مسألة: 6 لا يعتبر الفورية في القبض و لا كونه في مجلس العقد]

مسألة: 6 لا يعتبر الفورية في القبض و لا كونه في مجلس العقد، فيجوز فيه التراخي عن العقد و لو بزمان كثير، و لو تراخى يحصل الانتقال الى الموهوب له من حينه، فما كان له من النماء سابقا على القبض يكون للواهب.

[مسألة: 7 لو مات الواهب بعد العقد و قبل القبض بطل العقد]

مسألة: 7 لو مات الواهب بعد العقد و قبل القبض بطل العقد و انفسخ و انتقل


1- و الأقوى عدم الصحة.
2- مثل أن يقبض المجموع للمتهب من دون اذن الشريك، فيكون المتهب غاصبا لحصة الشريك، و يكفي مثل هذا القبض لصحة الهبة.

ص: 238

الموهوب الى ورثته و لا يقومون في مقامه في الإقباض، فيحتاج إلى إيقاع هبة جديدة بينهم و بين الموهوب له، كما أنه لو مات الموهوب له لا يقوم ورثته مقامه في القبض بل يحتاج إلى هبة جديدة من الواهب إياهم.

[مسألة: 8 إذا تمت الهبة بالقبض فان كانت لذي رحم أبا كان أو أما أو ولدا أو غيرهم]

مسألة: 8 إذا تمت الهبة بالقبض فان كانت لذي رحم أبا كان أو أما أو ولدا أو غيرهم و كذا ان كانت للزوج أو الزوجة على الأقوى لم يكن للواهب الرجوع في هبته، و ان كانت لأجنبي غير الزوج و الزوجة كان له الرجوع فيها ما دامت العين باقية (1)، فان تلفت كلا أو بعضا (2) فلا رجوع، و كذا لا رجوع ان عوض المتهب عنها و لو كان يسيرا، من غير فرق بين ما كان إعطاء العوض لأجل اشتراطه في الهبة و بين غيره بأن أطلق في العقد لكن المتهب أثاب الواهب و أعطاه العوض، و كذا لا رجوع فيها لو قصد الواهب في هبته القربة أو أراد بها وجه اللّٰه تعالى.

[مسألة: 9 يلحق بالتلف التصرف الناقل كالبيع و الهبة أو المغير للعين]

مسألة: 9 يلحق بالتلف التصرف الناقل كالبيع و الهبة أو المغير للعين بحيث يصدق معه عدم قيام العين بعينها كالحنطة يطحنها و الدقيق يخبزه و الثوب يفصله أو يصبغه و نحو ذلك، دون غير المغير كالثوب يلبسه و الفراش يفرشه و الدابة يركبها أو يعلفها أو يسقيها و نحوها، فإن أمثال ذلك لا يمنع عن الرجوع. من الأول على الظاهر الامتزاج الرافع للامتياز و لو بالجنس، كما أن من الثاني على الظاهر قصارة الثوب (3).

[مسألة: 10 فيما جاز للواهب الرجوع في هبته لا فرق بين الكل و البعض]

مسألة: 10 فيما جاز للواهب الرجوع في هبته لا فرق بين الكل و البعض، فلو وهب شيئين لأجنبي بعقد واحد يجوز له الرجوع في أحدهما، بل لو وهب شيئا واحدا يجوز له الرجوع في بعضه مشاعا أو معينا أو مفروزا.

[مسألة: 11 الهبة اما معوضة أو غير معوضة]

مسألة: 11 الهبة اما معوضة أو غير معوضة، و المراد بالأولى ما شرط فيها الثواب و العوض و ان لم يعط العوض أو عوض عنها و ان لم يشترط فيها العوض.

[مسألة: 12 إذا وهب و أطلق لم يلزم على المتهب إعطاء الثواب و العوض]

مسألة: 12 إذا وهب و أطلق لم يلزم على المتهب إعطاء الثواب و العوض،


1- قائمة بعينها كما في الصحيح.
2- بحيث لا تبقى قائمة بعينها.
3- إذا لم يحدث فيه بسببها نقص لم يصدق معه القيام بعينها.

ص: 239

سواء كانت من الأدنى للأعلى أو العكس أو من المساوي للمساوي، و ان كان الاولى بل الأحوط في الصورة الأولى إعطاء العوض. و كيف كان لو اعطى العوض لم يجب على الواهب قبوله، و ان قبل و أخذه لزمت الهبة و لم يكن له الرجوع فيما وهبه و لم يكن للمتهب (1) أيضا الرجوع في ثوابه.

[مسألة: 13 إذا شرط الواهب في هبته على المتهب إعطاء العوض]

مسألة: 13 إذا شرط الواهب في هبته على المتهب إعطاء العوض- بأن يهبه شيئا مكافأة و ثوابا لهبته- و وقع منه القبول على ما اشترط و كذا القبض للموهوب يلزم عليه دفع العوض (2)، فان دفع لزمت الهبة الأولى على الواهب و الا فله الرجوع في هبته.

[مسألة: 14 لو عين العوض في الهبة المشروط فيها العوض تعين و يلزم على المتهب بذل ما عين]

مسألة: 14 لو عين العوض في الهبة المشروط فيها العوض تعين و يلزم على المتهب بذل ما عين، و لو أطلق- بأن شرط عليه أن يثيب و يعوض و لم يعين العوض- فان اتفقا على قدر فذاك و الا وجب عليه ان يثيب مقدار الموهوب مثلا أو قيمة (3).

[مسألة: 15 الظاهر أنه لا يعتبر في الهبة المشروط فيها العوض أن يكون التعويض المشروط بعنوان الهبة]

مسألة: 15 الظاهر أنه لا يعتبر في الهبة المشروط فيها العوض أن يكون التعويض المشروط بعنوان الهبة، بأن يشترط على المتهب أن يهبه شيئا، بل يجوز أن يكون بعنوان الصلح عن شي ء، بأن يشترط عليه ان يصالحه عن مال أو حق، فإذا صالحه عنه و تحقق منه القبول فقد عوضه و لم يكن له الرجوع في هبته، و كذا يجوز أن يكون إبراء عن حق أو إيقاع عمل له كخياطة ثوبه أو صياغة خاتمه و نحو ذلك، فإذا أبرأه عن ذلك الحق أو عمل له ذلك العمل فقد أثابه و عوضه.

[مسألة: 16 لو رجع الواهب في هبته فيما جاز له الرجوع و كان في الموهوب نماء منفصل حدث بعد العقد و القبض]

مسألة: 16 لو رجع الواهب في هبته فيما جاز له الرجوع و كان في الموهوب نماء منفصل حدث بعد العقد و القبض كالثمرة و الحمل و الولد و اللبن في الضرع كان من مال المتهب و لا يرجع الى الواهب، بخلاف المتصل كالسمن فإنه يرجع اليه.


1- فيه اشكال لعدم صدق المعوضة على تلك الهبة و لم يصدق أنه أثيب في هبته إلا بالمسامحة العرفية. نعم مع الشك مقتضى الاستصحاب عدم تأثير الرجوع بعد القبض.
2- ان كان معينا و ان كان مطلقا فيأتي حكمه إن شاء اللّٰه تعالى.
3- و يجوز له في هذه الصورة رد العين الموهوبة عوضا و ثوابا بدل المثل أو القيمة.

ص: 240

و يحتمل أن يكون ذلك مانعا عن الرجوع لعدم كون الموهوب معه قائما بعينه، بل لا يخلو من قوة (1).

[مسألة: 17 لو مات الواهب بعد اقباض الموهوب لزمت الهبة]

مسألة: 17 لو مات الواهب بعد اقباض الموهوب لزمت الهبة و ان كانت لأجنبي و لم تكن معوضة و ليس لورثته الرجوع، و كذلك لو مات الموهوب له، فينتقل الموهوب الى ورثته انتقالا لازما.

[مسألة: 18 لو باع الواهب العين الموهوبة فإن كانت الهبة لازمة بأن كانت لذي رحم]

مسألة: 18 لو باع الواهب (2) العين الموهوبة فإن كانت الهبة لازمة بأن كانت لذي رحم أو معوضة أو قصد بها القربة يقع البيع فضوليا، فإن أجاز المتهب صح و الا بطل، و ان كانت غير لازمة فالظاهر صحة البيع و وقوعه من الواهب و كان رجوعا في الهبة. هذا إذا كان ملتفتا الى هبته، و أما لو كان ناسيا أو غافلا و ذاهلا ففي كونه رجوعا قهريا تأمل و اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 19 الرجوع اما بالقول، كأن يقول «رجعت» و ما يفيد معناه]

مسألة: 19 الرجوع اما بالقول، كأن يقول «رجعت» و ما يفيد معناه، و اما بالفعل كاسترداد العين و أخذها من يد المتهب، و من ذلك بيعها بل و إجارتها و رهنها إذا كان ذلك بقصد الرجوع.

[مسألة: 20 لا يشترط في الرجوع اطلاع المتهب]

مسألة: 20 لا يشترط في الرجوع اطلاع المتهب، فلو أنشأ الرجوع من غير اطلاعه صح.

[مسألة: 21 يستحب العطية للأرحام الذين أمر اللّٰه تعالى أكيدا بصلتهم و نهى شديدا عن قطيعتهم]

مسألة: 21 يستحب العطية للأرحام الذين أمر اللّٰه تعالى أكيدا بصلتهم و نهى شديدا عن قطيعتهم، فعن مولانا الباقر عليه السلام: في كتاب علي عليه السلام ثلاثة لا يموت صاحبهن ابدا حتى يرى وبالهن: البغي، و قطيعة الرحم، و اليمين الكاذبة يبارز اللّٰه بها. و ان أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم، و ان القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمي أموالهم و يثرون، و ان اليمين الكاذبة و قطيعة الرحم ليذران الديار بلاقع من أهلها، و خصوصا الوالدين الذين أمر اللّٰه تعالى ببرهما، فعن مولانا الصادق


1- إلا إذا كان السمن يسيرا بحيث يصدق انها قائمة بعينها عرفا.
2- بعد قبض المتهب.

ص: 241

عليه السلام ان رجلا اتى النبي صلى اللّٰه عليه و آله و قال: أوصني. قال: لا تشرك باللّه شيئا و ان أحرقت بالنار و عذبت الا و قلبك مطمئن بالايمان، و والديك فأطعمها و برهما حين كانا أو ميتين، و ان أمراك ان تخرج من أهلك و مالك فافعل فان ذلك من الايمان.

و عن منصور بن حازم عنه عليه السلام قال: قلت أي الأعمال أفضل؟ قال:

الصلاة لوقتها و بر الوالدين و الجهاد في سبيل اللّٰه.

و لا سيما الام التي يتأكد برها و صلتها أزيد من الأب، فعن الصادق عليه السلام:

جاء رجل الى النبي صلى اللّٰه عليه و آله فقال: يا رسول اللّٰه من أبر؟ قال: أمك.

قال: ثم الى من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أباك.

و عنه عليه السلام: انه سئل صلى اللّٰه عليه و آله عن بر الوالدين قال: ابرر أمك، ابرر أمك، ابرر أمك، ابرر أباك، ابرر أباك، ابرر أباك. و بدأ بالأم قبل الأب.

و الاخبار في هذه المعاني كثيرة لا تحصى فلتطلب من مظانها.

[مسألة: 22 يجوز تفضيل بعض الولد على بعض في العطية على كراهية]

مسألة: 22 يجوز تفضيل بعض الولد على بعض في العطية على كراهية، و ربما يحرم إذا كان سببا لإثارة الفتنة و الشحناء و البغضاء المؤدية إلى الفساد، كما انه ربما يفضل التفضيل فيما إذا يؤمن من الفساد و يكون لبعضهم خصوصية موجبة لأولوية رعايته.

ص: 242

[كتاب الوقف و أخواته]

اشارة

كتاب الوقف و أخواته الوقف هو تحبيس العين و تسبيل منفعتها، و فيه فضل كثير و ثواب جزيل، قال رسول اللّٰه (1) صلى اللّٰه عليه و آله: إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا عن ثلاثة: ولد صالح يدعو له، و علم ينتفع به بعد موته، و صدقة جارية. و فسرت الصدقة الجارية بالوقف.

[مسائل في الوقف]

[مسألة: 1 يعتبر في الوقف الصيغة]

مسألة: 1 يعتبر في الوقف الصيغة (2)، و هي كل ما دل على إنشاء المعنى المذكور مثل «وقفت» و «حبست» و «سبلت» بل و «تصدقت» إذا اقترن به بعض ما يدل على ارادة المعنى المقصود، كقوله «صدقة مؤبدة لاتباع و لا توهب» و نحو ذلك، و كذا قوله «جعلت أرضي أو داري أو بستاني موقوفة أو محبسة أو مسبلة على كذا».

و لا يعتبر فيه العربية و لا الماضوية، بل يكفي الجملة الاسمية كقوله هذا وقف أو هذه أرضي موقوفة أو محبسة أو مسبلة.

[مسألة: 2 لا بد في وقف المسجد قصد عنوان المسجدية]

مسألة: 2 لا بد في وقف المسجد قصد عنوان المسجدية، فلو وقف مكانا على صلاة المصلين و عبادة المتعبدين لم يصر بذلك مسجدا ما لم يكن المقصود ذلك العنوان، و الظاهر كفاية قوله «جعلته مسجدا» في صيغته و ان لم يذكر ما يدل على


1- على ما رواه العامة، و قريب منه ما رواه في الكافي عن الحلبي عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته و صدقة مبتولة لا تورث، أو سنة هدى يعمل بها بعد موته، أو ولد صالح يدعو له. و الاخبار في فضله كثيرة.
2- و يأتي كفاية المعاطاة في بعض الموارد.

ص: 243

وقفه و تحبيسه و ان كان أحوط، بأن يقول وقفت هذا المكان أو هذا البنيان مسجدا أو على أن يكون مسجدا.

[مسألة: 3 الظاهر كفاية المعاطاة في مثل المساجد و المقابر و الطرق و الشوارع]

مسألة: 3 الظاهر كفاية المعاطاة في مثل المساجد و المقابر و الطرق و الشوارع و القناطر و الربط المعدة لنزول المسافرين و الأشجار المغروسة لانتفاع المارة بظلها أو ثمرها، بل و مثل البواري للمساجد و القناديل للمشاهد و أشباه ذلك. و بالجملة ما كان محبسا على مصلحة عامة، فلو بنى بناء بعنوان المسجدية و اذن في الصلاة فيه للعموم و صلى فيه بعض الناس كفى في وقفه و صيرورته مسجدا، و كذا لو عين قطعة من الأرض لأن تكون مقبرة للمسلمين و خلى بينها و بينهم و اذن اذنا عاما لهم في الإقبار فيها فأقبروا فيها بعض الأموات، أو بنى قنطرة و خلى بينها و بين العابرين فشرعوا في العبور عليها، و هكذا.

[مسألة: 4 ما ذكرنا من كفاية المعاطاة في المسجد انما هو فيما إذا كان أصل البناء و التعمير في المسجد بقصد المسجدية]

مسألة: 4 ما ذكرنا من كفاية المعاطاة في المسجد انما هو فيما إذا كان أصل البناء و التعمير في المسجد بقصد المسجدية، بأن نوى ببنائه و تعميره أن يكون مسجدا، خصوصا إذا حاز أرضا مباحا لأجل المسجد و بنى فيها بتلك النية. و أما إذا كان له بناء مملوك له كدار أو خان فنوى ان يكون مسجدا و صرف الناس بالصلاة فيه من دون إجراء صيغة الوقف عليه يشكل الاكتفاء (1) به. و كذلك الحال في مثل الرباط و القنطرة، فإذا بنى رباطا في ملكه أو في أرض مباح للمارة و المسافرين ثم خلى بينه و بينهم و نزل به بعض القوافل كفى ذلك في وقفية تلك الجهة، بخلاف ما إذا كان له خان مملوك له معد للإجارة و محلا للتجارة مثلا فنوى أن يكون وقفا على الغرباء و النازلين من المسافرين و خلى بينه و بينهم من دون إجراء صيغة الوقف عليه.

[مسألة: 5 لا إشكال في جواز التوكيل في الوقف]

مسألة: 5 لا إشكال في جواز التوكيل في الوقف، و في جريان الفضولية


1- الظاهر انه بناء على كفاية المعاطاة في الوقف يكفي تسليم الدار الى المسلمين بقصد كونها مسجدا، و كذا الخان إذا خلى اليد عنه و سلمه بقصد الوقف الى الغرباء أو الى من قصد كونه متوليا. و المناط في جميع الأمثلة هو الإقباض بقصد الوقف و لا مدخلية للبقاء بهذا القصد في صحة المعاطاة.

ص: 244

فيه خلاف و اشكال، لا يبعد جريانها فيه (1)، لكن الأحوط خلافه، فلو وقع فضولا لا يكتفى بالإجازة، بل تجدد الصيغة.

[مسألة: 6 الأقوى عدم اعتبار القبول في الوقف على الجهات العامة]

مسألة: 6 الأقوى عدم اعتبار القبول في الوقف على الجهات العامة كالمساجد و المقابر و القناطر و نحوها، و كذا الوقف على العناوين الكلية كالوقف على الفقراء و الفقهاء و نحوهم. و أما الوقف الخاص كالوقف على الذرية فالأحوط اعتباره فيه (2)، فيقبله الموقوف عليهم و ان كانوا صغارا قام به وليهم، و يكفي قبول الموجودين و لا يحتاج الى قبول ابن سيوجد منهم بعد وجوده. و الأحوط رعاية القبول (3) في الوقف العام أيضا، و القائم به الحاكم أو المنصوب من قبله.

[مسألة: 7 الأحوط قصد القربة في الوقف]

مسألة: 7 الأحوط قصد القربة (4) في الوقف، و ان كان في اعتباره نظر، خصوصا في الوقف الخاص كالوقف على زيد و ذريته و نحو ذلك.

[مسألة: 8 يشترط في صحة الوقف القبض]

مسألة: 8 يشترط في صحة الوقف القبض، و يعتبر فيه أن يكون بإذن الواقف ففي الوقف الخاص- و هو الوقف الذي كان على أشخاص كالوقف على أولاده و ذريته- يعتبر قبض الموقوف عليهم (5) و يكفي قبض الطبقة الأولى عن بقية الطبقات، فلا يعتبر قبض الطبقات اللاحقة، بل يكفي قبض الموجودين من الطبقة الأولى عمن يوجد منه فيما بعد، فإذا وقف على أولاده ثم على أولاد أولاده و كان الموجود من أولاده ثلاثة فقبضوا ثم تولد رابع بعد ذلك فلا حاجة الى قبضه، و لو كان الموجودون جماعة فقبض بعضهم دون بعض صح بالنسبة الى من قبض و بطل بالنسبة الى من لم يقبض.


1- في الوقف الخاص المجرد عن قصد القربة على القول بصحتها، و أما الوقف الملازم لقصد القربة فجريانها فيه بعيد بل ممنوع.
2- بل الأقوى.
3- لا ينبغي ترك هذا الاحتياط.
4- لا يترك هذا الاحتياط حتى في الوقف الخاص.
5- أو وليهم أو من جعله الواقف قيما و متوليا.

ص: 245

و أما الوقف على الجهات و المصالح كالمساجد و ما وقف عليها، فان جعل الواقف له قيما و متوليا اعتبر قبضه (1) أو قبض الحاكم، و الأحوط عدم الاكتفاء بالثاني مع وجود الأول، و ان لم يكن قيم تعين قبض الحاكم. و كذا الحال في الوقف على العناوين العامة كالفقراء و الطلبة و العلماء. و هل يكفي قبض بعض المستحقين من افراد ذلك العنوان العام بأن يقبض مثلا فقير من الفقراء في الوقف على الفقراء أو عالم من العلماء في الوقف على العلماء. قيل نعم و قيل لا، و لعل الأول هو الأقوى فيما إذا سلم الوقف الى المستحق لاستيفاء ما يستحق، كما إذا سلم الدار الموقوفة على سكنى الفقراء الى فقير فسكنها، أو الدابة الموقوفة على الزوار و الحجاج إلى زائر و حاج فركبها.

نعم لا يكفي مجرد استيفاء المنفعة و الثمرة من دون استيلاء على العين، فإذا وقف بستانا على الفقراء لا يكفي في القبض إعطاء شي ء من ثمرتها لبعض الفقراء مع كون البستان تحت يده.

[مسألة: 9 لو وقف مسجدا أو مقبرة كفى في قبضها صلاة واحدة في المسجد]

مسألة: 9 لو وقف مسجدا أو مقبرة كفى في قبضها صلاة واحدة في المسجد (2) و دفن ميت واحد في المقبرة.

[مسألة: 10 لو وقف الأب على أولاده الصغار لم يحتج الى قبض جديد]

مسألة: 10 لو وقف الأب على أولاده الصغار لم يحتج الى قبض جديد، و كذا كل ولي إذا وقف على المولى عليه، لان قبض الولي قبض المولى عليه، و الأحوط أن يقصد كون قبضه عنه (3).

[مسألة: 11 فيما يعتبر أو يكفي قبض المتولي كالوقف على الجهات العامة لو جعل الواقف التولية لنفسه]

مسألة: 11 فيما يعتبر أو يكفي قبض المتولي كالوقف على الجهات العامة لو جعل الواقف التولية لنفسه لا يحتاج الى قبض آخر و يكفي قبضه الذي هو حاصل.

[مسألة: 12 لو كانت العين الموقوفة بيد الموقوف عليه قبل الوقف]

مسألة: 12 لو كانت العين الموقوفة بيد الموقوف عليه قبل الوقف بعنوان


1- و يكفي في إقباضه على تلك الجهة ان يفتح مثلا باب المسجد و يأذن للصلاة فيه فيصلون فيه، و كذا الخان للغرباء و القنطرة للعابرين فيسكنون فيها و يعبرون عليها و ان لم يطلع عليه المتولي و لم يأذن به، و بهذا الاعتبار يكفي قبض الحاكم لأنه ولي الجهة.
2- بإذن الواقف و تسليمه بعنوان المسجدية، و كذا في المقبرة.
3- الاولى.

ص: 246

الوديعة أو العارية أو على وجه آخر لم يحتج الى قبض جديد، بأن يستردها ثم يقبضها. نعم لا بد أن يكون بقاؤها في يده بإذن الواقف (1) بناء على اشتراط كون القبض باذنه كما مر.

[مسألة: 13 لا يشترط في القبض الفورية]

مسألة: 13 لا يشترط في القبض الفورية، فلو وقف عينا في زمان ثم أقبضها في زمان متأخر كفى و تم الوقف من حينه.

[مسألة: 14 لو مات الواقف قبل القبض بطل الوقف و كان ميراثا]

مسألة: 14 لو مات الواقف قبل القبض بطل الوقف و كان ميراثا.

[مسألة: 15 يشترط في الوقف الدوام، بمعنى عدم توقيته بمدة]

مسألة: 15 يشترط في الوقف الدوام، بمعنى عدم توقيته بمدة، فلو قال «وقفت هذه البستان على الفقراء إلى سنة» بطل وقفا، و في صحته حبسا أو بطلانه كذلك أيضا وجهان، أوجههما الثاني (2) الا إذا علم انه قصد كونه حبسا.

[مسألة: 16 إذا وقف على من ينقرض- كما إذا وقف على أولاده و اقتصر على بطن أو بطون ممن ينقرض غالبا]

مسألة: 16 إذا وقف على من ينقرض- كما إذا وقف على أولاده و اقتصر على بطن أو بطون ممن ينقرض غالبا و لم يذكر المصرف بعد انقراضهم- ففي صحته وقفا أو حبسا أو بطلانه رأسا أقوال، و الأقوى هو الأول، فيصح الوقف المنقطع الأخر، بأن يكون وقفا حقيقة إلى زمان الانقراض و الانقطاع، و ينقضي بعد ذلك و يرجع الى الواقف أو ورثته.

[مسألة: 17 الفرق بين الوقف و الحبس ان الوقف يوجب زوال ملك الواقف]

مسألة: 17 الفرق بين الوقف و الحبس ان الوقف يوجب زوال ملك الواقف (3) أو ممنوعيته (4) من جميع التصرفات و سلب أنحاء السلطنة منه حتى انه لا يورث، بخلاف الحبس فإنه باق على ملك الحابس (5) و يورث و يجوز له جميع التصرفات غير المنافية لاستيفاء المحبس عليه المنفعة.


1- و تخلية يده بعنوان الوقفية.
2- بل الأول الا إذا علم انه قصد كونه وقفا حملا لفعله على الصحة.
3- على القول بكونه تمليكا كما هو المشهور في الأوقاف الخاصة، أو فكا في الأوقاف لمصالح المسلمين كالمساجد و أمثالها.
4- على القول بكونه ايقافا فقط من دون تمليك و لا فك كما اختاره صاحب العروة.
5- في الموقت منه، و أما المؤبد منه فالظاهر انه يوجب زوال الملك و لا يجوز للحابس التصرف فيه كالوقف.

ص: 247

[مسألة: 18 إذا انقرض الموقوف عليه و رجع الى ورثة الواقف فهل يرجع الى ورثته حين الموت]

مسألة: 18 إذا انقرض الموقوف عليه و رجع الى ورثة الواقف فهل يرجع الى ورثته حين الموت أو ورثته حين الانقراض؟ قولان، أظهرهما الأول. و نظهر الثمرة بين القولين فيما لو وقف على من ينقرض كزيد و أولاده ثم مات الواقف عن ولدين و مات بعده أحد الولدين عن ولد قبل انقراض الموقوف عليهم ثم انقرضوا، فعلى الثاني يرجع الى الولد الباقي خاصة لأنه الوارث حين الانقراض، و على الأول يشاركه ابن أخيه حيث انه يقوم مقام أبيه فشارك عمه.

[مسألة: 19 و من الوقف المنقطع الأخر ما كان الوقف مبنيا على الدوام]

مسألة: 19 و من الوقف المنقطع الأخر ما كان الوقف مبنيا على الدوام لكن كان وقفا على من يصح الوقف عليه في أوله دون آخره، كما إذا وقف على زيد و أولاده و بعد انقراضهم على الكنائس و البيع مثلا، فعلى ما اخترناه في الوقف على من ينقرض يصح وقفا بالنسبة الى من يصح الوقف عليه و يبطل بالنسبة الى ما لا يصح، فظهر أن صور الوقف المنقطع الأخر ثلاث، يبطل الوقف رأسا في صورة و يصح في صورتين.

[مسألة: 20 الوقف المنقطع الأول اما بجعل الواقف، كما إذا وقفه إذا جاء رأس الشهر الكذائي]

مسألة: 20 الوقف المنقطع الأول اما بجعل الواقف، كما إذا وقفه إذا جاء رأس الشهر الكذائي، و اما بحكم الشرع، بأن وقف أولا على ما لا يصح الوقف عليه ثم على غيره، الظاهر بطلانه رأسا، و ان كان الأحوط في الثاني تجديد صيغة الوقف عند انقراض الأول أو عمل الوقف بعده، و أما المنقطع الوسط- كما إذا كان الموقوف عليه في الوسط غير صالح للوقف عليه- بخلافه في المبدأ و المنتهى، فهو بالنسبة إلى شطره الأول كالمنقطع الأخر فيصح وقفا، و بالنسبة إلى شطره الأخر كالمنقطع الأول يبطل رأسا.

[مسألة: 21 إذا وقف على غيره أو على جهة و شرط عوده اليه عند حاجته صح على الأقوى]

مسألة: 21 إذا وقف على غيره أو على جهة و شرط عوده اليه عند حاجته صح على الأقوى، و مرجعه الى كونه وقفا ما دام لم يحتج اليه، فإذا احتاج اليه ينقطع و يدخل في منقطع الأخر و قد مر حكمه. و إذا مات الواقف فان كان بعد طرو الحاجة كان ميراثا و الا بقي على وقفيته.

[مسألة: 22 يشترط في صحة الوقف التنجيز]

مسألة: 22 يشترط في صحة الوقف التنجيز، فلو علقه على شرط متوقع

ص: 248

الحصول كمجي ء زيد أو شي ء غير حاصل يقيني الحصول فيما بعد- كما إذا قال وقفت إذا جاء رأس الشهر- بطل. نعم لا بأس بالتعليق على شي ء حاصل مع القبض به (1)، كما إذا قال وقفت ان كان اليوم يوم الجمعة مع علمه.

[مسألة: 23 لو قال هو وقف بعد موتي، فإن فهم منه في متفاهم العرف انه وصية بالوقف صح]

مسألة: 23 لو قال هو وقف بعد موتي، فإن فهم منه في متفاهم العرف انه وصية بالوقف صح (2) و الا بطل.

[مسألة: 24 و من شرائط صحة الوقف إخراج نفسه عن الوقف]

مسألة: 24 و من شرائط صحة الوقف إخراج نفسه عن الوقف، فلو وقف على نفسه لم يصح، و لو وقف على نفسه و على غيره فان كان بنحو التشريك بطل بالنسبة إلى نفسه و صح بالنسبة إلى غيره، و ان كان بنحو الترتيب فان وقف على نفسه ثم على غيره كان من الوقف المنقطع الأول و ان كان بالعكس كان من المنقطع الأخر، و ان كان على غيره ثم على نفسه ثم على غيره كان من المنقطع الوسط، و قد مر حكم هذه الصور.

[مسألة: 25 لو وقف على غيره كأولاده أو الفقراء مثلا و شرط ان يقضي ديونه]

مسألة: 25 لو وقف على غيره كأولاده أو الفقراء مثلا و شرط ان يقضي ديونه أو يؤدى ما عليه من الحقوق المالية كالزكاة و الخمس أو ينفق عليه من غلة الوقف لم يصح و بطل الوقف، من غير فرق بين ما لو أطلق الدين أو عين، و كذا بين أن يكون الشرط الإنفاق عليه و إدرار مئونته إلى آخر عمرة أو إلى مدة معينة، و كذا بين تعيين مقدار المئونة و عدمه. نعم لو شرط ذلك على الموقوف عليه من ماله و لو من غير منافع الوقف جاز (3).

[مسألة: 26 لو شرط أكل أضيافه و من يمر عليه من ثمرة الوقف جاز]

مسألة: 26 لو شرط أكل أضيافه و من يمر عليه من ثمرة الوقف جاز، و كذا لو شرط إدرار مئونة أهله و عياله، و ان كان ممن يجب عليه نفقته حتى الزوجة الدائمة


1- الظاهر أن كلمة «القبض» غلط و الصحيح مع القطع به.
2- فيجب على الورثة وقفه ان كان بمقدار الثلث أو أزيد مع إمضائهم، و لا يتحقق الوقف بمجرد تلك الوصية.
3- لكن الأحوط تركه أيضا.

ص: 249

إذا لم يكن بعنوان النفقة الواجبة عليه حتى تسقط عنه، و الا رجع الى الوقف على النفس مثل شرط أداء ديونه.

[مسألة: 27 إذا آجر عينا ثم وقفها صح الوقف و بقيت الإجارة على حالها]

مسألة: 27 إذا آجر عينا ثم وقفها صح الوقف و بقيت الإجارة على حالها و كان الوقف مسلوبة المنفعة في مدة الإجارة، فإذا انفسخت الإجارة بالفسخ أو الإقالة بعد تمام الوقف رجعت المنفعة إلى الواقف الموجر و لا يملكها الموقوف عليهم، فلمن أراد أن ينتفع بما يوقف الاحتيال بأن يؤجره مدة كعشرين سنة مثلا مع شرط خيار الفسخ له ثم يفسخ الإجارة بعد تمامية الوقف فترجع اليه منفعة تلك المدة.

[مسألة: 28 لا إشكال في جواز انتفاع الواقف بالاوقاف على الجهات العامة]

مسألة: 28 لا إشكال في جواز انتفاع الواقف بالاوقاف على الجهات العامة كالمساجد و المدارس و القناطر و الخانات المعدة لنزول الزوار و الحجاج و المسافرين و نحوها، و أما الوقف على العناوين العامة كالفقراء و العلماء إذا كان الواقف داخلا في العنوان حين الوقف أو صار داخلا فيه فيما بعد، فان كان المراد التوزيع عليهم فلا إشكال في عدم جواز أخذ حصته من المنافع، بل يلزم أن يقصد من العنوان المذكور حين الوقف من عدا نفسه و يقصد خروجه عنه، و من ذلك ما إذا وقف شيئا على ذرية أبيه أو جده إذا كان المقصود البسط و التوزيع كما هو الشائع المتعارف، و ان كان المراد بيان المصرف كما هو الغالب المتعارف في الوقف على الفقراء و الزوار و الحجاج و الفقهاء و الطلبة و نحوهم فلا إشكال في خروجه و عدم جواز انتفاعه منه إذا قصد خروجه، و انما الإشكال فيما لو قصد الإطلاق و العموم بحيث شمل نفسه و انه هل يجوز له الانتفاع به أم لا؟ أقواهما الأول، و أحوطهما الثاني، خصوصا فيما إذا قصد دخول نفسه (1).

[مسألة: 29 يعتبر في الواقف البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه]

مسألة: 29 يعتبر في الواقف البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه، فلا يصح وقف الصبي و ان بلغ عشرا على الأقوى. نعم حيث أن الأقوى صحة وصية من بلغ ذلك كما يأتي فإذا أوصى بالوقف صح وقف الوصي عنه.


1- لا يترك الاحتياط فيه.

ص: 250

[مسألة: 30 لا يعتبر في الواقف أن يكون مسلما]

مسألة: 30 لا يعتبر في الواقف أن يكون مسلما، فيصح وقف الكافر فيما يصح من المسلم على الأقوى (1).

[مسألة: 31 يعتبر في الموقوف أن يكون عينا مملوكا يصح الانتفاع به]

مسألة: 31 يعتبر في الموقوف أن يكون عينا مملوكا (2) يصح الانتفاع به منفعة محللة مع بقاء عينه (3) و يمكن قبضه، فلا يصح وقف المنافع و لا الديون و لا وقف ما لا يملك مطلقا كالحر أو لا يملكه المسلم كالخنزير، و لا ما لا انتفاع به الا بإتلافه كالأطعمة و الفواكه، و لا ما انحصر انتفاعه المقصود في المحرم كالات اللهو و القمار.

و يلحق به ما كانت المنفعة المقصودة من الوقف محرمة، كما إذا وقف الدابة لحمل الخمر أو الدكان لحرزه أو بيعه، و كذا لا يصح ما لا يمكن قبضه كالعبد الآبق و الدابة الشاردة، و يصح وقف كل ما صح الانتفاع به مع بقاء عينه كالأراضي و الدور و العقار و الثياب و السلاح و الآلات المباحة و الأشجار و المصاحف و الكتب و الحلي و صنوف الحيوان حتى الكلب المملوك و السنور و نحوها.

[مسألة: 32 لا يعتبر في العين الموقوفة كونها مما ينتفع بها فعلا]

مسألة: 32 لا يعتبر في العين الموقوفة كونها مما ينتفع بها فعلا، بل يكفي كونها معرضا للانتفاع و لو بعد مدة و زمان، فيصح وقف الدابة الصغيرة و الأصول المغروسة التي لا تثمر الا بعد سنين.

[مسألة: 33 المنفعة المقصودة في الوقف أعم من المنفعة المقصودة في العارية و الإجارة]

مسألة: 33 المنفعة المقصودة في الوقف أعم من المنفعة المقصودة في العارية و الإجارة، فتشمل النماءات و الثمرات، فيصح وقف الأشجار لثمرها و الشاة لصوفها و لبنها و نتاجها و ان لم يصح إجارتها لذلك.

[مسألة: 34 ينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليه على قسمين]

مسألة: 34 ينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليه على قسمين: «الوقف الخاص» و هو ما كان وقفا على شخص أو أشخاص، كالوقف على أولاده و ذريته أو على زيد و ذريته. «و الوقف العام» و هو ما كان على جهة و مصلحة عامة، كالمساجد


1- و كذا فيما لا يصح من المسلم ان صح في مذهبه من باب إقرارهم على دينهم، لا بمعنى الصحة الواقعية.
2- طلقا فلا يصح وقف العين المرهونة و أم الولد و أمثالها.
3- مدة معتد بها، فلا يصح وقف الورد المشم و النار للاصطلاء.

ص: 251

و القناطر و الخانات المعدة لنزول القوافل، أو على عنوان عام كالفقراء و الفقهاء و الطلبة و الأيتام.

[مسألة: 35 يعتبر في الوقف الخاص وجود الموقوف عليه حين الوقف]

مسألة: 35 يعتبر في الوقف الخاص وجود الموقوف عليه حين الوقف، فلا يصح الوقف ابتداء على المعدوم و من سيوجد، بل و كذا على الحمل قبل أن يولد. و المراد بكونه ابتداء ان يكون هو الطبقة الاولى من دون مشاركة موجود في تلك الطبقة. نعم لو وقف على المعدوم أو الحمل تبعا للموجود- بأن يجعل طبقة ثانية أو مساويا للموجود في الطبقة بحيث لو وجد لشاركه- صح بلا اشكال، كما إذا وقف على أولاده الموجودين و من سيولد له على التشريك أو الترتيب.

و بالجملة لا بد في الوقف الخاص من وجود شخص خاص في كل زمان يكون هو الموقوف عليه في ذلك الزمان، و لا يكفي كونه ممن سيوجد إذا لم يوجد شخص في ذلك الزمان، فإذا وقف على من سيوجد و سيولد من ولده ثم على الموجود لم يتحقق الوقف في الابتداء و كان من المنقطع الأول. و لو وقف على ولده الموجود ثم على أولاد الولد ثم على زيد فتوفي ولده قبل أن يولد له الولد ثم تولد انقطع الوقف بعد موت ولد الواقف و كان من المنقطع الوسط، كما انه لو وقف على ذريته نسلا بعد نسل و كان له أولاد و أولاد أولاد ثم انقرضوا كان من المنقطع الأخر.

[مسألة: 36 لا يعتبر في الوقف على العنوان العام وجوده في كل زمان]

مسألة: 36 لا يعتبر في الوقف على العنوان العام وجوده في كل زمان، بل يكفي إمكان وجوده مع وجوده فعلا في بعض الأزمان، فإذا وقف بستانا مثلا على فقراء البلد و لم يكن في زمان الوقف فقير في البلد لكن سيوجد صح الوقف و لم يكن من المنقطع الأول، كما انه لو كان موجودا لكن لم يوجد في زمان ثم وجد لم يكن من المنقطع الوسط بل هو باق على وقفيته فيحفظ غلته في زمان عدم وجود الفقير الى أن يوجد.

[مسألة: 37 يشترط في الموقوف عليه التعيين]

مسألة: 37 يشترط في الموقوف عليه التعيين، فلو وقف على أحد الشخصين أو أحد المشهدين أو أحد المسجدين أو أحد الفريقين لم يصح.

ص: 252

[مسألة: 38 لا يصح الوقف على الكافر الحربي و المرتد عن فطرة]

مسألة: 38 لا يصح الوقف على الكافر الحربي (1) و المرتد عن فطرة، و أما الذمي و المرتد لا عن فطرة فالظاهر صحته، سيما إذا كان رحما للواقف.

[مسألة: 39 لا يصح الوقف على الجهات المحرمة و ما فيه اعانة على المعصية]

مسألة: 39 لا يصح الوقف على الجهات المحرمة و ما فيه اعانة على المعصية، كمعونة الزنا و قطاع الطريق و كتابة كتب الضلال، و كالوقف على البيع و الكنائس و بيوت النيران لجهة عمارتها و خدمتها و فرشها و متعلقاتها و غيرها. نعم يصح وقف الكافر عليها.

[مسألة: 40 إذا وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد انصرف الى فقراء المسلمين]

مسألة: 40 إذا وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد انصرف الى فقراء المسلمين، بل الظاهر أنه لو كان الواقف شيعيا انصرف الى فقراء الشيعة، و إذا وقف كافر على الفقراء انصرف الى فقراء نحلته، فاليهود الى اليهود و النصارى الى النصارى و هكذا، بل الظاهر أنه لو كان الواقف سنيا انصرف الى فقراء أهل السنة. نعم الظاهر أنه لا يختص بمن يوافقه في المذهب، فلا انصراف لو وقف الحنفي إلى الحنفي و الشافعي إلى الشافعي و هكذا.

[مسألة: 41 إذا كان افراد عنوان الموقوف عليه منحصرة في افراد محصورة- كما إذا وقف على فقراء محلة]

مسألة: 41 إذا كان افراد عنوان الموقوف عليه منحصرة في افراد محصورة- كما إذا وقف على فقراء محلة أو قرية صغيرة- توزع منافع الوقف على الجميع، و ان كانوا غير محصورين لم يجب الاستيعاب، لكن لا يترك الاحتياط بمراعاة الاستيعاب العرفي مع كثرة المنفعة، فيوزع على جماعة معتد بها بحسب مقدار المنفعة.

[مسألة: 42 إذا وقف على فقراء قبيلة كبني فلان و كانوا متفرقين لم يقتصر على الحاضرين]

مسألة: 42 إذا وقف على فقراء قبيلة كبني فلان و كانوا متفرقين لم يقتصر على الحاضرين (2) بل يجب تتبع الغائبين و حفظ حصتهم للإيصال إليهم. نعم إذا لم يمكن التفتيش عنهم و صعب إحصاؤهم لم يجب الاستقصاء بل يقتصر على من حضر (3).


1- على المشهور.
2- إذا علم أن المقصود أعم من الحاضرين أو كان اللفظ ظاهرا فيه و لو بمعونة القرائن و كان المقصود التوزيع، و أما إذا احتمل أن يكون المقصود الحاضرين من فقرائهم أو احتمل ان يكون مقصود الواقف المصرف دون التوزيع و التشريك كما هو المتعارف في الوقف على عنوان أفراد كثيرين متفرقين في البلاد، ففي كلا الاحتمالين لا يجب التتبع بل لا يجوز التعدي من الحاضرين الا مع العلم أو الظهور في الأعم، لأن المتيقن حينئذ هو الحاضرون، و لعله على ذلك تحمل مكاتبة النوفلي.
3- بعد العلم بأن مقصود الواقف عام بنحو التشريك و التوزيع، فالاكتفاء بمن حضر بمجرد صعوبة إحصائهم لا يوافق القواعد، بل اللازم حينئذ الاستقصاء إن أمكن ثم المعاملة مع حصصهم معاملة أموال الغيب. و لا فرق في ذلك بين كونهم محصورين أو غير محصورين.نعم ظاهر مكاتبة النوفلي الاقتصار على الحاضرين مطلقا، لكنها بهذا الإطلاق غير معمول بها.

ص: 253

[مسألة: 43 إذا وقف على المسلمين كان لكل من أقر بالشهادتين]

مسألة: 43 إذا وقف على المسلمين كان لكل من أقر بالشهادتين (1)، و لو وقف على المؤمنين اختص بالاثني عشرية لو كان الواقف إماميا، و كذا لو وقف على الشيعة.

[مسألة: 44 إذا وقف في سبيل اللّٰه يصرف في كل ما يكون وصلة الى الثواب]

مسألة: 44 إذا وقف في سبيل اللّٰه يصرف في كل ما يكون وصلة الى الثواب، و كذلك لو وقف في وجوه البر.

[مسألة: 45 إذا وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع العرف]

مسألة: 45 إذا وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع العرف، و إذا وقف على الأقرب فالأقرب كان ترتيبيا على كيفية طبقات الإرث.

[مسألة: 46 إذا وقف على أولاده اشترك الذكر و الأنثى و الخنثى]

مسألة: 46 إذا وقف على أولاده اشترك الذكر و الأنثى و الخنثى، و يكون التقسيم بينهم على السواء، و إذا وقف على أولاد أولاده عم أولاد البنين و البنات ذكورهم و إناثهم بالسوية.

[مسألة: 47 إذا قال وقفت على ذريتي عم الأولاد بنين و بنات و أولادهم بلا واسطة و معها ذكورا و إناثا]

مسألة: 47 إذا قال وقفت على ذريتي عم الأولاد بنين و بنات و أولادهم بلا واسطة و معها ذكورا و إناثا، و يكون الوقف تشريكيا تشارك الطبقات اللاحقة مع السابقة، و يكون على الرءوس بالسوية. و أما إذا قال وقفت على أولادي أو قال على أولادي و أولاد أولادي فالمشهور ان الأول ينصرف إلى الصلبي فلا يشمل أولاد الأولاد، و الثاني يختص بطنين فلا يشمل سائر البطون، لكن الظاهر خلافه و ان الظاهر منهما عرفا التعميم (2) خصوصا في الثاني.

[مسألة: 48 إذا قال وقفت على أولادي نسلا بعد نسل و بطنا بعد بطن]

مسألة: 48 إذا قال وقفت على أولادي نسلا بعد نسل و بطنا بعد بطن، الظاهر المتبادر منه عند العرف انه وقف ترتيب، فلا يشارك الولد أباه و لا ابن الأخ عمه.

[مسألة: 49 إذا قال وقفت على ذريتي أو قال على أولادي و أولاد أولادي]

مسألة: 49 إذا قال وقفت على ذريتي أو قال على أولادي و أولاد أولادي


1- و لم يحكم بكفره من جهة النصب أو الغلو و أمثالهما مما يوجب الكفر. هذا ان كان المقصود المسلم الواقعي و اما إذا كان المقصود المسلم على مذهبه فيتبع مذهبه.
2- في ظهورهما في التعميم بنحو الإطلاق إشكال، بل يختلف باختلاف موارد الاستعمال و لا كلية له.

ص: 254

و لم يذكر انه وقف تشريك أو وقف ترتيب يحمل على الأول، و كذا لو علم من الخارج (1) وقفية شي ء على الذرية و لم يعلم أنه وقف تشريك أو وقف ترتيب.

[مسألة: 50 لو قال وقفت على أولادي الذكور نسلا بعد نسل يختص بالذكور]

مسألة: 50 لو قال وقفت على أولادي الذكور نسلا بعد نسل يختص بالذكور (2) من الذكور في جميع الطبقات، و لا يشمل الذكور من الإناث.

[مسألة: 51 إذا كان الوقف ترتيبيا كانت الكيفية تابعة لجعل الواقف]

مسألة: 51 إذا كان الوقف ترتيبيا كانت الكيفية تابعة لجعل الواقف، فتارة جعل الترتيب بين الطبقة السابقة و اللاحقة و يراعى الأقرب فالأقرب إلى الواقف، فلا يشارك الولد أباه و لا ابن الأخ عمه و عمته و لا ابن الأخت خاله و خالته، و أخرى جعل الترتيب بين خصوص الآباء من كل طبقة و أبنائهم، فإذا كانت إخوة و لبعضهم أولاد لم يكن للأولاد شي ء ما دام حياة الآباء، فإذا توفي الآباء شارك الأولاد أعمامهم.

و يمكن ان يجعل الترتيب على نحو آخر و يتبع، فان الوقوف على حسب ما يقفها أهلها.

[مسألة: 52 لو قال وقفت على أولادي طبقة بعد طبقة و إذا مات أحدهم و كان له ولد فنصيبه لولده]

مسألة: 52 لو قال وقفت على أولادي طبقة بعد طبقة و إذا مات أحدهم و كان له ولد فنصيبه لولده، فلو مات أحدهم و له ولد يكون نصيبه لولده، و لو تعدد الولد يقسم النصيب بينهم على الرءوس، و إذا مات من لا ولد له فنصيبه لمن كان في طبقته و لا يشاركهم الولد الذي أخذ نصيب والده.

[مسألة: 53 لو وقف على العلماء انصرف الى علماء الشريعة]

مسألة: 53 لو وقف على العلماء انصرف الى علماء الشريعة، فلا يشمل غيرهم كعلماء الطب و النجوم و الحكمة (3).

[مسألة: 54 لو وقف على مشهد كالنجف مثلا اختص بالمتوطنين و المجاورين]

مسألة: 54 لو وقف على مشهد كالنجف مثلا اختص بالمتوطنين و المجاورين و لا يشمل الزوار و المترددين.

[مسألة: 55 لو وقف على المشتغلين في النجف مثلا من أهل البلد الفلاني]

مسألة: 55 لو وقف على المشتغلين في النجف مثلا من أهل البلد الفلاني كطهران أو غيره من البلدان اختص بمن هاجر من بلده الى النجف للاشتغال، و لا


1- فيه منع، بل لا بد من التصالح بالتراضي في الزائد من سهم الطبقة الاولى و الا فالرجوع إلى القرعة.
2- هذا أيضا مثل سائر الألفاظ يختلف بحسب الموارد.
3- ان لم يكونوا عالمين بعلم الشريعة.

ص: 255

يشمل من جعله وطنا له معرضا عن بلده (1).

[مسألة: 56 لو وقف على مسجد صرفت منافعه مع الإطلاق في تعميره وضوئه]

مسألة: 56 لو وقف على مسجد صرفت منافعه مع الإطلاق في تعميره وضوئه و فرشه و خادمه (2)، و لو زاد شي ء يعطى لإمامه.

[مسألة: 57 لو وقف على مشهد يصرف في تعميره وضوئه و خدامه المواظبين]

مسألة: 57 لو وقف على مشهد يصرف في تعميره وضوئه (3) و خدامه المواظبين لبعض الأشغال اللازمة المتعلقة بذلك المشهد.

[مسألة: 58 لو وقف على الحسين عليه السلام يصرف في إقامة تعزيته]

مسألة: 58 لو وقف على الحسين عليه السلام يصرف في إقامة تعزيته (4) من أجرة القاري و ما يتعارف صرفه في المجلس للمستمعين.

[مسألة: 59 لا إشكال في انه بعد تمام الوقف ليس للواقف التغيير في الموقوف عليه]

مسألة: 59 لا إشكال في انه بعد تمام الوقف ليس للواقف التغيير في الموقوف عليه بإخراج بعض من كان داخلا أو إدخال من كان خارجا إذا لم يشترط ذلك في ضمن عقد الوقف، و هل يصبح ذلك إذا شرط ذلك؟ فالمشهور و هو المنصور جواز الإدخال (5) دون الإخراج، فلو شرط إدخال من يريد صح و جاز له ذلك، و لو شرط إخراج من يريد بطل الشرط بل الوقف أيضا على اشكال. و مثل ذلك لو شرط نقل الوقف من الموقوف عليهم الى من سيوجد. نعم لو وقف على جماعة الى أن يوجد من سيوجد و بعد ذلك كان الوقف على من سيوجد صح بلا إشكال.

[مسألة: 60 إذا علم وقفية شي ء و لم يعلم مصرفه و لو من جهة نسيانه]

مسألة: 60 إذا علم وقفية شي ء و لم يعلم مصرفه و لو من جهة نسيانه، فان كانت المحتملات متصادقة غير متباينة يصرف في المتيقن، كما إذا لم يدر أنه وقف على الفقراء أو على الفقهاء، فيقتصر على مورد تصادق العنوانين و هو الفقهاء الفقراء، و ان كانت متباينة فإن كان الاحتمال بين أمور محصورة- كما إذا لم يدر انه وقف


1- و لا كلية له بل تابع للصدق العرفي.
2- و مؤذنه إذا كان معدا لذلك.
3- و فرشه و وسائل الحرارة في الشتاء و البرودة في الصيف و سائر حوائجه من وسائل الوضوء و التطهير و تطهير أماكنه إذا تنجست و أمثال ذلك.
4- على ما هو المنصرف اليه، و أما إذا علم أن الواقف لم يقصد التعزية بل قصد الحسين عليه السلام فقط فلا يبعد جواز صرفه في أي خير له عليه السلام.
5- فيه اشكال.

ص: 256

على أهالي النجف أو كربلاء أو لم يدر انه وقف على المسجد الفلاني أو المشهد الفلاني و نحو ذلك- يوزع بين المحتملات بالتنصيف لو كان مرددا بين أمرين و التثليث لو كان مرددا بين ثلاثة و هكذا، و يحتمل القرعة (1). و ان كان بين أمور غير محصورة فإن كان مرددا بين عناوين و اشخاص غير محصورين- كما إذا لم يدر أنه وقف على فقراء البلد الفلاني أو فقهاء البلد الفلاني أو سادة البلد الفلاني أو ذرية زيد أو ذرية عمرو أو ذرية خالد و هكذا- كانت منافعه بحكم مجهول المالك فيتصدق بها، و ان كان مرددا بين جهات غير محصورة- كما إذا يعلم انه وقف على المسجد أو المشهد أو القناطر أو اعانة الزوار أو تعزية سيد الشهداء عليه السلام و هكذا- يصرف في وجوه البر (2).

[مسألة: 61 إذا كانت للعين الموقوفة منافع متجددة و ثمرات متنوعة]

مسألة: 61 إذا كانت للعين الموقوفة منافع متجددة و ثمرات متنوعة يملك الموقوف عليهم جميعها مع إطلاق الوقف، فإذا وقف العبد يملكون جميع منافعه من مكتسباته و حيازاته من الالتقاط و الاصطياد و الاحتشاش و غير ذلك، و في الشاة الموقوفة يملكون صوفها المتجدد و لبنها و نتاجها، و في الشجر و النخل ثمرهما و منفعة الاستظلال بهما و السعف و الأغصان و الأوراق اليابسة بل و غيرها إذا قطعت للإصلاح، و كذا فروخهما و غير ذلك، و هل يجوز التخصيص ببعض المنافع حتى يكون للموقوف عليهم بعض المنافع دون بعض؟ فيه تأمل و إشكال (3).

[مسألة: 62 لو وقف على مصلحة فبطل رسمها- كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو قنطرة فخربت]

مسألة: 62 لو وقف على مصلحة فبطل رسمها- كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو قنطرة فخربت و لم يمكن تعميرها أو لم يحتج المسجد الى مصرف لانقطاع من يصلي فيه و المدرسة لعدم الطلبة و القنطرة لعدم المارة- صرف الوقف في وجوه البر، و الأحوط صرفه في مصلحة أخرى من جنس تلك المصلحة، و مع التعذر يراعى الأقرب فالأقرب منها.


1- الأحوط التصالح و التراضي فيما أمكن و مع عدمه فالقرعة.
2- بشرط أن لا يقطع بخروجه عن مصرفه.
3- فلا يترك فيه مراعاة الاحتياط.

ص: 257

[مسألة: 63 إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن المسجدية]

مسألة: 63 إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن المسجدية (1)، فتجري عليها أحكامها، و كذا لو خربت القرية التي هو فيها بقي المسجد على صفة المسجدية.

[مسألة: 64 لو وقف دارا على أولاده أو على المحتاجين منهم]

مسألة: 64 لو وقف دارا على أولاده أو على المحتاجين منهم، فإن أطلق فهو وقف منفعة، كما إذا وقف عليهم قرية أو مزرعة أو خانا أو دكانا و نحوها يملكون منافعها، فلهم استنمائها فيقسمون بينهم ما يحصلون منها بإجارة و غيرها على حسب ما قرر الواقف من الكمية و الكيفية، و ان لم يقرر كيفية في القسمة يقسمونه بينهم بالسوية، و ان وقفها عليهم لسكناهم فهو وقف انتفاع و يتعين لهم ذلك و ليس لهم إجارتها، و حينئذ فإن كفت لسكنى الجميع سكنوها و ليس لبعضهم أن يستقل به و يمنع غيره، و إذا وقع بينهم التشاح في اختيار الحجر فان جعل الواقف متوليا يكون له النظر في تعيين المسكن للساكن كان نظره و تعيينه هو المتبع، و مع عدمه كانت القرعة هي المرجع (2). و لو سكن بعضهم و لم يسكنها البعض فليس له مطالبة الساكن بأجرة حصته إذا لم يكن مانعا عنه، بل كان باذلا له الإسكان و هو لم يسكن بميله و اختياره أو لمانع خارجي. هذا كله إذا كانت كافية لسكنى الجميع، و ان لم تكف لسكنى الجميع سكنها البعض (3)، و مع التشاح و عدم متولي من قبل الواقف يكون له النظر في تعيين الساكن و عدم تسالمهم على المهايأة لا محيص عن القرعة، و من خرج اسمه يسكن و ليس لمن لم يسكن مطالبته بأجرة حصته.

[مسألة: 65 الثمر الموجود حال الوقف على النخل و الشجر لا يكون للموقوف عليهم]

مسألة: 65 الثمر الموجود حال الوقف على النخل و الشجر لا يكون للموقوف عليهم بل هو باق على ملك الواقف، و كذلك الحمل الموجود حال وقف الحامل.

نعم في الصوف على الشاة و اللبن في ضرعها اشكال فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 66 لو قال وقفت على أولادي و أولاد أولادي شمل جميع البطون]

مسألة: 66 لو قال وقفت على أولادي و أولاد أولادي شمل جميع البطون (4)


1- في غير الأراضي المفتوحة عنوة.
2- لو لم يحصل التراضي بينهم.
3- الظاهر أن المتعين في الفرض المهايأة، و مع التشاح القرعة.
4- في بعض الموارد، و قد مر أن الظهور يختلف باختلاف الموارد.

ص: 258

كما أشرنا سابقا، فمع اشتراط الترتيب أو التشريك أو المساواة أو التفضيل أو قيد الذكورية أو الأنوثية أو غير ذلك يكون هو المتبع، و إذا أطلق فمقتضاه التشريك و الشمول للذكور و الإناث و المساواة و عدم التفضيل، و لو قال وقفت على أولادي ثم على أولاد أولادي أفاد الترتيب بين الأولاد و أولاد الأولاد قطعا، و أما أولاد الأولاد بناء على شموله لجميع البطون فالظاهر عدم الدلالة على الترتيب بينهم (1) إلا إذا قامت قرينة على أن حكمهم كحكمهم مع الأولاد و ان ذكر الترتيب بين الأولاد و أولاد الأولاد من باب المثال، و المقصود الترتيب في سلسلة الأولاد و ان الوقف للأقرب فالأقرب إلى الواقف.

[مسألة: 67 لا ينبغي الإشكال في أن الوقف بعد ما تم يوجب زوال ملك الواقف عن العين الموقوفة]

مسألة: 67 لا ينبغي الإشكال في أن الوقف بعد ما تم يوجب زوال ملك الواقف عن العين الموقوفة، كما أنه لا ينبغي الريب في أن الوقف على الجهات العامة كالمساجد و المشاهد و القناطر و الخانات المعدة لنزول القوافل و المقابر و المدارس و كذا أوقاف المساجد و المشاهد و أشباه ذلك لا يملكها أحد، بل هو فك ملك بمنزلة التحرير بالنسبة إلى الرقية و تسبيل للمنافع على جهات معينة. و أما الوقف الخاص كالوقف على الأولاد و الوقف العام على العناوين العامة- كالوقف على الفقراء و الفقهاء و الطلبة و نحوهم- فان كانت وقف منفعة بأن وقف عليهم ليكون منافع الوقف لهم فيستوفونها بأنفسهم أو بالإجارة أو ببيع الثمرة و غير ذلك، فالظاهر انهم كما يملكون المنافع ملكا طلقا يملكون الرقبة أيضا (2) ملكا غير طلق، و ان كان وقف انتفاع كما إذا وقف الدار لسكنى ذريته أو الخان لسكنى الفقراء ففي كونه كوقف المنفعة فيكون ملكا غير طلق للموقوف عليهم، أو كالوقف على الجهات العامة فلا يملكه أحد، أو الفرق بين الوقف الخاص فالأول و الوقف العام فالثاني؟ وجوه (3).


1- لا كلية له و الموارد مختلفة و الحكم دائر مدار الظهور العرفي و لو بمعونة القرائن.
2- و ذلك لان اعتبار تسبيل المنافع لهم إلى الأبد ملازم لاعتبار ملك الرقبة لهم عرفا.
3- الأقوى هو الأول، فتكون الرقبة ملكا لهم مثل ما تكون المنافع ملكا لهم.

ص: 259

[مسألة: 68 لا يجوز تغيير الوقف و إبطال رسمه و ازالة عنوانه و لو الى عنوان آخر]

مسألة: 68 لا يجوز تغيير الوقف و إبطال رسمه و ازالة عنوانه و لو الى عنوان آخر، كجعل الدار خانا أو دكانا أو بالعكس. نعم إذا كان الوقف وقف منفعة و صار بعنوانه الفعلي مسلوب المنفعة (1) أو قليلها في الغاية لا يبعد جواز تبديله الى عنوان آخر ذي منفعة، كما إذا صارت البستان الموقوفة من جهة انقطاع الماء عنها أو لعارض آخر لم ينتفع منها، بخلاف ما إذا جعلت دارا أو خانا.

[مسألة: 69 لو خرب الوقف و انهدم و زال عنوانه كالبستان انقلعت أو يبست أشجارها]

مسألة: 69 لو خرب الوقف و انهدم و زال عنوانه كالبستان انقلعت أو يبست أشجارها و الدار تهدمت حيطانها و عفت آثارها فإن أمكن تعميره و اعادة عنوانه و لو بصرف حاصله الحاصل بالإجارة و نحوها فيه لزم و تعين (2)، و الا ففي خروج العرصة عن الوقفية و عدمه فيستنمى منها بوجه آخر و لو بزرع و نحوه، وجهان بل قولان أقواهما الثاني، و الأحوط ان يجعل وقفا (3) و يجعل مصرفه و كيفياته على حسب الوقف الأول.

[مسألة: 70 إذا احتاجت الاملاك الموقوفة إلى تعمير و ترميم و إصلاح لبقائها]

مسألة: 70 إذا احتاجت الاملاك الموقوفة إلى تعمير و ترميم و إصلاح لبقائها و الاستنماء بها، فان عين الواقف لها ما يصرف فهو و الا يصرف فيها من نمائها (4) مقدما على حق الموقوف عليهم، حتى انه إذا توقف بقاؤها على بيع بعضها جاز.

[مسألة: 71 الأوقاف على الجهات العامة التي قد مر أنه لا يملكها أحد كالمساجد]

مسألة: 71 الأوقاف على الجهات العامة التي قد مر أنه لا يملكها أحد كالمساجد و المشاهد و المدارس و المقابر و القناطر و نحوها لا يجوز بيعها بلا اشكال، و ان آل الى ما آل حتى عند خرابها و اندراسها بحيث لا يرجى الانتفاع بها في الجهة المقصودة أصلا بل تبقى على حالها، فلو خرب المسجد و خربت القرية التي هو فيها و انقطعت المارة عن الطريق الذي يسلك اليه لم يجز بيعه و صرف ثمنه في


1- بل و ان لم يصر مسلوب المنفعة إذا كان الوقف وقف منفعة و كان التبديل أكثر منفعة.
2- بإذن الموقوف عليهم أو المتولي على الأحوط.
3- بإذن الواقف أو ورثته، و أما بدون الاذن فالاحتياط المذكور لا أثر له، لانه اما انها باقية على وقفيتها فلا احتياج الى الوقف ثانيا، و اما ان الوقفية زالت بسبب الخراب فملك للواقف أو ورثته فجعلها وقفا لا أثر له من دون اذن المالك.
4- بإذن الموقوف عليهم أو المتولي على الأحوط.

ص: 260

إحداث مسجد آخر أو تعميره. هذا بالنسبة إلى أعيان هذه الأوقاف، و أما ما يتعلق بها من الآلات و الفرش و الحيوانات و ثياب الضرائح و أشباه ذلك فما دام يمكن الانتفاع بها باقية على حالها لا يجوز بيعها، فإن أمكن الانتفاع بها في المحل الذي أعدت له و لو بغير ذلك الانتفاع الذي أعدت له بقيت على حالها في ذلك المحل، فالفرش المتعلقة بمسجد أو مشهد إذا أمكن الانتفاع بها في ذلك المحل بقيت على حالها فيه، و لو فرض استغناء المحل عن الافتراش بالمرة لكن يحتاج الى ستر يقي أهله من الحر أو البرد تجعل سترا لذلك المحل. و لو فرض استغناء المحل عنها بالمرة بحيث لا يترتب على إمساكها و إبقائها فيه الا الضياع و الضرر و التلف تجعل في محل آخر مماثل له، بأن تجعل ما للمسجد لمسجد آخر و ما للمشهد لمشهد آخر، فان لم يكن المماثل أو استغنى عنها بالمرة جعلت في المصالح العامة. هذا إذا أمكن الانتفاع بها باقية على حالها، و أما لو فرض انه لا يمكن الانتفاع بها الا ببيعها و كانت بحيث لو بقيت على حالها ضاعت و تلفت بيعت و صرف ثمنها في ذلك المحل ان احتاج اليه، و الا ففي المماثل ثم المصالح حسب ما مر.

[مسألة: 72 كما لا يجوز بيع تلك الأوقاف الظاهر انه لا يجوز إجارتها]

مسألة: 72 كما لا يجوز بيع تلك الأوقاف الظاهر انه لا يجوز إجارتها، و لو غصبها غاصب و استوفى منها غير تلك المنافع المقصودة منها- كما إذا جعل المسجد أو المدرسة بيت المسكن أو محرزا- لم يكن عليه أجرة المثل. نعم لو أتلف أعيانها متلف الظاهر ضمانه (1) فيؤخذ منه القيمة و تصرف في بدل التالف و مثله.

[مسألة: 73 الأوقاف الخاصة كالوقف على الأولاد و الأوقاف العامة التي كانت على العناوين العامة]

مسألة: 73 الأوقاف الخاصة كالوقف على الأولاد و الأوقاف العامة التي كانت على العناوين العامة كالفقراء و ان كانت ملكا للموقوف عليهم كما مر لكنها ليست ملكا طلقا لهم حتى يجوز لهم بيعها و نقلها بأحد النواقل متى شاءوا و أرادوا كسائر أملاكهم، و انما يجوز لهم ذلك لعروض بعض العوارض و طرو بعض الطوارئ، و هي أمور:


1- على الأحوط.

ص: 261

«أحدها»- فيما إذا خربت بحيث لا يمكن إعادتها إلى حالتها الاولى و لا الانتفاع بها الا ببيعها فينتفع بثمنها، كالحيوان المذبوح و الجذع البالي و الحصير الخلق، فتباع و يشترى بثمنها (1) ما ينتفع به الموقوف عليهم، و الأحوط لو لم يكن الأقوى مراعاة الأقرب فالأقرب إلى العين الموقوفة.

«الثاني»- ان يسقط بسبب الخراب أو غيره عن الانتفاع المعتد به بحيث كان الانتفاع به بحكم العدم بالنسبة إلى منفعة أمثال العين الموقوفة، كما إذا انهدمت الدار و اندرست البستان فصارت عرصة لا يمكن الانتفاع بها الا بمقدار جزئي جدا يكون بحكم العدم بالنسبة إليهما، لكن إذا بيعت يمكن أن يشترى بثمنها دار أو بستان أخرى أو ملك آخر تكون منفعتها تساوي منفعة الدار و البستان أو تقرب منها. نعم لو فرض انه على تقدير بيع العرصة لا يشترى بثمنها الا ما يكون منفعتها بمقدار منفعتها باقية على حالها لم يجز بيعها بل تبقى على حالها.

«الثالث»- فيما إذا علم أو ظن انه يؤدي بقاؤه إلى خرابه (2) على وجه لا ينتفع به أصلا أو ينتفع به قليلا ملحقا بالعدم، سواء كان ذلك بسبب الاختلاف الواقع بين أربابه أو لأمر آخر.

«الرابع»- فيما إذا اشترط الواقف في وقفه ان يباع عند حدوث أمر مثل قلة المنفعة أو كثرة الخراج أو المخارج أو وقوع الاختلاف بين أربابه أو حصول ضرورة أو حاجة لهم أو غير ذلك، فإنه لا مانع حينئذ من بيعه عند حدوث ذلك الأمر على الأقوى.

«الخامس»- فيما إذا وقع بين أرباب الوقف اختلاف شديد لا يؤمن معه من تلف الأموال و النفوس و لا ينحسم ذلك الا ببيعه، فيجوز حينئذ بيعه و تقسيم ثمنه بينهم.

نعم لو فرض أنه يرتفع الاختلاف بمجرد بيعه و صرف الثمن في شراء عين أخرى لهم أو تبديل العين الموقوفة بعين أخرى تعين ذلك، فيشترى بالثمن عينا أخرى أو يبدل


1- و الأحوط أن يشترى بثمنه شي ء يمكن وقفه و يوقف عليهم مع الإمكان على الأحوط.
2- فيه إشكال إلا إذا بلغ حد الاطمئنان الذي يعامل العقلاء معه معاملة العلم.

ص: 262

بملك آخر فيجعل وقفا و يبقى لسائر البطون و الطبقات.

[مسألة: 74 لا إشكال في جواز اجارة ما وقف وقف منفعة]

مسألة: 74 لا إشكال في جواز اجارة ما وقف وقف منفعة، سواء كان وقفا خاصا أو عاما كالدكاكين و المزارع و الخانات الموقوفة على الأولاد أو الفقراء أو الجهات و المصالح العامة، حيث ان المقصود استنمائها بإجارة و نحوها و وصول نفعها و نمائها إلى الموقوف عليهم، بخلاف ما كان وقف انتفاع كالدار الموقوفة على سكنى الذرية و كالمدرسة و المقبرة و القنطرة و الخانات الموقوفة لنزول المارة، فإن الظاهر عدم جواز إجارتها في حال من الأحوال.

[مسألة: 75 إذا خرب بعض الوقف بحيث جاز بيعه و احتاج بعضه الأخر إلى تعمير]

مسألة: 75 إذا خرب بعض الوقف بحيث جاز بيعه و احتاج بعضه الأخر إلى تعمير و لو لأجل توفير المنفعة لا يبعد أن يكون الاولى (1) بل الأحوط أن يصرف ثمن البعض الخراب في تعمير البعض الأخر.

[مسألة: 76 لا إشكال في جواز قسمة الوقف عن الملك الطلق فيما إذا كانت العين مشتركة بين الوقف و الطلق]

مسألة: 76 لا إشكال في جواز قسمة الوقف عن الملك الطلق فيما إذا كانت العين مشتركة بين الوقف و الطلق، فيتصداها مالك الطلق مع متولي الوقف أو الموقوف عليهم، بل الظاهر جواز قسمة الوقف أيضا لو تعدد الوقف و الموقوف عليه، كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما حصته على أولاده، بل لا يبعد جوازها فيما إذا تعدد الوقف و الموقوف عليه مع اتحاد الواقف، كما إذا وقف نصف داره مشاعا على مسجد و النصف الأخر على مشهد، و لا يجوز قسمته بين أربابه إذا اتحد الوقف و الواقف مع كون الموقوف عليهم بطونا متلاحقة. نعم لو وقع خلف بين أربابه بما جاز معه بيع الوقف و لا ينحسم ذلك الاختلاف إلا بالقسمة جازت على الأقوى (2).

[مسألة: 77 لو آجر الوقف البطن الأول و انقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة]

مسألة: 77 لو آجر الوقف البطن الأول و انقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة


1- ان لم يمكن تبديل الخراب بملك آخر يجعل وقفا، و ان أمكن فهو المتعين.
2- ان كانت القسمة لانتفاع كل منهم من قسمة الوقف ما دام حيا فلا مانع منها و لو لم يقع خلاف بين أربابها، و أما القسمة بغير هذا المعنى فالأقوى عدم جوازها مطلقا.

ص: 263

بطلت بالنسبة إلى بقية المدة، و في صحتها بإجازة البطن اللاحق إشكال (1)، فالأحوط تجديد الإجارة منهم لو أرادوا بقاءها. هذا إذا آجر البطن الأول، و أما لو آجر المتولي فان لاحظ في ذلك مصلحة الوقف صحت و نفذت بالنسبة إلى سائر البطون، و أما لو كانت لأجل مراعاة البطن اللاحق دون أصل الوقف فنفوذها بالنسبة إليهم بدون إجازتهم لا يخلو من اشكال (2).

[مسألة: 78 يجوز للواقف أن يجعل تولية الوقف و نظارته لنفسه دائما]

مسألة: 78 يجوز للواقف أن يجعل تولية الوقف و نظارته لنفسه دائما (3) أو الى مدة مستقلا أو مشتركا مع غيره، و كذا يجوز جعلها للغير كذلك، بل يجوز أن يجعل أمر التولية بيد شخص، بأن يكون المتولي كل من يعينه ذلك الشخص، بل يجوز التولية لشخص و يجعل أمر تعيين المتولي بعده بيده، و هكذا كل متول يعين المتولي بعده.

[مسألة: 79 انما يكون للواقف جعل التولية لنفسه أو لغيره حين إيقاع الوقف]

مسألة: 79 انما يكون للواقف جعل التولية لنفسه أو لغيره حين إيقاع الوقف و في ضمن عقده، و أما بعد تمامه فهو أجنبي عن الوقف، فليس له جعل التولية لأحد و لا عزل من جعله متوليا عن التولية إلا إذا اشترط لنفسه ذلك، بأن جعل التولية لشخص و شرط انه متى أراد أن يعزله عزله.

[مسألة: 80 لا إشكال في عدم اعتبار العدالة فيما إذا جعل التولية و النظر لنفسه]

مسألة: 80 لا إشكال في عدم اعتبار العدالة فيما إذا جعل التولية و النظر لنفسه، و في اعتبارها فيما إذا جعل النظر لغيره قولان، أقواهما العدم. نعم الظاهر أنه يعتبر فيه الامانة و الكفاية، فلا يجوز جعل التولية- خصوصا في الجهات و المصالح العامة- لمن كان خائنا غير موثوق به، و كذا من ليس له الكفاية في تولية أمور الوقف. و من


1- قد مر ان الأقوى عدم التأثير لاجازتهم حيث لم يكونوا مالكين حين العقد.
2- بل في كلتا الصورتين، إذ البطن اللاحق لم يكونوا مالكين حين الإجارة حتى تؤثر إجازة المتولي في حقهم و ان كانت لمصلحة الوقف، أو تؤثر إجازتهم في العقد الصادر من المتولي قبل مالكيتهم، فإنه نظير اجارة الأب لولده الصغير ملكا لم يملكه بعد، فالأحوط تجديد الإجارة في كلتا الصورتين.
3- يعنى ما دام حيا.

ص: 264

هنا يقوى اعتبار التميز و العقل فيه، فلا يصح تولية المجنون و الصبي الغير المميز (1).

[مسألة: 81 لو جعل التولية لشخص لم يجب عليه القبول]

مسألة: 81 لو جعل التولية لشخص لم يجب عليه القبول، سواء كان حاضرا في مجلس العقد أو لم يكن حاضرا فيه ثم بلغ اليه الخبر و لو بعد وفاة الواقف.

و لو جعل التولية لأشخاص على الترتيب و قبل بعضهم لم يجب القبول على المتولين بعده، فمع عدم القبول كان الوقف بلا متولي منصوب، و لو قبل التولية فهل يجوز له عزل نفسه بعد ذلك كالوكيل أم لا؟ قولان لا يترك الاحتياط، بأن لا يرفع اليد عن الأمر و لا يعزل نفسه، و لو عزل يقوم بوظائفه مع المراجعة إلى الحاكم.

[مسألة: 82 لو شرط التولية لاثنين، فان صرح باستقلال كل منهما استقل و لا يلزم عليه مراجعة الأخر]

مسألة: 82 لو شرط التولية لاثنين، فان صرح باستقلال كل منهما استقل و لا يلزم عليه مراجعة الأخر، و إذا مات أحدهما أو خرج عن الأهلية انفرد الأخر، و ان صرح بالاجتماع ليس لأحدهما الاستقلال، و كذا لو أطلق و لم تكن على ارادة الاستقلال قرائن الأحوال، و حينئذ لو مات أحدهما أو خرج عن الأهلية يضم الحاكم إلى الأخر شخصا آخر على الأحوط لو لم يكن الأقوى.

[مسألة: 83 لو عين الواقف وظيفة المتولي و شغله فهو المتبع]

مسألة: 83 لو عين الواقف وظيفة المتولي و شغله فهو المتبع، و لو أطلق كانت وظيفته ما هو المتعارف من تعمير الوقف و إجارته و تحصيل أجرته و قسمتها على أربابه و أداء خراجه و نحو ذلك، كل ذلك على وجه الاحتياط و مراعاة الصلاح، و ليس لأحد مزاحمته في ذلك حتى الموقوف عليهم. و يجوز ان ينصب الواقف متوليا في بعض الأمور و آخر في الأخر، كما إذا جعل أمر التعمير و تحصيل المنافع الى أحد و أمر حفظها و قسمتها على أربابها إلى آخر، أو جعل لواحد أن يكون الوقف بيده و حفظه و للآخر التصرف. و لو فوض الى واحد التعمير و تحصيل الفائدة و أهمل باقي الجهات من الحفظ و القسمة و غيرهما كان الوقف بالنسبة الى غير ما فوض اليه بلا متولي منصوب، فيجري عليه حكمه و سيأتي.

[مسألة: 84 لو عين الواقف للمتولي شيئا من المنافع تعين]

مسألة: 84 لو عين الواقف للمتولي شيئا من المنافع تعين و كان ذلك أجرة


1- بل و المميز على الأقوى.

ص: 265

عمله ليس له أزيد من ذلك و ان كان أقل من أجرة مثله، و لو لم يذكر شيئا فالأقرب ان له أجرة المثل.

[مسألة: 85 ليس للمتولي تفويض التولية إلى غيره حتى مع عجزه عن التصدي]

مسألة: 85 ليس للمتولي تفويض التولية إلى غيره حتى مع عجزه عن التصدي إلا إذا جعل الواقف له ذلك عند جعله متوليا. نعم يجوز له التوكيل في بعض ما كان تصديه من وظيفته إذا لم يشترط عليه المباشرة.

[مسألة: 86 يجوز للواقف ان يجعل ناظرا على المتولي]

مسألة: 86 يجوز للواقف ان يجعل ناظرا على المتولي، فان أحرز أن المقصود مجرد اطلاعه على أعماله لأجل الاستيثاق فهو مستقل في تصرفاته و لا يعتبر اذن الناظر في صحتها و نفوذها و انما اللازم عليه اطلاعه، و ان كان المقصود اعمال نظره و تصويب عمله لم يجز له التصرف إلا باذنه و تصويبه، و لو لم يحرز مراده فاللازم مراعاة الأمرين (1).

[مسألة: 87 إذا لم يعين الواقف متوليا أصلا: فأما الأوقاف العامة فالمتولي لها الحاكم]

مسألة: 87 إذا لم يعين الواقف متوليا أصلا: فأما الأوقاف العامة فالمتولي لها الحاكم أو المنصوب من قبله على الأقوى، و أما الأوقاف الخاصة فالحق انه بالنسبة الى ما كان راجعا إلى مصلحة الوقف و مراعاة البطون من تعميره و حفظ الأصول و إجارته على البطون اللاحقة و نحوها كالأوقاف العامة توليتها للحاكم أو منصوبه، و أما بالنسبة إلى تنميته و اصلاحاته الجزئية المتوقف عليها في حصول النماء الفعلي كتنقية أنهاره و كريه و حرثه و جمع حاصله و تقسيمه و أمثال ذلك فأمرها راجع الى الموقوف عليهم الموجودين.

[مسألة: 88 في الأوقاف التي توليتها للحاكم و منصوبه مع فقده و عدم الوصول اليه توليتها لعدول المؤمنين]

مسألة: 88 في الأوقاف التي توليتها للحاكم و منصوبه مع فقده و عدم الوصول اليه توليتها لعدول المؤمنين (2).

[مسألة: 89 لا فرق فيما كان أمره راجعا الى الحاكم بين ما إذا لم يعين الواقف متوليا و بين ما إذا عين]

مسألة: 89 لا فرق فيما كان أمره راجعا الى الحاكم بين ما إذا لم يعين الواقف متوليا و بين ما إذا عين و لم يكن أهلا لها أو خرج عن الأهلية، فإذا جعل التولية للعادل من أولاده و لم يكن بينهم عادل أو كان ففسق كان كأن لم ينصب متوليا.


1- على الأحوط.
2- و مع عدمهم للموثقين و الأمناء منهم.

ص: 266

[مسألة: 90 لو جعل التولية لعدلين من أولاده مثلا و لم يكن فيهم الا عدل واحد ضمن الحاكم اليه عدلا آخر]

مسألة: 90 لو جعل التولية لعدلين من أولاده مثلا و لم يكن فيهم الا عدل واحد ضمن الحاكم اليه عدلا آخر، و أما لو لم يوجد فيهم عدل أصلا فهل اللازم على الحاكم نصب عدلين أو يكفي نصب واحد؟ أحوطهما الأول و أقواهما الثاني.

[مسألة: 91 إذا احتاج الوقف الى التعمير و لم يكن وجه يصرف فيه يجوز للمتولي أن يقترض له قاصدا]

مسألة: 91 إذا احتاج الوقف الى التعمير و لم يكن وجه يصرف فيه يجوز للمتولي أن يقترض له قاصدا أداء ما في ذمته بعد ذلك مما يرجع اليه كمنافعه أو منافع موقوفاته، فيقترض متولي البستان مثلا لتعميرها بقصد أن يؤدي بعد ذلك دينه من عائداتها، و متولي المسجد أو المشهد أو المقبرة و نحوها بقصد أن يؤدي دينه من عائدات موقوفاتها، بل يجوز ان يصرف في ذلك من ماله بقصد الاستيفاء مما ذكر.

نعم لو اقترض له لا بقصد الأداء منه أو صرف من ماله لا بنية الاستيفاء منه لم يكن له ذلك بعد ذلك.

[مسألة: 92 تثبت الوقفية بالشياع إذا أفاد العلم أو الاطمئنان]

مسألة: 92 تثبت الوقفية بالشياع إذا أفاد العلم أو الاطمئنان، و بإقرار ذي اليد أو ورثته، و بكونه في تصرف الوقف، بأن يعامل المتصرفون فيه معاملة الوقف بلا معارض، و كذا تثبت بالبينة الشرعية.

[مسألة: 93 إذا أقر بالوقف ثم ادعى ان إقراره كان لمصلحة يسمع منه لكن يحتاج إلى الإثبات]

مسألة: 93 إذا أقر بالوقف ثم ادعى ان إقراره كان لمصلحة يسمع منه لكن يحتاج إلى الإثبات، بخلاف ما إذا أوقع العقد و حصل القبض ثم ادعى انه لم يكن قاصدا فإنه لا يسمع منه أصلا، كما هو الحال في جميع العقود و الإيقاعات.

[مسألة: 94 كما أن معاملة المتصرفين معاملة الوقفية دليل على أصل الوقفية ما لم يثبت خلافها]

مسألة: 94 كما أن معاملة المتصرفين معاملة الوقفية دليل على أصل الوقفية ما لم يثبت خلافها، كذلك كيفية عملهم من الترتيب أو التشريك و المصرف و غير ذلك دليل على كيفيته، فيتبع ما لم يعلم خلافها.

[مسألة: 95 إذا كان ملك بيد شخص يتصرف فيه بعنوان الملكية لكن علم أنه قد كان في السابق وقفا]

مسألة: 95 إذا كان ملك بيد شخص يتصرف فيه بعنوان الملكية لكن علم أنه قد كان في السابق وقفا لم ينتزع من يده بمجرد ذلك ما لم يثبت وقفيته فعلا، و كذا لو ادعى أحد انه قد وقف على آبائه نسلا بعد نسل و اثبت ذلك من دون ان يثبت كونه وقفا فعلا. نعم لو أقر ذو اليد في مقابل خصه بأنه قد كان وقفا الا انه قد حصل المسوغ

ص: 267

للبيع و قد اشتراه سقط حكم يده و ينتزع منه و يلزم بإثبات الأمرين: وجود المسوغ للبيع، و وقوع الشراء.

[مسألة: 96 إذا كان كتاب أو مصحف أو صفر مثلا بيد شخص و هو يدعي ملكيته]

مسألة: 96 إذا كان كتاب أو مصحف أو صفر مثلا بيد شخص و هو يدعي ملكيته و كان مكتوبا عليه انه وقف لم يحكم بوقفيته بمجرد ذلك، فيجوز الشراء منه. نعم الظاهر أن وجود مثل ذلك عيب و نقص في العين، فلو خفي على المشتري ثم اطلع عليه كان له خيار الفسخ.

[مسألة: 97 لو ظهر في تركة الميت ورقة بخطه أن ملكه الفلاني وقف و انه وقع القبض و الإقباض]

مسألة: 97 لو ظهر في تركة الميت ورقة بخطه أن ملكه الفلاني وقف و انه وقع القبض و الإقباض لم يحكم بوقفيته بمجرد ذلك ما لم يحصل العلم أو الاطمئنان به، لاحتمال انه كتب ليجعله وقفا كما يتفق ذلك كثيرا.

[مسألة: 98 إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالأنعام الثلاثة]

مسألة: 98 إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالأنعام الثلاثة لم يجب على الموقوف عليهم زكاتها و ان بلغت حصة كل منهم حد النصاب، و أما لو كانت نماؤها منها كالعنب و التمر ففي الوقف الخاص وجبت الزكاة على كل من بلغت حصته النصاب من الموقوف عليهم لأنها ملك طلق لهم، بخلاف الوقف العام و ان كان مثل الوقف على الفقراء لعدم كونه ملكا لواحد منهم الا بعد قبضه. نعم لو أعطي الفقير مثلا حصة من الحاصل على الشجر قبل وقت تعلق الزكاة- كما قبل احمرار التمر أو اصفراره- وجبت عليه الزكاة إذا بلغت حد النصاب.

[مسألة: 99 الوقف المتداول بين الاعراب و بعض الطوائف من غيرهم حيث يعمدون إلى نعجة أو بقرة]

مسألة: 99 الوقف المتداول بين الاعراب و بعض الطوائف من غيرهم حيث يعمدون إلى نعجة أو بقرة و يتكلمون بألفاظ متعارفة بينهم و يكون المقصود أن تبقى و تذبح أولادها الذكور و تبقى الإناث و هكذا، الظاهر بطلانها (1) لعدم الصيغة و عدم القبض و عدم تعيين المصرف و غير ذلك.


1- إلا إذا كان المصرف عنده معلوما بحسب المتعارف و المتولي أيضا كان نفسه بحسب الارتكاز و تكلم بقصد الوقف كلمة ظاهرة فيه كان صحيحا.

ص: 268

[خاتمة]

اشارة

(خاتمة) تشتمل على أمرين: أحدهما في الحبس و ما يلحق به، ثانيهما في الصدقة:

[القول في الحبس و أخواته]
اشارة

القول في الحبس و أخواته:

[مسألة: 1 يجوز للإنسان أن يحبس ملكه على كل ما يصح الوقف عليه]

مسألة: 1 يجوز للإنسان أن يحبس ملكه على كل ما يصح الوقف عليه، بأن يصرف منافعه فيما عينه على ما عينه، فلو حبسه على سبيل من سبل الخير و مواقع قرب العبادات مثل الكعبة المعظمة و المساجد و المشاهد المشرفة، فإن كان مطلقا أو صرح بالدوام فلا رجوع (1) و لا يعود على ملك المالك و لا يورث، و ان كان الى مدة لا رجوع في تلك المدة (2) و بعد انقضائها يرجع الى المالك. و لو حبسه على شخص فان عين مدة أو مدة حياته لزم حبسه عليه في تلك المدة، و لو مات الحابس قبل انقضائها يبقى على حاله الى أن تنقضي، و ان أطلق و لم يعين وقتا لزم ما دام حياة الحابس و ان مات كان ميراثا. و هكذا الحال لو حبس على عنوان عام كالفقراء، فان حدده بوقت لزم إلى انقضائه، و ان لم يوقف لزم ما دام حياة الحابس.

[مسألة: 2 إذا جعل لأحد سكنى داره مثلا- بأن سلطه على إسكانها مع بقائها على ملكه- يقال له «السكنى»]

مسألة: 2 إذا جعل لأحد سكنى داره مثلا- بأن سلطه على إسكانها مع بقائها على ملكه- يقال له «السكنى»، سواء أطلق و لم يعين مدة أصلا، كأن يقول «أسكنتك داري» أو «لك سكناها»، أو قدره بعمر أحدهما، كما إذا قال «لك سكنى داري مدة حياتك» أو «مدة حياتي»، أو قدره بالزمان كسنة و سنتين مثلا. نعم في كل من الأخيرين له اسم يختص به، و هو «العمرى» في أولهما و «الرقبى» في ثانيهما.

[مسألة: 3 يحتاج كل من هذه الثلاثة إلى عقد مشتمل على إيجاب من المالك و قبول من الساكن]

مسألة: 3 يحتاج كل من هذه الثلاثة إلى عقد مشتمل على إيجاب من المالك و قبول من الساكن (3)، فالإيجاب كل ما أفاد التسليط المزبور بحسب المتفاهم العرفي،


1- بعد القبض كما يأتي منه.
2- المقصود عدم عود المنافع و عدم إرثها، و أما رقبة الملك فباقية على ملك الحابس.
3- و الظاهر صحة المعاطاة فيها، بأن يعطى داره الى غيره ليسكن فيها مدة معينة بالمقاولة قبل الإعطاء بقصد الرقبى أو العمرى أو السكنى.

ص: 269

كأن يقول في السكنى «أسكنتك هذه الدار» أو «لك سكناها» و ما أفاد معناهما بأي لغة كان، و في العمرى «أسكنتكها» أو «لك سكناها مدة حياتك» و في الرقبى «أسكنتكها سنة أو سنتين» مثلا. و للعمرى و الرقبى لفظان آخران: فللاولى «أعمرتك هذه الدار عمرك أو عمري أو ما بقيت أو بقيت أو ما حييت أو حييت أو ما عشت أو عشت» و نحوها، و للثانية «أرقبتك مدة كذا». و أما القبول فهو كل ما دل على الرضا و القبول من الساكن.

[مسألة: 4 يشترط في كل من الثلاثة قبض الساكن]

مسألة: 4 يشترط في كل من الثلاثة قبض الساكن، فلو لم يقبض حتى مات المالك بطلت كالوقف.

[مسألة: 5 هذه العقود الثلاثة لازمة يجب العمل بمقتضاها و ليس للمالك الرجوع و إخراج الساكن]

مسألة: 5 هذه العقود الثلاثة لازمة يجب العمل بمقتضاها و ليس للمالك الرجوع و إخراج الساكن، ففي السكنى المطلقة حيث ان الساكن استحق مسمى الإسكان و لو يوما لزم العقد في هذا المقدار، فليس للمالك منعه عن ذلك. نعم له الرجوع و الأمر بالخروج في الزائد متى شاء. و في العمرى المقدرة بعمر الساكن أو عمر المالك لزمت مدة حياة أحدهما، و في الرقبى لزمت في المدة المضروبة، فليس للمالك إخراجه قبل انقضائها.

[مسألة: 6 إذا جعل داره سكنى أو عمرى أو رقبى لشخص لم تخرج عن ملكه]

مسألة: 6 إذا جعل داره سكنى أو عمرى أو رقبى لشخص لم تخرج عن ملكه و جاز له بيعها و لم يبطل الإسكان (1) و لا الإعمار و لا الإرقاب، بل يستحق الساكن السكنى على النحو الذي جعلت له، و كذا ليس للمشتري إبطالها. نعم لو كان جاهلا كان الخيار بين فسخ البيع و إمضائه بجميع الثمن.

[مسألة: 7 لو جعل المدة في العمرى طول حياة المالك و مات الساكن قبله كان لورثته السكنى]

مسألة: 7 لو جعل المدة في العمرى طول حياة المالك و مات الساكن قبله كان لورثته السكنى الى أن يموت المالك، و لو جعل المدة طول حياة الساكن و مات المالك قبله لم يكن لورثته إزعاج الساكن بل يسكن طول حياته، و لو مات الساكن لم يكن لورثته السكنى إلا إذا جعل له السكنى مدة حياته و لعقبه و نسله بعد وفاته،


1- حتى في المطلقة منها الا إذا رجع عن سكناه حيث يجوز له.

ص: 270

فلهم ذلك ما لم ينقرضوا، فإذا انقرضوا رجعت الى المالك أو ورثته.

[مسألة: 8 إطلاق السكنى يقتضي أن يسكن من جعلت له السكنى بنفسه و أهله و أولاده]

مسألة: 8 إطلاق السكنى يقتضي أن يسكن من جعلت له السكنى بنفسه و أهله و أولاده، و الأقرب جواز إسكان من جرت العادة السكنى معه كغلامه و جاريته و مرضعة ولده و ضيوفه، بل كذا دابته إذا كان الموضع معدا لمثلها. و لا يجوز أن يسكن غيرهم (1) الا أن يشترط ذلك أو يرضى المالك، و كذا لا يجوز أن يؤجر المسكن أو يعيره لغيره على الأقوى.

[مسألة: 9 كل ما صح وقفه صح إعماره من العقار و الحيوان و الأثاث و غيرها]

مسألة: 9 كل ما صح وقفه صح إعماره من العقار و الحيوان و الأثاث و غيرها، و يختص مورد السكنى بالمساكن، و أما الرقبى ففي كونها في ذلك بحكم العمرى أو بحكم السكنى تأمل و اشكال (2).

[القول في الصدقة]
اشارة

القول في الصدقة:

التي قد تواترت النصوص على ندبها و الحث عليها خصوصا في أوقات مخصوصة كالجمعة و عرفة و شهر رمضان و على طوائف مخصوصة كالجيران و الأرحام، بل ورد في الخبر لا صدقة و ذو الرحم محتاج، و هي دواء المريض و دافعة البلاء و قد أبرم إبراما، و بها يستنزل الرزق و يقضى الدين و تخلف البركة و تزيد في المال، و بها تدفع ميتة السوء و الداء و الحرق و الغرق و الهدم و الجنون الى سبعين بابا من السوء، و بها في أول كل يوم يدفع نحوسة ذلك اليوم و شروره، و في أول كل ليلة تدفع نحوسة تلك الليلة و شرورها، و لا يستقل قليلها فقد ورد تصدقوا و لو بقبضة أو ببعض قبضة و لو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة، و لا يستكثر كثيرها فإنها تجارة رابحة، ففي الخبر إذا أملقتم تاجروا اللّٰه بالصدقة، و في خبر آخر انها خير الذخائر، و في آخر ان اللّٰه تعالى يربى الصدقات لصاحبها حتى يلقيها يوم القيامة كجبل عظيم.


1- بل الأقوى جواز ذلك، و كذا الإجارة و الإعارة إلا إذا اشترط المالك انتفاعا خاصا و لو من جهة الانصراف الى المنافع المتعارفة.
2- لا يبعد أن تكون بحكم العمرى.

ص: 271

[مسألة: 1 يعتبر في الصدقة قصد القربة]

مسألة: 1 يعتبر في الصدقة قصد القربة، و الأقوى انه لا يعتبر فيها العقد المشتمل على الإيجاب و القبول كما نسب الى المشهور، بل يكفي المعاطاة (1)، فتتحقق بكل لفظ أو فعل من إعطاء أو تسليط قصد به التمليك مجانا مع نية القربة، و يشترط فيها الإقباض و القبض.

[مسألة: 2 لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض و ان كانت على أجنبي على الأصح]

مسألة: 2 لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض و ان كانت على أجنبي على الأصح.

[مسألة: 3 تحل صدقة الهاشمي لمثله و لغيره مطلقا]

مسألة: 3 تحل صدقة الهاشمي لمثله و لغيره مطلقا حتى الزكاة المفروضة و الفطرة، و أما صدقة غير الهاشمي للهاشمي فتحل في المندوبة و تحرم في الزكاة المفروضة و الفطرة، و أما المفروضة غيرهما كالمظالم و الكفارة و نحوها فالظاهر انها كالمندوبة، و ان كان الأحوط عدم إعطائهم لها و تنزههم عنها (2).

[مسألة: 4 يعتبر في المتصدق البلوغ و العقل و عدم الحجر لفلس أو سفه]

مسألة: 4 يعتبر في المتصدق البلوغ و العقل و عدم الحجر لفلس أو سفه.

نعم في صحة صدقة من بلغ عشر سنين وجه، لكنه لا يخلو عن إشكال.

[مسألة: 5 لا يعتبر في المتصدق عليه في الصدقة المندوبة الفقر و لا الايمان]

مسألة: 5 لا يعتبر في المتصدق عليه في الصدقة المندوبة الفقر و لا الايمان، بل و لا الإسلام، فيجوز على الغني و على المخالف و على الذمي و ان كانا أجنبيين.

نعم لا يجوز على الناصب و على الحربي و ان كانا قريبين.

[مسألة: 6 الصدقة المندوبة سرا أفضل]

مسألة: 6 الصدقة المندوبة سرا أفضل، فقد ورد أن صدقة السر تطفئ غضب الرب و تطفئ الخطيئة كما يطفي الماء النار و تدفع سبعين بابا من البلاء، و في خبر آخر عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله سبعة يظلهم اللّٰه في ظله يوم لا ظل الا ظله- الى أن قال- و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لم تعلم يمينه ما تنفق شماله. نعم إذا اتهم بترك المواساة فأراد دفع التهمة عن نفجه أو قصد غيره به لا بأس بالإجهار بها و لم يتأكد إخفائها. هذا في الصدقة المندوبة، و أما الواجبة فالأفضل إظهارها مطلقا.


1- و هي فيها بعد القبض لازمة لمكان قصد القربة.
2- لا يترك.

ص: 272

[مسألة: 7 يستحب المساعدة و التوسط في إيصال الصدقة إلى المستحق]

مسألة: 7 يستحب المساعدة و التوسط في إيصال الصدقة إلى المستحق، فعن مولانا الصادق عليه السلام: لو جرى المعروف على ثمانين كفا لأوجروا كلهم من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئا. بل في خبر آخر عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله انه قال في خطبة له: من تصدق بصدقة عن رجل الى مسكين كان له مثل أجره، و لو تداولها أربعون ألف إنسان ثم وصلت الى المسكين كان لهم أجر كامل.

[مسألة: 8 يكره كراهة شديدة أن يتملك من الفقير ما تصدق به بشراء أو اتهاب أو بسبب آخر]

مسألة: 8 يكره كراهة شديدة أن يتملك من الفقير ما تصدق به بشراء أو اتهاب أو بسبب آخر، بل قيل بحرمته. نعم لا بأس بأن يرجع اليه بالميراث.

[مسألة: 9 يكره رد السائل و لو ظن غناه]

مسألة: 9 يكره رد السائل و لو ظن غناه، بل أعطاه و لو شيئا يسيرا، فعن مولانا الباقر عليه السلام: أعط السائل و لو كان على ظهر فرس. و عنه عليه السلام قال: كان فيما ناجى اللّٰه عز و جل به موسى عليه السلام قال: يا موسى أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل- الخبر.

[مسألة: 10 يكره كراهة شديدة السؤال من غير احتياج]

مسألة: 10 يكره كراهة شديدة السؤال من غير احتياج، بل مع الحاجة أيضا، و ربما يقال بحرمة الأول، و لا يخلو من قوة، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله:

من فتح على نفسه باب مسألة فتح اللّٰه عليه باب فقر.

و عن مولانا الصادق عليه السلام قال: قال على بن الحسين عليه السلام:

ضمنت على ربي انه لا يسأل أحد من غير حاجة الا اضطر به المسألة يوما الى أن يسأل من حاجة.

و عن مولانا الباقر عليه السلام: لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا، و لو يعلم المعطى ما في العطية ما رد أحد أحدا. ثم قال عليه السلام: انه من سئل و هو يظهر غنى لقي اللّٰه مخموشا وجهه يوم القيامة.

و في خبر آخر: من سأل من غير فقر فإنما يأكل الخمر.

و في خبر آخر: من سأل الناس و عنده قوت ثلاثة أيام لقي اللّٰه يوم القيامة

ص: 273

و ليس على وجهه لحم.

و في آخر قال أبو عبد اللّٰه عليه السلام: ثلاثة لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب اليم، الديوث، و الفاحش المتفحش، و الذي يسأل الناس و في يده يظهر غنى.

ص: 274

[كتاب الوصية]

اشارة

كتاب الوصية و هي على ضربين (1): تمليكية كأن يوصى بشي ء من تركته لزيد، و عهدية كأن يوصى بما يتعلق بتجهيزه أو باستئجار الحج أو الصوم أو الصلاة أو الزيارات له.

[مسألة: 1 إذا ظهرت للإنسان أمارات الموت يجب عليه أن يوصى بإيصال ما عنده من أموال الناس]

مسألة: 1 إذا ظهرت للإنسان أمارات الموت يجب عليه أن يوصى (2) بإيصال ما عنده من أموال الناس مع الودائع و البضائع و نحوها إلى أربابها و الاشهاد عليها، خصوصا إذا خفيت على الورثة، و كذا بأداء ما عليه من الحقوق المالية خلقيا كان كالديون و الضمانات و الديات و أروش الجنايات أو خالقيا كالخمس و الزكاة و المظالم و الكفارات، بل يجب عليه أن يوصى بأن يستأجر عنه ما عليه من الواجبات البدنية مما يصح فيها النيابة و الاستيجار كقضاء الصوم و الصلاة إذا لم يكن له ولي يقضيها عنه، بل و لو كان له ولي لا يصح منه العمل كالصبي أو كان ممن لا وثوق بإتيانه أو صحة عمله.

[مسألة: 2 إذا كان عنده أموال الناس أو كان عليه حقوق و واجبات]

مسألة: 2 إذا كان عنده أموال الناس أو كان عليه حقوق و واجبات لكن يعلم أو يطمئن بأن اخلافه يوصلون الأموال و يؤدون الحقوق و الواجبات لم يجب عليه الإيصاء، و ان كان أحوط و أولى.

[مسألة: 3 يكفي في الوصية كل ما دل عليها من الألفاظ من أي لغة كان]

مسألة: 3 يكفي في الوصية كل ما دل عليها من الألفاظ من أي لغة كان، و لا


1- بل على ضروب، لأنها قد تكون تمليك عين أو منفعة و قد تكون جعل ولاية أو سلطنة أو وكالة و قد تكون إبراء لدين و إسقاطا لحق أو إعتاقا لرقبة و قد تكون عهدا و اذنا و استدعاء لتجهيزه و غسله و صلاته و قضاء صلاته و صومه و حجه ورد أماناته و أمثال ذلك، و كتبنا تفصيل ذلك في حاشية العروة على كتاب الوصية- فراجع.
2- ان لم يتمكن من إيصاله بنفسه و الا وجب أن يأتي بجميع ما ذكر بنفسه و يضيق عليه ما كان موسعا في حياته.

ص: 275

يعتبر فيها لفظ خاص، و لفظها الصريح في التمليكية أن يقول «أوصيت لفلان بكذا» أو «أعطوا فلانا» أو «ادفعوا اليه بعد موتي» أو «لفلان بعد موتى كذا» و هكذا، و في العهدية «افعلوا بعد موتى كذا و كذا» و هكذا. و الظاهر عدم كفاية الإشارة (1) إلا مع العجز عن النطق، بخلاف الكتابة فإن الظاهر الاكتفاء بها مطلقا، خصوصا في الوصية العهدية إذا علم أنه قد كان في مقام الوصية و كانت العبارة ظاهرة الدلالة على المعنى المقصود، فيكفي وجود مكتوب من الموصى بخطه و خاتمه إذا علم من قرائن الأحوال كونه بعنوان الوصية فيجب تنفيذها.

[مسألة: 4 الوصية التمليكية لها أركان ثلاثة]

مسألة: 4 الوصية التمليكية لها أركان ثلاثة: الموصي، و الموصى به، و الموصى له. و أما الوصية العهدية فإنما يكون قوامها بأمرين: الموصى، و الموصى به. نعم إذا عين الموصي شخصا لتنفيذها تقوّم حينئذ بأمور ثلاثة: الموصي، و الموصى به، و الموصى اليه. و هو الذي يطلق عليه الوصي.

[مسألة: 5 لا إشكال في ان الوصية العهدية لا تحتاج الى قبول]

مسألة: 5 لا إشكال في ان الوصية العهدية لا تحتاج الى قبول. نعم لو عين وصيا لتنفيذها لا بد من قبوله، لكن في وصايته لا في أصل الوصية، و أما الوصية التمليكية فإن كانت تمليكا للنوع كالوصية للفقراء و السادة و الطلبة فهي كالعهدية لا يعتبر فيها القبول (2)، و ان كانت تمليكا للشخص فالمشهور على أنه يعتبر فيها القبول من الموصى له، و لا يبعد عدم اعتباره (3) و كفاية عدم الرد، فتبطل الوصية بالرد (4) لا ان القبول شرط.

[مسألة: 6 يكفي في القبول بناء على اعتباره كل ما دل على الرضا قولا أو فعلا، كأخذ الموصى به و التصرف فيه]

مسألة: 6 يكفي في القبول بناء على اعتباره كل ما دل على الرضا قولا أو فعلا، كأخذ الموصى به (5) و التصرف فيه.


1- على الأحوط، كما ان الأحوط في الكتابة الاقتصار على حال الضرورة.
2- بل لعلها تحسب من العهدية فيجب إعطاء ما أوصى به عليهم.
3- بل بعيد.
4- إذا كان بعد الموت و قبل القبول.
5- مع قصد القبول به.

ص: 276

[مسألة: 7 بناء على اعتبار القبول لا فرق بين وقوعه في حياة الموصى أو بعد موته]

مسألة: 7 بناء على اعتبار القبول لا فرق بين وقوعه في حياة الموصى أو بعد موته، كما انه لا فرق في الواقع بعد الموت بين أن يكون متصلا به أو متأخرا عنه مدة.

[مسألة: 8 لو رد بعضها و قبل بعضها صح فيما قبله]

مسألة: 8 لو رد بعضها و قبل بعضها صح فيما قبله (1) و بطل فيما رده على الأقوى.

[مسألة: 9 لو مات الموصى له في حياة الموصي أو بعد موته قبل أن يصدر منه رد أو قبول قام ورثته مقامه]

مسألة: 9 لو مات الموصى له في حياة الموصي أو بعد موته قبل أن يصدر منه رد أو قبول قام ورثته مقامه في الرد و القبول، فيملكون الموصى به بقبولهم أو عدم ردهم كمورثهم لو لم يرجع الموصى عن وصيته قبل موته.

[مسألة: 10 الظاهر ان الوارث يتلقى المال الموصى به من الموصي ابتداء]

مسألة: 10 الظاهر ان الوارث يتلقى المال الموصى به من الموصي ابتداء لا انه ينتقل الى الموصى له أولا ثم الى وارثه و ان كانت القسمة بين الورثة في صورة التعدد على حسب قسمة المواريث، فعلى هذا لا يخرج من الموصى به ديون الموصى له و لا تنفذ فيه وصاياه.

[مسألة: 11 إذا قبل بعض الورثة و رد بعضهم صحت الوصية]

مسألة: 11 إذا قبل بعض الورثة و رد بعضهم صحت الوصية فيمن قبل (2) و بطلت فيمن رد بالنسبة.

[مسألة: 12 يعتبر في الموصي البلوغ و العقل و الاختيار و الرشد و الحرية]

مسألة: 12 يعتبر في الموصي البلوغ و العقل و الاختيار و الرشد و الحرية، فلا تصح وصية الصبي. نعم الأقوى صحة وصية البالغ عشرا إذا كانت في البر و المعروف كبناء المساجد و القناطر و وجوه الخيرات و المبرات، و كذا لا تصح وصية المجنون و لو أدواريا في دور جنونه، و لا السكران، و كذا المكره و السفيه (3) و المملوك و ان قلنا بملكه كما هو الأقوى.


1- مشكل لعدم تطابق القبول مع الإيجاب. نعم بناء على عدم اعتبار القبول و كون الرد مبطلا صح ما ذكر و لكن القول به ضعيف.
2- مر الإشكال في نظيره. نعم لو كان الإيجاب مركبا من إيجابين كأن يقول هذا لزيد و هذا لعمرو صح ما ذكر دون ما إذا قال هذا لهما.
3- سواء كان قبل حجر الحاكم أو بعده في وصاياه المالية، أما في غير ما يحتاج الى صرف المال كالأمور الراجعة إلى تجهيزه و أمثاله فتصح وصيته كسائر عقوده غير المالية.

ص: 277

[مسألة: 13 يعتبر في الموصى مضافا الى ما ذكر أن لا يكون قاتل نفسه متعمدا]

مسألة: 13 يعتبر في الموصى مضافا الى ما ذكر أن لا يكون قاتل نفسه متعمدا، فمن أوقع على نفسه جرحا أو شرب السم أو ألقى نفسه من شاهق مثلا مما يقطع أو يظن كونه مؤديا إلى الهلاك لم تصح وصيته المتعلقة بأمواله (1) إذا وقع منه ذلك متعمدا، فان كان إيقاع ذلك خطاء أو كان مع ظن السلامة فاتفق موته به نفذت وصيته، و لو أوصى ثم أحدث في نفسه ما يؤدي الى هلاكه لم تبطل وصيته و ان كان حين الوصية بانيا على أن يحدث ذلك بعدها.

[مسألة: 14 لا تبطل الوصية بعروض الإغماء و الجنون للموصي]

مسألة: 14 لا تبطل الوصية بعروض الإغماء و الجنون للموصي و ان داما حين الممات.

[مسألة: 15 يشترط في الموصى له الوجود حين الوصية]

مسألة: 15 يشترط في الموصى له الوجود حين الوصية، فلا تصح الوصية للمعدوم، كما أوصى للميت أو لما تحمله المرأة في المستقبل و لمن يوجد من أولاد فلان، و يجوز الوصية للحمل بشرط وجوده حين الوصية و ان لم تلجه الروح و انفصاله حيا، فلو انفصل ميتا بطلت الوصية و رجع المال ميراثا لورثة الموصى.

[مسألة: 16 تصح الوصية للذمي و كذا للمرتد الملي إذا لم يكن المال مما لا يملكه الكافر كالمصحف]

مسألة: 16 تصح الوصية للذمي و كذا للمرتد الملي إذا لم يكن المال مما لا يملكه الكافر كالمصحف و العبد المسلم، و لا تصح للحربي و لا للمرتد عن فطرة على اشكال (2).

[مسألة: 17 لا تصح الوصية لمملوك الغير و ان أجاز المالك]

مسألة: 17 لا تصح الوصية لمملوك (3) الغير و ان أجاز المالك، و تصح لمملوك نفسه و لكن لا يملك الموصى به كالأحرار، بل ان كان بقدر قيمته ينعتق و لا شي ء له، و ان كان أكثر من قيمته انعتق و كان الفاضل له، و ان كان أقل ينعتق منه بمقداره و سعى للورثة (4) في البقية.


1- بل مطلقا و ان لم يتعلق بأمواله على اشكال فيه.
2- فيهما.
3- حتى في المبعض بالنسبة إلى بعضه المملوك.
4- هذا في القن و أما المدبر و المكاتب ففيهما تفصيل لا حاجة الى ذكره في هذا الزمان.

ص: 278

[مسألة: 18 يشترط في الموصى به في الوصية التمليكية أن يكون مالا أو حقا قابلا للنقل]

مسألة: 18 يشترط في الموصى به في الوصية التمليكية أن يكون مالا أو حقا قابلا للنقل كحقي التحجير و الاختصاص، من غير فرق في المال بين كونه عينا أو دينا في ذمة الغير أو منفعة، و في العين كونها موجودة فعلا أو مما سيوجد، فتصح الوصية بما تحمله الدابة أو تثمر الشجرة في المستقبل.

[مسألة: 19 لا بد أن تكون العين الموصى بها ذات منفعة محللة مقصودة حتى تكون مالا شرعا]

مسألة: 19 لا بد أن تكون العين الموصى بها ذات منفعة محللة مقصودة حتى تكون مالا شرعا، فلا تصح الوصية بالخمر و الخنزير و آلات اللهو و القمار و لا بالحشرات و كلب الهراش و نحوها. و ان تكون المنفعة الموصى بها محللة مقصودة، فلا تصح الوصية بمنفعة المغنية و آلات اللهو، و كذا منافع القردة و نحوها.

[مسألة: 20 لا تصح الوصية بمال الغير و ان أجاز المالك]

مسألة: 20 لا تصح الوصية بمال الغير و ان أجاز المالك، سواء كان الإيصاء به عن نفسه بأن جعل مال الغير لشخص بعد وفاة نفسه، أو عن الغير بأن جعله لشخص بعد وفاة مالكه.

[مسألة: 21 يشترط في الوصية العهدية أن يكون ما أوصى به عملا سائغا تعلق به أغراض العقلاء]

مسألة: 21 يشترط في الوصية العهدية أن يكون ما أوصى به عملا سائغا تعلق به أغراض العقلاء، فلا تصح الوصية بصرف ماله في معونة الظلام و قطاع الطريق و تعمير الكنائس و نسخ كتب الضلال و نحوها، و كذا الوصية بما يكون صرف المال فيه سفها أو عبثا.

[مسألة: 22 لو أوصى بما هو سائغ عنده اجتهادا أو تقليدا أو غير سائغ عند الوصي]

مسألة: 22 لو أوصى بما هو سائغ عنده اجتهادا أو تقليدا أو غير سائغ عند الوصي- كما إذا أوصى بنقل جنازته مع عروض الفساد عليها الى أحد المشاهد و كان ذلك سائغا عند الموصى- لم يجب بل لم يجز عليه تنفيذها، و لو انعكس الأمر انعكس الأمر.

[مسألة: 23 لو اوصى لغير الولي بمباشرة تجهيزه كتغسيله و الصلاة عليه مع وجود الولي]

مسألة: 23 لو اوصى لغير الولي بمباشرة تجهيزه كتغسيله و الصلاة عليه مع وجود الولي ففي نفوذها و تقديمه على الولي و عدمه وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما عن رجحان، و الأحوط ان يكون ذلك بإذن الولي، بأن يستأذن الوصي من الولي

ص: 279

و يأذن الولي للوصي (1).

[مسألة: 24 يشترط في نفوذ الوصية في الجملة أن لا يكون زائدا على الثلث]

مسألة: 24 يشترط في نفوذ الوصية في الجملة أن لا يكون زائدا على الثلث. و تفصيله: ان الوصية ان كانت بواجب مالي كأداء ديونه و أداء ما عليه من الحقوق كالخمس و الزكاة و المظالم و الكفارات تخرج من أصل المال بلغ ما بلغ، بل لو لم يوص بها يخرج من الأصل و ان استوعبت التركة، و يلحق به الواجب المالي المشوب بالبدني كالحج و لو كان منذورا على الأقوى. و ان كانت تمليكية أو عهدية تبرعية- كما إذا أوصى بإطعام الفقراء أو الزيارات أو إقامة التعزية و نحو ذلك- نفذت بمقدار الثلث، و في الزائد يتوقف على إمضاء الورثة و إجازتهم، فان أمضوا صحت و الا بطلت، من غير فرق بين وقوع الوصية في حال الصحة أو في حال المرض.

و كذلك إذا كانت بواجب غير مالي على الأقوى، كما إذا أوصى بالصلاة و الصوم عنه إذا اشتغلت ذمته بهما.

[مسألة: 25 لا فرق فيما ذكر بين ما إذا كانت الوصية بكسر مشاع أو بمال معين أو بمقدار من المال]

مسألة: 25 لا فرق فيما ذكر بين ما إذا كانت الوصية بكسر مشاع أو بمال معين أو بمقدار من المال، فكما انه لو أوصى بثلث ماله نفذت في تمامه، و لو أوصى بالنصف نفذت بمقدار الثلث و بطلت في الزائد و هو السدس بدون اجازة الورثة، كذلك لو أوصى بمال معين فإنه ينسب الى مجموع التركة فإن كان بمقدار ثلث المجموع أو أقل نفذت في تمامه و ان كان أكثر نفذت فيه بمقدار ما يساوي الثلث، و في الزائد يتوقف على إمضاء الورثة، و كذلك الحال لو أوصى بمقدار من المال، كما إذا أوصى بألف دينار مثلا يقوم مجموع التركة و ينسب ما أوصى به الى قيمة المجموع، فتنفذ في تمامه لو كان بمقدار الثلث أو أقل، و في المقدار الذي يساوي ثلث التركة لو كان أزيد و لم يجز الورثة.

[مسألة: 26 لو كانت اجازة الوارث لما زاد على الثلث بعد موت الموصي نفذت بلا اشكال]

مسألة: 26 لو كانت اجازة الوارث لما زاد على الثلث بعد موت الموصي نفذت بلا اشكال ان ردها قبل الموت، و كذا لو أجازها قبل الموت و بقي إجازتها الى ما بعد الموت و أما لو ردها بعد الموت فهل تنفذ الإجازة السابقة و لا أثر للرد بعدها


1- لا يترك الاحتياط فيهما.

ص: 280

أم لا؟ قولان أقواهما الأول.

[مسألة: 27 لو أجاز الوارث بعض الزيادة لإتمامها نفذت بمقدار ما أجاز]

مسألة: 27 لو أجاز الوارث بعض الزيادة لإتمامها نفذت بمقدار ما أجاز، فلو أوصى بثلثي ماله و أجاز الوارث النصف نفذت في هذا المقدار و بطلت في الزائد و هو السدس من ماله.

[مسألة: 28 لو أجاز بعض الورثة دون بعضهم نفذت الوصية في حق المجيز في الزيادة]

مسألة: 28 لو أجاز بعض الورثة دون بعضهم نفذت الوصية في حق المجيز في الزيادة و بطلت في حق غيره، فإذا كان للموصي ابن و بنت و أوصى لزيد بنصف ماله قسمت التركة ثمانية عشر و نفذت في ثلثها و هو ستة، و في الزائد- و هو ثلاثة- احتاج الى إمضاء الابن و البنت، فإن أمضيا معا نفذت في تمامها، و ان أمضى الابن دون البنت نفذت في الاثنين و بطلت في واحد فكان للموصى له ثمانية، و ان كان بالعكس كان بالعكس و كان للموصى له سبعة.

[مسألة: 29 لو أوصى بعين معينة أو مقدار كلي من المال كمائة دينار يلاحظ في كونه بمقدار الثلث]

مسألة: 29 لو أوصى بعين معينة أو مقدار كلي من المال كمائة دينار يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقل أو أزيد بالنسبة إلى أموال الموصي حين الوفاة لا بالنسبة إلى أمواله الموجودة حال الوصية، فلو أوصى لزيد بعين كانت بمقدار نصف أمواله حين الوصية لكن من جهة نقصان قيمتها أو زيادة قيمة غيرها أو تجدد مال آخر له بعد ذلك صارت قيمتها بمقدار الثلث، و لو فرض انها كانت بمقدار الثلث حين الوصية لكن من جهة ارتفاع قيمتها أو نقصان قيمة غيرها أو تلف بعض أمواله صارت بمقدار نصف ما تركه حين الموت نفذت فيها بما يساوي الثلث و بطلت في الزائد لو لم تجز الورثة.

و هذا مما لا اشكال فيه، و انما الإشكال فيما إذا أوصى بكسر مشاع- كما إذا قال ثلث مالي لزيد بعد وفاتي- ثم تجدد له بعد الوصية بعض الأموال و أنه هل تشمل الوصية الزيادات المتجددة بعدها أم لا، سيما إذا لم تكن متوقعة الحصول. لكن الظاهر (1) نظرا الى شاهد الحال أن المراد بالمال المال الذي لو لم يوص بالثلث كان جميعه للورثة و هو ما كان له عند الوفاة. نعم لو كانت قرينة في كلامه تدل على ان المراد


1- الظاهر يختلف باختلاف الموارد، فان ظهر المراد و لو بالقرينة فبها و الا فيكتفى بالأقل لأنه المتيقن و الزائد محكوم بكونه ملكا للورثة.

ص: 281

الأموال الموجودة حال الوصية اقتصر عليها، كما إذا عد أمواله ثم قال ثلث أموالي لزيد بعد وفاتي.

[مسألة: 30 الإجازة من الوارث إمضاء و تنفيذ]

مسألة: 30 الإجازة من الوارث إمضاء و تنفيذ، فلا يكفي مجرد الرضا و طيب النفس من دون قول أو فعل يدلان على التنفيذ و الإمضاء.

[مسألة: 31 لا يعتبر في الإجازة كونها على الفور]

مسألة: 31 لا يعتبر في الإجازة كونها على الفور.

[مسألة: 32 يحسب من التركة ما يملك بالموت كالدية]

مسألة: 32 يحسب من التركة ما يملك بالموت كالدية، بل و كذا ما يملك بعد الموت إذا أوجد الميت سببه قبل الموت، مثل ما يقع في الشبكة التي نصبها الميت في زمان حياته فيخرج منه الدين و وصايا الميت إذا أوصى بالثلث.

[مسألة: 33 للموصي تعيين ثلثه في عين مخصوصة من التركة]

مسألة: 33 للموصي تعيين ثلثه في عين مخصوصة من التركة، و له تفويض التعيين إلى الوصي فيتعين فيما عينه. و مع الإطلاق، كما لو قال ثلث مالي لفلان كان شريكا مع الورثة بالإشاعة، فلا بد أن يكون الافراز و التعيين برضى الجميع كسائر الأموال المشتركة.

[مسألة: 34 انما يحسب الثلث بعد إخراج ما يخرج من الأصل كالدين و الواجبات المالية]

مسألة: 34 انما يحسب الثلث بعد إخراج ما يخرج من الأصل كالدين و الواجبات المالية، فإن بقي بعد ذلك شي ء يخرج ثلثه.

[مسألة: 35 لو أوصى بوصايا متعددة غير متضادة]

مسألة: 35 لو أوصى بوصايا متعددة غير متضادة، فإن كانت من نوع واحد فان كانت الجميع واجبة مالية أو واجبة بدنية كانت الجميع بمنزلة وصية واحدة فتنفذ الجميع (1) من الأصل في الواجب المالي و من الثلث في الواجب البدني، فان و في الثلث بالجميع نفذت في الجميع و كذا ان زادت عليه و أجاز الورثة، و أما لو لم يجيزوا يوزع النقص على الجميع بالنسبة (2)، فلو أوصى بمقدار من الصوم و مقدار


1- ان لم يوص بإخراجها من الثلث أو لم يف بها و بسائر وصاياه.
2- ان لم يكن بينها ترتيب و تقديم و تأخير في الذكر، بأن أوصى بواجباته البدنية مجموعها بوصية واحدة، و اما إذا كان بينها ترتيب- بأن أوصى بالصلاة أولا ثم بالصوم- فيبدأ بالأول ثم الأول حتى يكمل الثلث. نعم في الواجبات المالية ان لم تكف التركة بمجموعها يوزع النقص على المجموع أوصى أم لم يوص إلا في الحج، فإنه يقدم على الواجبات المالية من أقرب ما يمكن ثم يوزع البقية على غيره.

ص: 282

من الصلاة و لم يف الثلث بهما و كانت أجرة الصلاة ضعف أجرة الصوم ينتقص من وصية الصلاة ضعف ما ينتقص من وصية الصوم، كما إذا كانت التركة ثمانية عشر و أوصى بستة لاستئجار الصلاة ثم أوصى بثلاثة لاستئجار الصوم، فإن أجاز الوارث نفذت الوصيتان و ان لم يجز بطلتا بالنسبة إلى ثلاثة و توزعت على الوصيتين بالنسبة، فينتقص عن الوصية الأولى اثنان و عن الثانية واحد، فيصرف في الصلاة أربعة و في الصوم اثنان، و ان كانت الجميع تبرعية فان لم يكن بينها ترتيب بل كانت مجتمعة- كما إذا قال أعطوا زيدا و عمرا و خالدا كلا منهم مائة- كانت بمنزلة وصية واحدة، فإن زادت على الثلث و لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة، و ان كانت بينها ترتيب و تقديم و تأخير في الذكر- بأن كانت الثانية بعد تمامية الوصية الاولى و الثالثة بعد تمامية الثانية و هكذا- كما إذا قال أعطوا زيدا مائة ثم قال أعطوا عمرا مائة ثم قال أعطوا خالدا مائة و كانت المجموع أزيد من الثلث و لم يجز الورثة- يبدأ بالأول فالأول الى ان يكمل الثلث، فإذا كان الثلث مائة نفذت الاولى و لغت الأخيرتان، و ان كان مائتين نفذت الأوليان و لغت الأخيرة، و ان كان مائة و خمسين نفذت الاولى و الثانية في نصف الموصى به و لغت البواقي و هكذا.

[مسألة: 36 لو أوصى بوصايا مختلفة بالنوع- كما إذا أوصى بأن يعطى مقدارا معينا خمسا و زكاة]

مسألة: 36 لو أوصى بوصايا مختلفة بالنوع- كما إذا أوصى بأن يعطى مقدارا معينا خمسا و زكاة و مقدارا صوما و صلاة و مقدارا لإطعام الفقراء- فإن أطلق و لم يذكر المخرج يبدأ بالواجب المالي فيخرج من الأصل، فإذا بقي شي ء يعين ثلثه و يخرج منه البدني و التبرعي، فان و في بهما أو لم يف بهما و أجاز الوارث نفذت في كليهما، و ان لم يف بهما و لم يجز الوارث في الزيادة يقدم الواجب البدني و يرد النقص على التبرعي. و ان ذكر المخرج و أوصى بأن تخرج من الثلث يعين الثلث، فيخرج منه الواجب المالي (1)، فإن بقي منه شي ء يصرف في الواجب البدني، فان


1- بل يخرج منه المقدم ذكرا من الواجبات حتى يكمل الثلث، فإن بقي بعد ذلك واجب مالي أو شي ء منه يخرج من الأصل، و ان بقي واجب بدني لغت الوصية بالنسبة اليه، و كذلك تلغى بالنسبة إلى التبرعي ما لم يؤت بالواجبات. هذا ان كانت الوصايا مرتبة و الا فيلغى التبرعي و يوزع النقص على الجميع و يكمل الواجب المالى من أصل التركة.

ص: 283

بقي شي ء يصرف في التبرعي، حتى انه لو لم يف الثلث الا بالواجبات المالية لغت الوصايا الأخيرة بالمرة الا أن يجيز الورثة.

[مسألة: 37 لو أوصى بوصايا متعددة متضادة- بأن كانت المتأخرة منافية للمتقدمة]

مسألة: 37 لو أوصى بوصايا متعددة متضادة- بأن كانت المتأخرة منافية للمتقدمة- كما لو أوصى بعين شخصية لواحد ثم أوصى بها لآخر، و مثله ما إذا أوصى بثلثه لشخص و قال أعطوا ثلثي لزيد بعد موتى ثم قال أعطوا ثلثي لعمرو بعد موتى كانت اللاحقة عدولا عن السابقة، فيعمل باللاحقة. و لو أوصى بعين شخصي لشخص ثم أوصى بنصفها مثلا لشخص آخر فالظاهر كون الثانية عدولا بالنسبة إلى نصفها لإتمامها، فيبقى النصف الأخر للأول.

[مسألة: 38 متعلق الوصية ان كان كسرا مشاعا من التركة كالثلث أو الربع مثلا ملكه الموصى له بالموت و القبول]

مسألة: 38 متعلق الوصية ان كان كسرا مشاعا من التركة كالثلث أو الربع مثلا ملكه الموصى له بالموت و القبول بناء على اعتباره، و كان له من كل شي ء ثلثه أو ربعه مثلا و شارك الورثة في التركة من حين ما ملكه. هذا في الوصية التمليكية، و أما في الوصية العهدية- كما إذا أوصى بصرف ثلثه أو ربع تركته في العبادات و الزيارات- كان الموصى به فيها باقيا على حكم مال الميت، فهو يشارك الورثة حين ما ملكوا بالإرث، فكان للميت من كل شي ء ثلثه أو ربعه مثلا و الباقي للورثة، و هذه الشركة باقية ما لم يفرز الموصى به عن مال الورثة و لم تقع القسمة بينهم و بين الموصى له، فلو حصل نماء متصل أو منفصل قبل القسمة كان بينهما، و لو تلفت من التركة شي ء كان منهما. و ان كان ما أوصى به مالا معينا يساوي الثلث أو دونه اختص به الموصى له و لا اعتراض فيه للورثة و لا حاجة الى إجازتهم، لما عرفت سابقا ان للموصى تعيين ثلثه فيما شاء من تركته، لكن انما يستقر ملكية الموصى له أو الميت في تمام الموصى به إذا كان يصل الى الوارث ضعف ما أوصى به، فإذا كان له مال حاضر عند الورثة هذا المقدار استقرت ملكية تمام المال المعين، فللموصى له أو الوصي ان يتصرف فيه أنحاء التصرف، و ان كان

ص: 284

ما عدا ما عين للوصية غائبا توقف التصرف فيه على حصول مثلية بيد الورثة (1)، فان لم يحصل بيدهم شي ء منه شاركوا الموصى له في المال المعين أثلاثا ثلث للموصى له و ثلثان للورثة.

[مسألة: 39 يجوز للموصى أن يعين شخصا لتنجيز وصاياه و تنفيذها]

مسألة: 39 يجوز للموصى أن يعين شخصا لتنجيز وصاياه و تنفيذها، فيتعين و يقال له «الموصى اليه» و «الوصي»، و يشترط فيه أمور البلوغ و العقل و الإسلام، فلا تصح وصاية الصغير و لا المجنون و لا الكافر عن المسلم و ان كان ذميا قريبا، و هل يشترط فيه العدالة كما نسب الى المشهور أم يكفي الوثاقة؟ لا يبعد الثاني، و ان كان الأول أحوط.

[مسألة: 40 انما لا تصح وصاية الصغير منفردا، و أما منضما الى الكامل فلا بأس به]

مسألة: 40 انما لا تصح وصاية الصغير منفردا، و أما منضما الى الكامل فلا بأس به، فيستقل الكامل بالتصرف الى زمن بلوغ الصغير و لا ينتظر بلوغه، فإذا بلغ شاركه من حينه و ليس له اعتراض فيما أمضاه الكامل سابقا الا ما كان على خلاف ما أوصى به الميت فيرده الى ما أوصى به، و لو مات الصغير أو بلغ فاسد العقل كان للكامل الانفراد بالوصاية (2).

[مسألة: 41 لو طرأ الجنون على الوصي بعد موت الموصى بطلت]

مسألة: 41 لو طرأ الجنون على الوصي بعد موت الموصى بطلت وصايته، و لو أفاق بعد ذلك لم تعد (3) و احتاج الى نصب جديد من الحاكم.

[مسألة: 42 لا يجب على الموصى إليه قبول الوصاية]

مسألة: 42 لا يجب على الموصى إليه قبول الوصاية (4) و له ان يردها ما دام


1- أى يتوقف التصرف في تمامه على ما ذكر لكون الغائب في معرض التلف، و أما التصرف في ثلثه فلا مانع منه الا اذن الشركاء فيما يتوقف على إذنهم دون مثل البيع و الصلح و أمثاله.
2- و ان كان الأحوط الاستيذان من الحاكم الشرعي إلا مع العلم بكونه وصيا مستقلا في هذه الصورة.
3- إلا إذا صرح الموصى بوصايته بعد العود.
4- لكن لا ينبغي للولد أن يرد وصية أبيه بل يجب عليه القبول إذا أمر به فيما ينجر رده الى العقوق، و كذا الأم إذا انجر رد وصيتها الى العقوق. و لو رد في حياتهما و أبلغ و لم يقبل حتى ماتا فليس بوصي و ان كان آثما في رده، و الأحوط للموصى إليه عدم الرد إذا لم يتمكن الموصى من نصب غيره و لو بالإشارة.

ص: 285

الموصي حيا بشرط ان يبلغه الرد، فلو كان الرد بعد موت الموصى أو قبله و لكن لم يبلغه الرد حتى مات لم يكن أثر للرد و كانت الوصاية لازمة على الوصي، بل لو لم يبلغه انه قد أوصى اليه و جعله وصيا الا بعد موت الموصى لزمته الوصاية و ليس له ردها.

[مسألة: 43 يجوز للموصى أن يجعل الوصاية لاثنين فما فوق]

مسألة: 43 يجوز للموصى أن يجعل الوصاية لاثنين فما فوق، فان نص (1) على الاستقلال و الانفراد فهو و الا فليس لكل منهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصى به و لا في بعضه، و ليس لهما ان يقسما الثلث مثلا و ينفرد كل منهما في نصفه، من غير فرق في ذلك بين أن يشترط عليهما الاجتماع أو يطلق، و لو تشاحا و لم يجتمعا أجبرهما الحاكم على الاجتماع، فان تعذر استبدل بهما.

[مسألة: 44 لو مات أحد الوصيين أو طرأ عليه الجنون أو غيره مما يوجب ارتفاع وصايته استقل الأخر]

مسألة: 44 لو مات أحد الوصيين أو طرأ عليه الجنون أو غيره مما يوجب ارتفاع وصايته استقل الأخر (2) و لا يحتاج الى ضم شخص آخر من قبل الحاكم. نعم لو ماتا معا احتاج الى النصب من قبله، فهل اللازم نصب اثنين أو يكفي نصب واحد إذا كان كافيا؟ وجهان أحوطهما الأول و أقواهما الثاني.

[مسألة: 45 يجوز أن يوصى الى واحد في شي ء بعينه]

مسألة: 45 يجوز أن يوصى الى واحد في شي ء بعينه و الى آخر في غيره، و لا يشارك أحدهما الأخر.

[مسألة: 46 لو قال «أوصيت الى زيد فان مات فإلى عمرو» صح و يكونان وصيين الا ان وصاية عمرو موقوفة على موت زيد]

مسألة: 46 لو قال «أوصيت الى زيد فان مات فإلى عمرو» صح و يكونان وصيين الا ان وصاية عمرو موقوفة على موت زيد، و كذا لو قال «أوصيت الى زيد فان كبر ابني أو تاب عن فسقه أو اشتغل بالعلم فهو وصيي».

[مسألة: 47 إذا ظهرت خيانة الوصي فللحاكم عزله]

مسألة: 47 إذا ظهرت خيانة الوصي فللحاكم عزله (3) و نصب شخص آخر مكانه أو ضم أمين إليه حسب ما يراه من المصلحة، و أما لو ظهر منه العجز ضم اليه من


1- أو استظهر من كلامه و لو بمعونة القرائن.
2- إذا كان مستقلا قبل طرو ذلك على عدله، و أما في غيره فالأحوط بل الأقوى ضم الحاكم اليه شخصا آخر يعمل معه بالوصية مشتركا.
3- بل لا يبعد انعزاله بنفس الخيانة.

ص: 286

يساعده (1).

[مسألة: 48 إذا لم ينجز الوصي ما أوصى اليه في زمن حياته ليس له أن يجعل وصيا لتنجيزه و إمضائه بعد موته]

مسألة: 48 إذا لم ينجز الوصي ما أوصى اليه في زمن حياته ليس له أن يجعل وصيا لتنجيزه و إمضائه بعد موته إلا إذا كان مأذونا من الموصى في الإيصاء.

[مسألة: 49 الوصي أمين، فلا يضمن ما كان في يده الا مع التعدي أو التفريط]

مسألة: 49 الوصي أمين، فلا يضمن ما كان في يده الا مع التعدي أو التفريط و لو بمخالفة الوصية، فيضمن لو تلف فضلا عما لو أتلف.

[مسألة: 50 لو أوصى اليه بعمل خاص أو قدر مخصوص أو كيفية خاصة اقتصر عليه]

مسألة: 50 لو أوصى اليه بعمل خاص أو قدر مخصوص أو كيفية خاصة اقتصر عليه و لم يتجاوز عنه الى غيره، و أما لو أطلق- بأن قال أنت وصيي- من دون ذكر المتعلق فالأقرب وقوعه لغوا إلا إذا كان هناك عرف خاص و تعارف يدل على المراد فهو المتبع كما في عرف الاعراب و بعض طوائف الاعجام، حيث ان مرادهم بحسب الظاهر الولاية على أداء ما عليه من الديون و استيفاء ماله على الناس ورد الأمانات و البضائع إلى أهلها و أخذها و إخراج ثلثه و صرفه فيما ينفعه و لو بنظر حاكم الشرع من استيجار العبادات و أداء الحقوق و المظالم و نحوها. نعم في شموله بمجرده للقيمومة على الأطفال تأمل و إشكال، فالأحوط ان يكون تصديه لأمورهم بإذن من الحاكم، و لعل المنساق منه في بعض البلاد ما يشملها. و بالجملة بعد ما كان التعارف هو المدار فيختلف باختلاف الأعصار و الأمصار.

[مسألة: 51 ليس للوصي أن يعزل نفسه بعد موت الموصى و لا ان يفوض أمر الوصية إلى غيره]

مسألة: 51 ليس للوصي أن يعزل نفسه بعد موت الموصى و لا ان يفوض أمر الوصية إلى غيره. نعم له التوكيل في إيقاع بعض الأعمال المتعلقة بالوصية مما لم يتعلق الغرض الا بوقوعها من أي مباشر كان، خصوصا إذا كان مما لم تجر العادة على مباشرة أمثال هذا الوصي و لم يشترط عليه المباشرة.

[مسألة: 52 لو نسي الوصي مصرف الوصية صرف الموصى به في وجوه البر]

مسألة: 52 لو نسي الوصي مصرف الوصية صرف الموصى به في وجوه البر (2).


1- إذا احتاج الى المساعدة، و ينصب مكانه إذا عجز رأسا.
2- المحتملة أن تكون مصرفا له لا فيما يقطع بخروجه عنه. هذا في غير المحصورة من المحتملات، و اما في المحصورة فلا بد من التراضي أو التصالح القهري أو القرعة.

ص: 287

[مسألة: 53 إذا أوصى الميت وصية عهدية و لم يعين وصيا أو بطل وصاية من عينه بموت]

مسألة: 53 إذا أوصى الميت وصية عهدية و لم يعين وصيا (1) أو بطل وصاية من عينه بموت أو جنون و غير ذلك تولى الحاكم أمرها أو عين من يتولاه، و لو لم يكن الحاكم و لا منصوبه تولاه من المؤمنين من يوثق به.

[مسألة: 54 يجوز للموصى أن يجعل ناظرا على الوصي]

مسألة: 54 يجوز للموصى أن يجعل ناظرا على الوصي، و وظيفته تابعة لجعل الموصى، فتارة من جهة الاستيثاق على وقوع ما أوصى به على ما أوصى به يجعل الناظر رقيبا على الوصي و ان يكون أعماله باطلاعه حتى انه لو رأى منه خلاف ما قرره الموصى لاعترض عليه، و اخرى من جهة عدم الاطمئنان بانظار الوصي و الاطمئنان التام بانظار الناظر يجعل على الوصي ان يكون أعماله طبق نظر الناظر و لا يعمل الا ما رآه صلاحا، فالوصي و ان كان وليا مستقلا في التصرف لكنه غير مستقل في الرأي و النظر فلا يمض من أعماله الا ما وافق نظر الناظر، فلو استبد الوصي بالعمل على نظره من دون مراجعة الناظر و اطلاعه و كان عمله على طبق ما قرره الموصى فالظاهر صحة عمله و نفوذه على الأول، بخلافه على الثاني. و لعل الغالب المتعارف في جعل الناظر في الوصايا هو النحو الأول.

[مسألة: 55 يجوز للأب مع عدم الجد و للجد للأب مع فقد الأب جعل القيم على الصغار]

مسألة: 55 يجوز للأب مع عدم الجد و للجد للأب مع فقد الأب جعل القيم على الصغار، و معه لا ولاية للحاكم، و ليس لغير الأب و الجد للأب ان ينصب القيم عليهم حتى الأم.

[مسألة: 56 يشترط في القيم على الأطفال ما اشترط في الوصي على المال]

مسألة: 56 يشترط في القيم على الأطفال ما اشترط في الوصي على المال، و القول باعتبار العدالة هنا لا يخلو من قوة، و ان كان الاكتفاء بالأمانة و وجود المصلحة ليس ببعيد.

[مسألة: 57 لو عين الموصى على القيم تولى جهة خاصة و تصرفا مخصوصا اقتصر عليه]

مسألة: 57 لو عين الموصى على القيم تولى جهة خاصة و تصرفا مخصوصا اقتصر عليه و يكون أمره في غيره الى الحاكم أو المنصوب من قبله، فلو جعله قيما بالنسبة إلى حفظ أمواله و ما يتعلق بإنفاقه ليس له الولاية على أمواله بالبيع و الإجارة


1- و لم يوكل إلى الورثة.

ص: 288

و المزارعة و غيرها و على نفسه بالإجارة و نحوها و على ديونه بالوفاء و الاستيفاء، و لو أطلق و قال فلان قيم على أولادي مثلا كان وليا على جميع ما يتعلق بهم مما كان للموصي الولاية عليه، فله الإنفاق عليهم بالمعروف و الإنفاق على من عليهم نفقته كالأبوين الفقيرين (1) و حفظ أموالهم و استنمائها و استيفاء ديونهم و إيفاء ما عليهم كأرش ما أتلفوا من أموال الناس و كفارة القتل (2) دون الدية فإنها في العمد و الخطأ على العاقلة، و كذا إخراج الحقوق المتعلقة بأموالهم كالخمس إذا تعلق بمالهم و غير ذلك. نعم في ولايته على تزويجهم (3) كلام يأتي في محله إن شاء اللّٰه تعالى.

[مسألة: 58 يجوز جعل الولاية على الأطفال لاثنين فما زاد بالاستقلال و الاشتراك]

مسألة: 58 يجوز جعل الولاية على الأطفال لاثنين فما زاد بالاستقلال و الاشتراك و جعل الناظر على الوصي كالوصية بالمال.

[مسألة: 59 ينفق الوصي على الصبي من غير إسراف و لا تقتير]

مسألة: 59 ينفق الوصي على الصبي من غير إسراف و لا تقتير، فيطعمه و يلبسه عادة أمثاله و نظرائه، فإن أسرف ضمن الزيادة، و لو بلغ فأنكر أصل الإنفاق أو ادعى عليه الإسراف فالقول قول الوصي بيمينه، و كذا لو ادعى عليه انه باع ماله من غير حاجة و لا غبطة. نعم لو اختلفا في دفع المال اليه بعد البلوغ فادعاه الوصي و أنكره الصبي قدم قول الصبي و البينة على الوصي.

[مسألة: 60 يجوز للقيم الذي يتولى أمور اليتيم ان يأخذ من ماله أجرة مثل عمله]

مسألة: 60 يجوز للقيم الذي يتولى أمور اليتيم ان يأخذ من ماله أجرة مثل عمله، سواء كان غنيا أو فقيرا، و ان كان الأحوط الأولى للأول التجنب. و اما الوصي على الأموال، فإن عين الموصى مقدار المال الموصى به و طبقه على مصرفه المعين المقدر بحيث لم يبق شيئا لأجرة الوصي و استلزم أخذ الأجرة اما الزيادة عن المال الموصى به أو النقصان في مقدار المصرف- كما إذا أوصى بأن يصرف ثلثه أو عينا معينا من تركته أو مقدارا من المال كألف درهم في استيجار عشرين سنة عبادة كل


1- لعل المقصود من الأب هنا أب الام.
2- ان قلنا بلزومه عليه.
3- الأحوط لغير الأب و الجد عدم تزويج الصغير و الصغيرة إلا مع الضرورة.

ص: 289

سنة كذا مقدارا و إطعام خمسين فقيرا بخمسين درهما و قد ساوى المال مع المصرف بحيث لو أراد أن يأخذ شيئا لنفسه لزم أحد الأمرين المذكورين- لم يجز له أن يأخذ الأجرة لنفسه، حيث أن مرجع هذه الوصية إلى الإيصاء إليه بأن يتولى أمور الوصية تبرعا و بلا أجرة، فهو كما لو نص على ذلك و الوصي قد قبل الوصاية على هذا النحو فلم يستحق شيئا. و ان عين المال و المصرف على نحو قابل للزيادة و النقصان كان حاله حال متولي الوقف في انه لو لم يعين له جعلا معينا جاز له أن يأخذ أجرة مثل عمله، و ذلك كما إذا أوصى بأن يصرف ثلثه أو مقدارا معينا من المال في بناء القناطر و تسوية المعابر و تعمير المساجد، و كذا لو أوصى بأن يعمر المسجد الفلاني من ماله أو من ثلثه.

[مسألة: 61 الوصية جائزة من طرف الموصى]

مسألة: 61 الوصية جائزة من طرف الموصى، فله ان يرجع عن وصيته ما دام فيه الروح و تبديلها من أصلها أو من بعض جهاتها و كيفياتها و متعلقاتها، فله تبديل الموصى به كلا أو بعضا و تغيير الوصي و الموصى له و غير ذلك، و لو رجع عن بعض الجهات يبقى غيرها بحالها، فلو أوصى بصرف ثلثه في مصارف مخصوصة و جعل الوصاية لزيد ثم بعد ذلك عدل عن وصاية زيد و جعل الوصاية لعمرو تبقى أصل الوصية بحالها، و كذلك إذا أوصى بصرف ثلثه في مصارف معينة على يد زيد ثم بعد ذلك عدل عن تلك المصارف و عين مصارف أخر و هكذا. و كما له الرجوع في الوصية المتعلقة بالمال كذلك له الرجوع في الوصية بالولاية على الأطفال.

[مسألة: 62 يتحقق الرجوع على الوصية بالقول]

مسألة: 62 يتحقق الرجوع على الوصية بالقول، و هو كل لفظ دال عليه بحسب متفاهم العرف بأي لغة كان، نحو «رجعت عن وصيتي أو أبطلتها أو عدلت عنها أو نقضتها» و نحوها، و بالفعل و هو اما بإعدام موضوعها كإتلاف الموصى به، و كذا نقله الى الغير بعقد لازم كالبيع أو جائز كالهبة مع القبض، و اما بما يعد عند العرف رجوعا و ان بقي الموصى به بحاله و في ملكه، كما إذا و كل شخصا على بيعه أو وهبه و لم يقبضه بعد.

ص: 290

[مسألة: 63 الوصية بعد ما وقعت تبقى على حالها و يعمل بها ما لم يرجع الموصي]

مسألة: 63 الوصية بعد ما وقعت تبقى على حالها و يعمل بها ما لم يرجع الموصي و ان طالت المدة، و لو شك في الرجوع- و لو للشك في كون لفظ أو فعل رجوعا- يحكم ببقائها و عدم الرجوع، لكنه فيما إذا كانت الوصية مطلقة بأن كان مقصود الموصى وقوع مضمون الوصية و العمل بها بعد موته في أي زمان قضى اللّٰه عليه، فلو كانت مقيدة بموته في سفر كذا أو عن مرض كذا و لم يتفق موته في ذلك السفر أو عن ذاك المرض بطلت تلك الوصية و احتاج الى وصية جديدة. و لا ريب ان الغالب في الوصايا و لا سيما ما تقع عند المسافرة إلى البلاد البعيدة بالطرق غير المأمونة كسفر الحج و نحوه و في حال الأمراض الشديدة و أمثال ذلك قصر نظر الموصي إلى موته في ذلك السفر و في ذلك المرض، و قد يصرح بذلك، و قد يشهد بذلك ظاهر حاله، بحيث لو سئل عنه إذا رجعت عن هذا السفر سالما أو طبت عن هذا المرض إن شاء اللّٰه تعالى و بقيت مدة مديدة هل نعمل بهذه الوصية أم لا، لقال لا لا بد لي من نظر جديد أو وصية أخرى. و حينئذ يشكل العمل بالوصايا الصادرة عند الاسفار و في حال الأمراض بمجرد عدم رجوع الموصى و عدم نسخها بوصية أخرى، خصوصا مع طول المدة (1) إلا إذا علم بالقرائن و ظهر من حاله ان عدم الإيصاء الجديد منه انما هو لأجل الاعتماد على الوصية السابقة، كما إذا شوهد منه المحافظة على ورقة الوصية و تكرر منه ذكرها عند الناس و اشهادهم بها.

[مسألة: 64 لا تثبت الوصية للولاية، سواء كانت على المال أو على الأطفال إلا بشهادة عدلين من الرجال]

مسألة: 64 لا تثبت الوصية للولاية، سواء كانت على المال أو على الأطفال إلا بشهادة عدلين من الرجال، و لا تقبل فيها شهادة النساء لا منفردات و لا منضمات بالرجال. و أما الوصية بالمال فهي كسائر الدعاوي المالية تثبت بشهادة رجلين عدلين و شاهد و يمين و شهادة رجل و امرأتين، و تمتاز من بين الدعاوي المالية بأمرين:


1- بل يستصحب بقاء الوصية السابقة ما لم يعلم أو لم يستظهر و لو بالقرائن تقيدها بموته في هذا السفر و لم يعلم رجوعه عنها.

ص: 291

أحدهما- انها تثبت بشهادة النساء منفردات (1) و ان لم تكمل أربع و لم تنضم اليمين، فتثبت ربع الوصية بواحدة و نصفها باثنتين و ثلاثة أرباعها بثلاث و تمامها بأربع.

ثانيهما- انها تثبت بشهادة رجلين ذميين عدلين في دينهما عند الضرورة و عدم عدول المسلمين، و لا تقبل شهادة غير أهل الذمة من الكفار.

[مسألة: 65 إذا كانت الورثة كبارا أو أقروا كلهم بالوصية بالثلث و ما دونه لوارث]

مسألة: 65 إذا كانت الورثة كبارا أو أقروا كلهم بالوصية بالثلث و ما دونه لوارث أو أجنبي أو بأن يصرف على الفقراء مثلا تثبت في تمام الموصى به و يلزمون بالعمل بها أخذا بإقرارهم و لا يحتاج الى بينة، و إذا أقر بها بعضهم دون بعض: فان كان المقر اثنين عادلين ثبتت أيضا في التمام لكونه إقرارا بالنسبة إلى المقر و شهادة بالنسبة إلى غيره فلا يحتاج الى بينة اخرى، و الا ثبتت بالنسبة إلى حصة المقر خاصة أخذا بإقراره، و أما بالنسبة إلى حصة الباقين يحتاج إلى البينة. نعم لو كان المقر عدلا واحدا و كانت الوصية بالمال لشخص أو أشخاص كفى ضم يمين المقر له مع إقرار المقر في ثبوت التمام، بل لو كان المقر امرأة ثبتت في ربع حصة الباقين ان كانت واحدة و في نصفها ان كانت اثنتين و في ثلاثة أرباعها ان كانت ثلاثا و في تمامها ان كانت أربع. و بالجملة بعد ما كان المقر من الورثة شاهدا بالنسبة إلى حصة الباقي كان كالشاهد الأجنبي، فيثبت به ما يثبت به.

[مسألة: 66 إذا أقر الوارث بأصل الوصية كان كالأجنبي]

مسألة: 66 إذا أقر الوارث بأصل الوصية كان كالأجنبي، فليس له إنكار وصاية من يدعي الوصاية، و لا يسمع منه هذا الإنكار كغيره. نعم لو كانت الوصية متعلقة بالقصر أو العناوين العامة كالفقراء أو وجوه القرب كالمساجد و المشاهد أو الميت نفسه كاستيجار العبادات و الزيارات له و نحو ذلك كان لكل من يعلم بكذب من يدعي الوصاية خصوصا إذا رأى منه الخيانة الإنكار عليه و الترافع معه عند الحاكم من باب الحسبة، لكن الوارث و الأجنبي في ذلك سيان. نعم فيما إذا تعلقت بأمور الميت لا يبعد أولوية الوارث من غيره و اختصاص حق الدعوى به مقدما على غيره.


1- بشرط عدالتهن.

ص: 292

[مسألة: 67 إذا تصرف الإنسان في مرض موته، فان كان معلقا على موته كما إذا قال أعطوا فلانا بعد موتي كذا]

مسألة: 67 إذا تصرف الإنسان في مرض موته، فان كان معلقا على موته- كما إذا قال أعطوا فلانا بعد موتي كذا أو هذا المال المعين أو ثلث مالي أو ربعه أو نصفه مثلا لفلان بعد موتي و نحو ذلك- فهو وصية، و قد عرفت أنها نافذة مع اجتماع الشرائط ما لم تزد على الثلث، و في الزائد موقوف على اجازة الورثة كالواقعة في مرض آخر غير مرض الموت أو في حال الصحة. و ان كان منجزا- بمعنى كونه غير معلق على الموت و ان كان معلقا على أمر آخر- فان لم يكن مشتملا على المجانية و المحاباة كبيع شي ء بثمن المثل و اجارة عين بأجرة المثل فهو نافذ بلا اشكال، و ان كان مشتملا على المحاباة- بأن لم يصل ما يساوي ماله اليه سواء كان مجانا محضا كالوقف و العتق و الإبراء و الهبة غير المعوضة أم لا كالبيع بأقل من ثمن المثل و الإجارة بأقل من أجرة المثل و الهبة المعوضة بما دون القيمة و غير ذلك- ففي نفوذه مطلقا أو كونه مثل الوصية في توقف ما زاد على الثلث على إمضاء الورثة؟ قولان معروفان، أقواهما الأول كما مر في كتاب الحجر.

[مسألة: 68 إذا جمع في مرض الموت بين عطية منجزة و معلقة بالموت]

مسألة: 68 إذا جمع في مرض الموت بين عطية منجزة و معلقة بالموت، فان وفى الثلث بهما لا إشكال في نفوذهما في تمام ما تعلقتا به، و ان لم يف بهما فعلى المختار من إخراج المنجزة من الأصل يبدأ بها، فتخرج من الأصل و تخرج المعلقة من ثلث ما بقي، و اما على القول الأخر فإن أمضى الورثة تنفذان معا و ان لم يمضوا تخرجان معا من الثلث، و يبدأ أولا بالمنجزة فإن بقي شي ء يصرف في المعلقة.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.